امرأة أفغانية تتحدث عن الحياة في ظل حكم «طالبان»

تزوّجت في العاشرة وتعرضت للإيذاء... واضطرت إلى الفرار بدون أطفالها

مهتاب افتخار البالغة من العمر 26 عاماً تعيش الآن في حرية نسبياً، بعد أن واجهت الأمومة وهي في سن الثانية عشرة... وتشرح معنى السعي لتحقيق العدالة للنساء الأخريات أنها لم تعد تخشى الموت الآن (الغارديان)
مهتاب افتخار البالغة من العمر 26 عاماً تعيش الآن في حرية نسبياً، بعد أن واجهت الأمومة وهي في سن الثانية عشرة... وتشرح معنى السعي لتحقيق العدالة للنساء الأخريات أنها لم تعد تخشى الموت الآن (الغارديان)
TT

امرأة أفغانية تتحدث عن الحياة في ظل حكم «طالبان»

مهتاب افتخار البالغة من العمر 26 عاماً تعيش الآن في حرية نسبياً، بعد أن واجهت الأمومة وهي في سن الثانية عشرة... وتشرح معنى السعي لتحقيق العدالة للنساء الأخريات أنها لم تعد تخشى الموت الآن (الغارديان)
مهتاب افتخار البالغة من العمر 26 عاماً تعيش الآن في حرية نسبياً، بعد أن واجهت الأمومة وهي في سن الثانية عشرة... وتشرح معنى السعي لتحقيق العدالة للنساء الأخريات أنها لم تعد تخشى الموت الآن (الغارديان)

تعيش مهتاب افتخار، البالغة من العمر 26 عاماً، الآن بحرية نسبية في إيران، وتصف كيف أصبحت أماً في سن الثانية عشرة، وتشرح السبب الذي يجعل سعيها وراء تحقيق العدالة لنساء أخريات يعني أنها لم تعد تخشى الموت.

باعوني مقابل 500 جنيه إسترليني

في سن العاشرة، وبينما كنت لا أزال في الصف الثالث، أخبرتني والدتي وزوجها بأننا سنذهب إلى إقليم هلمند لحضور حفل زفاف أخي. لم أكن أعرف أن الحفل كان حفل زفافي أنا، حيث قامت عائلتي بترتيب زواجي من ابن عمي، وباعوني مقابل 40 ألف أفغاني (عملة أفغانستان) (500 جنيه إسترليني)، دون علمي أو موافقتي، حسب تقرير ومقابلة مع «الغارديان» الجمعة.

في تلك الليلة، بعد الزواج، ذهبت للنوم بجانب والدتي وأخي الأصغر، لكن عند استيقاظي وجدت نفسى بجوار ابن عمي. ارتعدت من الارتباك والخوف، وركدت من الغرفة وأنا أبكي وأصرخ. لكن والدتي وشقيقتها أجبراني على العودة إلى تلك الغرفة، وحينها قيل لي إنني قد تزوجت من ابن عمي.

مهتاب افتخار في الصورة مع ابنتها زهرة التي تبلغ الآن 14 عاماً ولا تزال تعيش في أفغانستان

بداية كابوس مؤلم حطم حياتي

كانت تلك بداية كابوس مؤلم حطم طفولتي وحياتي كبالغة. بعد عامين، في عام 2007، وفي سن الثانية عشرة، أصبحت أماً لأول مرة، لكن طفلتي ولدت قبل الأوان وكانت معاقة، وسرعان ما تُوفيت. في العام التالي، أنجبت ابنة أخرى وفقدتها أيضاً بعدما رفضت عائلة زوجي اصطحابها إلى الطبيب عندما مرضت فقط لأنها كانت أنثى، وليست الصبي الذي أرادوه بشدة.

أنجبت ابنتي الثالثة في الرابعة عشرة من العمر

في عام 2010، عندما كنت لا أزال في الرابعة عشرة من العمر فقط، ولدت ابنتي الثالثة. كانت مريضة أيضاً ووزنها أقل من المتوسط. تدهورت صحتها يوماً بعد يوم وكانت بشرتها تزداد اصفراراً.

الإيذاء المستمر من زوجي بسبب سوء الحظ الذي ظل يلاحق العائلة أصابني بحالة من الإنهاك، لكن الخوف من فقدان طفلتي أعطاني القوة للفرار إلى منزل والدتي في كابل. وبعد شهور من العلاج في مستشفى عام، تعافت ابنتي من مرض «اليرقان».

مهتاب مع ابنتها زهرة التي اختطفها والدها وأعادها إلى عائلته في مقاطعة هلمند (الغارديان)

بعد مغادرة المستشفى، كنت متأكدةً من عدم رغبتي في العودة إلى هلمند، وفي النهاية توصلنا إلى حل وسط بعدما أقنعت زوجي بالعيش معنا في مدينة كابل، واستأجرنا غرفة متواضعة في ضواحي غرب المدينة. أنجبت ابناً عام 2019، واعتقدت أن الابتعاد عن عائلته، التي طالما شجعته على إساءة معاملتي، قد يضع حداً للإيذاء الجسدي والنفسي، لكنه استمر في إيذائي. منعني الخوف من فقدان أطفالي من المغادرة أو طلب الطلاق.

فرص أفضل لابنتي زهراء

كانت كابل بمثابة بداية جديدة وفرص أفضل، خصوصاً لابنتي زهراء، التي بدأت تذهب إلى المدرسة. ومنذ ذلك الحين، تحول تركيزي الأساسي باتجاه تعليمها. كنت أدرس إلى جانبها، وأقرأ دروسها قبل أن أُدرّسها لها كل مساء.

اليوم وهي في الرابعة عشرة من عمرها، تتفوق زهراء في اللغة الإنجليزية، وتتمتع بموهبة رائعة في الرسم.

وقبل سيطرة حركة «طالبان» على السلطة عام 2021، تمت دعوة ابنتي زهراء للمشاركة في برامج تلفزيونية، وكانت تتحدث دائماً عن المصاعب التي أتحملها أنا والعديد من النساء مثلي في أفغانستان، فقد عشت طفولتي وأحلامي من جديد من خلال تربية طفلة قوية وذكية مثل زهراء.

في ذلك الوقت، اشتركت أيضاً في دورات تعليم الخياطة والتجميل مما ساعدني في الحصول على عمل في صالون تجميل قريب. بدأت بالمهام الأساسية مثل رسم الحواجب، وتمكنت بعد ذلك من تأسيس صالون تجميل خاص بي في كابل. للأسف تم إغلاق مصدر دخلي وأملي الوحيد على يد حركة «طالبان» بعد استعادتها للسلطة عام 2021.

هددوني بالحرمان من أطفالي

خلال تلك الفترة، بالغ زوجي في سوء معاملته. وبينما كنت أتعلم عن حقوقي كامرأة من خلال وسائل الإعلام وقراءة الكتب، حاولت عدة مرات طلب الطلاق. في كل مرة، كان أفراد عائلتي وزوجي يهددوني بالحرمان من أطفالي وقتلي زعماً بأن تصرفي هذا سيجلب العار للقبيلة. وقال لي زوجي: «أنت ملك لى طالما تتنفسين، وإلا فالتراب أولى بك».

وبعدما استعادت حركة «طالبان» السلطة، حرمت ابنتي أيضاً من التعليم. ومع تفاقم الإيذاء الجسدي واللفظي من زوجي، تقدمت بشكوى رسمية لدى مركز شرطة «طالبان»، موضحة فيها تفصيلاً تلك الإساءة، وكيف أُجبرت على الزواج في سن الطفولة.

وعندما علم زوجي بذلك، أخذ أطفالي وتوجه بهم إلى هلمند، وطلب مني التنازل عن القضية إذا كنت أرغب في العيش معهم مرة أخرى. وبعد أيام عديدة قضتها بعيدةً عن أطفالي، لم أتحمل أكثر من ذلك، وتواصلت مع ابنتي عبر الهاتف لتحديد موعد للقاء. وسافرت إلى هلمند، وبمساعدة عائلة التقيت بها في الحافلة، اجتزت جميع نقاط تفتيش «طالبان» وتمكنت من الوصول إلى أطفالي.

مهتاب افتخار، في الصورة مع والدتها وخالها يوم زفافها، البالغة من العمر 10 سنوات، اعتقدت أنه حفل زفاف شقيقها، وليس حفل زفافها

أبلغوا عني «طالبان»

لكن في رحلة العودة، بالقرب من مدينة قندهار، أجبرتني «طالبان» أنا وأطفالي على الخروج من السيارة، واصطحبونا إلى مركز للشرطة. وبدلاً من مساعدتي، ضربوني وأساءوا إليّ لفظياً لسفري وحدي. في البداية لم أخبرهم بشيء، لكن بعد ذلك رأيت زوجي وعائلته في مركز الشرطة وأدركت أنهم أبلغوا عني «طالبان». ضربتني والدة زوجي بحجر، واتهمتني بالزنا، وترك المنزل والتخلي عن مسؤولياتي.

لم أر أيّاً من أطفالي منذ ذلك الحين، والعودة إلى هلمند قد تكلفني حياتي، لأنني اعترضت بملء فمي وتحدثت علانية ضد «طالبان» مرات كثيرة. والآن لم يعد هناك ما يدفعني للعيش، حيث يرفض الناس تأجير شقة لي كوني عزباء وحيدة، ولا يمكنني العمل، حيث مُنعت النساء من العمل. لذلك، قررت أن أترك كل ما متعلقاتي، والحزن والأسى على فقدان أبنائي، وأرحل إلى إيران. أنا الآن في السادسة والعشرين من عمري وقد فقدت كل شيء، طفولتي، وشبابي، وصحتي، وأولادي. ومع ذلك، أنا ممتنة لأنني أخيراً بات لي صوت مسموع؛ لأنني الآن أكسب قوتي من عملي في محل لحياكة الملابس، وفي الوقت نفسه، أدافع عن أصوات النساء في بلادي وأعبر عنها بقوة.

لا أخشى الموت في هذه الرحلة نحو العدالة، بل أتوق له لأنني سأكون قدوة لآلاف النساء اللواتي يتحملن صعوبات مشابهة، وأمثل مصدر إلهام لهن للتصدي للطغيان.


مقالات ذات صلة

«الإفتاء» في داغستان يحظر النقاب على خلفية هجمات الشهر الماضي

آسيا حاكم داغستان سيرغي مليكوف (وسط) يزور كنيس كيلي نوماز المتضرر في ديربنت - روسيا (أ.ب)

«الإفتاء» في داغستان يحظر النقاب على خلفية هجمات الشهر الماضي

أعلنت السلطات الدينية في منطقة داغستان ذات الأغلبية المسلمة بشمال القوقاز في روسيا، الأربعاء، منع النساء بشكل مؤقت من وضع النقاب بعد هجمات الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شمال افريقيا متشددون اعتقلهم الجيش الجزائري مع أسلحتهم المصادرة (وزارة الدفاع)

الجزائر: اعتقال 5 متشددين ينشطون في الساحل

أكدت وزارة الدفاع الجزائرية، (الثلاثاء) في بيان، أن الجيش ألقى القبض على 5 إرهابيين في عمليتين عسكريتين منفصلتين، خلال الفترة بين 20 و23 من الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
آسيا لقطة من فيديو نشرته لجنة مكافحة الإرهاب الروسية تظهر عناصر من أمن الدولة خلال عملية «مكافحة الإرهاب» في داغستان (أ.ف.ب)

داغستان الروسية تعلن حصيلة جديدة لضحايا هجمات إرهابية طالت كنيستين ومعبدين يهوديين

خلّفت هجمات استهدفت كنيستين أرثوذكسيتين ومعبدين يهوديين في داغستان أواخر يونيو (حزيران) 22 قتيلاً، معظمهم من عناصر الشرطة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
آسيا هذه الصورة التي نشرها مكتب المتحدث باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد كبير المتحدثين باسم حكومة «طالبان» الذي يقود وفد «طالبان» (يمين الوسط) حيث يتحدث مع المبعوث الرئاسي الروسي إلى أفغانستان زامير كابولوف خلال اجتماع بالدوحة (أ.ب)

حكومة «طالبان» أُبلغت بـ«ضرورة إشراك النساء» في الحياة العامة خلال محادثات الدوحة

قالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو إن حكومة «طالبان» أُبلغت بضرورة إشراك النساء في الحياة العامة.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
الخليج المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» و«تلغرام» يزيلان أكثر من 18 مليون محتوى متطرف

تمكّن «اعتدال»، ومنصة «تلغرام»، عبر مواصلة جهودهما في مكافحة المحتوى المتطرف والنشاط الدعائي للتنظيمات الإرهابية، من إزالة أكثر من 18 مليون محتوى متطرف.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«طالبان» ترحّب بـ«روح التعاون» بعد استبعاد النساء من المحادثات مع الأمم المتحدة

ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم حكومة «طالبان» خلال إحاطة في كابول أفغانستان 3 يوليو 2024 (إ.ب.أ)
ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم حكومة «طالبان» خلال إحاطة في كابول أفغانستان 3 يوليو 2024 (إ.ب.أ)
TT

«طالبان» ترحّب بـ«روح التعاون» بعد استبعاد النساء من المحادثات مع الأمم المتحدة

ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم حكومة «طالبان» خلال إحاطة في كابول أفغانستان 3 يوليو 2024 (إ.ب.أ)
ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم حكومة «طالبان» خلال إحاطة في كابول أفغانستان 3 يوليو 2024 (إ.ب.أ)

أشادت حكومة «طالبان»، اليوم (الأربعاء)، بـ«روح التعاون» التي دفعت الأمم المتحدة إلى الموافقة على استبعاد ممثلي المجتمع المدني الأفغاني، وخصوصاً النساء، من مؤتمر الدوحة لبحث التزام المجتمع الدولي في أفغانستان، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويعدّ الاجتماع الذي عُقد الأحد والاثنين، الثالث الذي يُعقد في قطر خلال ما يزيد قليلاً على عام، والأول الذي يضمّ ممثلين لحركة «طالبان» التي عادت إلى السلطة في كابول في عام 2021.

وانتقدت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بشدّة قرار الأمم المتحدة استبعاد مجموعات المجتمع المدني من اللقاء، لإفساح المجال أمام مشاركة حكومة «طالبان».

وقال المتحدث باسم حكومة «طالبان» ذبيح الله مجاهد، خلال مؤتمر صحافي في كابول، إنّ المسؤولين الأجانب «يتمتّعون بروح تعاون جيّدة تجاه أفغانستان، ويمكننا أن نرى أنّ سياستهم حيالها تغيّرت بطريقة إيجابية».

وأضاف: «خرجت أفغانستان من عزلتها... وخُلق مناخ من الثقة».

وتابع مجاهد: «بما أنّ هذا الاجتماع تمّ تنظيمه وفقاً لمتطلّبات أفغانستان، ومع مراعاة مصالحنا الوطنية، فقد تمكنّا من المشاركة وإبلاغ العالم بموقفنا».

وتهدف المحادثات في الدوحة إلى مناقشة المشاركة المتنامية للمجتمع الدولي في هذا البلد الفقير الذي يزيد عدد سكانه على 40 مليون نسمة والاستجابة بشكل أكثر تنسيقاً، خصوصاً فيما يتعلّق بالقضايا الاقتصادية ومكافحة المخدّرات.

ومنذ عودة «طالبان» إلى السلطة لم تعترف أي دولة بها بشكل رسمي، رغم استئناف بعض الدول مثل الصين وروسيا العلاقات الدبلوماسية مع الحكم في كابول والاعتراف به بحكم الأمر الواقع.

وأضاف المتحدث باسم «طالبان»: «أبلغنا الدول المشاركة بأنّ مشاكل أفغانستان الداخلية، تلك التي تتعلّق بشعبها ونسائها، هي مشاكل أفغانستان».

وأضاف: «ينبغي على هذه الدول ألا تستخدم هذا الأمر لممارسة ضغوط سياسية».

وركّزت جولة المفاوضات الجديدة في الدوحة على الجهود الهادفة إلى تعزيز القطاع الأفغاني الخاص وعلى دعم مكافحة المخدّرات في الدولة التي كانت تاريخياً أكبر منتج للأفيون.

وبعدما بدأت عملية المناقشة بشأن زيادة وتنسيق المشاركة الدولية في أفغانستان، دُعيت مجموعات المجتمع المدني للمشاركة في اجتماعات منفصلة غداة المحادثات الرسمية.

ويعتبر مدافعون عن حقوق الإنسان أنّ هذا التهميش للمرأة الأفغانية من المرجّح أن يُضفي شرعية على «الفصل العنصري بين الجنسين» الذي تمارسه حركة «طالبان»، كما وصفته الأمم المتحدة.

غير أنّ المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي إلى أفغانستان توماس نيكلاسون أكد أنّ تقديم تنازلات لحكومة «طالبان» جعل من الممكن إجراء «مناقشات جيدة» مع الجميع في الدوحة.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الثلاثاء: «أُتيحت لي فرصة التحدث مع (طالبان)، وقد أتوا، ومع هؤلاء الأشخاص والمجتمع المدني والقطاع الخاص... أعتقد أنّ الأمر كان يستحقّ ذلك».