أين هو النقد اليوم؟

أين هو النقد اليوم؟
TT

أين هو النقد اليوم؟

أين هو النقد اليوم؟

يجنح بعض النقاد والأدباء إلى عد المنجز الإبداعي مادة معنوية بامتياز، وانطلاقًا من ذلك يفصلون أداءهم سواء الأدبي أو الإبداعي عامة عن المدارس النقدية، فيصبح باختلاف أنواعه خاضعًا لقواعد نقد غير موضوعية لا تنسجم حتى مع ما أورده قدماؤنا من نظريات خلال العصور المنصرمة في مجال النقد الشعري، التي قد تنطبق بمجملها على الأنواع الأدبية الأخرى، مما يكرّس حواجزَ تتحكّم في المنجز الإبداعي؛ إذ يتّجه نحو إرضاء أهواء البعض على حساب الجودة الأدبية، مثل الجوائز التي راحت تنمو وتتكاثر مثل الطفيليات دون الإعلان عن قواعد ثابتة لها. وبالتالي تشكّل كل تلك العناصر مجتمعةً جدارًا فاصلاً في الغالب بين المنجزات الأدبية العربية والأجيال الصاعدة التي وُضِع الأدب العالمي في متناولها وبكبسة زر.
انطلاقًا مما تقدَّم، يجد الكاتب والقرّاء على حدٍّ سواء أنفسهم أمام التساؤل الأبرز: أين هو النقد اليوم؟ وما المهام التي يضطلع بها؟ قد تكون الإجابة الأولى التي تتبادر إلى ذهن كثيرين أن النقد الأدبي يتأرجح اليوم بين مطرقة إيجاز أحداث العمل الإبداعي وسندان الاستهزاء، أي المديح الكامل أو الانتقاد المشبع. وكلاهما غير حيادي. إلا أننا وفي إطار البحث نجد توالد نوع جديد من الكتابة عن المنجز الإبداعي، الذي لا يجوز حتى إدراجه في إطار النقد الأدبي، كونه أشبه بمقال إعلاني، لا يجد إحراجًا في إمطار الكاتب بالإطراءات غير المبرّرة، ولا حتى في الكتابة عن المنجز نفسه أكثر من مرة دون مبرر واضح أو منطقي، وبلغة دعائية تعتمد أسلوب وصياغة الجملة التسويقية والترويجية أي ما يُسمّى تقنيًا بالـ«Call to Action» وهي عبارات تدعو المتلقي وبشكل مباشر إلى القراءة، فشتّان بين أن يقول الكاتب «الناقد» عن منجز إبداعي إنه يستحق القراءة، وأن تكون صياغة عبارته، في مقالة كالآتي: «جلّ ما كنت أريد فعله هو دعوتكم إلى قراءتها بإصرار. بإصرار لا بد يوحي بأني أبالغ»، أو ببساطة أكبر أن يختم ما يسمّيه مقالة ثقافية بـ«اقرأوها» على سبيل المثال لا الحصر.
في الحديث عن النقد الأدبي، لا يمكن إغفال عنصر مرتبط ارتباطًا وثيقًا به وهو التخصص. فسواء في الصحف أو المجلات، فإن الناقد الأدبي، وإن اتّسمت مطالعته بالإيجاز، لضيق المساحة المخصصة، لا يحق له أن يحول مقالاً نقديًا إلى وجبة سريعة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذه الوجبة النقدية السريعة قد تتسلّح بإيجازها مشوبة بالاستسهال لتضلل القارئ وتشرد به عن المحتوى المقصود، إذ غالبًا ما تحاول إرضاء الكاتب في حالة ما أو رجمه بتعليقات غير مبررة بمزاجية، وكلتا الحالتين مرتبطتان لا شك بالعلاقات الشخصية.
وإن كان الناقد يخفق في أداء واجبه من حيث الحكم المنطقي والموضوعي على المنجز الإبداعي، كيف له أن يتعمّق في مشكلات أكثر تعقيدًا تسبر أغوار اللغة ليصدر حكمًا بناءً على معطيات علمية صرفة؟



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.