إنفاق الشركات ينقذ الاقتصاد الياباني من «وصمة» الركود

مؤشرات وداع «الفائدة السلبية» تزداد... و«نيكي» يتجاوز 40 ألف نقطة

شاشة عملاقة في طوكيو تعرض تخطي مؤشر «نيكي» الياباني مستوى 40 ألف نقطة للمرة الأولى على الإطلاق (إ.ب.أ)
شاشة عملاقة في طوكيو تعرض تخطي مؤشر «نيكي» الياباني مستوى 40 ألف نقطة للمرة الأولى على الإطلاق (إ.ب.أ)
TT

إنفاق الشركات ينقذ الاقتصاد الياباني من «وصمة» الركود

شاشة عملاقة في طوكيو تعرض تخطي مؤشر «نيكي» الياباني مستوى 40 ألف نقطة للمرة الأولى على الإطلاق (إ.ب.أ)
شاشة عملاقة في طوكيو تعرض تخطي مؤشر «نيكي» الياباني مستوى 40 ألف نقطة للمرة الأولى على الإطلاق (إ.ب.أ)

قفز إنفاق الشركات اليابانية على المصانع والمُعدات، في الربع الأخير من العام، مما يشير إلى مراجعات إيجابية محتملة لبيانات أظهرت أن الاقتصاد يتجه بشكل غير متوقع نحو الركود، العام الماضي.

ويمكن لبيانات النفقات الرأسمالية القوية أيضاً أن تعزز حجة البنك المركزي لتطبيع سياسته النقدية التيسيرية للغاية على المدى القريب. وينصبّ تركيز المستثمرين الآن على مفاوضات الأجور، هذا العام، والتي يمكن أن تؤدي إلى زيادات كبيرة في الأجور، وهو شرط أساسي لإنهاء أسعار الفائدة السلبية.

وأظهرت بيانات وزارة المالية، يوم الاثنين، أن الإنفاق الرأسمالي ارتفع 16.4 في المائة، خلال الربع الرابع على أساس سنوي، و10.4 في المائة على أساس فصلي معدل في ضوء العوامل الموسمية؛ مدفوعاً بصناعات مثل معدات النقل والمعلومات والاتصالات.

وسيجري استخدام البيانات لحساب أرقام الناتج المحلي الإجمالي المنقّحة، المقرر صدورها في 11 مارس (آذار) الحالي.

وأظهرت التقديرات الأولية، الشهر الماضي، أن الاقتصاد الياباني انكمش، في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول)، للربع الثاني على التوالي، وهو تعريف للركود الفني، متأثراً جزئياً بانخفاض الناتج المحلي الإجمالي.

وقال تاكيشي مينامي، كبير الاقتصاديين بمعهد «نورينتشوكين» للأبحاث، إنه يمكن الآن ترقية بيانات الناتج المحلي الإجمالي لإظهار توسع في الربع الرابع، وهو ما يعني فعلياً أن الاقتصاد تمكّن من تجنب الركود، في نهاية العام الماضي. وأضاف: «قد يكون ذلك مشجعاً لبنك اليابان؛ على الرغم من أن الأجور هي موضع التركيز. وما زلنا نتوقع أن يُنهي البنك المركزي أسعار الفائدة السلبية في أبريل (نيسان)، بدلاً من مارس».

ويتوقع ثلاثة اقتصاديين آخرون أن يتأرجح الناتج المحلي الإجمالي إلى نمو يتراوح بين 1.1 و1.4 في المائة على أساس سنوي في الربع الرابع، ارتفاعاً من التقدير الأولي للانكماش بنسبة 0.4 في المائة.

وأظهرت بيانات النفقات الرأسمالية لوزارة المالية، يوم الاثنين أيضاً، ارتفاع مبيعات الشركات بنسبة 4.2 في المائة على أساس ربع سنوي، وزيادة الأرباح المتكررة بنسبة 13.0 في المائة، خلال الربع من أكتوبر إلى ديسمبر، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وداعاً للفائدة السلبية؟

وفي غضون ذلك، ذكرت وكالة أنباء «كيودو» أن اليابان تدرس الدعوة إلى إنهاء الانكماش في أعقاب تحسن معدلات التضخم، وهي خطوة من شأنها أن تفتح صفحة جديدة لرابع أكبر اقتصاد في العالم، بعد عقود من الركود الاقتصادي الذي أثّر على جيل كامل من العمال والمستثمرين.

وفي السنوات القليلة الماضية، أكدت الحكومة أن اليابان لم تعد تعاني الانكماش، لكنها لم تصل إلى حد إعلان النصر الكامل على التضخم المنخفض. ومن شأن الإعلان «الرسمي» أن يُنهي نحو عقدين من انخفاض الأسعار والركود الاقتصادي، الذي أعقب انهيار طفرة «عصر الفقاعة» في الأسواق التي امتدت من عام 1986 إلى عام 1991.

ومع تجاوز التضخم هدف بنك اليابان المركزي، البالغ 2 في المائة لأكثر من عام، يتوقع عدد من اللاعبين في السوق أن يخرج البنك المركزي من نطاق أسعار الفائدة السلبية، في الأشهر المقبلة، فيما قد يكون خطوة تاريخية بعيداً عن سنوات من السياسة النقدية شديدة التساهل. ويتوقع استطلاع أجرته «رويترز» لآراء الاقتصاديين أن يُنهي بنك اليابان سياسة أسعار الفائدة السلبية، المعمول بها منذ عام 2016، بحلول الشهر المقبل.

وقال أتسوشي تاكيدا، كبير الاقتصاديين بمعهد «إيتوتشو» للأبحاث الاقتصادية: «قد يشير ذلك إلى أن الحكومة وبنك اليابان ربما يُنسّقان مع بعضهما البعض للسماح للأسواق بالأخذ في الاعتبار احتمالات إعلان نهاية الانكماش في المستقبل، وإنهاء أسعار الفائدة السلبية»؛ في إشارة إلى الإعلان الحكومي المقرر.

وذكرت وكالة «كيودو» أن الحكومة ستتخذ قراراً بعد تحديد ما إذا كانت محادثات الأجور السنوية بين إدارة العمل، والمقرر عقدها في 13 مارس، ستعدّ قوية بما يكفي لتعويض ارتفاع الأسعار، وكذلك النظر في التوقعات بشأن اتجاهات الأسعار.

وقالت «كيودو»، نقلاً عن المصادر، إن الحكومة ستفحص نطاقاً واسعاً من المؤشرات، مثل أسعار المستهلكين، وتكاليف وحدة العمل، وفجوة الإنتاج، ومعامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي.

«نيكي» في القمة

وفي الأسواق، تجاوز المؤشر «نيكي» الياباني 40 ألف نقطة، لأول مرة، ليغلق، يوم الاثنين، عند أعلى مستوى على الإطلاق، إذ يواصل إصلاح حوكمة الشركات والتقييمات القوية اجتذاب اهتمام مستثمرين من حول العالم على المدى الطويل.

ومع قفزة أسهم قطاع التكنولوجيا مقتفية أثر نظيرتها الأميركية، ارتفع «نيكي» 0.5 في المائة إلى 40109.23 نقطة عند الإغلاق. وبعد تحقيق مكاسب على مدى خمسة أسابيع متتالية، حطّم «نيكي» الذروة الأحدث التي سجلها، يوم الجمعة، عند 39990.23 نقطة وصعد إلى 40314.64 نقطة، قبل أن يتراجع الزخم في جلسة ما بعد الظهيرة.

ووفقاً لاستطلاع أجرته «رويترز» ونُشر، في 22 فبراير (شباط) الماضي، يقدِّر بعض المحللين أن الأسهم اليابانية قد ترتفع أكثر، هذا العام، على خلفية التغيرات طويلة المدى في سلوك الشركات.

وبينما ساعد الاهتمام الخارجي في صعود «نيكي» سريعاً، يرى البعض أن الارتفاع المستمر هو نقطة تحول تدريجية، بالنسبة للمستثمرين الأفراد المحليين الذين عزفوا، إلى حد كبير، عن الأسهم اليابانية.

وتلقّت أسهم قطاع التكنولوجيا الياباني دفعة، يوم الاثنين، من الارتفاع المستمر في أسهم شركات الذكاء الاصطناعي، والذي أدى إلى صعود مؤشريْ «ستاندرد آند بورز 500» و«ناسداك» إلى مستويات قياسية، يوم الجمعة.


مقالات ذات صلة

قرضان للمغرب لـ«تحسين الحوكمة الاقتصادية»

شمال افريقيا عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية (الشرق الأوسط)

قرضان للمغرب لـ«تحسين الحوكمة الاقتصادية»

قال البنك الأفريقي للتنمية، الجمعة، إنه قدّم للمغرب قرضين بقيمة 120 مليون يورو (130 مليون دولار) لكل منهما؛ بهدف تمويل منطقة صناعية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الاقتصاد جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد صيدلية في أحد شوارع منطقة مانهاتن بولاية نيويورك الأميركية (أ.ف.ب)

ارتفاع معتدل لأسعار السلع الأميركية في يونيو

ارتفعت أسعار السلع في الولايات المتحدة بشكل معتدل في يونيو الماضي

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بريطانيون يحتسون القهوة على ضفة نهر التيمز بالعاصمة لندن (رويترز)

بريطانيا تتأهب للكشف عن «فجوة هائلة» في المالية العامة

تستعد وزيرة المال البريطانية الجديدة رايتشل ريفز للكشف عن فجوة هائلة في المالية العامة تبلغ 20 مليار جنيه إسترليني خلال كلمة أمام البرلمان يوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سيدة تسير إلى جوار متجر «آيفون» في مدينة ووهان الصينية (رويترز)

«أبل» تنضم للشركات الملتزمة بقواعد البيت الأبيض للذكاء الاصطناعي

انضمت شركة «أبل» إلى حوالي 12 شركة تكنولوجيا التزمت اتباع مجموعة قواعد للحد من مخاطر الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)

مصر تتطلع إلى موافقة صندوق النقد على صرف شريحة جديدة من القرض

وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)
وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتطلع إلى موافقة صندوق النقد على صرف شريحة جديدة من القرض

وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)
وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)

قال وزير المالية المصري أحمد كجوك، إن بلاده تتطلع إلى موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري يوم 29 يوليو (تموز) الحالي، «ونستهدف استمرار المراجعات القادمة بنجاح، والعمل على مسار الحصول على تمويل من صندوق المرونة والاستدامة».

وأكد الوزير، في بيان صحافي، السبت: «إننا نتعامل في مصر بتوازن شديد مع تداعيات جيوسياسية مركبة، في إطار برنامج شامل لتحسين الأداء الاقتصادي».

وأجرت بعثة من صندوق النقد الدولي، زيارة إلى القاهرة في مايو (أيار) الماضي، لإجراء المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي. لكنه أجّل مناقشة صرف الشريحة الثالثة من القرض الممنوح لمصر بقيمة 820 مليون دولار، إلى 29 يوليو الحالي، بعدما كانت على جدول اجتماعاته المقررة 10 يوليو.

واعتمد مجلس الصندوق في نهاية مارس (آذار) الماضي، المراجعتين الأولى والثانية، في إطار تسهيل الصندوق الممدد لمصر، ووافق على زيادة قيمة البرنامج الأصلي بنحو 5 مليارات دولار، ليصل إجماليها إلى 8 مليارات دولار، ما سمح لمصر بسحب سيولة من الصندوق بنحو 820 مليون دولار على الفور.

وخلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي، على هامش اجتماعات «مجموعة العشرين» في البرازيل، قال الوزير: «إننا ملتزمون بتحقيق الانضباط المالي من أجل وضع مسار دين أجهزة الموازنة للناتج المحلي في مسار نزولي، ونستهدف خلق مساحة مالية كافية تتيح زيادة الإنفاق على التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، ونعمل أيضاً على خفض معدلات التضخم لضمان استقرار الأسعار لتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، ومساندة تنافسية الشركات».

وأشار الوزير إلى أن أولوية الحكومة خلال الفترة المقبلة زيادة حجم استثمارات القطاع الخاص ودفع الأنشطة الإنتاجية والتصديرية، وكذلك تطوير بيئة الأعمال لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، لافتاً إلى «أننا نعمل على تبسيط الإجراءات الخاصة بمنظومتي الضرائب والجمارك لإعادة بناء الثقة بين مجتمع الأعمال والإدارة الضريبية وتحسين الخدمات للممولين».

وأوضح كجوك، أن بلاده حريصة على دفع الإصلاحات الهيكلية ودفع الاستثمارات الخاصة في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا وتحلية المياه والبنية التحتية، مشيراً إلى العمل أيضاً على «اتساق السياسات الاقتصادية من خلال وضع سقف لإجمالي الاستثمارات العامة والضمانات الحكومية ونسبة دين الحكومة العامة للناتج المحلي».

على صعيد موازٍ، عقدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي المصرية، لقاءاتٍ مكثفة مع وزراء الاقتصاد والتنمية والتعاون الدولي، إلى جانب مسؤولي مؤسسات التمويل الدولية، المُشاركين في الاجتماع الوزاري لـ«مجموعة العشرين» بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، وذلك لبحث أولويات التعاون المشترك وتعزيز الشراكات المستقبلية في ضوء أولويات وبرنامج الحكومة.

والتقت المشاط بكل من: أحمد حسين وزير التنمية الدولية الكندي، وإيفا جرانادوس وزيرة الدولة للتعاون الدولي الإسبانية، وريم الهاشمي وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي في حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، وسيفينا شولز الوزيرة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، وأنيليز جين دودز وزيرة الدولة لشؤون المرأة والمساواة في المملكة المتحدة، وخوسيه دي ليما وزير الدولة للاقتصاد الأنغولي، وكريسولا زاكاروبولو وزيرة الدولة للتعاون الإنمائي بفرنسا.

كما عقدت الوزيرة لقاءً مع جوتا أوربيلينين المفوضة الأوروبية للشراكات الدولية، وسيندي ماكين المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، وريبيكا جرينسبان الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، كما التقت أنيل كيشورا نائب الرئيس والمدير التنفيذي لبنك التنمية الجديد (NDB)، وألفارو لاريو رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد).

وخلال اللقاءات ناقشت المشاط، فُرص التعاون المستقبلي مع الاتحاد الأوروبي استمراراً للشراكة الاستراتيجية بين الجانبين وجهود تعزيز الاستثمارات من خلال آلية ضمان الاستثمار التي يجري تنفيذها، وكذلك تعزيز جهود الإصلاحات الهيكلية.