قلق جزائري من فقدان السيطرة على تنسيق عسكري في الساحل

بعد تسلم النيجر منظومة دفاع روسية بمدربين من ميليشيا «فاغنر»

اجتماع «لجنة العمليات المشتركة» التي تضم جيوش الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا (وزارة الدفاع الجزائرية)
اجتماع «لجنة العمليات المشتركة» التي تضم جيوش الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا (وزارة الدفاع الجزائرية)
TT

قلق جزائري من فقدان السيطرة على تنسيق عسكري في الساحل

اجتماع «لجنة العمليات المشتركة» التي تضم جيوش الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا (وزارة الدفاع الجزائرية)
اجتماع «لجنة العمليات المشتركة» التي تضم جيوش الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا (وزارة الدفاع الجزائرية)

أخذت الأوضاع في النيجر، منذ الانقلاب العسكري في 26 يوليو (تموز) الماضي، أبعاداً جديدة على نحو يزيد من قلق الجزائر وتحذيراتها من «تعاظم الوجود الأجنبي في منطقة الساحل» التي تعد عمق الجزائر الأفريقي وميداناً حساساً لأمنها القومي، ما أثار قلقاً جزائرياً من فقدان السيطرة على تنسيق عسكري في الساحل.

وكانت دولة مالي قد استعانت بقوى عسكرية أجنبية، لإنهاء العمل بـ«اتفاق السلام» الذي ترعاه الجزائر منذ 2015. وكتب المحلل السياسي الجزائري فيصل إزدارن، في حسابه بالإعلام الاجتماعي: «تستمر روسيا في محاولات بسط نفوذها في أفريقيا عبر إرسال فرق جماعة (فاغنر) إلى النيجر، وتزويدها بنظام مضاد للطائرات. يا ترى هل يشكل ذلك تهديداً أمنياً للجزائر؟»، وذلك في إشارة إلى وصول طائرة روسية كبيرة من نوع «إليوشين - 76» محملة بعتاد عسكري من الجيل الجديد إلى النيجر، ليل الأربعاء، مع مدربين عسكريين ينتمون لجماعة «فاغنر».

اجتماع عسكري بين النيجر وروسيا في نيامي نهاية 2023 (تلفزيون النيجر)

عسكري روسي ملثم

وبث تلفزيون «آر تي إن» الرسمي في النيجر، يوم الخميس، لقطات لطائرة شحن عسكرية وهي تفرغ عتاداً، بينما وقف أشخاص بزي عسكري بجانبها، وقال إن الأمر يتعلق بـ«اتفاق بين المجلس العسكري في النيجر والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتعزيز التعاون بين البلدين».

وأكد عسكري روسي ملثم، بدا أنه من مجموعة «فاغنر»، أنه حضر إلى النيجر لـ«تدريب الجيش المحلي ولتعزيز التعاون العسكري بين روسيا والنيجر»، مؤكداً أن القطعة العسكرية «متعددة التخصصات». وكان العسكري يتحدث وبجانبه رفيق له ملثم هو الآخر. وبحسب التلفزيون النيجري، «وافقت روسيا على تثبيت نظام مضاد للطائرات في النيجر»، بينما قال «تلفزيون الساحل» إن العتاد الروسي «سيمكن النيجر من نظام مضاد للطيران، يسمح له بمراقبة مجاله الجوي بشكل كامل».

وكان الحاكم العسكري في البلاد الجنرال عبد الرحمن تياني، قد صرَّح في 26 مارس (آذار) الماضي، أنه بحث مع الرئيس الروسي هاتفياً في «تعزيز التعاون الأمني بين نيامي وموسكو، بهدف مواجهة التهديدات»، وكان يتحدث ضمناً عن خطر الجماعات المسلحة.

تأمين وحدات عسكرية مناطق الحدود مع النيجر والجزائر (اللواء 128 المعزز)

تحالف مع «فاغنر»

يشار إلى أن الجزائر عبّرت عن قلقها من تحالف عسكر مالي مع «فاغنر»، في الهجوم على معاقل المعارضة المسلحة نهاية العام الماضي. ومهَّدت هذه العملية إلى إنهاء الوساطة الجزائرية في الصراع الداخلي.

وبعد هذا التطور اللافت في النيجر، يبدو ميدانياً أن السلطة العسكرية التي فرضت نفسها بعد الانقلاب على الرئيس محمد بازوم، تخلَّت عن الإطار الأمني والعسكري الذي يجمعها بجيرانها بالمنطقة، وهي «لجنة العمليات المشتركة»، التي تضم الجزائر والنيجر ومالي وموريتانيا، والتي عقدت آخر اجتماع لها في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 بالجزائر، حيث مقرها منذ إنشائها عام 2010. وتبع إطلاقها «لجنة استخبارات مشتركة» لجمع المعلومات وتحليلها، حول تحركات الجماعات الجهادية في الساحل.

وكانت مؤشرات الانفصال عن هذا التنسيق ظهرت في 2017، عندما أطلقت فرنسا تحالفاً عسكرياً موازياً خاصاً بمكافحة الإرهاب، يضم بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر. ورفضت الجزائر الانضمام إليه، لأنه يسحب منها الريادة في مجال قيادة جيرانها بخصوص مكافحة الإرهاب وكل المخاطر والتهديدات بالمنطقة. فهي ترى أن النيجر ومالي، بلدان يعانيان من فراغ مؤسساتي ومن فقدان قدرة الدولة على بسط نفوذها في كامل البلاد.

قادة جيوش الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا (الدفاع الجزائرية)

الجماعات المتطرفة

وعلى هذا الأساس ترى الجزائر أن حدودها مع البلدين باتت مرتعاً للجماعات المتطرفة وشبكات تجار السلاح والهجرة السرية وتجار المخدرات، علماً بأن الجزائر تمول مشروعات في الطاقة والزراعة والري والتكوين المهني، في بعض القرى الصحراوية في النيجر ومالي.

وشعرت الجزائر بأن الوضع في النيجر بدأ يفلت من يديها عندما رفض الانقلابيون وساطتها لحل الصراع مع الرئيس بازوم، بعد أيام قليلة من الانقلاب. حدث ذلك بعد أن أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية أن الحكام الجدد وافقوا على العرض، وأن وزير الخارجية أحمد عطاف كان يستعد للسفر إلى نيامي لبدء الاتصالات بين طرفي النزاع.

وتدهورت العلاقة بين البلدين بشكل لافت، الأسبوع الماضي، إثر احتجاج النيجر على «المعاملة غير الإنسانية» بحق رعاياه غير النظاميين، أثناء ترحيلهم من الجزائر.


مقالات ذات صلة

الجزائر: إضراب «إسلاميين» معتقلين عن الطعام لـ«تأخر» محاكمتهم

شمال افريقيا علي بن حاج قيادي «جبهة الإنقاذ» التي تم حلها (متداولة)

الجزائر: إضراب «إسلاميين» معتقلين عن الطعام لـ«تأخر» محاكمتهم

بدأ عدد من «الإسلاميين» في الجزائر إضراباً عن الطعام داخل سجنهم بعاصمة البلاد، احتجاجاً على طول مدة إقامتهم في الحبس الاحتياطي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيس تبون ونظيره الفرنسي (الرئاسة)

قرار جزائري يهدد العلاقات التجارية مع فرنسا

جمعية البنوك والمؤسسات المالية الجزائرية تُبلغ البنوك بإجراء جديد يتعلق بوقف معالجة عمليات الاستيراد والتصدير من وإلى فرنسا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عربية إيمان خليف وقعت ضحية جدل حول هويتها الجنسية منذ وصولها إلى باريس (رويترز)

الجزائرية إيمان خليف تتقدم بدعوى قضائية لمزاعم تسريب سجلات طبية

تقدمت الملاكمة الجزائرية ايمان خليف حاملة ذهبية وزن 66 كلغ في أولمبياد باريس الصيف الماضي بدعوى قضائية، الأربعاء، بسبب تقارير إعلامية عن سجلات طبية مسربة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا الرئيس تبون في اجتماع سابق لمجلس الوزراء (الرئاسة)

الجزائر: ترقب تشكيل حكومي جديد بعد عزل 10 محافظين

تترقب الأوساط السياسية والإعلامية في البلاد تشكيل حكومة جديدة مطلع عام 2025 في سياق فوز تبون بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الاقتصاد بنك الجزائر المركزي (الموقع الإلكتروني للبنك)

ارتفاع احتياطي الجزائر من النقد الأجنبي إلى 72 مليار دولار

أكد وزير المالية الجزائري ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي خارج الذهب 4 في المائة منتقلاً من 69 مليار دولار بنهاية 2023 إلى 72 ملياراً بنهاية العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

حمدوك يخشى «إبادة جماعية» في السودان على غرار رواندا

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
TT

حمدوك يخشى «إبادة جماعية» في السودان على غرار رواندا

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)

حذر رئيس وزراء السودان السابق، عبد الله حمدوك، من انزلاق الوضع في السودان إلى ما هو أسوأ من الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا في تسعينات القرن الماضي، مرجعاً ذلك إلى تعدد الجيوش وأمراء الحرب، وتحشيد وتجنيد المدنيين، وتنامي خطاب الكراهية والاصطفاف العرقي والجهوي

وأعرب حمدوك الذي يترأس تحالف «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، عن تخوفه من أن يتمزق السودان إلى كيانات كثيرة تصبح بؤراً جاذبة لجماعات التطرف والإرهاب.

وقالت «تنسيقية تقدم» في بيان، إن حمدوك شارك في الفترة من 3 إلى 6 نوفمبر (تشرين الثاني)، في اجتماع مجلس «مؤسسة مو إبراهيم»، التي تعنى بالحكم الرشيد في أفريقيا، الذي حضره عدد من الرؤساء الأفارقة والأوروبيين السابقين، إلى جانب مسؤولين من الاتحاد الأوروبي ومنظمات إقليمية ودولية.

وطالب حمدوك المجتمع الدولي باتخاذ تدابير وإجراءات عاجلة لحماية المدنيين.