4 خطوات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي في صناعة الأدوية بأفريقيا

لتعزيز العلاج وتقليل «الأعراض الجانبية»

الذكاء الاصطناعي قد يساعد في تصميم الأدوية لتناسب السكان الأفارقة (منظمة الصحة العالمية)
الذكاء الاصطناعي قد يساعد في تصميم الأدوية لتناسب السكان الأفارقة (منظمة الصحة العالمية)
TT
20

4 خطوات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي في صناعة الأدوية بأفريقيا

الذكاء الاصطناعي قد يساعد في تصميم الأدوية لتناسب السكان الأفارقة (منظمة الصحة العالمية)
الذكاء الاصطناعي قد يساعد في تصميم الأدوية لتناسب السكان الأفارقة (منظمة الصحة العالمية)

يمثل علم الصيدلة الجيني بداية لعصر جديد في الطب، حيث يتم اختيار الأدوية بناءً على المعلومات الجينية للأشخاص، ما يؤثر بالإيجاب في استجابتهم للعلاج والأعراض الجانبية المتوقعة.

ويمكن لتحليل الجينات الكشف عن الاختلافات الوراثية التي تؤثر على استجابة الأفراد للأدوية، ما يساعد في تحديد الجرعات المثلى واختيار العلاجات المناسبة. ويُعرف هذا النهج بالطب الشخصي أو الدقيق، ويهدف لتخصيص العلاج والوقاية من الأمراض بناءً على الخصائص الفردية لكل مريض، ما يعزز نتائج العلاج ويقلل من مخاطر الأعراض الجانبية.

وتتميز قارة أفريقيا بتنوعها الوراثي العالي، ويُتوقع أن تستضيف نحو 25 في المائة من سكان العالم بحلول عام 2050، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، لكنها تعاني من نقص في الأبحاث المتعلقة بعلم الصيدلة الجيني مقارنة بالمجموعات السكانية الأوروبية.

ومن أكثر من 300 دواء معتمد من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية، تمت دراسة 15 دواء فقط في مجموعات أفريقية.

الذكاء الاصطناعي وتطوير الأدوية

وسلّطت دراسة جديدة الضوء على الإمكانيات التي يمكن للذكاء الاصطناعي من خلالها إحداث ثورة في تطوير الأدوية بأفريقيا. واقترحت الدراسة المنشورة في العدد الأخير من دورية «نيتشر»، أبريل (نيسان) 2024، استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي بوصفها أداة قوية لمعالجة هذه الفجوة.

ومن خلال تحليل البيانات الموجودة، وتحديد الاختلافات الجينية التي تؤثر على الاستجابة للأدوية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تصميم الأدوية لتناسب السكان الأفارقة.

يقول الأستاذ بمركز اكتشاف وتطوير الأدوية في جامعة كيب تاون بجنوب أفريقيا، البروفسور كيلي تشيبال: «أقل من 5 في المائة من البيانات الموجودة في قواعد بيانات علم الصيدلة الجيني العالمية تأتي من أفريقيا، وهذا يعني أن أدوية كثيرة قد تكون غير فعالة أو حتى ضارة للمرضى الأفارقة».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن أفريقيا «تضم السكان الأكثر تنوعاً وراثياً عالمياً، ومع ذلك تفتقر بشدة لأبحاث علم الصيدلة الجيني، وتؤكد دراستنا الحاجة الملحة لمبادرات تقودها القارة لسد هذه الفجوة، وتسخير قوة الذكاء الاصطناعي لتطوير علاجات دوائية أكثر فاعلية، ومصممة خصيصاً لسكان القارة الأفريقية».

ومع ذلك، حذّر تشيبال من تطبيق نماذج الذكاء الاصطناعي المطورة في أماكن أخرى من دون تعديلات، مشدداً على ضرورة أن «يقود الباحثون الأفارقة تطوير نماذج مبنية على بيانات محلية لتجنب التحيز، وضمان التوافق مع التنوع السكاني والبيئي في أفريقيا».

ولتحقيق ذلك، اقترح استخدام «التعلم النقلي» لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على مجموعات بيانات أصغر مخصصة للسكان الأفارقة، ما يسرع من تطوير التطبيقات في مجال علم الصيدلة الجيني ويضمن نتائج أكثر دقة وأمانًا للسكان الأفارقة.

فوائد محتملة

وتطرق تشيبال لفوائد استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل المتغيرات الجينية في أفريقيا، ما يسهل التنبؤ بآثارها على استقلاب الدواء واستجابته، ويسرع تطوير العلاجات المستهدفة. وأشار إلى أن دمج عوامل مثل النظام الغذائي، وميكروبيوم الأمعاء، والأدوية المصاحبة، يمكن أن يؤثر على استقلاب الدواء في الأفارقة بشكل مختلف عن المناطق الأخرى، ما يستلزم دمج هذه العوامل في الأبحاث لتطوير الأدوية الملائمة.

على سبيل المثال، يتناول 2.5 مليون شخص مصاب بالسل في أفريقيا عقار الريفامبيسين سنوياً، ما يستدعي تعديل جرعات الأدوية الأخرى بسبب تأثيراته على استقلاب الدواء المتأثر بعوامل مثل النظام الغذائي وميكروبيوم الأمعاء.

4 خطوات

يشكل نقص التدريب والبنية التحتية في أفريقيا عائقاً كبيراً أمام تطور الذكاء الاصطناعي، حيث تظهر الدراسة أن بلدان القارة تحتل مراتب متدنية في مؤشرات جاهزية الذكاء الاصطناعي، خصوصاً في جانب استعداد الحكومات لتطبيقه في الخدمات العامة.

وأضاف الباحثون أن هذا يبرز الحاجة للاستثمار في تدريب الباحثين وبناء القدرات. ولمواجهة هذه التحديات، اقترح الباحثون 4 خطوات رئيسية هي: زيادة تدريب الباحثين الأفارقة في مجالات الذكاء الاصطناعي وعلم الصيدلة الجيني لتعزيز المعرفة المحلية، والاستمرار في جمع البيانات الوراثية والتجريبية من مجموعات متنوعة لتحديد المتغيرات الجينية الدوائية، وتطوير الأدوية الملائمة، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية البحثية في القارة بالتعاون بين الممولين الدوليين، والحكومات المحلية، والمراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، وتحسين تبادل البيانات بين الباحثين والمؤسسات البحثية، وتطبيق المعايير الأخلاقية للبحث العلمي، وحماية المشاركين في التجارب السريرية.

وخلص الباحثون إلى أن الدراسة توصي بضرورة تحسين نتائج الرعاية الصحية وخفض تكاليفها في أفريقيا، مشددين على أهمية التعاون الدولي والاستثمار في تطوير قدرات أفريقيا في اكتشاف الأدوية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.

وعبّر الفريق عن تفاؤله بمستقبل تطوير الأدوية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في القارة، مؤكداً الحاجة لمعالجة الفوارق لتحقيق فوائد الطب الشخصي.

ويسهم الذكاء الاصطناعي في الطب الشخصي بتحليل البيانات الجينية والسريرية، مما يساعد في تخصيص العلاجات للأفراد بناءً على تحليل الطفرات الجينية والتنبؤ بالاستجابات الدوائية، وتخصيص الجرعات بناءً على متغيرات، مثل العمر والوزن، مما يعزز فاعلية العلاج ويقلل من المخاطر.



علماء صينيون يؤكدون «عطش» الجانب البعيد من القمر

الصين أول دولة تستكشف جانب القمر البعيد عن الأرض
الصين أول دولة تستكشف جانب القمر البعيد عن الأرض
TT
20

علماء صينيون يؤكدون «عطش» الجانب البعيد من القمر

الصين أول دولة تستكشف جانب القمر البعيد عن الأرض
الصين أول دولة تستكشف جانب القمر البعيد عن الأرض

يختلف الجانب البعيد من القمر -وهو الجزء الذي لا يواجه الأرض أبداً- اختلافاً يشوبه الغموض، عن الجانب القريب له. فهو مليء بالفوهات، وله قشرة أكثر سمكاً، ومساحة أقل من «البحر البركاني»، أو السهول التي تشكلت فيها الحمم البركانية، كما كتبت كاترينا ميلر (*).

عينات القمر الصينية

ويقول العلماء الآن إن هذا الاختلاف قد يكون أعمق مما يبدو على السطح.

وباستخدام عينة قمرية تم الحصول عليها العام الماضي، يعتقد باحثون صينيون أن باطن الجانب البعيد من القمر قد يكون أكثر جفافاً من جانبه القريب. وقد يقدم اكتشافهم، الذي نُشر في مجلة «نيتشر» الأسبوع الماضي، صورة أوضح لكيفية تشكل وتطور الكرة اللؤلؤية التي نعجب بها في سماء الليل على مدى مليارات السنين.

يبدو أن اختلاف محتوى الماء داخل الجانبين البعيد والقريب من القمر «متسق بشكل متصادف» مع الاختلافات في سمات سطح كل من نصفي القمر، وفقاً لسين هو Sen Hu، الباحث في الأكاديمية الصينية للعلوم في بكين الذي توصل إلى النتائج الجديدة، والذي قال: «إنه أمرٌ مثيرٌ للاهتمام».

فرضيات جفاف القمر

حتى تسعينات القرن الماضي، كان يُعتقد أن القمر جافٌّ تماماً. ثم بدأ العلماء باكتشاف آثارٍ للماء على سطحه. وقد تأكدت هذه الآثار عندما صدمت وكالة «ناسا» الأميركية صاروخاً في القطب الجنوبي للقمر عام 2009.

ومنذ ذلك الحين، أشارت الدراسات إلى وجود جليدٍ يغطي معظم سطح القمر. كما عُثر على ماءٍ في الوشاح، وهو طبقةٌ من القمر تقع أسفل القشرة وفوق النواة.

ريادة الصين

أصبحت الصين في يونيو (حزيران) الماضي، أول دولةٍ تُعيد عينةً من الجانب البعيد للقمر. إذ قامت سفينة «تشانغ آه-6»، وهي السادسة في سلسلةٍ من بعثات استكشاف القمر الصينية، باستخراج وحفر أكثر من 4 أرطال من الريغوليث regolith من حوض أيتكين في القطب الجنوبي، وهو أعمق فوهةٍ على سطح القمر.

كان أحد أهداف هذه البعثة وغيرها تقدير كمية المياه في أعماق القمر، ما يُساعد العلماء على دراسة ماضيه. فالطبقة الداخلية للقمر أقل تأثراً بالعمليات التي يُمكن أن تُؤثر على سطحه. وبعد عودة عينات «تشانغ آه-6»، إلى الأرض، بحث الباحثون عن البازلت البحري، أو حبيبات الحمم البركانية المتصلبة التي انفجرت من داخل وشاح القمر.

جانبا القمر: جاف ورطب

واحتوى بعض هذا البازلت، وهي مواد يصل عمرها إلى 2.8 مليار سنة، على الزبرجد الزيتوني (معدن الأوليفين) olivine، وهو بلورة تشكلت مع تبريد الصهارة القديمة داخل القمر، مما حفظ معلومات حول تركيب الوشاح في مراحل مبكرة من تاريخ القمر.

مكّنت كمية الهيدروجين المحبوسة في الزبرجد الزيتوني العلماء من استنتاج كمية الماء الموجودة في الوشاح آنذاك: ما بين 1 و1.5 غرام من الماء لكل مليون غرام من الصخور القمرية.

كانت القياسات السابقة للعينات التي جُمعت من الجانب القريب من القمر -من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، وأخيراً الصين- أكثر رطوبةً بما يصل إلى 200 مرة.

وقال هو إن الاختلاف الواضح في نطاقات محتوى الماء المستمد من عينات الجانبين القريب والبعيد من القمر قد يشير إلى أن الجزء غير المرئي من القمر على الأرض أكثر جفافاً بشكل عام.

محدودية المعلومات

ووصف شواي لي، عالم جيولوجيا الكواكب في جامعة هاواي في مانوا، الذي يدرس المياه على سطح القمر، النتائج بأنها «مثيرة للاهتمام للغاية». لكنه أشار إلى أنه لا يمكن استخلاص سوى معلومات محدودة من عينة واحدة. وقال لي، الذي لم يشارك في العمل: «من الصعب الجزم بما إذا كان الجانب البعيد أكثر جفافاً من الجانب القريب».

تفسير الاختلافات في نسبة المياه

أحد السيناريوهات التي اقترحها فريق «تشانغ إي-6» لتفسير الاختلافات الداخلية هو أن الاصطدام الذي نتج عنه حوض القطب الجنوبي-أيتكين كان قوياً بما يكفي لقذف الماء وعناصر أخرى إلى الجانب القريب من القمر، مما أدى إلى استنزاف كمية المياه على جانبه البعيد.

وهناك فكرة أخرى مفادها أن البازلت من عينة «تشانغ إي-6» يأتي من جزء أعمق وأكثر جفافاً من وشاح القمر.

تصورات علمية

وقال ماهيش أناند، عالم الكواكب في الجامعة المفتوحة بإنجلترا، الذي لم يشارك في الدراسة ولكنه ساعد في تقدير محتوى الماء في باطن القمر من عينة الجانب القريب التي جمعتها الصين بواسطة مهمة «تشانغ آه-5» عام 2020: «أعتقد أن هذا (الافتراض) أكثر واقعية».

كما أشاد أناند بدقة الباحثين، الذين اختاروا بعناية مئات الجسيمات من عينة «تشانغ آه-6»، والتي يقل امتدادها جميعاً عن سدس البوصة (0.4 سنتيمتر)، لتقدير وفرة الماء. وأضاف: «إن القدرة على فعل ذلك شاقة للغاية، وتتطلب الكثير من العمل المتطور والدقيق».

وسيساعد مزيد من العينات من مواقع مختلفة، التي تجمعها البعثات القمرية المستقبلية، العلماء على تحديد ما إذا كان باطن الجانب البعيد جافاً بشكل موحد، أو ما إذا كان مختلفاً بين منطقة وأخرى.

* خدمة «نيويورك تايمز».

حقائق

200

مرة أكثر... تبلغ الرطوبة في الجانب القريب من القمر مقارنةً بالبعيد منه