تقود نظارات الواقع الافتراضي، بهدوءٍ، ثورة على صعيدي الأعمال والرعاية الصحية.
تدريب افتراضي
على سبيل المثال، جرت الاستعانة بها في تدريب فريق العاملين بمطاعم «كنتاكي» على كيفية قلي الدجاج، وتدريب سائقي شركة «يونايتد بارسيل سيرفيس» (يو بي إس) على مواجهة مخاطر الطريق، علاوة على تدريب رواد الفضاء على رحلات الفضاء الخارجي.
وفي مجال الرعاية الصحية، جرت الاستعانةُ بنظارات الواقع الافتراضي في «إدارة الألم»، أي تخفيفه لدى الجنود والأطفال الذين يعانون من مرض السرطان. ويبقى كل ما سبق مجرد غيض من فيض من استخدامات نظارات الواقع الافتراضي. ومع إصدار «آبل فيجن برو»، زادت نظارات الواقع الافتراضي من ترسيخ مكانتها في الثقافة الشعبية. في الواقع، لطالما كانت نظارات الواقع الافتراضي موجودةً حولنا منذ فترة طويلة، لكن اللافت أنها تحولت فجأة من «وسيلة سحرية للهروب من الواقع إلى أماكن جديدة غريبة» إلى «أداة عملية لإنجاز المهام».
لمحة تاريخية
> 1838: اخترع تشارلز ويتستون المنظار المجسم القادر على إنتاج صور ثنائية الأبعاد تبدو شبيهة بأجسام ثلاثية الأبعاد. وأطلقت مجلة «سميثسونيان» على هذا الاختراع «الواقع الافتراضي الأصلي».
> 1968: جرى ابتكار أول نظارة واقع افتراضي فعلياً على يد إيفان ساذرلاند، البروفسور بجامعة هارفارد. وأطلق أحد تلاميذه على الاختراع الجديد «سيف ديموقليس»، في إشارة إلى قصة قديمة تعبر عن السلطة و«الخطر المحدق» من تأليف الفيلسوف الروماني شيشرون. وعرضت النظارة رسومات أنشأها كومبيوتر فوق البيئة المحيطة بالمستخدم، وتمثل نسخة أقدم من إعدادات الواقع المعزز التي تتيحها نظارات «آبل فيجن برو».
> الثمانينات من القرن الماضي: تأسيس أول شركة لبيع نظارات وقفازات الواقع الافتراضي: «في بي إل ريسيرتش إنك».
> 2021: أعاد مارك زوكربرغ تسمية موقع «فيسبوك» ليصبح «ميتا»، وشروعه في توجيه طاقة الشركة باتجاه بناء «ميتافيرس» من جانب «ريالتي لابس ديفيجن» التابعة للشركة.
> 2023: كشفت «آبل» النقاب عن نظارات للواقع المختلط، «فيجن برو».
> مطلع عام 2024، تبيع الشركات كامل الوحدات عبر طلبات الشراء المسبق.
حقيقة الواقع الافتراضي
تمحور اهتمام نظارات الواقع الافتراضي على مدار الثمانينات حتى العقد الأول من القرن الـ21 حول الألعاب. من ناحيته، راهن مارك زوكربرغ بقوة على التكنولوجيا و«الميتافيرس»، أو الفضاء الرقمي الذي يقطنه أولئك الذين يرتدون نظارات الواقع الافتراضي. إلا أن نظارات «ميتا»، التي جرى تسويقها في الجزء الأكبر منها في أوساط المستهلكين، كبدت الشركة خسائر فادحة. ومع أن حملة الواقع الافتراضي الترويجية الكبرى التي نظمتها «ميتا» لم تلق نجاحاً، نمت السوق الأكبر لشركات نظارات الواقع الافتراضي بهدوء. وكشف استبيان أجرته مؤسسة «برايسووترهاوس كوبرز» أن ما يعادل نصف جميع الشركات الأميركية استخدمت بالفعل أو كانت تنوي استخدام نظارات الواقع الافتراضي عام 2022. وتعتمد شركات مثل «وولمارت» و«فريزون» و«إنتل» على هذه التكنولوجيا في تدريب موظفيها.
بجانب ذلك، تحولت قوات الشرطة والجيوش باتجاه الاعتماد على نظارات الواقع الافتراضي في التدريب على تكتيكات نزع التصعيد. كما تعتمد عليها الجامعات والمستشفيات باعتبارها بديلاً أكثر أماناً لتدريب الجراحين.
ومع ذلك، تبقى هناك جوانب سلبية لهذه النظارات، منها ارتباطها بالدوخة أو ما أطلق عليه «الدوار السيبراني»، وهو مصطلح يشير لأعراض مثل الغثيان والصداع تصيب المرء لدى وجوده داخل بيئة واقع افتراضي. وكشف بحث أجرته جامعة ولاية أيوا أن أعراض الدوار السيبراني تزداد حدة بنسبة 40 في المائة لدى النساء. بجانب ذلك، ينطوي الأمر على مخاوف تتعلق بالخصوصية. على سبيل المثال، تتولى «آبل فيجن برو»، «جمع بيانات أكثر عن أي جهاز استهلاكي آخر جربته على الإطلاق... لمتابعة جميع الأشياء المتعلقة بجسدك والأشخاص من حولك وكذلك الفضاءات»، طبقاً لتقارير صحافية رصينة. ومن الممكن أن يثير ذلك قضايا خطيرة على صعيد الخصوصية للجمهور العام بمجرد أن تصبح هذه التكنولوجيا أكثر انتشاراً، حسبما أضاف.
بالأرقام
> 67.7 مليار دولار: حجم السوق العالمية للواقع الافتراضي عام 2024، ومن المتوقع أن تنمو السوق إلى 204 مليارات دولار بحلول عام 2029.
> 4.65 مليار دولار: فاقت الخسارة التشغيلية التي تكبدتها «ريالتي لابس ديفيجن» التابعة لـ«ميتا» خلال الربع الرابع، عما توقعه المحللون.
> 3.499 دولار: سعر نظارة «آبل فيجن برو».
> 75 %: نسبة الشركات الأعلى قيمة عالمياً التي خلقت بالفعل تجربتها الخاصة بمجال الواقع الافتراضي أو المعزز بحلول عام 2015.
> 51 %: نسبة الشركات الأميركية التي استخدمت بالفعل أو تنوي استخدام الواقع الافتراضي أو المعزز بمجال عمل واحد على الأقل منذ عام 2022.
يحاول زوكربرغ إقناع الناس بأن «ميتا كويست» أفضل عن «آبل فيجن برو»، ويركز انتقاداته على السعر المرتفع للأخيرة. من جهتها، حرصت «آبل» على تجنب التداخل مع «ميتا» في فضاء الواقع الافتراضي، ولم تذكر كلمة «ميتافيرس» ولا مرة واحدة في أثناء ترويجها لنظارتها، «فيجن برو». وفضلت بدلاً عن ذلك استخدام مصطلح «الحوسبة المكانية». * مجلة «كوارتز»، خدمات «تريبيون ميديا».