الاتحاد الأوروبي يبحث عن نقطة توازن في سياسته إزاء حرب غزة

الانقسامات الداخلية تفرز 3 مجموعات أوروبية بتوجهات متضاربة

حجة لحبيب وزيرة خارجية بلجيكا مع منسّق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في لوكسمبورغ (إ.ب.أ)
حجة لحبيب وزيرة خارجية بلجيكا مع منسّق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في لوكسمبورغ (إ.ب.أ)
TT

الاتحاد الأوروبي يبحث عن نقطة توازن في سياسته إزاء حرب غزة

حجة لحبيب وزيرة خارجية بلجيكا مع منسّق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في لوكسمبورغ (إ.ب.أ)
حجة لحبيب وزيرة خارجية بلجيكا مع منسّق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في لوكسمبورغ (إ.ب.أ)

بعد مرور 200 يوم على حرب غزة التي أوقعت، وفق آخر إحصاء لوزارة الصحة في القطاع، ما يزيد على 34 ألف قتيل وعشرات الآلاف من الجرحى، يبدو ضرورياً التوقف عند المحطات التي وصلت إليها المواقف الدولية ومن بينها الاتحاد الأوروبي الذي يرى في الشرق الأوسط «جاره الجنوبي»، وبالتالي فإنه معني بما يحصل فيه من تطورات وأزمات وحروب. وجاءت حرب غزة لتضع «الاتحاد» في مرمى السهام والاتهامات وعلى رأسها «ازدواجية المعايير» وإشاحة النظر عما ترتكبه القوات الإسرائيلية من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والامتناع عن اتخاذ أي تدبير أو إجراء لمحاسبتها واعتبار أن العلاقات التي تربط الطرفين يجب ألا تتأثر بأداء القوات الإسرائيلية.

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين: دعم غير مشروط لإسرائيل - متحدثة في مؤتمر صحافي في بروكسل في 18 أبريل الحالي

ثمة إجماع لدى المهتمين بالشأن الأوروبي على أن انقساماته الداخلية بين ثلاث مجموعات؛ «أولاها تضم دولاً مؤيدة بالمطلق لإسرائيل بغض النظر عما ترتكبه من أفعال، وثانيتها تسعى لاتباع سياسات متوازنة رغم الصعوبات التي تواجهها، وثالثتها متأرجحة بين هذه وتلك»، تمنع الاتحاد من اتباع سياسة قوية ومؤثرة، وبالتالي فإن المواقف الجماعية تبدو دوماً ثمرةَ مساومات لا تخرج عن سقف «الحد الأدنى». وثاني القناعات أن النادي الأوروبي «لا يملك الأوراق الكافية»، ليكون له دور مؤثر على مسار الأحداث، خصوصاً على الجانب الإسرائيلي، فيما يرى آخرون أنه «يفتقد للإرادة السياسية»، وأنه لو أراد فعلاً أن يؤدي دوراً مؤثراً، فإن الاتفاقيات التجارية والاقتصادية والعلمية المبرمة مع إسرائيل، تمثل أوراق ضغط حقيقية ومؤثرة. أخيراً، ترى أكثرية القادة الأوروبيين أن الانغماس في ملف النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، لا يرجى منه أي مكسب سياسي بل العكس هو المتوقع، ولذا، ما دام أن النزاع يمكن ركنه في زاوية أو إدارته من غير الكثير من القلاقل، فلا بأس من بقائه حيث هو، ما دام لا يؤثر على المصالح الأوروبية.

اصطفاف وراء إسرائيل

منذ اليوم الأول لحرب غزة، اصطفت دول الاتحاد الأوروبي وراء إسرائيل، وتبنت مبدأ حقها في الدفاع عن النفس، والقضاء على حركة «حماس». وتبدّى ذلك في أمرين: الأول، مسارعة أوليفيه فارهيلي، المفوض الأوروبي لسياسات الجوار إلى «التجميد الفوري» لكل المساعدات المقدمة للفلسطينيين القائمة والمستقبلية، وذلك من غير التشاور مع أحد. والثاني، برز مع الزيارة التي قامت بها رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، إلى إسرائيل في 13 أكتوبر (تشرين الأول)، حيث عبرت عن «التضامن التام» مع إسرائيل، وأكدت حقها في الدفاع عن النفس، ووصفت «حماس» بأنها تنظيم إرهابي، ولم تشر من قريب أو بعيد إلى ضرورة أن تحترم إسرائيل القانون الدولي الإنساني والتزامها بحماية المدنيين.

غضب الموظفين

وأثارت مواقف المسؤولة الأوروبية نقمة داخل الاتحاد، حيث وجّه 850 موظفاً، في 20 أكتوبر رسالة إلى مكتبها يرفضون فيها «دعمها المطلق غير المشروط» لإسرائيل، وعدم مبالاتها بـ«المجزرة المتواصلة ضد المدنيين في غزة وتجاهل حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني». كذلك انتقد جوزيب بوريل، المسؤول عن السياسة الخارجية، وشارل ميشال، رئيس المجلس الأوروبي، مبادرات فون دير لاين.

رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال يرفض أن تقوم فون دير لاين بمبادرات في السياسة الخارجية (أ.ب)

وجاءت البيانات الجماعية الصادرة رسمياً، ومنها يوم 26 أكتوبر ويوم 13 نوفمبر (تشرين الثاني) متضمنة إدانة ما قامت به «حماس»، والتعبير عن التضامن مع إسرائيل، وتأكيد حقها في الدفاع عن نفسها، ولكن في إطار احترام القانون الدولي والتشديد على إيصال المساعدات الإنسانية الطارئة إلى سكان القطاع. كذلك سارع الاتحاد إلى تجميد الأموال المخصصة لوكالة «الأونروا» التي اتهمتها إسرائيل بأنها «مخترقة» من «حماس».

ثلاث لاءات

في اليوم التالي للاجتماع، اقترح بوريل الخطوط الرئيسية للسياسة الأوروبية وتتشكل من ثلاث لاءات: لا للترحيل القسري للفلسطينيين، لا لطردهم من غزة نحو دول أخرى، ولا إعادة احتلال القطاع أو ضم أجزاء منه. بالمقابل، طرح بوريل ثلاثة مبادئ لمستقبل القطاع: تمكين «سلطة فلسطينية مؤقتة» من إدارة القطاع بموجب قرار من مجلس الأمن ومشاركة دول عربية يثق بها الفلسطينيون والإسرائيليون في إدارة القطاع، على أن تشكل خطوة باتجاه إقامة الدولة الفلسطينية. والمبدأ الثالث ينص على انخراط الاتحاد الأوروبي في المنطقة والمساعدة على قيام دولة فلسطينية تتمتع بالسيادة وقادرة على إبرام السلام مع إسرائيل وتوفير الأمن لها وللفلسطينيين.

ازدواجية المعايير

رغم أهمية مقترح بوريل، فإن «الاتحاد» لم يتخذ موقفاً قوياً من استهداف القوات الإسرائيلية للمستشفيات والمساجد والمدارس التي بعضها أقيم بأموال أوروبية. كذلك لم يصدر عن الاتحاد - بوصفه كتلة - أي إدانة لما تقوم به إسرائيل في القطاع أو دعوة لوقف إطلاق النار بسبب معارضة مجموعة من دوله، الأمر الذي يعكس انقساماته الداخلية التي ظهرت في تصويت دول الاتحاد في الأمم المتحدة. ففي 27 أكتوبر، اختارت 15 دولة أوروبية الامتناع عن التصويت على مشروع قرار يدعو إلى وقف إنساني لإطلاق النار ووضع حد للأعمال العدائية، فيما صوتت لمصلحته ثماني دول: فرنسا وآيرلندا وبلجيكا ولوكسمبورغ وإسبانيا وسلوفينيا ومالطا والبرتغال. أما الدول الأربع المتبقية فقد صوتت ضده، وهي النمسا وتشيكيا والمجر وكرواتيا.

نتائج التصويت في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة على الدعوة إلى وقف النار في غزة (إ.ب.أ)

في 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، صوتت الجمعية العامة على مشروع قرار يدعو إلى «توفير الحماية للمدنيين واحترام القوانين الإنسانية ولوقف إطلاق النار وإطلاق السراح الفوري وغير المشروط لجميع الرهائن، دعمت 17 دولة القرار وعارضته الدول الأربع المذكورة سابقاً، وامتنعت الدول المتبقية عن التصويت.

أما في مجلس الأمن، فإن الدول الأوروبية الثلاث الممثلة حالياً فيه «فرنسا وسلوفينيا ومالطا» فقد صوتت جميعها لصالح مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر فيما لم تعارضه الولايات المتحدة، الأمر الذي أتاح تبنيه وقد دعا، بشكل أساسي، إلى وقف فوري إنساني لإطلاق النار خلال شهر رمضان، كما تضمن العناصر الأخرى المتكررة في كل مشاريع القرارات. ويمكن، بناء على ما جرى في نيويورك وبروكسل، استخلاص وجود ثلاث مجموعات أوروبية: الأولى، تريد وقفاً فورياً لإطلاق النار وتمثلها فرنسا، بلجيكا، إسبانيا ولوكسمبورغ وآيرلندا ومالطا وسلوفينيا. والثانية معارضة لكل ما يعد «فرضاً» على إسرائيل، وأعضاؤها الأشد «النمسا، تشيكيا والمجر». أما الثالثة فممتنعة بحجة أن القرارات المذكورة إما أنها لا تدين «حماس»، وإما أنها لا تشير إلى حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ومن أعضائها ألمانيا، رومانيا، بولندا وإيطاليا.

مسؤول العلاقات الخارجية جوزيب بوريل مع وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في 19 أبريل بمناسبة اجتماع لوزراء خارجية مجموعة السبع في جزيرة كابري الإيطالية (أ.ب)

في السعي لنقطة التوازن، اضطلع بوريل بدور مهم؛ إذ دعا الأوروبيين إلى الالتفات لجذور المشكلة وليس الاكتفاء باقتفاء أثر المواقف الإسرائيلية. وشرح رؤيته في مقال نشرته مجلة «Le Grand Continent « داعيا إلى الابتعاد عن «ازدواجية المعايير» والوفاء لمبادئ وقيم الاتحاد الأوروبي.

ومع ارتفاع أعداد القتلى والدمار الرهيب الذي حل بغزة والقضاء على قطاعي التعليم والصحة وضرب البنى التحتية والقتل الأعمى وضغوط الشارع في العواصم الأوروبية، سعى القادة الأوروبيون إلى تعديل سياساتهم. وكان واضحاً أنه إزاء تجاهل إسرائيل لقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية وتصاعد العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية/ حيث الجيش والمستوطنون أوقعوا مئات القتلى، كان على هؤلاء القادة ووزرائهم ودبلوماسياتهم التحرك. وأحد العوامل التي دفعتهم للتحرك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي قال علناً إنه يرفض حل الدولتين، وهو ما تدعو إليه أوروبا، وإنه عازم على اجتياح رفح، الأمر الذي يقلق الأوروبيين من وقوع مجازر إضافية. وليس من مجال للتوقف عند خصوصيات مواقف كل دولة أوروبية.

ولكن يمكن اعتبار أن الأوروبيين وجدوا في فرض عقوبات على أربعة مستوطنين وكيانين إسرائيليين وسيلة للتعبير عن نقمتهم ورفضهم للمسار الذي تسلكه إسرائيل. ولم يكن ذلك ممكناً إلا بعد أن سبقتهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى فرض عقوبات محدودة. وجاء في بيان صادر عن الاتحاد في 19 أبريل الحالي أن هؤلاء «مسؤولون عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين»، وأنهم «مارسوا عمال تعذيب، وغيرها من أشكال المعاملة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة، فضلاً عن انتهاك الحق في الملكية والحق في الحياة الخاصة والعائلية للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة». وتشمل العقوبات تجميد الأصول وحظر التأشيرات، ولن يسمح لهؤلاء الخاضعين للعقوبات بدخول الاتحاد الأوروبي أو التعامل مع مواطنيه، كما سيتم تجميد أي أصول أو حسابات لديهم في الاتحاد.

وزراء الخارجية الأوروبيون مع نظيريهم الأميركي والكندي في كابري 18 أبريل الحالي (أ.ب)

ثمة أمر تجدر الإشارة إليه، وهو أن إسرائيل تريد تجيير الهجمات الجوية الإيرانية لصالحها، وللتأثير على العالم الغربي والأوروبي على وجه الخصوص. ويرى كثيرون أن أحد أهداف تهديد إسرائيل باجتياح رفح، يكمن في حرف الأنظار عما ارتكبته قواتها وعما برز من مجازرها من خلال الكشف عن المقابر الجماعية، حيث طمرت مئات الجثث ما يشكل جريمة حرب موصوفة.

وحتى الساعة، كانت نادرة التعليقات الأوروبية على هذا الأمر البشع الذي لو حصل في أوكرانيا مثلاً لكانت الدول الأوروبية قد عبأت قدراتها السياسية والدبلوماسية والقضائية على وجه السرعة. ولذا، فإذا كان الموقف الأوروبي قد تغير قليلاً، فإنه يحتاج للكثير حتى يكون متطابقاً مع الشعارات والقيم التي جعلتها القارة القديمة نبراساً للاتحاد الأوروبي. لكن دولاً أوروبية مثل إسبانيا وآيرلندا ومالطا وبلجيكا وسلوفينيا تسير بخطوات أسرع من خطوات الآخرين؛ إذ تريد الاعتراف بالدولة الفلسطينية وهي تبحث عن آلية لذلك، وإن من غير أن يكون الاعتراف عملاً جماعياً أوروبياً، الأمر الذي يبرز، مرة أخرى، عمق الانقسامات بين الأوروبيين.


مقالات ذات صلة

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

المشرق العربي المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

قالت عائلة معتقل فلسطيني مسن من قياديي حركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، إنها تخشى على حياته بعد اعتقاله مجدداً قبل أيام عدة وتحويله للاعتقال الإداري.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب) play-circle

«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم (الجمعة)، على تمديد عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمدة 3 سنوات إضافية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات حول التنفيذ.

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي ياسر أبو شباب في صورة نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية (أرشيفية)

خليفة «أبو شباب» يتعهد بمواصلة مقاومة «حماس»

أكدت «القوات الشعبية» التي كان يتزعمها ياسر أبو شباب، مقتله خلال محاولته فض نزاع عائلي، مشددةً على أنه لم يكن لحركة «حماس» أي علاقة بظروف مقتله.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

يُتوقع أن يُسلم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب "جائزة الفيفا للسلام" عند إجراء قرعة كأس العالم يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن )

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.


أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
TT

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)
أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

تواجه «عملية السلام» في تركيا، التي تستوجب حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم الحزب عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي غرب البلاد.

وتفجّرت خلافات بين نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وحزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، خلال اجتماع لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» في البرلمان، المعنية باقتراح الإطار القانوني لنزع السلاح وعملية السلام، التي خُصّصت الخميس للاستماع لتقرير حول لقاء الوفد بأوجلان.

تقرير مجتزأ

وأعلن نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، أن التقرير الذي قُدّم خلال الجلسة، والذي لخّص محضر لقاء الوفد مع أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أخرج المحضر من سياقه، واجتزأه لينحرف عن المضمون الذي أراده أوجلان.

نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعب» الأعضاء في اللجنة البرلمانية (حساب الحزب في «إكس»)

وقال النواب الخمسة، غولستان كيليتش كوتشيغيت وميرال دانيش بيشتاش وحقي صاروهان أولوتش وجلال فرات وجنكيز تشيشيك، في بيان، إنه جرى استخدام جمل خارجة عن السياق، واقتباسات غير كاملة تفتح الباب أمام تكهنات عديدة.

وجاء في البيان أن «نشر محتوى الاجتماع بين أوجلان، الفاعل الرئيسي في عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، ووفد اللجنة بشكل مجتزأ، مع تفسيرات ناقصة وذاتية، يُخاطر في المقام الأول بتضييق نطاق الدور (التاريخي) لأوجلان في هذه العملية وفتحه للنقاش، وهذا يتعارض مع النهج والوعود والتعريفات والمسؤوليات الأساسية للعملية المستمرة منذ أكثر من عام».

وطالب البيان -الذي نشره الحزب على حسابه في منصّة «إكس»- بنشر محضر الاجتماع مع أوجلان ومشاركته مع جميع أعضاء اللجنة البرلمانية والجمهور بطريقة «وافية وموضوعية وكاملة وصادقة»، ووضع آلية شفافة لضمان دقة المعلومات العامة.

وقال مسؤولون في الحزب إن التقرير أُعدّ بالطريقة التي أرادها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، لكن «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي هي عملية «جادة وتاريخية»، ويجب أن تُدار بشكل «موضوعي وشفاف، ولا يخضع للتفسيرات الشخصية».

صدام بين الحكومة والمعارضة

وخلال اجتماع اللجنة للاستماع إلى التقرير، احتجّ نواب من حزب «الشعب الجمهوري»، متسائلين عما إذا كان «جهاز المخابرات قد أعدّ التقرير»، وهل سيعمل نواب البرلمان تحت «رقابة جهاز المخابرات الوطني؟». وطالبوا بعرض محضر الاجتماع كاملاً.

جانب من اجتماع اللجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - «إكس»)

وقال نواب المعارضة إنه «يتم إخفاء (تفاصيل التقرير) ليس فقط عن الجمهور، بل حتى عن البرلمان». وردّ نائب حزب «العدالة والتنمية»، محمد شاهين على هذه الانتقادات بالقول: «لو أردتم أن تعرفوا ما جرى بالكامل، كان عليكم المشاركة في الوفد الذي زار إيمرالي».

ورفض حزب «الشعب الجمهوري» إرسال أحد نوابه ضمن وفد اللجنة البرلمانية إلى إيمرالي، عادّاً أنه كان يمكن عقد الاجتماع عبر دائرة اتصال تلفزيونية مغلقة لتجنب الحساسيات التي تثيرها زيارة أوجلان.

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل (حساب الحزب في «إكس»)

وانتقد رئيس الحزب، أوغور أوزيل، ما جرى خلال اجتماع اللجنة، مطالباً بالشفافية في كل ما يتعلق بهذه العملية. وقال أوزيل، في مقابلة تلفزيونية، تعليقاً على رفض ذهاب نواب حزبه إلى إيمرالي: «إذا ذهبنا فسنذهب بصراحة، وسنتحدث بصراحة، وسنعود بصراحة، ولن نخفي شيئاً»، متسائلاً عن أسباب إخفاء محضر الاجتماع، وعدم إطلاع نواب اللجنة البرلمانية والرأي العام عليه.

«الكردستاني» يتمسك بموقفه

وفي خضم هذا التوتر، انتقد متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان، زاغروس هيوا، عمل اللجنة البرلمانية واكتفاء الحكومة التركية بـ«التصريحات فقط، دون اتخاذ خطوات حقيقية في إطار عملية السلام، على الرغم من اتخاذ حزب (العمال الكردستاني) العديد من الخطوات الأحادية».

وقال هيوا، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية الجمعة: «إننا لم نكن يوماً مسؤولين عن تخريب عملية السلام، وإن الدولة هي التي اتخذت القرار في عام 2015 بإنهاء العملية السابقة. ولهذا السبب، بدأوا بتجربة أساليب جديدة، ولم يتضح بعد ما إذا كانوا قد غيّروا حقّاً عقليتهم وسياساتهم تجاه الأكراد، أم أنهم يستعدون لموجة جديدة من الهجمات».

متحدث الشؤون الخارجية في منظومة اتحاد مجتمعات كردستان زاغروس هيوا (إعلام تركي)

وقال هيوا إن «المفاوضات لم تبدأ بعد»، وإن لقاء أعضاء من اللجنة البرلمانية مع أوجلان في إيمرالي هي «عملية حوار».

وتابع: «لكي تبدأ المفاوضات، يجب أن يلتقي الطرفان على قدم المساواة، وأهم عنصر في هذه المفاوضات هي حرية أوجلان»، الذي وصفه بـ«كبير مفاوضي حزب (العمال الكردستاني)».

وأضاف: «يجب أن تراعي هذه العملية الاندماج الديمقراطي للأكراد وحركة الحرية الكردية في جمهورية تركيا، وتضمن مشاركتهم الحرة في الحياة السياسية الديمقراطية، لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق في ظل الدستور الحالي الذي ينكر وجود الأكراد، بل جميع المجموعات العرقية في تركيا».