«موسم رمضان» يجسّد روحانية الشهر ومظاهره الثقافية بتجارب ثرية

برنامج متكامل يمزج الماضي بالحاضر تحت شعار «أنوَرت ليالينا»

إحياء العادات والتقاليد الثقافية والاجتماعية والرياضية المتعارَف عليها لدى المجتمع منذ القِدم (موسم رمضان)
إحياء العادات والتقاليد الثقافية والاجتماعية والرياضية المتعارَف عليها لدى المجتمع منذ القِدم (موسم رمضان)
TT

«موسم رمضان» يجسّد روحانية الشهر ومظاهره الثقافية بتجارب ثرية

إحياء العادات والتقاليد الثقافية والاجتماعية والرياضية المتعارَف عليها لدى المجتمع منذ القِدم (موسم رمضان)
إحياء العادات والتقاليد الثقافية والاجتماعية والرياضية المتعارَف عليها لدى المجتمع منذ القِدم (موسم رمضان)

تستعد وزارة الثقافة السعودية لتنظيم «موسم رمضان» لهذا العام في عدة مدن تحت شعار «أنوَرت ليالينا»، ويتضمن برنامجاً ثقافياً متكاملاً يُحيي الموروث التاريخي المرتبط بالشهر الفضيل، عبر تجربةٍ ثقافية تمزج الماضي بالحاضر، وتستهدف جميع الفئات بأسلوبٍ مبتكر يُحيي العادات والتقاليد الثقافية والاجتماعية والرياضية المتعارَف عليها لدى المجتمع منذ القِدم.

ويُسلّط الموسم الضوء على قيم شهر الخير في مزيجٍ مبتكر يُعيد تفعيل المناطق التاريخية والتراثية، حيث يُقام في شارع الثميري بالرياض، ومنطقة جدة التاريخية «البلد»، وعلى أرض الواجهة البحرية بالدمام؛ لإبراز الأجواء الروحانية المقترنة بشهر الصيام والعبادة، في تنوعٍ ثقافي واجتماعي وديموغرافي، وانعكاسات ذلك بمختلف دول العالم الإسلامي.

ويشتمل الموسم على جملةٍ فعاليات ميدانية، ورقمية، ورياضية تُغطي العديد من المناطق بتجارب فريدةٍ، وبشراكةٍ مع مختلف الجهات الحكومية، والخاصة، وغير الربحية.

وتبدأ من «سفرة الثريا» التي يعيش فيها الزائر تجربة إفطار مميزة، وسحور رمضاني متكامل في أجواءٍ تفاعلية، ويتم بـ«منطقة السوق» تفعيل سوقي «الزل» بالرياض، و«البلد» في جدة، وإعادة إحيائهما بطابعٍ يتناسب مع هوية وروح «موسم رمضان»، على أن تضم مجموعة متاجر محلية وإقليمية تقدم منتجات ثقافية مختلفة، وتفتح أبوابها لمدة عشرة أيام متتالية، مع تغيير تصنيف المتاجر المستقطِبة لإيجاد تجربة متجددة.

كما يُعمّق «معرض النور» الفهم والوعي بقيمة وروحانية الشهر، وتقدم «منطقة المرقب» تجربة تفاعلية تتضمن مناظير فلكية، يُتاح فيها للزوّار فرصة رصد الأهلّة، واكتشاف منازل القمر طوال أيام الشهر، في حين تُعزَّز «منطقة منارة» المعرفة بالحِرف التقليدية عبر أنشطة تعليمية تفاعلية.

وتعكس «منطقة السراج» قصة جمع المصحف الشريف، وجهود السعودية في العناية به، وتتضمن تجربة ترميم المصحف وتزيينه وتجليده، وتغليف المصحف للاقتناء أو الإهداء، فيما تُرسّخ مساحة «بصمة نور»، قيمة الإحسان والعطاء، وتتيح للزوار فرصة عيش تجربة روحانية اجتماعية عبر شراء الهدايا، أو كوبونات للتبرع بها بشكلٍ فوري بالتعاون مع الجهات الخيرية المختصة.

وتُقدّم محطة «طهيٍ حيّ»، أشهر الأطباق والحلويات الرمضانية من كل منطقة، كما يشمل الموسم منطقةٍ مخصصة للأطفال، وعرضاً يأخذ الزوّار في رحلةٍ حيّة تجسّد روحانيةَ رمضان ومظاهرَهُ الثقافية، وقِيَمَهُ الاجتماعية، ومجموعةً مشاهد حية تفاعلية رمضانية، وصولاً للقرقيعان والحوامة؛ لإحياء عاداتٍ وسلوكياتٍ مجتمعية بطريقة تفاعلية.

ويتضمن الموسم أيضاً باقة من الفعاليات الرياضية؛ مثل الماراثون الرمضاني، وبطولتي «البادل»، و«الألعاب الإلكترونية»، وغيرها من البطولات المتخصصة في عددٍ من الألعاب الجماعية والفردية.

وتسعى الوزارة بالتعاون مع عدة جهات من خلال «موسم رمضان» لإحياء المظاهر الروحانية، والثقافية، والاجتماعية، وجمْعِها تحت مظلةٍ واحدة؛ لترسيخ هويته العامة، وخلق طابع فريد عبر استثمار الجوانب والمفاهيم الراسخة للشهر الكريم منذ الأزل، وتفعيله عبر أنشطة تفاعلية مبتكرة ميدانياً وافتراضياً في ظل حرص القيادة على العناية بالموروث الثقافي والحضاري للمملكة، وتحقيقاً لأحد أهداف «رؤية 2030» في جوانبها الثقافية.

 



اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».