رئيس «اتحاد قوى التقدم» المعارض: الأزمة السياسية في موريتانيا تنذر بالانفجار

ولد مولود أكد وجود قطيعة بين المعارضة والنظام على مدى 6 سنوات

محمد ولد مولود رئيس حزب «اتحاد قوى التقدم» المعارض في موريتانيا («الشرق الأوسط»)
محمد ولد مولود رئيس حزب «اتحاد قوى التقدم» المعارض في موريتانيا («الشرق الأوسط»)
TT

رئيس «اتحاد قوى التقدم» المعارض: الأزمة السياسية في موريتانيا تنذر بالانفجار

محمد ولد مولود رئيس حزب «اتحاد قوى التقدم» المعارض في موريتانيا («الشرق الأوسط»)
محمد ولد مولود رئيس حزب «اتحاد قوى التقدم» المعارض في موريتانيا («الشرق الأوسط»)

قال محمد ولد مولود، رئيس حزب «اتحاد قوى التقدم»، المعارض في موريتانيا، إن المعارضة لا تثق في النظام ولا في دعوته للحوار، مؤكدًا أن موريتانيا تعيش «أزمة سياسية تنذر بالانفجار في أي وقت»، وإنه لا مخرج منها إلا عبر «حوار وطني جاد وشامل».
وتواجه مساعي إقامة حوار سياسي في موريتانيا منذ ست سنوات عقبات كثيرة، أبرزها «أزمة الثقة» بين النظام والمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، الذي يعد أكبر كتلة سياسية معارضة في البلاد، حيث تضم 11 حزبًا سياسيًا، وعددًا من هيئات المجتمع المدني.
وقال لد مولود، الذي يقود أحد أبرز الأحزاب السياسية المنخرطة في منتدى المعارضة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «النظام يستخدم الحوار من أجل إلهاء المواطنين عن مشكلاتهم اليومية، ومغالطة الرأي العام بخوص رغبته المزيفة في حل الأزمة السياسية، كما يستغل الدعوة للحوار من أجل إثارة الخلافات داخل صفوف المعارضة».
وشبه ولد مولود النظام القائم في موريتانيا بنظام الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، «خاصة فيما يتعلق بمقاربة كل منهما للحوار السياسي، وحتى فيما يتعلق بتسيير شؤون البلاد، فمن المعروف أن اليمن كان يشهد كل سنة في الفترة ما بين 2007 و2011 حوارًا فاشلاً، ونحن أيضًا في كل سنة تقريبًا نعيش محاولة حوار تكون فاشلة».
وأوضح ولد مولود أنه «نظرًا إلى أن الثقة معدومة بيننا والنظام، فقد حاولنا أن نمهد للحوار قبل الدخول فيه، وذلك من خلال جملة من الترتيبات المحددة التي قدمناها في وثيقة أسميناها (ممهدات الحوار) هدفها الأول خلق جو ملائم من الثقة، وكنا على وشك تجاوز هذه المرحلة في شهر مايو (أيار) الماضي، عندما قدم النظام رده الشفهي على المطالب المحددة من طرف المعارضة، فطلبنا منه أن يكتبه، وكانت هذه نقطة القطيعة».
وأضاف ولد مولود موضحا أن «النظام صرح لنا شفهيا في ردوده أنه مستعد لتلبية هذه المطالب، ويزعم أن الخلاف حول نقطة واحدة، وهي الحكومة التي ستشرف على تطبيق أي اتفاق يتمخض عنه الحوار، إذن ما هو غريب هو كيف يمكن للأطراف أن تنهي اجتماعها وليس هنالك أي خلاف إلا على نقطة واحدة، وهي أن المعارضة تطلب أن تكون الردود مكتوبة، وليست شفهية حتى لا يتسنى للطرف الآخر أن يغير مواقفه كما يشاء لأن الثقة معدومة».
وحول المخرج من الأزمة الذي تقترحه المعارضة، رأى ولد مولود أن «المخرج بالنسبة لنا يجب أن يكون مخرجًا سياسيًا، يكون ذا صيغة توافقية للخروج من هذه الأزمة»، قبل أن يضيف أن «هذه المقاربة تصطدم بإرادة النظام الذي يصر على البقاء في السلطة، ولا يكترث للمخاطر التي تهدد البلد، ولذلك أقولها بصراحة: نحن نسعى أن ندفع النظام والرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى أن يسمح لموريتانيا بمخرج سلمي من هذه الأزمة، لأن البلد في طريقه إلى أن يشكل قنبلة قابلة للانفجار في أي وقت، وإذا سمح الرئيس محمد ولد عبد العزيز للبلد بأن يخرج من هذه الأزمة مخرجًا سلميًا، فأظن أن موريتانيا ستسمح له هو أيضًا بأن يخرج من السلطة بشكل سلمي، هذه هي الصفقة التي يمكن أن تكون موضوع الحوار في جوهره».
وخلص ولد مولود إلى تلخيص ما أسماه «الآفاق والاحتمالات» أمام المشهد السياسي في موريتانيا بالقول إنه «حسب نظرتنا في المنتدى، فإن الاحتمال الأول هو أن يبقى النظام، ولكن بقاءه يعني تعفن المشهد السياسي وتفاقم الأزمة السياسية، وهي أمور دومًا تسبق الانهيار، فهناك دول انهارت بسبب هزة بسيطة كما حصل في مالي عام 2012، لأن الفساد والأزمات العرقية ينخرانها، وهناك أيضًا احتمال ثانٍ، وهو أن الرئيس قد يتعرض بسبب كثرة عداواته التي زرعها حوله لمحاولات اغتيال، أو لشيء من هذا القبيل، والأحداث الماضية تثير التساؤلات حول ما حصل في أكتوبر (تشرين الأول) 2013، أو ما يسمى بالرصاصة الصديقة؛ هناك أيضًا احتمال انقلاب عسكري، وهذا الاحتمال قد يفتح الباب لمسلسل عنف نجهل تداعياته، خصوصا في دولة هشة ونسيجها الاجتماعي معرض للتمزق، ولذلك نحن نخشى أن يكون أي انقلاب عسكري لمؤسسة عسكرية غير منسجمة فاتحة للعنف».
وأضاف ولد مولود موضحا أن «الاحتمال الأخير والمفضل لدينا في المعارضة، هو الوصول إلى مخرج سياسي توافقي بيننا والسلطة القائمة، وهذا ما نسعى إليه، لكن لا نجد طرفًا يفهم التحدي التاريخي الذي يمثل تجاوز هذه الأزمة، بل نجد أمامنا نظامًا نفعيًا ليست له رؤية وطنية حقيقية، ودأب على المراوغة.. ونرجو فقط ألا يجرنا النظام الراهن إلى ما آلت إليه الأمور في اليمن»، وفق تعبيره.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.