«داعش» يتراجع في الريف الجنوبي للحسكة وفي ريف حلب

موسكو تقول إنها ساعدت النظام بفك حصار مطار كويرس واستعانت بمعارضين لقصف «النصرة»

«داعش» يتراجع في الريف الجنوبي للحسكة وفي ريف حلب
TT

«داعش» يتراجع في الريف الجنوبي للحسكة وفي ريف حلب

«داعش» يتراجع في الريف الجنوبي للحسكة وفي ريف حلب

سجلت الساعات القليلة الماضية في جبهات سوريا تراجعا لتنظيم داعش المتطرف على جبهتي ريف محافظة الحسكة الجنوبي وريف محافظة حلب الشرقي، حيث نجحت ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» على الجبهة الأولى في استعادة السيطرة على كامل منطقة البحيرة - الخاتونية الواقعة في شمال بلدة الهول بمساندة طائرات التحالف الدولي، في حين أفاد معارضون على الجبهة الثانية بدخول قوات النظام إلى مطار كويرس العسكري وانتقال المواجهات مع التنظيم إلى المناطق المحيطة به، بدعم من الطائرات الحربية الروسية.
وزارة الدفاع الروسية من جهتها أعلنت أن سلاح الجوي الروسي نفذ 85 طلعة وقصف 277 هدفا لـ«الإرهابيين» في أرياف حلب ودمشق واللاذقية وحماه وحمص وإدلب خلال اليومين الماضيين. وأفاد المتحدث باسم الوزارة اللواء إيغور كوناشينكوف في مؤتمر صحافي عقده في قاعدة حميميم الجوية في ريف محافظة اللاذقية على الساحل السوري بأن طائرة «سوخوي سو - 34» قصفت مستودعا كبيرا للذخيرة تابعًا لـ«جبهة النصرة» في محافظة حمص، ما أدى إلى تدميره، وقال إن ذلك تم على أساس المعلومات عن وجود هذا المستودع من المعارضة السورية. وكانت موسكو قد أعلنت في وقت سابق أن «مجموعة تنسيق لا يمكن الإفصاح عن أعضائها»، تابعة للمعارضة السورية، تعطي إحداثيات للطائرات الروسية لضرب مواقع لـ«إرهابيين»، وهو ما نفته المعارضة جملة وتفصيلاً.
ومما قاله كوناشينكوف أن طائرة «سوخوي سو - 24 إم» دمّرت 3 دبابات وعربتين مصفحتين، تابعة لتنظيم داعش في منطقة تقع على مسافة 45 كلم جنوب مدينة تدمر، وذلك بعد كشف هذه الأهداف بواسطة طائرة من دون طيار. وأشار إلى أن «الضربات الدقيقة» التي نفذها الطيران الحربي الروسي في سوريا خلال اليومين الأخيرين أدت إلى إحباط خطط من وصفهم بـ«الإرهابيين» لشن هجوم على حماه. وادعى أن «المعلومات في هذا الشأن جاءت من المعارضة السورية، وأكدتها كل من قيادة الجيش الحكومي السوري ومعلومات استطلاع جمعتها الطائرات الروسية من دون طيار».
من ناحية ثانية، نقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن وزارة الدفاع في موسكو أن سلاح الجو الروسي ساعد الجيش السوري على كسر حصار قاعدة كويرس العسكرية بمحافظة حلب. وأفاد مصدر عسكري قريب من نظام دمشق بأن الجيش يعمل على تأمين قاعدة كويرس الجوية في محافظة حلب، حيث يتعرض جنود وضباط لهجمات منذ عام 2013. وأشارت وكالة «رويترز» إلى أن التلفزيون الرسمي السوري بث لقطات على الهواء مباشرة من القاعدة الجوية، ظهر فيها مراسل منفعل وبدا عليه الإرهاق وهو يعلن النبأ، وأذاع أغنيات عن النصر ولقطات أرشيفية لتدريبات للجيش. وفي المقابل، ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن طليعة من قوات النظام وصلت إلى القاعدة الجوية وكسرت الحصار.
كان «مكتب أخبار سوريا» قد تحدث عن نجاح القوات النظامية، مساء يوم الثلاثاء، بفك الحصار المفروض على مطار كويرس منذ ثلاث سنوات، بعد نحو شهر من الاشتباكات مع تنظيم داعش. وأوضح المكتب أن «القوات النظامية، مدعومة بميليشيات أجنبية، تمكنت من الدخول إلى مطار كويرس، بعد سيطرتها على قريتي كويرس شرقي والشيخ أحمد، مستخدمة الأسلحة والآليات الثقيلة، بتغطية من الطيران الحربي النظامي والروسي»، لافتا إلى أن عناصر التنظيم المتطرف انسحبوا إلى مسافة تقارب كيلومترا واحدا عن المطار من الجهتين الشرقية والغربية، وسط استمرار الاشتباكات بين الطرفين، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة عشرات العناصر منهما».
وفي هذه الأثناء، نبّهت مصادر في المعارضة السورية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من أن سيطرة النظام على المطار «ستفتح له الطريق نحو شرق حلب حيث من المتوقع أن تحتدم المعارك قريبًا بعد تثبيت قواته وعودة طائراته للإقلاع من القاعدة الجوية الأهم في شمال سوريا»، ونقلت وسائل إعلام مقربة من النظام أنه استقدم تعزيزات إلى مطار كويرس، وأشارت إلى قيام طيران النظام بتنفيذ غارات على مواقع «داعش» في محيط المطار.
على صعيد آخر، في ريف الحسكة نجحت «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم من طيران التحالف الدولي بالسيطرة على كامل منطقة البحيرة - الخاتونية الواقعة في شمال بلدة الهول، التي تعد خط الدفاع الأول عن البلدة المذكورة والتي يسيطر عليها تنظيم داعش. وقال العقيد طلال سلو، المتحدث باسم «قوات سوريا الديمقراطية» - وهي قوة تعتبر نفسها من قوى المعارضة لكنها تركز على محاربة «داعش» بالتنسيق مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة - لـ«الشرق الأوسط» إنّه جرى في الساعات الماضية «تحرير البحيرة والخاتونية على مسافة 3 كلم من الهول، وقتل 45 من الإرهابيين، والسيطرة على 50 قرية في المنطقة على مساحة 160 كلم». ووصف الوضع الميداني بـ«الممتاز»، مدعيًا أن عناصر «داعش» يهربون من المناطق حيث تحتدم المعارك. كذلك نشرت «قوات سوريا الديمقراطية» على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أنّ المعارك أدت إلى مقتل العشرات من مقاتلي التنظيم وسيطرتها على قرية الخاتونية «بشكل كامل»، من دون أن تذكر الخسائر التي لحقت بصفوفها.
ومن جهته، أفاد «مكتب أخبار سوريا» بأن الطيران الحربي التابع للتحالف الدولي شن 25 غارة على الأقل استهدفت قريتي الخاتونية والبحيرة الخاضعتين لسيطرة تنظيم داعش بريف الحسكة الشرقي، بالتزامن مع اشتباكات بين «قوات سوريا الديمقراطية» وعناصر التنظيم في محاولة الأولى التقدم والسيطرة على بلدة الهول المجاورة. أما الناشط الإعلامي المعارض محمد الحسن، من ريف محافظة الحسكة، فأفاد بأن اشتباكات «عنيفة» تدور على أطراف قرية الخاتونية بين عناصر التنظيم من جهة، و«قوات سوريا الديمقراطية» مدعومة من طيران التحالف الدولي وقوات تابعة للبيشمركة العراقية وميليشيات إيزيدية من جهة الحدود العراقية بهدف السيطرة على بلدة الهول، وتابع أن التنظيم تراجع جراء المعارك.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.