القضاء المصري يحكم بحظر كل أنشطة حركة حماس الفلسطينية داخل البلاد

المحامي صاحب الدعوى لـ («الشرق الأوسط»): المنظمة لا يحق لها الطعن

القضاء المصري يحكم بحظر كل أنشطة  حركة حماس الفلسطينية داخل البلاد
TT

القضاء المصري يحكم بحظر كل أنشطة حركة حماس الفلسطينية داخل البلاد

القضاء المصري يحكم بحظر كل أنشطة  حركة حماس الفلسطينية داخل البلاد

أصدر القضاء المصري أمس حكما بحظر كل أنشطة حركة حماس الفلسطينية داخل البلاد، بشكل مؤقت. وقال المحامي سمير صبري، مقيم الدعوى، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحكم واجب النفاذ، وعلى الفور، ويتضمن تجميد أي أموال للحركة ومنع انتقالات أفرادها أو إجراء مفاوضات سياسية معهم في مصر».
وترتبط حماس، التي تبسط سيطرتها على قطاع غزة منذ عام 2006، بجماعة الإخوان المسلمين في مصر. واتُهمت الحركة بالقيام بأعمال عدائية وأنشطة مسلحة في مصر، عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان أيضا، في يوليو (تموز) الماضي، عقب احتجاجات شعبية ضده، وهي الاتهامات التي تنفيها حماس من جهتها.
وصدر الحكم أمس من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بحي «عابدين»، بناء على دعوى أقامها محام مصري طالب فيها بحظر أنشطة الحركة داخل مصر واعتبارها «منظمة إرهابية»، في ضوء أنها «تعمل ضد مصالح مصر ومؤسساتها وتشكل خطورة على الأمن القومي المصري». وجاء في منطوق الحكم، الذي أصدره القاضي كريم حازم، حظر «أنشطة منظمة حماس مؤقتا داخل مصر والجمعيات والجماعات والمنظمات والمؤسسات التي تتفرع عنها أو تتلقى منها دعما ماليا أو أي نوع من أنواع الدعم لحين الفصل في الدعوى الجنائية المنظورة»، في إشارة إلى قضيتي التخابر واقتحام السجون المتهم فيهما قيادات من حركة حماس إلى جانب قيادات من الإخوان.
وذكرت المحكمة في حيثيات «أسباب» حكمها أنها «تبين لها توافر شرطي الخطر والاستعجال في القضية، ويتمثل ذلك في وجود خطر حقيقي بتهديد الأمن والسلم للمواطن المصري متمثل في ارتكاب أعضاء الحركة لأعمال إجرامية يعاقب عليها في القانون المصري». وأوضحت المحكمة أن «المدعي أسس دعواه على صور الأعمال الإجرامية المتمثلة في وقائع الاشتراك (لأعضاء حركة حماس) مع الرئيس المعزول وقيادات الإخوان في التخابر والإضرار بالمصالح المصرية».
وقال المحامي سمير صبري، لـ«الشرق الأوسط»، عقب صدور الحكم، إنه «واجب النفاذ ودون الحاجة إلى إعلان»، موضحا أنه «يقضي بحظر أي نشاط للحركة في مصر وكذلك الجمعيات والجماعات والمنظمات والمؤسسات التي تتفرع منها أو تتلقى منها دعما ماليا أو أي نوع من أنواع الدعم، أو عقد لقاءات مع مسؤوليها أو مفاوضات، وتجميد أموالهم ومنع تناقلها، لحين الفصل في القضايا التي تنظرها محكمة جنايات القاهرة».
وأوضح صبري أنه لا يحق لحماس الطعن في الحكم، لأنها ليست خصما في الدعوى، وإنما الخصوم (القانونيون) هم رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ووزير الداخلية، وبالتالي هم فقط من يحق لهم الطعن على الحكم، لكنه يمكن لحماس أن تقدم استشكلا في الحكم لوقف التنفيذ.
وجاء في الدعوى التي رفعها صبري أن «حماس نشأت كحركة مقاومة للاحتلال الإسرائيلي، لكنها تحولت لمنظمة إرهابية ارتكبت جرائم في مصر، من بينها اقتحام أعضاء تابعين لها للحدود المصرية عام 2008، وتورط عناصرها في اقتحام السجون إبان ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، وتهريب عناصرهم المحتجزة».
وكانت الحكومة المصرية أعلنت الإخوان المسلمين «جماعة إرهابية» في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وتزايدت الهجمات الإرهابية ضد قوات الأمن في سيناء، منذ عزل مرسي، مما أودى بحياة عشرات الجنود المصريين. وأظهرت اعترافات أذاعتها وزارة الداخلية المصرية، في وقت سابق، لمتهمين قاموا بأعمال مسلحة، أنهم حصلوا على تدريبات عسكرية في قطاع غزة، رغم نفي الحركة ذلك.
ويحاكم مرسي في عدة قضايا من بينها التخابر مع منظمات أجنبية. وأمس أجلت محكمة جنايات القاهرة محاكمة الرئيس السابق، وأربعة عشر آخرين من قيادات وأعضاء الإخوان، في قضية اتهامهم بقتل والشروع في قتل المتظاهرين السلميين في ديسمبر 2012، وهي القضية المعروفة بأحداث «قصر الاتحادية»، إلى جلسة غد (الخميس). وجاء قرار المحكمة بالتأجيل نظرا لقيام هيئة الدفاع عن المتهمين برد هيئة المحكمة.
وقال المحامي محمد الدماطي، عضو هيئة الدفاع عن قيادات الإخوان «إن الدفاع حاول أن يسير في الدعوى بسكينة وهدوء، إلا أن هيئة الدفاع تستشعر وبحق بعد الطلبات السابق إبداؤها والتي لم تجر الاستجابة إليها، أن هذه السكينة تتلاشى».
وكانت أحداث قصر الاتحادية شهدت اعتداء أعضاء تنظيم الإخوان على المتظاهرين السلميين الرافضين لإعلان دستوري أصدره مرسي، تضمن عدوانا على القضاء وعزلا للنائب العام (حينها) المستشار الدكتور عبد المجيد محمود من منصبه، وتحصين كل القرارات الرئاسية من الطعن أمام القضاء، وتحصين مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لوضع الدستور من الطعن عليهما أمام المحكمة الدستورية العليا أو أي جهة قضائية.
وأشارت التحقيقات إلى أن المتهمين استعملوا القوة والعنف مع المتظاهرين، فقتلوا وأصابوا عددا منهم بالأسلحة، وروعوا المواطنين، وقبضوا على 54 شخصا واحتجزوهم بجوار سور قصر الاتحادية وعذبوهم بطريقة وحشية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».