في وقت كشف فيه مصدر في تحقيقات الطائرة الروسية المنكوبة لـ«الشرق الأوسط» عن خيوط جديدة بشأن إصابة محرك الطائرة بخلل قبل انفجارها وعلى متنها 224 شخصا فوق سيناء يوم 31 الشهر الماضي، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال زيارة مفاجئة قام بها أمس إلى منتجع شرم الشيخ، إلى عدم استباق نتائج التحقيقات.
وتتعارض فرضيات المحققين المصريين في شرم الشيخ، عن المتسبب في سقوط الطائرة، مع التسريبات الاستخباراتية الغربية التي تقول إن تنظيم داعش استغل ضعف تأمين مطار شرم الشيخ وزرع قنبلة في أمتعة الركاب. وقامت حكومات أجنبية منها بريطانيا وروسيا بتسيير طائرات لإجلاء آلاف من رعاياها من شرم الشيخ ما ينذر بكارثة اقتصادية للمدينة ذات الطابع السياحي.
وبينما كانت الحياة في الشوارع المحيطة بمطار شرم الشيخ تمضي كالمعتاد، وكان عدة مئات من السياح الأجانب يستعدون للمغادرة من بوابات السفر، حطت طائرة الرئيس السيسي في مطار شرم الشيخ أثناء عودته من المشاركة في القمة العربية مع دول أميركا اللاتينية عقب ختامها في العاصمة السعودية الرياض. وقال السيسي وهو يقف وسط مجموعة من السياح ورجال الأمن والصحافيين والعاملين في المطار: «أدعو إلى عدم استباق نتيجة التحقيقات». وأضاف أن استباق التحقيقات لم يكن في مصلحة الجميع.
وبينما أخذ عدد من السياح الأجانب يصافحون الرئيس المصري ويلتقطون معه «صور سلفي»، قال مسؤول في محافظة جنوب سيناء، التي تضم عدة مدن سياحية منها شرم الشيخ والغردقة ودهب، إن هدف زيارة السيسي إلى مطار شرم الشيخ هو طمأنة الناس في داخل البلاد وخارجها، مشيرا إلى أن الرئيس طلب طمأنة المستثمرين من أصحاب المشروعات السياحية في شرم الشيخ والغردقة، وأن الدولة لن تتخلى عنهم ولا عن العاملين في مشروعاتهم «في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد عامة، والاستثمارات والمشروعات التي تعتمد على السياحة الأجنبية في جنوب سيناء بوجه خاص».
وتجول الرئيس السيسي في صالات السفر وسط زغاريد ترحيب من موظفات مصريات داخل المطار، ثم توقف أمام البوابة الثالثة، وقال ردا على أسئلة الصحافيين، إن مصر رحبت خلال الشهور الماضية بكل الدول التي طلبت إرسال متخصصين للاشتراك في مراجعة إجراءات تأمين المطارات المصرية، مشيرا إلى أن مصر من جانبها تقوم بالمراجعات الدورية على مطار شرم الشيخ وعلى جميع المطارات الأخرى.
وفي إشارة إلى التسريبات التي نشرتها صحف غربية نقلا عما قالت إنه مصادر استخباراتية عن ضلوع تنظيم داعش المتطرف النشط في شمال سيناء في تفجير الطائرة المنكوبة، قال السيسي: «سنعلن نتائج التحقيقات حين تنتهي. وكنت أتمنى ألا نستبق التحقيقات». وأضاف أن استباق التحقيقات «لم يكن في مصلحة الجميع»، مشيرا إلى وجود «ضغوط كبيرة» على مصر. وقال إن «أهل الشر يحاولون عرقلة كل النجاح الذي حققته مصر في المرحلة الأخيرة».
وتحدث السيسي عن ضرورة الاستمرار في الاصطفاف الشعبي في البلاد، لمواجهة التحديات، وقال: «اصطفافنا هو الذي سيواجه هذا. والشعب أثبت قدرة غير طبيعية على مواجهة التحديات والصمود». وأضاف: «أقول للمصريين الضغوط لن تنتهي على مصر لأنها، أي مصر، تريد أن تنجح، وكلما نجحنا كلما زادت الضغوط». ودعا الرئيس المصري الشباب والمرأة والأسرة المصرية ورجال الأعمال للوقوف مع بلادهم، مشيرا إلى أن زيارته أمس رسالة للمستثمرين في شرم الشيخ وفي الغردقة. وأكد قائلا: «نحن ندعمهم وسنساندهم. وأقول للمصريين: لن تنطفئ أنوار شرم الشيخ والغردقة. هذا القطاع (السياحي) مستمر وسندعمه، ليس من الحكومة والدولة فقط، ولكن من كل المصريين».
وفي وقت وقوع كارثة الطائرة، كان يوجد في المدن السياحية في محافظة جنوب سيناء نحو ربع مليون سائح أجنبي وعربي يضخون فيها ملايين الدولارات، بينما يصل إجمالي العدد السنوي للسياح الذين يفدون لعموم البلاد، بما فيها المدن ذات الطابع الأثري، إلى نحو عشرة ملايين سائح سنويا. ويقول مسؤولون بالمحافظة إن أكثر من سبعين في المائة من سياح شرم الشيخ والغردقة غادروا إلى بلادهم بناء على تداعيات حادث الطائرة و«حال الهلع التي تسببت فيها حكومات بلادهم».
وشدد السيسي مجددا على أن بلاده لا تتعجل ولا تريد استباق الأمور بشأن سبب الحادث، بينما التحقيقات لم تنته بعد من الجهات المختصة. وقال: «لن نخبئ شيئا.. نحن حريصون على أن يأتي الزوار لنا بسلام وأن يغادروا بسلام». وأضاف أن «مصر آمنة ومستقرة وسالمة. نحن نبذل كل جهد للحفاظ على السياح. ومرحب بكل من يأتي إلى مصر».
وتحدث السيسي مع سياح إنجليز وروس ومن جنسيات أوروبية وعربية أخرى ممن كانوا في صالة المغادرين في الطابق الأرضي من المطار. وقال سائح روسي اسمه بلاكوفيتش: «شعرت بالفخر وأنا أصافح الرئيس. والتقطت معه أنا وزوجتي صورة سلفي. عائلتنا في موسكو لن تصدق هذا». وقال سائح إنجليزي من لندن يدعى ديفيد: «سلمت على الرئيس وقلت له إنني لم أكن أريد المغادرة.. قلت له أشعر بالأمان هنا». وأضافت زوجة السائح: «لم أكن أتوقع مقابلة الرئيس في المطار. أنا مسرورة للغاية».
وتعليقا على زيارة السيسي لشرم الشيخ، أصدر المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، السفير علاء يوسف، أمس بيانا قال فيه إن الرئيس اطلع من المسؤولين في مطار شرم الشيخ على الإجراءات المتبعة لتطبيق كل المعايير الأمنية وفقًا لما هو معمول به دوليًا، مؤكدًا على قيام السلطات المصرية بالمتابعة الدورية والمستمرة للإجراءات التي يتم تطبيقها بما يضمن سلامة وأمن حركة السفر والمسافرين. وأضاف أن الرئيس أكد أن مصر عازمة على تعزيز الإجراءات الأمنية من أجل توفير أقصى معايير الأمن والأمان للسائحين ولزوار مدينة شرم الشيخ، مشيرا إلى ترحيب مصر بالتعاون مع كل الجهات المعنية بالدول ذات الصلة، واعتزامها إعلان نتائج التحقيقات عقب الانتهاء منها بكل شفافية ووضوح.
وذكر السفير يوسف أن الرئيس وجه كلمة إلى رجال الأعمال المصريين أكد فيها أنه لا مساس بأعمال واستثمارات القطاع الخاص، وأن ما يشاع من أقاويل تخالف ذلك إنما هو أمر عارٍ تمامًا عن الصحة، وأكد أن القانون هو الإطار الحاكم والمنظم للجميع وللعلاقة بين الدولة وبين رجال الأعمال، مشددا على عدم قبوله أية إساءة لأحد.
وفي الجانب الآخر من المطار، حيث وقفت ثلاث سيارات دبلوماسية خاصة بموظفين إنجليز وروس، كشف مصدر مصري مقرب من التحقيقات الحالية عن سبب سقوط الطائرة، عن خيوط جديدة تتعلق بمزاعم لمسؤولي صيانة التقوا مع الطيار ومساعده قبل إقلاعها بفترة وجيزة. وقال المصدر إن الطيار ومساعده يبدو أنهم، وفقا لإفادة من هؤلاء المسؤولين، لم يكونوا مطمئنين لحالة الطائرة، بسبب وجود مشكلات في أحد محركاتها. ورفض المصدر إعطاء مزيد من الإفادات عن نوع مشكلات المحرك وما إذا كانت تتعلق بالمشكلة القديمة التي يعاني منها ذيل الطائرة.
ويتنقل بعض الموظفين الإنجليز الذين وصلوا إلى شرم الشيخ في سيارات دبلوماسية تابعة لـ«الأمم المتحدة»، بينما يستخدم الموظفون الروس سيارات تحمل لوحات السفارة الروسية في القاهرة. ونشرت صحف غربية على نطاق واسع ترجيحات من مصادر قالت إنها استخبارية ومن محققين دوليين، عن فرضية دس تنظيم داعش لقنبلة داخل أمتعة الركاب لتفجير الطائرة وهي على ارتفاع نحو 30 ألف قدم، وذلك بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ بنحو ثلث ساعة وهي متجهة إلى روسيا.
وبعد ساعات من وقوع الحادث أعلن الفرع المصري لـ«داعش» مسؤوليته عن تحطم الطائرة دون أن يفصح عن الطريقة التي استخدمها في تنفيذ العملية. لكن المحققين المصريين يضعون الكثير من الفرضيات الأخرى من بينها الفرضية التي جرى الكشف عنها أمس، وتتعلق بحالة الطائرة قبل إقلاعها. ويفحص المحققون مزاعم تقول إن الطائرة المنكوبة اضطرت في الصيف الماضي للعودة لمطار شرم الشيخ بعد الإقلاع منه بنحو عشرين دقيقة، و«نفذت هبوطا اضطراريا في ذلك الوقت بسبب مشكلة في المحرك؛ مما أصاب الركاب الذين كانوا على متنها بالفزع».
ووفقا للمصدر المقرب من التحقيقات، فإنه يجري في الوقت الحالي استجواب مهندسي صيانة مصريين في المطار عن حقيقة تأجيل الطائرة لرحلة من رحلاتها من شرم الشيخ لمدة يومين بسبب مشكلة في المحرك أيضا، وذلك قبل وقوع الكارثة الأخيرة بنحو ثمانين يوما». ويضاف إلى كل هذا «المشكلة المعروفة التي تتعلق بذيل الطائرة منذ اصطدامه في عام 2001 بالمدرج أثناء هبوطها في مطار القاهرة». وقال المصدر: «يبدو أن الطيار ومساعده لم يكونا راضيين عن حالة الطائرة، وكانا يريدان تأخير الرحلة أو تأجيلها ليوم أو يومين لحين فحص المحرك وصيانته «لكن لا يمكن الجزم بأي شيء حتى الآن. ولا بد من انتظار التحقيقات حتى نهايتها، ووضع كل الاحتمالات في الاعتبار».
السيسي يدعو لعدم استباق نتائج تحقيقات الطائرة المنكوبة.. والسياح يلتقطون معه «صور سلفي»
مصدر في التحقيقات لـ {الشرق الأوسط}: خيوط جديدة عن خلل في المحرك قبل انفجارها فوق سيناء
السيسي يدعو لعدم استباق نتائج تحقيقات الطائرة المنكوبة.. والسياح يلتقطون معه «صور سلفي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة