برلين تستدعي السفير الروسي بعد توقيف شخصين في ألمانيا

اشتبهت في أنهما جاسوسان روسيان هدفهما تخريب بنى تحتية عسكرية

أفراد من الشرطة الألمانية (أرشيفية - رويترز)
أفراد من الشرطة الألمانية (أرشيفية - رويترز)
TT

برلين تستدعي السفير الروسي بعد توقيف شخصين في ألمانيا

أفراد من الشرطة الألمانية (أرشيفية - رويترز)
أفراد من الشرطة الألمانية (أرشيفية - رويترز)

استدعت «الخارجية» الألمانية السفير الروسي في برلين، سيرغي ناشييف؛ للاعتراض على خطط روسية، كشفها الادعاء العام، لاستهداف مواقع عسكرية أميركية وألمانية عبر تجنيد عملاء روس، وذلك على أثر اعتقال رجلين يُشتبه بأنهما تجسسا لصالح موسكو. وقالت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، إن السلطات الألمانية منعت «اعتداءات محتملة كانت ستستهدف مساعداتنا العسكرية لأوكرانيا». وأضافت أن ألمانيا «مستمرّة بتقديم دعم ضخم لأوكرانيا، ولن تسمح بأن يجري تخويفها».

عمل تخريبي

وكشف، في وقت سابق، الادّعاء العام الفيدرالي عن القبض على مواطنيْن يحملان الجنسية الروسية والألمانية المزدوجة هما ديتر س. المشتبَه به الرئيسي، وألكسندر ج. المتهم بمساعدته. واعتقل الرجلان في مدينة بيروت بولاية بافاريا. وقال الادعاء، وفق بيانه، إن ديتر كان على تواصل مع المخابرات الروسية منذ أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، وأنه كان يُعِدّ لعمل تخريبي ضد ألمانيا بهدف تقويض المساعدات العسكرية التي تقدمها برلين لكييف.

ووفق بيان الادعاء، فإن المشتبَه به الرئيسي كان مستعداً لاستخدام متفجرات لتنفيذ عمليات تخريب تستهدف خصوصاً بنى تحتية عسكرية وصناعية. وقال الادعاء إن المشتبه به جمع معلومات حول مواقع عسكرية محتملة يمكن أن تشكل هدفاً؛ من بينها قواعد عسكرية أميركية، والتقط صوراً للمواقع العسكرية وسلّمها للشخص الذي يتواصل معه.

واتّهم الادّعاء ألكسندر بمساعدة ديتر، منذ مارس (آذار) الماضي. ووفق موقع «دير شبيغل»، فإن المشتبَه به كان يُحضّر لاعتداء يستهدف قاعدة «غروفنفور» العسكرية الأميركية بولاية بافاريا، حيث تُدرّب واشنطن الأوكرانيين على استخدام مُعدّات عسكرية؛ من بينها دبابات «أبرامز» الأميركية. ومع ذلك، لا يبدو أن الهجوم الذي كان يُعِدّ له الرجلان كان وشيكاً.

ارتباط خارجي

واعتُقل ديتر بناء على مذكرة توقيف ثانية تتعلق بانتمائه لتنظيم إرهابي خارجي. واتهم الادعاء ديتر بالانتماء إلى جماعة «جمهورية دونيتسك الشعبية» المسلَّحة التي تقاتل في أوكرانيا الشرقية إلى جانب القوات الروسية، وقال إنه قاتل ضمن الجماعة ما بين ديسمبر (كانون الأول) 2014، وسبتمبر (أيلول) 2016.

ووفق الادعاء العام، فإن ديتر استخدم العنف ضد المدنيين، خلال مشاركته في القتال بأوكرانيا الشرقية. وتُحذّر المخابرات الألمانية، منذ فترة، من أن المخابرات الروسية «مهتمة بشكل كبير» بالمواقع العسكرية في ألمانيا، والمساعدات العسكرية التي تقدمها لأوكرانيا، وكذلك بالبنى التحتية في البلاد. وتدرب ألمانيا مئات الجنود الأوكرانيين على أراضيها، ضمن معسكرات خاصة يديرها الجيش الألماني، إضافة إلى تدريبات تُجريها الولايات المتحدة للعسكريين الأوكرانيين في قواعد عسكرية تابعة لها بألمانيا، خصوصاً في غرب البلاد.

تدهور في العلاقات

ويُهدّد الكشف عن الجاسوسين الجديدين بتدهور العلاقات أكثر مع روسيا، علماً بأن ألمانيا كانت قد طردت 40 دبلوماسياً روسياً اتهمتهم بالعمل في المخابرات، بُعَيد بدء الحرب في أوكرانيا. ورغم ذلك يبدو أن روسيا لا تزال قادرة على اختراق المؤسسات الألمانية بشكل كبير. وفي خريف عام 2022، كشفت المخابرات عن موظف داخل صفوفها كان يتجسس لمصلحة روسيا نقل معلومات حساسة إلى مسؤولين روس.

وتتخوّف ألمانيا من عمليات تخريب روسية تستهدف بناها التحتية، وقد دفعها ذلك إلى اتخاذ خطوات إضافية لتعزيز الأمن السيبراني، وفق ما أعلنت وزيرة الداخلية قبل فترة. وقال وزير العدل الألماني، ماركو بوشمان، في تصريح، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن اعتقال الجاسوسين «يشكل انتصاراً قضائياً جديداً» في الحرب ضد محاولات التجسس والتخريب التي تديرها روسيا ضد ألمانيا.

وقبل أسابيع، نجحت روسيا باختراق محادثة بين عسكريين ألمان كانوا يناقشون تسليم صواريخ «توروس» بعيدة المدى لأوكرانيا، ونشرت وسائل إعلام روسية التسجيل الصوتي بين 4 مسؤولين عسكريين كبار، وتبيَّن أن أحد العسكريين الذين شاركوا في الاتصال استخدم الإنترنت من فندق في سنغافورة، ما جعل من السهل اعتراض الاتصال والاستماع إليه. وفتح الجيش الألماني تحقيقاً في الحادث، وسط انتقادات واسعة من عدم تصرف الجيش الألماني باحترافية، ما يُسهل اختراقه بسهولة.


مقالات ذات صلة

روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها بعد سقوط حليفها الأسد

شمال افريقيا طائرة عسكرية روسية تقترب من قاعدة حميميم الجوية على ساحل اللاذقية بسوريا في 14 ديسمبر 2024 (رويترز)

روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها بعد سقوط حليفها الأسد

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة في حوض البحر المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا طائرة من طراز «بوينغ 737» تقلع في مطار بوينس آيرس بالأرجنتين في 26 ديسمبر 2024 (رويترز)

هبوط اضطراري لطائرة «بوينغ 737» تابعة لشركة «يوتير» في موسكو

ذكرت «وكالة الإعلام الروسية» أن طائرة «بوينغ» تابعة لشركة «يوتير» للطيران هبطت اضطرارياً في مطار فنوكوفو بموسكو، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ في موقع مبنى سكني ضربته غارة جوية روسية على أوكرانيا بمنطقة سومي 4 يناير 2025 (رويترز)

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

قالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها وجّهت ضربات مكثفة لوحدات أوكرانية في منطقة كورسك غرب روسيا، وأفاد الجيش الأوكراني بتصعيد القتال خلال اﻟ24 ساعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركيا تواصل القتال مع «قسد» على محاور جنوب شرقي منبج (أ.ف.ب)

إردوغان: تركيا لم تتدخل في سوريا

تتواصل الاشتباكات بين الفصائل الموالية لتركيا و«قسد» على محاور جنوب شرقي منبج... وأكد الرئيس رجب طيب إردوغان أن بلاده ستواصل الحرب ضد الإرهاب في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا آثار الدمار الذي خلّفه قصف روسي على تشرنيهيف الروسية في 4 يناير (رويترز)

روسيا: أوكرانيا بدأت «هجوماً مضاداً» في منطقة كورسك

أعلنت موسكو، الأحد، أنّ كييف بدأت «هجوماً مضاداً» في منطقة كورسك بجنوب روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

وفاة جان ماري لوبن الشخصية التاريخية لليمين المتطرف الفرنسي

جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)
جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)
TT

وفاة جان ماري لوبن الشخصية التاريخية لليمين المتطرف الفرنسي

جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)
جان ماري لوبن في عام 2022 (أ.ف.ب)

توفي جان ماري لوبن، الشخصية التاريخية لليمين المتطرّف الفرنسي، الذي وصل إلى نهائيات الانتخابات الرئاسية عام 2002، الثلاثاء، عن عمر يناهز 96 عاماً في منطقة باريس، بمستشفى نقل إليه قبل أسابيع.

وقالت عائلته في بيان تلقّته «وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنّ جان ماري لوبن توفي ظهر الثلاثاء، محاطاً بأفراد الأسرة».

جان ماري لوبن (رويترز)

وأعلن قصر الإليزيه في بيان أن لوبن كان «شخصية تاريخية لليمين المتطرف» الفرنسي، وأصبح «دوره في الحياة العامة لبلادنا منذ نحو 70 عاماً... جزءاً من التاريخ».

وكانت ابنته مارين لوبن على متن طائرة ظهر الثلاثاء عائدة إلى باريس من أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي، الذي زارته تضامناً بعد مرور الإعصار «تشيدو» المدمر.

وانسحب مؤسس الجبهة الوطنية، التي سُميت فيما بعد التجمع الوطني، تدريجياً من الحياة السياسية، بداية من عام 2011، عندما توّلت ابنته مارين لوبن رئاسة الحزب.

وضعفت حال جان ماري لوبن بعد تعرضه لعدة انتكاسات صحية. وفي يونيو (حزيران) كشف تقرير طبي «تدهوراً كبيراً» في حالته الجسدية والنفسية، صار معه عاجزاً عن «حضور» أو «التحضير لدفاعه» في قضية مساعدي نواب الجبهة الوطنية الأوروبيين، التي جرت في باريس بين سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني).

رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يفحص علبة حلوى داخل متجر «هايبركاشر» اليهودي في باريس (أ.ف.ب)

ومنتصف نوفمبر أُدخل جان ماري لوبن إلى المستشفى، ثم إلى عيادة متخصصة في غارش غرب باريس، قرب منزله في رواي مالميزون. وأعلنت وفاته بينما كان قسم من الطبقة السياسية الفرنسية حاضراً، الثلاثاء، أمام متجر يهودي في بورت دو فينسين في باريس، بعد 10 سنوات من هجمات يناير (كانون الثاني) 2015.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته خلال إحياء ذكرى مرور 10 سنوات على الهجوم على صحيفة «شارلي إبدو» (أ.ب)

وكان جان ماري لوبن خطيباً مفوَّهاً ومحرضاً مثيراً للجدل في قضايا الهجرة واليهود، والأب الروحي الذي واجه منغصات بسبب المقربين منه، لكنه نجح في إخراج اليمين المتطرف الفرنسي من التهميش.

«الجبهة الجمهورية»

لكنه لم ينجح في تحقيق طموحه بأن يصبح رئيساً، رغم أنه أحدث مفاجأة في 21 أبريل (نيسان) 2002، عندما كان عمره 73 عاماً بتأهله للدورة الثانية من الانتخابات. وكان لهذا الانتصار جانب سلبي؛ فعلى مدار أسبوعين، شارك الملايين في مسيرة ضد العنصرية وتجسيدها السياسي، قبل إعادة انتخاب عدوه اللدود جاك شيراك بسهولة.

لم يُعبر الرجل المتصلب مطلقاً عن أي ندم على زلاته المتكررة، سواء كانت عن قصد أو عن غير قصد، والتي أدين بسببها أمام القضاء؛ بدءاً من عدم اعترافه بجسامة المحرقة اليهودية، وعدم المساواة بين الأعراق؛ مروراً بالتخفيف من شأن الاحتلال الألماني لفرنسا.

وبعد 22 عاماً، ففي حين فاز حزب «التجمع» الوطني في الانتخابات الأوروبية، أعطى قرار حل البرلمان الذي اتخذه الرئيس إيمانويل ماكرون ابنته مارين لوبن إمكانية انضمام اليمين المتطرف إلى السلطة، وهو حلم ظن أنه تحقق أخيراً، لكنّه تحطّم على صخرة «الجبهة الجمهورية».

كان جان ماري لوبن متزوجاً من بيريت لالان، والدة بناته ماري كارولين ويان ومارين، ثم تزوج مجدداً من جاني لوبن. ورأى سيباستيان شينو نائب رئيس الجبهة الوطنية أن «وفاة جان ماري لوبن يعني غياب شخصية وطنية عظيمة، صاحب رؤية وشجاع».

وحيّاه رئيس التجمع الوطني جوردان بارديلا لأنه «خدم فرنسا ودافع عن هويتها وسيادتها» عندما خدم في الجيش الفرنسي في «الهند الصينية» والجزائر، وعبّر «عن صوت الشعب في الجمعية الوطنية والبرلمان الأوروبي».

لكن زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلينشون كتب على منصة «إكس»: «إن احترام كرامة الموتى وحزن أحبائهم لا يحجب الحق في الحكم على أفعالهم. تظل أفعال جان ماري لوبن غير مقبولة. لقد انتهت المعركة ضد ذاك الرجل، لكن المعركة مستمرة ضد الكراهية والعنصرية وكراهية الإسلام ومعاداة السامية التي روَّج لها».

وقال رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو إن جان ماري لوبن، و«بعيداً عن الجدل الذي كان سلاحه المفضل والمواجهات حول الجوهر... عرفنا فيه شخصية المقاتل عندما واجهناه».