«هدنة غزة»: «آليات ومراحل التنفيذ» تتصدر مباحثات الدوحة والقاهرة

مصادر توقعت إعلانها قبل «رمضان»

وزير الخارجية المصري يلتقي نظيره الأردني على هامش زيارتهما جنيف (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي نظيره الأردني على هامش زيارتهما جنيف (الخارجية المصرية)
TT

«هدنة غزة»: «آليات ومراحل التنفيذ» تتصدر مباحثات الدوحة والقاهرة

وزير الخارجية المصري يلتقي نظيره الأردني على هامش زيارتهما جنيف (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي نظيره الأردني على هامش زيارتهما جنيف (الخارجية المصرية)

دخلت مفاوضات «الهدنة» بين إسرائيل وحركة «حماس» مرحلة بحث «آليات ومراحل التنفيذ»، عبر اجتماعات فنية تفصيلية تُعقد بالتزامن في القاهرة والدوحة، قال عنها مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط»: إنها «مرحلة تحصين الاتفاق».

كانت قناة «القاهرة الإخبارية» قد نقلت عن مصادر مصرية مطلعة، قولها إنه «سيتم استئناف مفاوضات التهدئة بقطاع غزة، من خلال اجتماعات على مستوى المختصين تُعقد في العاصمة القطرية الدوحة، وأخرى تعقبها في القاهرة».

ووفق المصدر المصري الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، الاثنين، شريطة عدم ذكر اسمه، فإن «المباحثات في القاهرة والدوحة هي مباحثات فنية تفصيلية، بشأن ما جرى التوافق عليه في اجتماع باريس، يوم الجمعة الماضي، للوصول إلى اتفاق قبل شهر رمضان»، مشيراً إلى أن «مباحثات باريس نجحت في تقريب وجهات النظر، ويجري حالياً الاتفاق على التوقيتات عبر مباحثات تُعقد في قطر ومصر بالتزامن».

وأضاف: «المباحثات في باريس ركزت على الشق السياسي والأمني فيما يتعلق بالمرحلة الأولى من الهدنة، وحدث تجاوب إسرائيلي مع ما تم طرحه، لكن دون الخروج من غزة أو عودة النازحين إلا فيما يجري التوافق عليه». وتابع المصدر: «الصيغة المقترحة حالياً هي الإفراج عن محتجز لدى (حماس) مقابل كل 10 فلسطينيين، ضمن هدنة لمدة 40 يوماً تعقبها 7 أخرى».

وشهدت العاصمة الفرنسية، الجمعة، اجتماعاً لبحث «الهدنة» وصفقة تبادل المحتجزين، بمشاركة مسؤولين من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل، وكشف موقع «أكسيوس» الأميركي عن أن مخرجات اجتماع باريس تشير إلى «تقدم في مسار المفاوضات». وجاء اجتماع باريس عقب محادثات عقدها وفد من قيادات حركة «حماس» في القاهرة، الأربعاء الماضي، استهدف «تقريب وجهات النظر، أملاً في الوصول إلى (هدنة) قبل رمضان».

وأوضح المصدر المصري أن «المباحثات في القاهرة ستركز على مراحل التنفيذ وضماناته وإطار التهدئة، في حين تتركز المباحثات في الدوحة على تحديد أسماء من سيجري الإفراج عنهم في إطار الصفقة».

في حين أكد مصدر مصري آخر، قريب من دائرة المباحثات، لـ«الشرق الأوسط» أن «المباحثات الفنية المقرر عقدها في القاهرة والدوحة تستهدف الاتفاق على هدنة طويلة نسبياً قبل رمضان، ما يفتح الطريق إلى إتمام صفقة تبادل الأسرى ودخول مساعدات إلى قطاع غزة بكميات كبيرة».

كان مسؤولون إسرائيليون قد توجهوا، الاثنين، إلى قطر للعمل على بنود اتفاق الهدنة، حسبما نشرت «رويترز»، عن مصدر لم تسمِّه، أوضح أن «الوفد يضم مسؤولين في الجيش وجهاز المخابرات (الموساد)، وستشمل مهمته إجراء التدقيق المتعلق بالفلسطينيين الذين ترغب (حماس) في الإفراج عنهم في إطار اتفاق إطلاق سراح الرهائن».

واستضافت القاهرة في وقت سابق من هذا الشهر اجتماعاً رباعياً ضم رؤساء الاستخبارات في مصر وإسرائيل والولايات المتحدة، إضافةً إلى رئيس وزراء قطر، لبحث مقترح بشأن «هدنة» في غزة جرت بلورته خلال لقاء مماثل عُقد في باريس، لكن اجتماع القاهرة انتهى دون الوصول إلى اتفاق.

وأشار المصدر المصري المطّلع إلى «سيناريوهات عدة متوقعة خلال الفترة المقبلة، من بينها الاستعداد للمواجهة المقبلة أو حدوث تحولات داخل الحكومة الإسرائيلية أو أن يعمد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى تنفيذ المرحلة الأولى من الهدنة فقط وتأجيل باقي المراحل». وقال إن «مصر تبذل جهوداً جبارة من أجل مقاربة شاملة»، مشيراً إلى أن «الولايات المتحدة تدعم المقاربة المصرية التي تدعو إلى تواصل المراحل».

ورغم تأكيد المصدر المصري أن «اجتياح رفح مؤجل»، فإنه قال: «لا أحد يضمن إسرائيل، ومن المتوقع حدوث اختراقات خلال الهدنة، لكنّ مصر تعمل حالياً على تحصين الاتفاق».

كان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد أكد عزمه، الأحد، على شن هجوم برّي على رفح، وقال إن التوصل إلى اتفاق هدنة لن يؤدّي إلا إلى «تأخير» الهجوم على رفح.

بدوره، رجح د.أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادي في حركة «فتح» الفلسطينية، «إطالة أمد المفاوضات لإعلان الهدنة مع بداية رمضان»، مشيراً إلى «ضغط عربي - أميركي لتنفيذ هدنة طوال شهر رمضان».

وأشار الرقب، لـ«الشرق الأوسط» إلى «حلحلة بعض النقاط التي كانت عالقة في المفاوضات». وأوضح أنه «من بين تلك النقاط عدد الأسرى الذين ستفرج عنهم إسرائيل مقابل كل محتجز لدى حركة (حماس)، حيث كانت تل أبيب تقول: ثلاثة مقابل كل واحد، بينما تحدثت (حماس) عن 100 مقابل كل واحد، وجرى الوصول إلى نقطة وسط عشرة مقابل واحد».

وأضاف: «نقطة أخرى تتعلق بعودة النازحين إلى شمال القطاع، وهو ما كانت ترفضه إسرائيل لكن جرت الموافقة أخيراً على عودة النساء والأطفال دون 14 عاماً، مع وضع الرجال في منطقة عازلة بين رفح وغزة، تمهيداً لتنفيذ إسرائيل مخططها لاجتياح رفح». ولفت إلى «توافق على نقاط أخرى تتعلق بزيادة المساعدات التي تدخل القطاع، وانسحاب إسرائيل من عمق المدن إلى الأطراف».

وقلل الرقب من تأثير استقالة محمد أشتية، رئيس الوزراء في السلطة الفلسطينية، على مسار المفاوضات، قائلاً إن «استقالة الحكومة لا علاقة لها بمفاوضات الهدنة»، مشيراً إلى أن «المبادرة المصرية كانت تتضمن تشكيل حكومة تكنوقراط، لكنّ الاقتراح رُفض»، وأكد الرقب أنه «كان من الأفضل قبوله وقتها».

فيما قال المصدر المصري إن «استقالة الحكومة الفلسطينية تأتي إطار اتفاق التهدئة، حيث سيجري تشكيل حكومة تكنوقراط خلال فترة الهدنة».

في سياق متصل، حذّر وزيرا الخارجية المصري سامح شكري والأردني أيمن الصفدي، خلال لقائهما (الاثنين) في جنيف، من «عواقب أي عملية عسكرية برية في رفح، لما لذلك من تداعيات شديدة السلبية، وما سينتج عنها من تضاعف الكارثة الإنسانية التي يُعانيها المدنيون في القطاع»، حسب إفادة رسمية للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد.

وأكد الطرفان «أهمية استمرار بذل الجهود المشتركة من أجل نفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع في ظل انهيار المنظومة الإنسانية به، بالإضافة إلى العمل معاً للحيلولة دون امتداد رقعة الصراع الدائر، لما لذلك من خطورة شديدة ستلقي بظلالها على أمن واستقرار المنطقة».

وخلال اللقاء أعرب وزير الخارجية المصري عن «شواغل بلاده فيما يتعلق بتدهور الأوضاع الميدانية في الضفة الغربية مع زيادة وتيرة الاقتحامات العسكرية الإسرائيلية، مما يُهدد بتفجُر الأوضاع هناك»، مشيراً إلى أن «رؤية مصر ترتكز على أنه لا بديل عن اتخاذ خطوات واضحة تجاه تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية»، حسب المتحدث الرسمي.

وجدد شكري تأكيد «رفض بلاده القاطع لأي محاولات تهجير قسري للشعب الفلسطيني». وشدد، في كلمته أمام الشق رفيع المستوى لمؤتمر نزع السلاح بجنيف، الاثنين، على «ضرورة الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وحتمية التوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار والعمل على استدامة وصول المساعدات الإنسانية إلى الضحايا من المدنيين». واستنكر وزير الخارجية المصري «المعايير المزدوجة التي يقوم البعض بموجبها بالتعامل مع قيمة حياة الإنسان بشكل انتقائي».

من جهة أخرى، ألقى الممثل القانوني للجامعة العربية، الاثنين، مرافعة شفهية أمام محكمة العدل الدولية في «لاهاي»، في إطار تقديم المحكمة الرأي الاستشاري حول «الآثار القانونية الناشئة عن ممارسات إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة».

وقال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للجامعة العربية جمال رشدي، إن المُرافعة تضمنت حُججاً مُتعددةً، تاريخيةً وقانونيةً وسياسيةً وإنسانيةً، تدحض شرعية الاحتلال الإسرائيلي، مضيفاً أن «الممثل القانوني للجامعة العربية حرص على الرد على بعض ما جاء في ثنايا مُرافعات تقدمت بها دول، من بينها الولايات المتحدة، خلال الأيام الماضية، لا سيما ما يتعلق بالحجج الأمنية التي تُقدم كتبرير لاستدامة الاحتلال واستمراره»، وأكد في كلمته أن «القبول بفرض الاحتلال لحين التوصل إلى اتفاق يُلبي الشواغل الأمنية للدولة القائمة به هو بدعة لا علاقة لها بالقانون الدولي، فالاحتلال باطل قانوناً ومتورط في جرائم ضد الإنسانية».


مقالات ذات صلة

«كتائب القسّام» تؤكد عدم التخلي عن السلاح قبيل لقاء ترمب ونتنياهو

المشرق العربي المتحدث الجديد باسم «كتائب القسّام» الذي اعتمد اسم سلفه الراحل أبو عبيدة (أ.ف.ب)

«كتائب القسّام» تؤكد عدم التخلي عن السلاح قبيل لقاء ترمب ونتنياهو

جدّدت «كتائب عز الدين القسام»، الجناح المسلّح لحركة «المقاومة الإسلامية» (حماس)، الاثنين، تأكيدها عدم التخلي عن سلاحها، وهي قضية رئيسية.

«الشرق الأوسط» (غزة (الأراضي الفلسطينية))
خاص المقدم أحمد زمزم اغتيل برصاصات عدة أطلقها مسلحون على سيارته (المركز الفلسطيني للإعلام)

خاص «حماس» تعدم شخصاً أدانته بقتل أحد ضباطها

أعدمت حركة «حماس»، الأحد، فلسطينياً اعتقلته وأدنته بالمشاركة في قتل أحمد زمزم، الضابط في جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة الحركة، في هجوم وقع وسط غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية 53 % من الشركات أبلغت عن زيادة في طلبات نقل الموظفين الإسرائيليين (أ.ف.ب)

تقرير إسرائيلي: زيادة عدد الراغبين في العمل بالخارج

أظهر تقرير صدر اليوم (الأحد) أن عدد طلبات انتقال إسرائيليين يعملون في شركات متعددة الجنسيات في إسرائيل إلى الخارج، ارتفع العام الماضي نتيجة الحرب على غزة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
أوروبا رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني (أ.ف.ب)

إيطاليا تعتقل 9 للاشتباه في تمويلهم «حماس» عبر جمعيات خيرية

قال الادعاء العام الإيطالي إن السلطات ألقت القبض على تسعة أشخاص للاشتباه في تمويلهم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (​حماس) عبر جمعيات خيرية مقرها إيطاليا.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لانتخاب رئيس مكتبها السياسي العام

كشفت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، عن أن العملية الانتخابية لرئيس المكتب السياسي العام ستُجرى الأسبوع المقبل، أو في الأيام الـ10 الأولى من شهر يناير المقبل.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

زاد الاعتراف الإسرائيلي الأخير بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة» من مخاوف تهجير الفلسطينيين إلى الإقليم الانفصالي وإقامة قواعد عسكرية لإسرائيل بالمنطقة المطلة على ساحل البحر الأحمر.

وحذر رئيس وزراء الصومال، حمزة عبدي بري، من «إشعال الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، بسبب خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أرض الصومال»، وقال إن هذه الخطوة «ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة من السودان والصومال وباقي البلدان».

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، الاعتراف بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة ذات سيادة»، في اعتراف رسمي هو الأول بـ«الإقليم الانفصالي» داخل الصومال، في خطوة اعتبر رئيس إقليم أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله عرو، أنها «لحظة تاريخية».

ولاقى الاعتراف الإسرائيلي إدانات عربية وإسلامية وأفريقية، وأصدرت دول عربية وإسلامية، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، بيانات أكدوا فيها رفضهم التام للخطوة الإسرائيلية.

وربط رئيس الوزراء الصومالي بين الاعتراف الإسرائيلي وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وقال في تصريحات متلفزة لقناة «القاهرة الإخبارية»، الأحد، إن «كل المؤشرات تؤكد أن نتنياهو يريد تهجير الغزيين إلى أرض الصومال»، وأكد أن «بلاده لن تقبل بهذا الأمر»، مشيراً إلى أن «الشعب الفلسطيني من حقه أن يعيش على أرضه، وأن تكون له دولته المستقلة».

ويرى بري أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» هو «جزء من خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي لإقامة ما يسمى بـ(إسرائيل الكبرى)»، وأشار إلى أن «إسرائيل تسعى لاستغلال الظروف السياسية والإقليمية الراهنة، معتبرة أن وجودها في شمال الصومال قد يتيح لها التحكم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مع إمكانية إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة».

وشددت الحكومة الصومالية، في بيان لها الجمعة، على «الرفض القاطع للاحتلال والتهجير القسري للفلسطينيين»، وأكدت أنها «لن تقبل أبداً بجعل الشعب الفلسطيني بلا جنسية»، كما أكدت «عدم السماح بإنشاء أي قواعد عسكرية أجنبية أو ترتيبات على أراضيها من شأنها جرّ الصومال إلى صراعات بالوكالة، أو استيراد العداوات الإقليمية والدولية».

اجتماع الحكومة الصومالية الجمعة بعد الخطوة الإسرائيلية (وكالة أنباء الصومال)

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي من إقليم أرض الصومال، نعمان حسن، أن «حكومة الإقليم لن تقبل بتهجير الفلسطينيين إليه»، وقال إن «السلطة في (أرض الصومال) أعلنت بوضوح رفضها التهجير، باعتبار أنه سيعرقل أي حلول سياسية أمام استكمال الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة»، منوهاً بأن «هناك رفضاً شعبياً أيضاً لهذا الطرح».

وفي الوقت ذاته، فإن حسن يرى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «حكومة (أرض الصومال) لن تمانع إقامة قواعد عسكرية إسرائيلية على أرض الإقليم، شريطة ألا تضر بدول الجوار»، وقال إن «الإقليم يحتاج أن يكون جاهزاً لأي تدخل من الخارج، على وقع التطورات الأخيرة، خصوصاً مع الرفض العربي والإسلامي للاعتراف الإسرائيلي».

ويظل الاعتراف بالاستقلال «الهدف الأساسي الذي تسعى إليه حكومة (أرض الصومال)»، وفق نعمان حسن، الذي عدّ أن «هذه الخطوة لن تضر بمصالح أي دولة أخرى».

في حين يرى المحلل السياسي الصومالي، حسن محمد حاج، أن الاعتراف الإسرائيلي «يثير مخاوف من تأثيره على إعادة تشكيل الخريطة الديمغرافية للإقليم، من خلال فتح الباب أمام التهجير للسكان المحليين أو للفلسطينيين إلى أرض الإقليم، بذرائع مثل التنمية أو إقامة مناطق أمنية ومرافق سيادية».

وأشار حاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المخاوف تتزايد من تحول الاعتراف إلى مدخل لإقامة قواعد عسكرية أو مرافق استخباراتية إسرائيلية على ساحل البحر الأحمر ومنطقة باب المندب»، عاداً أن ذلك «سيضع الإقليم في قلب صراع المحاور الدولية، ويحوله من قضية داخل الصومال إلى ساحة لتنافس إقليمي ودولي»، وأشار إلى أن «مخاطر سيناريوهات (التهجير والعسكرة) ستمتد أثرها للمحيط الإقليمي والأفريقي بتأجيج التوترات القبلية وإضعاف فرص الحلول السياسية الشاملة».

وينظر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمستشار بـ«الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية»، اللواء عادل العمدة، إلى تأثير ما يحدث في «أرض الصومال» باعتبار أنه «يرسخ لمفاهيم سلبية عن الانفصال لدى الحركات التي تشجع على ذلك، ما يعزز من مسألة التفتيت والتقسيم بين الدول الأفريقية»، وقال إن «تقسيم الصومال سيؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي؛ لارتباط هذه المنطقة بمصالح استراتيجية لغالبية دول العالم».

ويعتقد العمدة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل تريد من خطوة الاعتراف بـ(أرض الصومال)، فتح جبهة جديدة من الصراع في المنطقة، للفت أنظار المجتمع الدولي عما يحدث في قطاع غزة»، وقال إن «الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته جزء من الحفاظ على الأمن القومي العربي والمصري في منطقة البحر الأحمر».

ويعوّل الصومال على الدعم الإقليمي والعالمي لسيادته في مواجهة التحركات الإسرائيلية، وفق بري الذي قال في تصريحاته إن بلاده «تستخدم القنوات الدبلوماسية كخيار لمواجهة قرار نتنياهو»، إلى جانب «استخدام الإجراءات القانونية للدفاع عن وحدة» بلاده، لافتاً إلى أن «الدستور لا يسمح لـ(أرض الصومال) بالقيام بهذا الفعل».

ويعلن إقليم أرض الصومال انفصاله من جانب واحد عن جمهورية الصومال الفيدرالية منذ عام 1991، ولم يحظَ باعتراف دولي طوال هذه الفترة.


الرئيس الصومالي يزور تركيا الثلاثاء تلبية لدعوة إردوغان

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
TT

الرئيس الصومالي يزور تركيا الثلاثاء تلبية لدعوة إردوغان

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)

قال برهان الدين دوران، مدير الاتصالات في مكتب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم (الاثنين)، إن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود سيزور تركيا غداً (الثلاثاء) تلبيةً لدعوة إردوغان.

وأضاف دوران، على منصة «إكس»، أنه سيتم خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية بين تركيا والصومال وتقييم الخطوات التي يمكن اتخاذها لتعزيز التعاون.

وتابع قائلاً: «سيناقش الزعيمان جهود الصومال في مكافحة الإرهاب، وخطواته لضمان الوحدة الوطنية، والتطورات الإقليمية».

كانت تركيا قد أدانت، يوم الجمعة، اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، ووصفته بأنه عمل غير قانوني يستهدف زعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي.

وأكدت «الخارجية التركية»، في بيان، أن الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم هو تدخل سافر في الشؤون الداخلية للصومال، مؤكدة استمرار تركيا في دعمها لوحدة أراضي الصومال.


اتهامات لقوات «الانتقالي» بارتكاب مئات الانتهاكات في حضرموت

عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
TT

اتهامات لقوات «الانتقالي» بارتكاب مئات الانتهاكات في حضرموت

عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)

انضم وزير الدفاع في الحكومة اليمنية الشرعية محسن الداعري إلى الإجماع اليمني الواسع المرحب برسالة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى الشعب اليمني، التي تدعو «المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى إخراج قواته من حضرموت وشبوة، بالتوازي مع تقارير حقوقية تتهم هذه القوات بارتكاب مئات الانتهاكات.

وفي هذا السياق، عبّر الوزير الداعري عن تقديره العميق لرسالة نظيره وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، «وما حملته من تأكيد على موقف السعودية الثابت في دعم ومساندة اليمن وشرعيته، وحرصها الدائم على وحدة الصف، وتضافر جهود الجميع لاستعادة مؤسسات الدولة، وتحرير كامل التراب الوطني، وتحقيق أهداف (عاصفة الحزم) و(إعادة الأمل)، بما يعزز الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة».

وأكد الوزير الداعري، في منشور له على صفحته في «فيسبوك»، ثقته المطلقة «بحكمة القيادة السعودية، وقدرتها على تجاوز وحل أي خلافات أو تباينات لإخراج اليمن إلى بر الأمان شمالاً وجنوباً».

وزير الدفاع في الحكومة اليمنية الشرعية محسن الداعري (سبأ)

وثمّن وزير الدفاع اليمني، عالياً، «التضحيات السعودية والدعم السخي والإسناد المتواصل في مختلف الجوانب وعلى الصعد كافة»، مؤكداً اعتزازه «بهذه الشراكة الاستراتيجية التي ستظل ركيزة أساسية لاستكمال التحرير وبناء مستقبل آمن ومزدهر».

وقال الداعري: «أكرر الشكر والتقدير للأشقاء في المملكة العربية السعودية، قائدة التحالف، على مساعيهم الحكيمة وجهودهم الصادقة ليتحقق لنا الأمن والاستقرار والتنمية».

مئات الانتهاكات

وفي ظل استمرار التصعيد العسكري الأحادي الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي»، كشفت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات»، عن توثيق 614 واقعة انتهاك ارتكبتها قواته في محافظة حضرموت، خلال الفترة من 2 ديسمبر (كانون الأول) إلى 25 من الشهر نفسه، في تصعيد وصفته بـ«المنظم والممنهج» استهدف المدنيين والبنية المجتمعية، وأسفر عن تهجير وتشريد ما يقارب 5000 أسرة من مناطق متفرقة في المحافظة.

وقالت الشبكة، في تقرير، الاثنين، إن «طبيعة وحجم الانتهاكات المسجلة يعكسان نمطاً متكرراً من الممارسات الجسيمة التي لا يمكن توصيفها بأنها حوادث فردية أو عرضية، بل تأتي في سياق سياسة ممنهجة تهدد السلم الاجتماعي، وتقوّض سيادة القانون في واحدة من أكثر المحافظات اليمنية استقراراً نسبياً».

موالون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» يرفعون في عدن صورة زعيمهم عيدروس الزبيدي (إ.ب.أ)

ووفقاً للتقرير، شملت الانتهاكات جرائم قتل وإصابة، وتصفيات ميدانية خارج إطار القانون، واعتقالات تعسفية، وإخفاءً قسرياً، ونهباً لممتلكات عامة وخاصة، وتهجيراً قسرياً واسع النطاق. وأشار إلى توثيق مقتل 35 عسكرياً من أفراد الجيش و12 مدنياً من أبناء حضرموت، إلى جانب إصابة 56 شخصاً بجروح متفاوتة.

كما سجل التقرير 7 حالات تصفية ميدانية لأسرى دون أي إجراءات قضائية، و316 حالة اعتقال تعسفي طالت مدنيين، في خرق واضح للضمانات القانونية الأساسية. وفيما يتعلق بملف الإخفاء القسري، وثقت الشبكة 216 حالة توزعت على محافظات عدة، من بينها حضرموت (53 حالة)، وريمة (41)، وحجة (31)، وتعز (28)، وذمار (26)، وأبين (19)، وإب (18)، إضافة إلى حالات من محافظات أخرى.

وأشار التقرير كذلك إلى نهب 112 منزلاً سكنياً و56 منشأة تجارية، والاستيلاء على 20 مركبة خاصة، فضلاً عن التهجير القسري وتشريد آلاف الأسر، ما فاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية في المحافظة.

إخفاء قسري

وأكدت الشبكة الحقوقية تلقيها عشرات البلاغات الموثقة من أسر مدنية، أفادت باختفاء أبنائها قسراً، دون أي معلومات عن أماكن احتجازهم أو مصيرهم حتى لحظة إعداد التقرير، إضافة إلى مئات العسكريين التابعين للمنطقة العسكرية الأولى الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً، في انتهاك جسيم للقانون الوطني والمعايير الدولية.

وشدد التقرير على أن هذه الممارسات «تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، وخرقاً لالتزامات اليمن بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بما في ذلك الحق في الحياة، وحظر الاعتقال التعسفي، وحظر الإخفاء القسري».

وذهبت الشبكة إلى أن «بعض هذه الأفعال قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لا سيما إذا ثبت طابعها واسع النطاق أو المنهجي، وهي جرائم لا تسقط بالتقادم وتستوجب المساءلة الجنائية الفردية والمؤسسية».

«المجلس الانتقالي الجنوبي» يسعى إلى الانفصال عن شمال اليمن وإخضاع حضرموت والمهرة بالقوة (أ.ب)

وحذرت الشبكة الحقوقية من «تداعيات إنسانية كارثية، تشمل تفكك النسيج الاجتماعي، وتفاقم النزوح الداخلي، والانهيار الاقتصادي المحلي، وتعاظم الصدمات النفسية لدى النساء والأطفال، في ظل غياب آليات حماية فعالة للمدنيين».

وطالبت بـ«إدانة دولية واضحة وصريحة للانتهاكات المرتكبة في حضرموت، والوقف الفوري وغير المشروط لها، والإفراج العاجل عن جميع المحتجزين تعسفياً، والكشف عن مصير المخفيين قسراً، وإعادة الممتلكات المنهوبة إلى أصحابها». كما دعت إلى محاسبة المسؤولين «وفق مبدأ عدم الإفلات من العقاب».

وأكدت الشبكة أن ما يجري في حضرموت «ليس وقائع معزولة، بل هو نمط ممنهج يهدد فرص الاستقرار والسلام في اليمن»، مجددة استعدادها للتعاون مع آليات الأمم المتحدة والجهات الدولية المختصة، وتزويدها بالتقارير التفصيلية والأدلة الموثقة وقوائم الضحايا.