مسلسل «جودر» يرفع سقف طموحات الأعمال التاريخية المصرية

أعاد المشاهدين لأجواء «ألف ليلة وليلة» الأسطورية

المشاهد الطبيعية الساحرة ميزت مسلسل «جودر» (صفحة المخرج على «فيسبوك»)
المشاهد الطبيعية الساحرة ميزت مسلسل «جودر» (صفحة المخرج على «فيسبوك»)
TT

مسلسل «جودر» يرفع سقف طموحات الأعمال التاريخية المصرية

المشاهد الطبيعية الساحرة ميزت مسلسل «جودر» (صفحة المخرج على «فيسبوك»)
المشاهد الطبيعية الساحرة ميزت مسلسل «جودر» (صفحة المخرج على «فيسبوك»)

لسنوات طويلة، كان يجمع مسلسل «ألف ليلة وليلة» الكثير من المصريين لمشاهدته بعد فوازير رمضان مباشرة، لكن توقف هذا الطقس الدرامي الرمضاني لسنوات عدة، إلى أن جاء مسلسل «جودر» الذي بدأ بثه في النصف الثاني من شهر رمضان الحالي، من بطولة ياسر جلال وتأليف أنور عبد المغيث وإخراج إسلام خيري، ليعيد المشاهدين إلى الأجواء الأسطورية لـ«ألف ليلة وليلة» كما اعتادها الجمهور المصري، تحديداً في الثمانينات والتسعينات.

شهد المسلسل إشادات كثيرة من نقاد وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، أدت إلى رفع سقف الطموحات في الأعمال الدرامية التاريخية التي تنتجها مصر، بعد ما ظهر في هذا العمل من اهتمام بعناصر شتى من قصة وسيناريو وحوار وأزياء وديكور وإضاءة وإخراج، وفق نقاد ومتابعين.

جاء ذلك بعد الإشادة بمسلسل «الحشاشين» التاريخي من بطولة كريم عبد العزيز وإخراج بيتر ميمي.

وذكر الروائي أسامة عبد الرؤوف الشاذلي على صفحته بمنصة «إكس» معلقاً على مشهد نشره من المسلسل «تحياتي للمخرج العبقري لمسلسل جودر»، مؤكداً أن هذا ليس مجرد «كادر» أو مشهد عادي وإنما «لوحة بديعة».

وكان مؤلف العمل أنور عبد المغيث قال في تصريحات سابقة إن «فريق العمل حاول توصيل أكثر من رسالة للجمهور، مثل الانتصار للبطل الشعبي، وإعادة المشاهدين للأجواء الأسطورية والفولكلورية لـ(ألف ليلة وليلة)».

أحد مشاهد مسلسل «جودر» (صفحة المخرج على «فيسبوك»)

أراد الناقد الفني المصري محمد مسعود، صاحب كتاب «أساطير الدراما»، أن يبدأ كلامه عن المسلسل بهذه الجملة: «المخرج إسلام خيري يعيد مجد فهمي عبد الحميد للتليفزيون المصري»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مسلسل (ألف ليلة وليلة) أنتج في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي عن طريق قطاع الإنتاج في التلفزيون المصري، وكان المتخصص في كتابة هذا المسلسل عبد السلام أمين وطاهر أبو فاشا، وكان من إخراج فهمي عبد الحميد».

وذكر أنهم «في ذلك التوقيت كانوا يواجهون مشاكل صعبة جداً، فمثلاً خلال تصوير حلقات فاطيما وكريمة وحليمة (ثلاث أخوات كانت تجسدهن الفنانة شيريهان) كانوا يجدون صعوبة كبيرة في جمع الثلاث شخصيات في كادر واحد حين تلتقي الأخوات الثلاثة، مشهد كهذا كان يستغرق 3 أيام تصوير».

وأشار مسعود إلى محاولات كثيرة لإعادة إنتاج «ألف ليلة وليلة»، «لكنها باءت بالفشل»، وفق قوله، مرجعاً ذلك إلى «فقر الكتابة، ثم قلة الإمكانات، وفارق الموهبة بين فهمي عبد الحميد وأي مخرج آخر»، وأضاف: «لقد فقدنا الأمل في استعادة هذا العمل الذي تربينا عليه واستقر في وجداننا إلى أن ظهر مسلسل (جودر) للنور، فحرك المياه الراكدة، وأعادنا إلى تلك الأجواء التي افتقدناها ورفع سقف طموحاتنا».

الإضاءة والأزياء شكلتا جزءاً من الرهان البصري في مسلسل «جودر» (صفحة المخرج على «فيسبوك»)

وذكر مؤلف العمل أن «الميزانية الكبيرة ظهرت في تجهيزات الديكور في 74 موقعاً، والموسيقى التصويرية والملابس والديكور والغرافيك».

وأشار الناقد الفني إلى أن «(الشركة المتحدة) رفعت الأحلام والطموحات لتكرار هذا المستوى كل سنة».

وقال إن «إسلام خيري أخرج العمل بشكل عظيم، وأن شركة (سينرجي) أنتجته وأتاحت له كل الإمكانات، حتى ياسر جلال كان مفاجأة لنا لأن الصورة الذهنية الراسخة لدينا عن (شهريار) أن من يقوم بدوره هو حسين فهمي، ولم نتخيله أبداً ملكاً أسمر».

عناصر الديكور والإضاءة لقيت إشادات من متابعي مسلسل «جودر» (صفحة المخرج على «فيسبوك»)

وحول مساعدة التقنيات الحديثة في نجاح العمل، قال مسعود: «يمكن أن تدخل التقنيات الحديثة في أي عمل ولا ينجح، فـ(الغرافيك) يمكن أن يكون بلا روح، لكن ما حدث في هذا المسلسل هو الخروج بكادرات رائعة جمعت بين التقنية والروح المصرية».

يذكر أن أحداث المسلسل تتكون من 30 حلقة يشاهدها الجمهور على جزأين يعرض نصفها خلال النصف الثاني من رمضان، والنصف الثاني من المسلسل سيتحدد عرضه بعد ذلك.


مقالات ذات صلة

​جمال سليمان: الدراما قادرة على تطييب جراح السوريين

يوميات الشرق لقطة من لقاء سليمان بـ«نقابة الصحفيين المصرية» (نقابة الصحفيين المصرية)

​جمال سليمان: الدراما قادرة على تطييب جراح السوريين

قال الفنان السوري جمال سليمان إن الدراما السورية لعبت دوراً كبيراً في فضح نظام بشار الأسد وإنها قادرة على تطييب جراح السوريين.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «مائة عام من العزلة» يستحق ابتسامة ماركيز... مسلسلٌ ضخم على هيئة حلم مدهش

«مائة عام من العزلة» يستحق ابتسامة ماركيز... مسلسلٌ ضخم على هيئة حلم مدهش

تختتم «نتفليكس» عامها بمسلسل من الطراز الرفيع يليق باسم الأديب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز ورائعتِه «مائة عام من العزلة».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق أبطال مسلسل «فقرة الساحر» (الشركة المنتجة)

دراما التشويق والإثارة للسيطرة على الشاشات والمنصات

تسيطر دراما التشويق والإثارة على المسلسلات الجديدة التي استقبلتها الشاشات والمنصات خلال الشهر الحالي؛ حيث طرحت دفعة جديدة من الأعمال بشكل متتالٍ عبر المنصات.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق بشير الديك مع أحمد زكي وحسين فهمي (حسابه على فيسبوك)

تفاقم الحالة الصحية للسيناريست المصري بشير الديك

أثارت دينا ابنة السينارسيت المصري المعروف بشير الديك حالة واسعة من القلق والجدل في الساعات الأخيرة بشأن صحة والدها.

رشا أحمد (القاهرة )

السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)
المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)
TT

السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)
المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)

فازت السينما المصرية بـ3 جوائز في ختام الدورة الـ35 لـ«أيام قرطاج السينمائية»، التي أقيمت مساء السبت على مسرح الأوبرا بتونس، إذ حصل الفيلم المصري القصير «أحلى من الأرض» للمخرج شريف البنداري على جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير، وحاز مدير التصوير مصطفى الكاشف على جائزة أفضل تصوير عن الفيلم الصومالي «القرية المجاورة للجنة»، فيما فاز المؤلف الموسيقي هاني عادل بجائزة أفضل موسيقى تصويرية عن الفيلم اللبناني «أرزة»، ومنحت لجنة تحكيم الأفلام الطويلة التي ترأسها المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد تنويهاً خاصاً لفيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» من إخراج خالد منصور.

يتناول الفيلم القصير «أحلى من الأرض» عالم الفتيات المغتربات من خلال قصة طالبة جامعية تقيم بدار للمغتربات بالقاهرة، وفي أحد الأيام تقدم شكوى ضد زميلتها المقيمة معها بالغرفة، ما يؤدي إلى تصاعد الأحداث على نحو غير متوقع؛ والفيلم من بطولة سارة شديد، وحنين سعيد، ونسمة البهي، وأحمد إسماعيل.

وحاز مدير التصوير الشاب مصطفى الكاشف - نجل المخرج الراحل رضوان الكاشف - على جائزة أفضل تصوير عن الفيلم الصومالي «القرية المجاورة للجنة»، وكان الفيلم قد شهد عرضه الأول بقسم «نظرة ما» في مهرجان «كان» خلال دورته الـ77، وهو من إخراج الصومالي محمد الهراوي.

وكان مصطفى الكاشف قد وصف العمل في هذا الفيلم بأنه من أكثر الأفلام صعوبة في تصويرها، وذكر في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» أنه قضى 4 أشهر بالصومال، وكانت معظم المشاهد تصور خارجياً في درجات حرارة مرتفعة للغاية، كما اخترقت الرمال الكثيفة معدات التصوير، وتم إصلاحها عدة مرات، مؤكداً أنه تحمس للفيلم لشغفه بالتجارب الفنية المختلفة.

وتُعد جائزة «أفضل موسيقى» التي حازها الفنان والمؤلف الموسيقي هاني عادل عن الفيلم اللبناني «أرزة» هي ثالث جائزة يحصل عليها الفيلم، بعد أن فاز بجائزتي «أفضل ممثلة» و«أفضل سيناريو» في مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45.

دياموند بو عبود تحمل جائزة زوجها المؤلف الموسيقي هاني عادل (إدارة المهرجان)

وصعدت بطلته الفنانة اللبنانية «دياموند بو عبود» على المسرح لتسلم جائزة زوجها الفنان هاني عادل، معبرة عن سعادتها بها لأنه بذل جهداً كبيراً بالفيلم، وسعادتها بالنجاح الذي حققه الفيلم في المهرجانات التي شارك بها.

وبعد مشاركته بمسابقة الأفلام الطويلة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي خلال دورته الرابعة وفوزه بجائزة لجنة التحكيم، حصل فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» على تنويه خاص من لجنة تحكيم قرطاج، وكان الفيلم قد حظي بإقبال كبير عند عرضه بكل من «البحر الأحمر» وقرطاج، ونفدت تذاكره بمجرد طرحها، وهو من بطولة عصام عمر، وركين سعد، وأحمد بهاء، وسماء إبراهيم.

المخرج خالد منصور يتسلم التنويه الخاص (إدارة المهرجان)

ويُعد «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» أول الأفلام الطويلة لمخرجه خالد منصور، الذي شارك في كتابته مع السيناريست محمد الحسيني، ومن إنتاج محمد حفظي، والناقدة رشا حسني في أول أعمالها بصفتها منتجة، وكان قد شهد عرضه الأول بمهرجان فينيسيا السينمائي، وتدور أحداث الفيلم من خلال حسن، الشاب الثلاثيني الذي يخوض رحلة لإنقاذ كلبه بعدما تورط في حادث خطير، ويواجه تهديدات تمس حياة الكلب صديقه الوحيد.

وعَدّ الناقد طارق الشناوي ما حققته الأفلام المصرية في «أيام قرطاج السينمائية» بأنها جوائز مستحقة، مؤكداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن موسيقى فيلم «أرزة» التي قدمها هاني عادل تستحق الجائزة لبراعتها في التعبير عن المواقف الدرامية بالفيلم، كما رأى أن مدير التصوير مصطفى الكاشف بات مطلوباً في أفلام عالمية، لافتاً إلى أنه يستحق تكريماً؛ كونه مدير تصوير شاباً لكننا لم نمنحه ما يستحق في ظل تحقيقه نجاحاً عالمياً.

ويلفت الناقد المصري، الذي حضر «أيام قرطاج»، إلى أن الفيلم الروائي القصير «أحلى من الأرض» للمخرج شريف البنداري الذي فاز بجائزة «التانيت الفضي» قد رفضت الرقابة في مصر التصريح بعرضه في الدورة الماضية من مهرجان «الجونة»، ويصف ذلك بـ«(الأمر الغريب)؛ إذ يُفترض أن يكون هامش الحرية في الأفلام القصيرة أكبر».

لقطة من الفيلم القصير «أحلى من الأرض» المُتوج بـ«التانيت الفضي» (إدارة المهرجان)

ويشير الشناوي إلى ملمح رصده بالمهرجانات الدولية يتمثل في تطابق جوائز الأفلام الطويلة بنسبة 90 في المائة بين مهرجاني «البحر الأحمر» وقرطاج؛ فقد تطابقت جائزتا «التانيت الذهبي» مع «اليسر الذهبي» وحصل عليها الفيلم «الذراري الحُمر» نفسه، كما حاز الفيلم الفلسطيني «إلى أرض مجهولة» على جائزتي «اليسر الفضي» و«التانيت الفضي»، وفاز فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان البحر الأحمر قبل حصوله على «تنويه في قرطاج»، مؤكداً أن ذلك يُعد شهادة للمهرجانين معاً، فهي تؤكد مصداقية جوائز البحر الأحمر، وانحياز لجنة تحكيم قرطاج برئاسة هاني أبو أسعد للأفضل حتى لو تطابقت نتائجه مع نتائج «البحر الأحمر».