بوتين يراجع تطورات العمليات العسكرية الحالية في سوريا

لافروف يحمل «الإرهاب العنيف» مسؤولية نزوح المسيحيين

بوتين يراجع تطورات العمليات العسكرية الحالية في سوريا
TT

بوتين يراجع تطورات العمليات العسكرية الحالية في سوريا

بوتين يراجع تطورات العمليات العسكرية الحالية في سوريا

كشفت مصادر الكرملين عن أن اجتماع مجلس الأمن القومي الروسي بحث تطورات الأوضاع على صعيد العملية العسكرية الفضائية الجوية في سوريا. وشرح ديمتري بيسكوف، الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية، أن الرئيس فلاديمير بوتين بحث أمس في اجتماعه مع أعضاء مجلس الأمن القومي المسائل المتعلقة بالعملية الجوية في سوريا. وتزامن هذا الاجتماع مع إعلان وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف من العاصمة الفرنسية باريس أن «صعود الإرهاب والتطرف العنيف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مرتبط بالتدخلات الخارجية في المنطقة إلى درجة كبيرة».
وكالة «إنترفاكس» للأنباء نقلت عن قول لافروف في كلمته التي ألقاها أمس خلال الدورة الـ38 للمؤتمر العام لمنظمة اليونيسكو أن جرائم تنظيم داعش تُرتكب في حق السكان المسالمين، وأن «إساءاته إلى الإسلام والديانات الأخرى كانت سببًا في النزوح الجماعي للمسيحيين من المنطقة، مما ينسف التوازن القائم بين الطوائف في المنطقة». وعزا لافروف ما يجري من تطورات (في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) إلى «ضعف وتدمير مؤسسات الدولة في العديد من البلدان على خلفية التدخلات الخارجية والمحاولات غير المسؤولة لتطبيق مشاريع الهندسة الجيو - سياسية وفرض الوصفات الخارجية على الشعوب دون أخذ تقاليدها وتراثها التاريخي بعين الاعتبار» على حد تعبيره.
وناشد وزير الخارجية الروسي اليونيسكو «اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لتقييم مدى تدمير آثار سوريا بعد تحسن الأوضاع الأمنية فيها». وأعرب عن أمله في أن ترسل المنظمة بعد تحرير المناطق الأثرية في سوريا، بعثة خبراء إلى هناك لتقييم حجم تدمير الآثار نتيجة العمليات القتالية.
وأردف أن التراث الثقافي الذي يدمره من وصفهم بـ«الهمجيين» في حلب وتدمر، وفي مناطق كثيرة أخرى بسوريا وأفغانستان والعراق «يمثل ثروة مشتركة بالنسبة لجميعنا. وأنا أثق بأن اليونيسكو ستقوم بموجب ما تملكه من صلاحيات وعندما تسمح بذلك الأوضاع الأمنية، وسترسل بعثة خبراء لتقييم أبعاد الخسائر لكي ندرك كيف يمكننا أن نصلح هذا التراث الثقافي الذي لا يقدر بثمن».
أما حول ما يجري في سوريا فقد استعرضت قناة «روسيا اليوم» الناطقة بالعربية على موقعها الإلكتروني ما يدور من معارك هناك من وجهة نظرها وقالت: «إن الجيش (النظامي) السوري والميليشيات الموالية له سيطرت بشكل كامل على منطقة غمام الاستراتيجية في ريف اللاذقية الشمالي». وأضافت: «إن عملية للجيش بدأت منذ الرابعة من فجر أمس انطلقت بغارات للطيران مكثفة وقصف مدفعي قبل أن تقتحم قوات خاصة المنطقة التي تتميز بقيمة استراتيجية كبيرة للمعارضة السورية». وأشارت القناة الروسية إلى أن «غمام تحوي غرفة عمليات مشتركة لمختلف الفصائل المسلحة، كما أنها تشرف بطريقة مباشرة على مدينة اللاذقية، ومنها انطلقت معظم الصواريخ التي استهدفت المدينة الساحلية»، بحسب كلامها. وأضافت: «الجيش كان سيطر على هذه القرية قبل أسبوعين ثم عاد وخسرها بعد يومين».
واستطردت القناة أن قوات النظام - المدعومة بالطيران الروسي - فرضت سيطرتها على شركة «جاك» ومفرق الصمادي في حرستا بريف دمشق، وقطعت أبرز خطوط إمدادات المعارضة، كما استهدف طيران النظام الحربي حي جوبر شرق مدينة دمشق وداريا ودوما ودير العصافير وعربين وبلدات عين ترما ودير العصافير وزملكا ومنطقة المرج في ريفها، وقصف أيضًا مواقع المعارضة ببلدة زمرين بريف درعا، مع تجدد الاشتباكات في الجبهة الشرقية من مدينة داريا بالغوطة الغربية في ريف دمشق.
على صعيد آخر، كانت مصادر الأسطول الشمالي الروسي أعلنت عن مناورات في البحر المتوسط قامت بها طائرات الهليكوبتر التابعة للبارجة الحربية المضادة للغواصات التي تحمل اسم «لواء البحر كولاكوف».
وقال فاديم سيرغا، المتحدث باسم الأسطول الشمالي الروسي، إن المناورات كانت في إطار المهام الدورية وتستهدف التدريب على «البحث عن غواصات في البحر الأبيض المتوسط.. وإن هذه التدريبات تأتي في إطار استيعاب وتدريب أطقم المروحيات من نوع (كا - 27) على إتقان العمل والتنسيق مع وحدة من مشاة البحرية في مجال عمليات مكافحة الإرهاب»، فيما أشار أيضًا إلى أن «مشاة البحرية تدربوا على تنفيذ مهمة الإنزال على متن الطائرة». وقالت وكالة «إنترفاكس» نقلا عن الناطق الرسمي باسم أسطول البحر الشمالي أن السفينة الكبيرة المضادة للغواصات «لواء البحر كولاكوف» تواصل سيرها على طول سواحل شمال أفريقيا، بعد أن قطعت مسافة تتجاوز 3800 ميل منذ بدء رحلتها.
وأبرزت ما قاله المتحدث باسم الأسطول الشمالي الروسي حول أن «المهمة الرئيسية لهذه الرحلة تتمثل في (إظهار الوجود العسكري الروسي بمناطق استراتيجية مهمة في المحيط العالمي)». وكانت القوات البحرية الروسية أعلنت، أول من أمس، عن تدريبات مختلفة في بحر بارنتس، شمال غربي روسيا، وفي المحيط الهادي، والبحر الأسود شرق وجنوب روسيا.



جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
TT

جبايات حوثية على أمتعة المسافرين وفي صدارتها الأدوية

نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)
نقاط التفتيش الحوثية تمارس الجبايات وتصادر أمتعة المسافرين تحت مسمى تحصيلات جمركية وضريبية (أرشيفية - رويترز)

فضَّل شاب يمني أن يتعرض للضرب والاعتداء من أفراد نقطة تفتيش حوثية على مشارف العاصمة المختطفة صنعاء على أن يسلم الأدوية التي يحملها معه، بعد أن دفع لأجل الحصول عليها أموالاً كثيرة، واضطر للسفر إلى مدينة عدن لتسلمها بنفسه من أحد معارفه القادمين من خارج البلاد.

وبحسب رواية أحد المسافرين بسيارة أجرة من عدن إلى صنعاء خلال الأيام الماضية لـ«الشرق الأوسط»؛ فإن الشاب الذي ينتمي إلى محافظة الحديدة (غرب) بدا متوتراً للغاية عند توقف السيارة في نقطة التفتيش، وعندما وصل أفراد النقطة إليه لجأ إلى توسلهم وإخبارهم أن الأدوية تخص والدته الطاعنة في السن، ولا يمكنه توفير بديل عنها.

ومما قاله الشاب إنه سبق له دفع ثمن الأدوية ليجلبها له أحد المسافرين من خارج البلاد، لكن تمت مصادرتها بالطريقة نفسها، وعندما عجز عن إقناع أفراد نقطة التفتيش؛ احتضن الكيس بكل قوته، لينهالوا عليه بالضرب قبل أن يحتجزوه لديهم، وطلبوا من سائق السيارة والمسافرين الانطلاق وعدم التدخل.

وتشير هذه القصة إلى ما يشهده سوق الدواء في اليمن، وخصوصاً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من ندرة واختفاء عدد من أصناف الأدوية المهمة للأمراض الخطيرة والمزمنة، في وضع صحي يزداد كارثية، إلى جانب تشديد الجماعة الحوثية للجبايات في نقاط التفتيش بزعم تحصيل الإيرادات الجمركية.

الجماعة الحوثية استحدثت مراكز تحصيل جمركية على عدد من الطرقات داخل البلاد (إعلام حوثي)

ويشكو المسافرون إلى مناطق سيطرة الجماعة من ممارسات تعسفية تنتهجها نقاط التفتيش، إذ تُقدِم على البحث في أمتعتهم وحقائبهم وسؤالهم عن محتوياتها، والاستفسار عن جميع الأغراض بما فيها الملابس والأغراض الشخصية.

ويقول أحد الناشطين المتعاونين مع منظمة دولية مختصة بحرية الرأي والتعبير لـ«الشرق الأوسط»، إنه يعاني كثيراً في نقاط التفتيش الحوثية التي يضطر إلى العبور منها باستمرار بحكم عمله وسفره الدائم، حيث يجري سؤاله عن كل محتويات حقيبته، خصوصاً الجديدة منها.

ويضطر الناشط، الذي فضل عدم الكشف عن بياناته، إلى استخدام الملابس والأغراض الجديدة التي يشتريها قبل العودة، أو إزالة أدوات التغليف منها، حتى لا يتعرض للتحقيق حولها أو مصادرتها، وذلك بعد تجربة سابقة له حين جرى مصادرة عدد من الأقْمِصَة التي اشتراها هدايا.

جبايات بلا سندات

تعتمد الجماعة الحوثية على نقاط التفتيش بوصفها أحد مصادر إيراداتها الضخمة، وإلى جانب استحداث نقاط تحصيل ضريبي في مختلف الطرقات، ومراكز جمركية في المنافذ التي تربط مناطق سيطرتها بالمناطق المحررة الخاضعة للحكومة الشرعية، كلفت عدداً كبيراً من قادتها وأفرادها في نقاط التفتيش بفرض جبابات على مختلف أغراض المسافرين والمواد المنقولة براً.

ويذكر محمد العزب، من أهالي مدينة تعز، لـ«الشرق الأوسط»، أنه، ولعدة مرات، تعرض لتفتيش المواد الغذائية التي ينقلها معه إلى أقاربه في صنعاء، واضطر لدفع مبالغ مالية مقابل السماح له بالعبور بها، رغم أن كمياتها محدودة وليست تجارية.

عناصر حوثيون يغلقون مقرات شركات الأدوية التي تتعرض لتعسفات الجماعة (إعلام حوثي)

وكان العزب ينقل معه خلال سفره إلى صنعاء بعضاً من فائض السلال الغذائية التي تتحصل عليها عائلته في تعز كمساعدات من المنظمات الدولية والوكالات الأممية إلى أقاربه في صنعاء، الذين يعانون من الفاقة بسبب انقطاع رواتب الموظفين واتساع رقعة البطالة تحت سيطرة الجماعة الحوثية.

وتشير غالبية شكاوى المسافرين إلى مساعٍ حوثية لمصادرة الأدوية التي يحملها المسافرون للاستخدام الشخصي أو لأقاربهم، خصوصاً مع أزمة الأدوية التي تشهدها مناطق سيطرة الجماعة، وارتفاع أسعارها الذي يتسبب بعجز الكثيرين عن شرائها.

وأبدى الكثير من المسافرين، سواء للعلاج أو لأغراض أخرى، استياءهم الشديد من ممارسات نقاط التفتيش الحوثية بحقهم، وإجبارهم على الإفصاح عن كل ما يحملونه من أدوية، سواء كانت للاستخدام الشخصي أو لأقاربهم ومعارفهم.

ويوضح نبيل، وهو من سكان صنعاء، لـ«الشرق الأوسط» أنه ووالده اضطرا إلى تبرير وجود الأدوية التي بحوزتهما بعد رحلة علاجية طويلة خارج البلاد، أجريا خلالها عدة عمليات جراحية، ولم يُسمح بالمرور بتلك الأدوية إلا بعد دفع مبلغ مالي كبير.

أدوية الأطفال في اليمن تشهد نقصاً شديداً في ظل أزمة معيشية معقدة يعيشها السكان (أ.ف.ب)

واستغرب نبيل من أنه لم يسمح لهما بحمل سند تحصيل المبلغ، وبعد إلحاحهما من أجل الحصول عليه، اشترط عليهما أفراد النقطة تصويره بالهاتف فقط، وفوجئا حينها أن السند تضمن نصف المبلغ الذي اضطرا لدفعه، وليس المبلغ كاملاً.

غلاء وتزوير

لم تتمكن شركات صناعة الأدوية المحلية في اليمن من تغطية الاحتياجات المتزايدة للأدوية والنقص الحاصل في السوق المحلية، نتيجة سيطرة الجماعة الحوثية على غالبيتها، أو فرض الجبايات عليها، إلى جانب القيود المفروضة على استيراد المواد الخام.

وينوه جهاد، وهو صيدلي يعمل في أحد المستشفيات في صنعاء، إلى أن سوق الأدوية في العاصمة صنعاء وبقية المدن تحت سيطرة الجماعة الحوثية تشهد انتشار أدوية بديلة للأدوية الشهيرة والمعروفة لمختلف الأمراض، خصوصاً المزمنة منها، وأن الأدوية البديلة ليست بفاعلية وكفاءة الأدوية الأصلية، بالإضافة إلى انتشار الأدوية المهربة.

وتنتشر في الأسواق المحلية كميات كبيرة من الأدوية المهربة التي لا يعلم حقيقة مصدرها، والمواد المصنعة منها، كما وتنتشر الأدوية المقلدة والمزورة في ظل الرقابة الحوثية التي تُتهم بالتواطؤ والفساد.

الجماعة الحوثية تزعم باستمرار إتلاف أطنان من الأدوية المهربة (إعلام حوثي)

وحذر من الانعكاسات السلبية التي تقع على المرضى بسبب الأدوية البديلة، إلى جانب عدم كفاءتها في حماية المرضى من تدهور صحتهم.

ومنذ أيام مرت الذكرى الثانية لوفاة 10 أطفال في وحدة علاج السرطان بمستشفى الكويت في صنعاء، إثر حقنهم بأدوية «منتهية الصلاحية»، التي تبين مسؤولية قادة حوثيين عنها، دون أن يتخذ القضاء الذي تديره الجماعة أي إجراءات ضدهم.

وطبقاً لشهادات طبية متعددة حصلت عليها «الشرق الأوسط»؛ فإن الأدوية التي يعاني المرضى في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من نقصها تتمثل في أدوية أمراض القلب وضغط الدم والسكر والصرع والغدة الدرقية وأمراض الكبد والكلى، وأدوية الأطفال، وفيتامين (د).

وحذرت مصادر طبية من أن الكثير من الأدوية المتوافرة ستشهد أسعارها ارتفاعاً جديداً يصل إلى 50 في المائة من أسعارها الحالية، وقد تزيد تلك الزيادة على هذه النسبة لكون الكثير من الصيدليات تبيعها حالياً بأسعار أعلى من أسعارها المتعارف عليها نتيجة غياب الرقابة، أو اضطرار الكثير من تجار الأدوية لزيادة الأسعار بسبب الجبايات المفروضة عليهم.