غروندبرغ يستجلب دعم موسكو... والعليمي يرتّب علاقة السلطات

واشنطن دمرت 4 مسيّرات والحوثي تبنّى قصف 86 سفينة

تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين باستغلال الحرب على غزة خدمة لأجندة إيران (رويترز)
تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين باستغلال الحرب على غزة خدمة لأجندة إيران (رويترز)
TT

غروندبرغ يستجلب دعم موسكو... والعليمي يرتّب علاقة السلطات

تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين باستغلال الحرب على غزة خدمة لأجندة إيران (رويترز)
تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين باستغلال الحرب على غزة خدمة لأجندة إيران (رويترز)

ضمن مستجدات الهجمات الحوثية البحرية المتصاعدة والضربات الغربية الوقائية، أعلنت واشنطن، الجمعة، تدمير 4 مسيرات فوق البحر الأحمر، بينما تبنّى زعيم الجماعة الموالية لإيران عبد الملك الحوثي مهاجمة 86 سفينة منذ بدء التصعيد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

جاء ذلك في وقت أنهى فيه المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، زيارة إلى موسكو لاستجلاب دعمها لخطته الرامية إلى إحلال السلام في اليمن، حيث يتخوف من عودة القتال بين قوات الحكومة والجماعة الحوثية.

هذه التطورات واكبها تشديد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي على استكمال الإصلاحات بالمؤسسات والانسجام بين السلطات المركزية والمحلية، وذلك خلال اجتماع مشترك للحكومة والمحافظين.

وأفاد غروندبرغ، في بيان وزعه مكتبه، بأنه أنهى، الجمعة، زيارة إلى موسكو أجرى خلالها مباحثات مع كبار المسؤولين، والتقى نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين ونائب وزير الخارجية والمبعوث الروسي الخاص للشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف.

وبحسب البيان، استعرض المبعوث الجهود الأخيرة المبذولة لدعم الأطراف للتوصل إلى اتفاق بشأن خريطة طريق ولتنفيذ التزاماتهم بوقف إطلاق النار، وتدابير لتحسين الظروف المعيشية في اليمن، واستئناف عملية سياسية جامعة برعاية الأمم المتحدة.

وفي حين أوضح البيان أن المناقشات تناولت التطورات الأخيرة في اليمن والمنطقة وتأثيرها على تقدم جهود السلام، أعرب غروندبرغ عن تقديره لوحدة مجلس الأمن في دعم جهود السلام في اليمن، وشدد كذلك على أهمية استمرار الدعم المتضافر من المجتمع الدولي لتيسير التوصل إلى حل سلمي للأزمة اليمنية.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

وكان المبعوث الأممي إلى اليمن قد أنهى زيارة إلى الرياض ثم إلى مسقط وقبلها أجرى لقاءات مع المسؤولين الأمريكيين عقب إدلائه بإحاطته أمام مجلس الأمن، حيث لم يخفِ مخاوفه من انهيار مساعي السلام وعودة القتال.

هجمات بحرية

أعلن الجيش الأميركي، الجمعة، تصديه لأربع طائرات حوثية دون طيار وتدميرها فوق البحر الأحمر، بينما أكد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي الاستمرار في الهجمات التي يزعم أنها من أجل مناصرة الفلسطينيين في غزة.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية، في بيان على منصة «إكس»، أنه «بين الساعة 6:00 و10:56 مساءً (بتوقيت صنعاء) في 28 مارس (آذار)، ولليوم الثاني على التوالي، نجحت القوات في الاشتباك وتدمير 4 طائرات من دون طيار أطلقها الإرهابيون الحوثيون المدعومون من إيران».

وأضاف البيان أن هذه الطائرات من دون طيار كانت تستهدف سفينة تابعة للتحالف وسفينة حربية أميركية كانت تشارك في الدفاع عن النفس فوق البحر الأحمر، مؤكداً أنه لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار.

وطبقاً للبيان، تقرر أن هذه الأسلحة تمثل تهديداً وشيكاً للسفن التجارية وسفن البحرية الأميركية في المنطقة، حيث يتم اتخاذ هذه الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

من جهته، تبنى زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في خطبة مساء الخميس، مهاجمة 86 سفينة، من بدء التصعيد، وادعى أن جماعته نفّذت خلال أسبوع 10 هجمات ضد 9 سفن واستخدمت خلالها 37 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر هجوم حوثي (أ.ف.ب)

أُصيبت 16 سفينة على الأقل، خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها حتى الآن، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما تسبب هجوم صاروخي حوثي في السادس من مارس الحالي في مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمّته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض.

ويشارك الاتحاد الأوروبي - من جهته – في التصدي للهجمات عبر مهمة «أسبيدس»، التي أطلقها في منتصف فبراير الماضي، وتشارك فيها فرنسا وألمانيا وهولندا وإيطاليا واليونان، دون شنّ ضربات على الأرض، كما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفذت مئات الغارات على الأرض؛ أملاً في تحجيم قدرات الحوثيين العسكرية أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

وتأمل واشنطن أن تقود جهودها إلى تحجيم قدرة الجماعة الحوثية وحماية السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، حيث تشن الجماعة هجماتها منذ 19 نوفمبر وهدّدت بتوسيعها إلى المحيط الهندي في سياق مزاعمها بأنها تساند الفلسطينيين في غزة من خلال منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

تنظيم السلطات

في سياق السعي لاستكمال إصلاح المؤسسات اليمنية وإعادة بنائها، عُقد في عدن اجتماع مشترك بين الحكومة المركزية وقيادات السلطة المحلية، ترأسه رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي، وبحضور رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك.

وقال العليمي إنه يأمل أن يكون الاجتماع «محطة تحول نحو العمل الجماعي وتشارك المسؤوليات والإدارة الرشيدة للموارد والخدمات في ظل الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد تحت ضغط التوقف المستمر للصادرات النفطية والتداعيات الكارثية للهجمات الإرهابية الحوثية على سفن الشحن البحري، والتجارة الدولية».

رئيس مجلس القيادة اليمني مجتمعاً في عدن مع الحكومة وقيادات السلطة المحلية (سبأ)

وأضاف: «أكدنا لمختلف السلطات والفعاليات أنه لا يمكن أن يكون هناك نجاح إلا بالتوافق والعمل بروح الفريق الواحد وفي المقدمة السلطة التنفيذية التي تمثلونها أنتم في هذا الاجتماع».

وشدد رئيس مجلس الحكم اليمني على أن الانسجام بين جميع السلطات هو مسار حتمي من أجل مواجهة التحديات وتعزيز الجبهة الداخلية لحماية المكاسب المحققة، وإحداث نقلة متقدمة في المعركة ضد قوى الانقلاب والإرهاب بوصفه أولوية جماعية.

وتطرق العليمي - بحسب ما أورده الإعلام الرسمي - إلى أهمية تعزيز التواصل بين مختلف مكونات السلطة، وجسر الفجوة بين المؤسسات المركزية والمحلية، الناجمة عن استمرار حرب الميليشيات الحوثية وتداعياتها الكارثية على موارد الدولة والأوضاع المعيشية، خصوصاً بعد اعتداءاتها على المنشآت النفطية، وصولاً إلى تصعيدها الأخير في البحر الأحمر والمياه الإقليمية.

وأكد الحاجة لخطط استراتيجية مرحلية وطويلة المدى تحفظ لمستويات السلطة أدوارها القانونية، ولكي تكون هي الحكم والمؤشر لتقييم أداء مؤسسات الدولة على الأصعدة كافة.

وقال: «يجب أن نحسم مسألة العلاقة بين السلطة المركزية والمحلية، والإجراءات المطلوبة لإنهاء أي تباينات، وإعادة رسم أدوارها واختصاصاتها المخولة وفقاً للقانون».


مقالات ذات صلة

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

العالم العربي واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

بينما جدد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن متهمون بارتكاب انتهاكات ضد أقارب المغتربين

صعّدت جماعة الحوثيين في اليمن من وتيرة انتهاكاتها بحق أقارب المغتربين لا سيما المنتمون منهم إلى محافظتي إب والضالع، وذلك ضمن استهداف الجماعة الممنهج للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون بسجون مخابرات الجماعة الحوثية أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق قيادات «المؤتمر الشعبي»

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي دخان كثيف إثر استهداف مدينة الحديدة بغارات إسرائيلية رداً على هجوم صاروخي حوثي (إكس)

سفينة تبلغ عن انفجارات في محيطها قبالة الحديدة باليمن

قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة على بعد 70 ميلاً بحرياً جنوب غربي الحديدة باليمن أبلغت عن عدة انفجارات في محيطها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي ممرضة في مدينة المخا تقيس محيط أعلى ذراع طفل للتحقق من تحسن حالته الصحية بعد تلقيه علاجاً لسوء التغذية (الأمم المتحدة)

سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

يشهد اليمن زيادة في أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، في حين ينتظر النازحون، بسبب الحرب وتطرفات المناخ، شتاء قاسياً في ظل التردي الاقتصادي.

وضاح الجليل (عدن)

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».