غوتيريش يطالب بـ«تحقيقات مستقلة» بمقتل العاملين الإنسانيين في غزة

مجلس الأمن لتنفيذ قراراته حول «وقف النار فوراً» وتوصيل المساعدات «بلا عوائق»

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال مؤتمر صحافي في المقر الرئيسي للمنظمة الدولية (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال مؤتمر صحافي في المقر الرئيسي للمنظمة الدولية (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش يطالب بـ«تحقيقات مستقلة» بمقتل العاملين الإنسانيين في غزة

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال مؤتمر صحافي في المقر الرئيسي للمنظمة الدولية (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال مؤتمر صحافي في المقر الرئيسي للمنظمة الدولية (أ.ف.ب)

طالب الأمين العام لـ«الأمم المتحدة» أنطونيو غوتيريش بإجراء «تحقيقات مستقلة» في مقتل «كل واحد» من جميع العاملين الإنسانيين الـ196 الذي قتلوا في غزة على أيدي القوات الإسرائيلية، وليس العاملين السبعة من «المطبخ المركزي العالمي» فقط. وترددت هذه المطالبة بين أعضاء مجلس الأمن الذين دعوا أيضاً إلى «الوقف الفوري للنار» والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية بلا عوائق إلى الفلسطينيين في القطاع.

وتوحي تصريحات غوتيريش هذه بأن ما أعلنته إسرائيل من نتائج لتحقيقات جيشها غير كافية.

وقبيل الاجتماع الذي عقده مجلس الأمن بطلب من الجزائر وسلوفينيا وغويانا، جدّد غوتيريش، بمناسبة مضي 6 أشهر على ما سماه «الهجمات الإرهابية البغيضة» التي نفذتها «حماس» ضد إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، «تنديده الشديد باستخدام العنف الجنسي، والتعذيب، وإصابة المدنيين واختطافهم، وإطلاق الصواريخ على أهداف مدنية، واستخدام الدروع البشرية». ودعا إلى «الإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن الذين لا يزالون محتجزين لدى (حماس) والجماعات المسلحة الأخرى».

وتحدث غوتيريش عن الحملة العسكرية الإسرائيلية التي أدت حتى الآن إلى مقتل أكثر من 32 ألف شخص وإصابة أكثر من 75 ألفاً آخرين، غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال، فقال إن «احترام القانون الإنساني الدولي أضحى في حالة يرثى لها»، واصفاً المعاناة في غزة بأنها «لا مثيل لها على الإطلاق»، مضيفاً أنه «عندما تغلق أبواب المساعدات، تفتح أبواب المجاعة». وأكد أن أكثر من مليون من الفلسطينيين في القطاع «يواجهون الآن جوعاً كارثياً»، مشدداً على أنه «لا شيء يمكن أن يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني». وإذ عبّر عن «القلق البالغ من التقارير التي تفيد أن حملة القصف العسكري الإسرائيلي تستخدم الذكاء الاصطناعي كأداة في تحديد الأهداف»، قال إنه «لا ينبغي تفويض أي جزء من قرارات الحياة والموت التي تؤثر على عائلات بأسرها إلى الحسابات الباردة للخوارزميات».

تحقيقات وإصلاحات

فلسطينيون يتفقدون سيارة تحمل شعار «المطبخ المركزي العالمي» دمرتها غارة إسرائيلية في دير البلح بقطاع غزة (أ.ب)

وأشار كبير الموظفين الدوليين إلى مقتل نحو 196 من العاملين في مجال المساعدات الإنسانية، بما في ذلك أكثر من 175 من الموظفين الأمميين، ولا سيما موظفي وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، وتشغيلهم في الشرق الأدنى «الأونروا»، التي عدّها «العمود الفقري لجميع جهود الإغاثة في غزة»، فضلاً عن آخرين من منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة «أطباء بلا حدود» و«الهلال الأحمر»، وأخيراً مؤسسة «المطبخ المركزي العالمي» الذي خسر 7 من العاملين لديها. وإذ لاحظ أن الحكومة الإسرائيلية «اعترفت بأخطائها» حيال مقتل هؤلاء السبعة، أكد أن «المشكلة الأساسية ليست من ارتكب الأخطاء، بل في الإجراءات العسكرية المعمول بها التي تسمح بتضاعف تلك الأخطاء مراراً وتكراراً»، مضيفاً أن «إصلاح هذه الإخفاقات يتطلب إجراء تحقيقات مستقلة وإحداث تغيير حقيقي على أرض الواقع».

وكذلك، أكد غوتيريش أن «الظروف الإنسانية المأسوية تتطلب قفزة نوعية في تقديم المساعدات المنقذة للحياة»، مكرراً نداءاته من أجل «وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن، وحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية من دون عوائق»، بدءاً بتنفيذ قرارات مجلس الأمن 2712 و2720 و2728.

ورداً على سؤال عن طبيعة «التحقيقات المستقلة» التي يدعو إليها، أجاب غوتيريش أنه «يتعين على حكومة إسرائيل أن تقبل إمكانية إجراء هذا التحقيق المستقل، لأن التحقيق لا يمكن أن يحصل إلا بالتعاون مع السلطات الإسرائيلية»، مضيفاً أن «المسألة لا تتعلق بهذا الحادث المحدد. هناك 196 من العاملين في المجال الإنساني قتلوا، ونريد أن نعرف لماذا قُتل كل واحد منهم».

الميثاق الأممي

وعما إذا كانت قرارات مجلس الأمن ملزمة، دعا غوتيريش إلى قراءة المادة 25 من ميثاق «الأمم المتحدة» التي تنص على الآتي: «يوافق أعضاء (الأمم المتحدة) على قبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفقاً لهذا الميثاق».

وخلال جلسة مجلس الأمن المخصصة لمناقشة خطر المجاعة واستهداف المنظمات الإنسانية، عدّ مدير مكتب «الأمم المتحدة» لتنسيق المعونة الطارئة، راميش راجاسينغهام، أن «إحدى المآسي القاسية» لذكرى مضي 6 أشهر على هجمات «حماس» هي أنها «لا تمثل نهاية للموت والدمار والمعاناة الإنسانية خلال الأشهر الستة الماضية»، مذكراً بالأمر المؤقت الصادر عن محكمة العدل الدولية، واعتراف مجلس الأمن بالحاجة إلى توسيع تدفق المساعدات إلى غزة وداخلها، قائلاً: «يحتاج شعب غزة إلى الامتثال الكامل للقانون الإنساني الدولي وأوامر محكمة العدل الدولية. إنهم بحاجة إلى الامتثال لقرارات هذا المجلس، وهم بحاجة أكثر من أي شيء آخر إلى إنهاء هذه الحرب المدمرة».

هزة أرضية

وخلال كلمة رئيسة منظمة «أنقذوا الأطفال» الأميركية، جانتي سوريبتو، شعر أعضاء مجلس الأمن بهزة أرضية بقوة 4.8 درجة على مقياس ريختر ضربت نيويورك ونيوجرسي (أفادت المراصد الأميركية أن مركزها قرب بلدة ليبانون في نيوجرسي). ولم تتأثر مجريات الجلسة بهذه الهزة.


مقالات ذات صلة

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

يخيّم شبح هجوم إسرائيلي واسع على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شن ضربات جوية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
TT

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي المقررة الاثنين من أي بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية المحتملة على العراق، أفادت مصادر برلمانية بأن الجلسة ستشهد مناقشة هذا الموضوع في جلسة سرية.

وتسود الأوساط الرسمية والشعبية العراقية مخاوف متزايدة من احتمال وقوع الضربة في أي لحظة، وسط تداول واسع لعشرات الأهداف المحتملة للقصف، ويتبع معظمها فصائل مسلحة، بما في ذلك محطات فضائية مملوكة لهذه الفصائل.

وفي ظل غياب موقف رسمي حكومي واضح حيال التهديدات الإسرائيلية، خاصة بعد المذكرة التي وجهتها إسرائيل إلى الأمم المتحدة والتي تضمنت شكوى ضد العراق، هي الأولى منذ قصف مفاعل «تموز» العراقي عام 1981 خلال الحرب العراقية - الإيرانية؛ صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بأن التهديدات الإسرائيلية أصبحت أكثر جدية من أي وقت مضى.

البرلمان العراقي الذي استأنف فصله التشريعي قبل أسبوعين عقب انتخاب رئيس جديد له، فشل في عقد جلسة بسبب الخلافات حول ما يُعرف بـ«القوانين الجدلية»، مثل قانون الأحوال الشخصية، وقانون العفو العام، وقضية عائدية العقارات إلى أصحابها الأصليين. إلا أن تصاعد مخاطر التهديدات الإسرائيلية ضد العراق دفع البرلمان إلى عقد جلسة يوم الاثنين، تضمنت بنوداً عادية دون التطرق إلى القوانين الخلافية.

وفي حين لم تتضح بعد طبيعة النقاشات التي سيجريها البرلمان، أو ما إذا كانت ستُتخذ قرارات محددة، أكدت رئاسة البرلمان أن أي قرارات تصدر ستكون داعمة لجهود الحكومة.

صمت على جبهة الفصائل

في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اتخاذ قرارات صارمة لحفظ سيادة البلاد، التزمت الفصائل المسلحة الموالية لإيران الصمت منذ أيام. وكان السوداني، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، قد أصدر أوامر صارمة بشأن التعامل مع أي ضربات صاروخية قد تنفذها الفصائل المسلحة التي دأبت على توجيه ضربات من الأراضي العراقية نحو إسرائيل.

ووفقاً لتعليمات السوداني، فإن مسؤولية إطلاق أي صاروخ تقع على عاتق القطعات العسكرية الماسكة للأرض، والتي ستتحمل تبعات ذلك.

وبينما يسود الصمت جبهة الفصائل المسلحة، تشير الأوساط السياسية العراقية إلى أن هذا الصمت يأتي بناء على أوامر إيرانية بالتزام الهدوء، خاصة بعدما وضعت إسرائيل إيران على قائمة أهدافها المحتملة في المستقبل القريب، رغم إشارات السلام التي بدأ كبار المسؤولين الإيرانيين بإصدارها.

وقال الباحث في الشأن السياسي الدكتور سيف السعدي لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار الحرب والسلم يجب أن يُتخذ ضمن المؤسسات الدستورية وفق المادة (61) من الدستور، عبر تقديم طلب من رئيس مجلس الوزراء وتصويت أغلبية أعضاء البرلمان ومصادقة رئيس الجمهورية، وبالتالي إعلان حالة الطوارئ».

وأضاف السعدي أن «الخطورة تكمن في أن الفصائل المسلحة غير مكترثة بتحذيرات رئيس الوزراء، وسيؤدي ذلك إلى تداعيات خطيرة على المدى المنظور، منها قد تكون اغتيالات لشخصيات ومعسكرات ومقرات تابعة لفصائل المقاومة».

وتوقع السعدي أن «يشهد العراق عمليات إسرائيلية قبل نهاية العام؛ مما قد يعقّد الوضع، خاصة أن العراق يقع في محيط إقليمي حساس وملتهب؛ مما سيؤدي إلى ارتدادات كبيرة داخل النظام السياسي العراقي».

وفيما يتعلق باتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بحماية النظام السياسي العراقي، أوضح السعدي أن «الاتفاقية تهدف إلى الحفاظ على النظام السياسي وحماية مؤسسات الدولة والديمقراطية في العراق. ومن منظور الولايات المتحدة، تُعتبر الفصائل المسلحة خارج المؤسسات الرسمية؛ مما قد يوفر لإسرائيل مبرراً لضرب العراق بزعم أنها تدافع عن نفسها».

والجدير بالذكر أن فصائل «المقاومة» قد استهدفت إسرائيل خلال شهرَي أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بأكثر من مائة هجوم بالصواريخ والطائرات المسيّرة؛ مما دفع الولايات المتحدة للتدخل عدة مرات للوساطة مع الحكومة العراقية بهدف منع الفصائل من توجيه ضربات أخرى إلى إسرائيل.