في وقت تنشر فيه معلومات عن «بشائر إيجابية» للتوصل إلى اتفاق لوقف النار وإبرام صفقة تبادل أسرى، ذكرت أوساط أمنية في تل أبيب أن الجيش الإسرائيلي أجرى مداولات حول عمليات عسكرية في رفح تكون بديلة عن الاجتياح الواسع للمدينة.
ونقلت وسائل الإعلام العبرية عن مصادر عسكرية موثوقة قولها إنه في ظل المعارضة والتحذيرات الدولية، وبضمنها الأميركية، من اجتياح رفح التي يوجد فيها أكثر من 1.4 مليون نازح، لا بد من البحث عن بديل يؤدي الغرض. والبديل الأفضل هو السيطرة على الحدود بين قطاع غزة وسيناء المصرية، المعروفة باسم محور فيلادلفيا، أو محور صلاح الدين، كما كان الحال عليه قبيل الانسحاب الإسرائيلي منه في سنة 2005.
وأكدت هذه المصادر أن الهدف من هذه الخطوة منع معابر فوق الأرض أو تحتها بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية، فهي واثقة من وجود أنفاق فاعلة، رغم نفي مصر القاطع لذلك.
وبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، فإنه تبقت في رفح حالياً 4 كتائب لحركة «حماس»، يبدو أنها ما زالت تعمل بشكل رتيب ومنظم. ومن أجل تفكيكها فإن الأمر سيستغرق أشهراً لأن الجيش الإسرائيلي سيحتاج إلى العمل من أجل تدمير شبكة الأنفاق والحصون تحت الأرض داخل المدينة.
وبحسب التقرير، من دون الإضرار بها بشكل كبير، فإنه لا تحييد حقيقي لسلسلة القيادة والسيطرة التي تشغلها «حماس»، في مدينة غزة. فرغم المناورة البرية الواسعة والعنيفة للجيش الإسرائيلي، بدأت منظومة القيادة والسيطرة لـ«حماس» في النهوض في أعقاب انسحاب القوات.
لذلك، بحسب التقرير، فإن «احتلال رفح لن يؤدي إلى هزيمة (حماس)، رغم أن إسرائيل ستستكمل بذلك، للوهلة الأولى، احتلال كل القطاع، لسبب بسيط وهو أنه طوال الحرب، لا يسيطر الجيش الإسرائيلي على كل مناطق القطاع في الوقت نفسه، رغم مرور 7 أشهر على حربه. حتى المناطق التي تم احتلالها، العدو (حماس) يمكنه مواصلة حرب العصابات»، بحسب التقرير.
لكن الإذاعة تحدثت أيضاً عن حراك مصري غير مفهوم حتى الآن، على الطرف الآخر من الحدود. تقول إن الجيش الإسرائيلي رصد في الأسبوعين الماضيين انتشاراً غير عادي للجيش المصري عند الحدود مع قطاع غزة، حيث ظهر جنود المدرعات مع آلياتهم وعتادهم القتالي بشكل واسع.
تضيف: «ربما يكون ذلك تخوفاً مصرياً من توجه حشود المهجرين في رفح نحو الحدود، وقد يكون الأمر تعبيراً عن الانزعاج من احتمال اجتياح إسرائيلي».
وفي الحالتين، فإن قوات الجيش المصري تنتشر في مناطق لم توجد فيها في السنوات الأخيرة، بل قوات من الشرطة المصرية فقط، حسبما تنص عليه الملاحق الأمنية في اتفاقيات كامب ديفيد، الموقعة بين البلدين عام 1979.
يذكر أن البلدين خرقا، سابقاً، مبادئ اتفاقيات كامب ديفيد الأمنية، باتفاق بينهما، عندما كانت مصر تحارب تنظيمات الإرهاب في سيناء، وكانت إسرائيل تحارب مظاهر التهريب (أسلحة ومخدرات وتجارة بالبشر).
ونقلت إذاعة الجيش عن ضباط إسرائيليين إنه يجري الاستعداد لمواجهة سيناريو مشابه للعملية المسلحة التي وقعت في عام 2012، خرج خلالها مقاتلون فلسطينيون من القطاع إلى سيناء، واستولوا على مركبة مدرعة اقتحموا بها الحدود لمهاجمة إسرائيل.
تجدر الإشارة إلى أن اليمين الإسرائيلي لا يصدق أن الجيش أعدّ خطة حقيقية جادة لاجتياح رفح، وأن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يسير وراء الجيش في هذا الموضوع، وكل ما يقولونه لغرض الدعاية والتهديد فقط.
وقد تعززت شكوك اليمين عندما أعلن وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن، وهو يزور منطقة غزة، الأربعاء، أن بلاده لم تحصل بعد على خطة حربية مقنعة لاجتياح رفح، وأنها لا تزال تعارض هذا الاجتياح، وتعتقد أن عملية كهذه ستلحق ضرراً بقضية المحتجزين لدى «حماس».
وجاء في صحيفة اليمين المركزية «يسرائيل هيوم»، الخميس، أنه «بالرغم عن أن الأصوات السياسية في إسرائيل تتهم رئيس الوزراء بأنه لا يتنازل بما يكفي، فإن تصريحات وزير الخارجية بلينكن لا تدع مجالاً للشك أن المسؤول بشأن عدم الوصول إلى صفقة لتحرير الرهائن هي (حماس)، وأنها لا تستخدم كلمة (لا)، لكنها تتلاعب بالأطراف المشاركة في المفاوضات».
التقرير ألمح إلى أن لدى الحكومة شرعية كاملة لاحتلال رفح وتفكيك كتائب «حماس» المتبقية.