منيرة الصلح تمثل لبنان في «بينالي البندقية» بـ«أوروپا الفينيقية»

من خلال تجهيز «رقصة من حكايتها»

منيرة الصلح، رقصة من حكايتها، 2023 (الفنانة وغاليري صفير-زملر بيروت/هامبورغ، © LVAA)
منيرة الصلح، رقصة من حكايتها، 2023 (الفنانة وغاليري صفير-زملر بيروت/هامبورغ، © LVAA)
TT

منيرة الصلح تمثل لبنان في «بينالي البندقية» بـ«أوروپا الفينيقية»

منيرة الصلح، رقصة من حكايتها، 2023 (الفنانة وغاليري صفير-زملر بيروت/هامبورغ، © LVAA)
منيرة الصلح، رقصة من حكايتها، 2023 (الفنانة وغاليري صفير-زملر بيروت/هامبورغ، © LVAA)

سيكون الجناح اللبناني في المعرض العالمي الستين للفن المعاصر - بينالي البندقية، لهذه السنة، بمثابة احتفال بالتراث، وتحية للمرأة اللبنانية، من خلال تجهيز «رقصة من حكايتها» للفنانة منيرة الصلح، الذي يربط الحاضر بالأسطورة، والخيال بالواقع. وسيتمكّن عمل الصلح، وبتعاونها مع القيّمة الفنية ندى غندور والقيمة الفنية المساعدة دينا بزري، من تمثيل لبنان في هذا الحدث الدولي الفني، متخذاً مكاناً له في مركز الصدارة، في قلب الآرسنالي في البندقیة، حيث النقطة المحوریة للفنون المعاصرة التي تحظى باھتمامٍ وتركیزٍ واسعَین خلال البینالي.

الفنانة منيرة الصلح

 

وعُقد مؤتمر صحافي في «المتحف الوطني»، في بيروت، بحضور وزير السياحة وليد نصار، والكاتب روني ألفا ممثلاً لوزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، وعدد من الشخصيات الثقافية، وذلك للتعريف بما سيكون عليه الجناح اللبناني الذي سيمتد على مساحة 180 متراً مربعاً.

 

التجهيز المركّب

 

يتألّف التجهيز الفني المتعدّد الوسائط الذي يحمل عنوان «رقصة من حكايتها»، من 41 عملاً، مكوّنة من رسومات ولوحات ومنحوتات وتطريز وفيديو.

من خلال إعادة تأمّل أسطورة اختطاف «أوروپا»، تعيدُ الفنانة النّظر في التطلعات والتحديات التي تواجهها النساء في يومنا الحالي. على القماش كما على الورق والشاشة، تجمع عمليتها الإبداعية بين السَّرد المجازي والنَّهج الوثائقي والاستملاك والتحويل، من خلال تمثيلات تتّسمُ بالواقعية والشّعريّة والمُعاصَرة.

لوحة جزء من التجهيز (الفنانة وغاليري صفير-زملر بيروت/هامبورغ، © LVAA)

يتمحور تجهيز «رقصة من حكايتها» حول قاربٍ يدعونا إلى رحلة رمزية للانعتاق والمساواة بين الجنسين. غير أن هيكل القارب غير المكتمل يشيرُ إلى أن هذه الرحلة لم تكتمل تماماً. يستقرُّ تجهيز منيرة الصُّلح في مسارٍ تنظمه علاقات القوى. وفي وسط المعرض، نرى القارب في منتصف الطريق بين الأعمال التصويرية والرسومات التي تدعو إلى التشكيك في المعايير الجنسانية وإلى النضال من أجل المساواة من جهة، ومن جهةٍ أخرى الأقنعة التي تجسّدُ القوى المحافظة في المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، تأخذُ الأجسام التي نراها في مساحة المعرض أدواراً في الفيلم (12 دقيقة) المعروض على شراع القارب.

جانب من عمل منيرة الصلح (الفنانة وغاليري صفير-زملر بيروت/هامبورغ، © LVAA)

تشكّلُ رسومات منيرة الصُّلح إطاراً لفكرة مركزية قامت بتطويرها في مجموعةٍ من اللوحات التي تتحدى الأيقونية التقليدية. تتبنّى الفنانة استراتيجيّة تعتمد على التّبديل والتّحويل والتَّمسيخ. في العمل، نرى عديداً من الشّخوص النموذجيّة للثقافة والأسطورة الفينيقيّة تسكنُ، وبطريقةٍ فظّةٍ ومفاجئة ومهرّجة، عالماً يقع في الوسط بين الرّمز والواقع. لا ترتبطُ زمانيّة عمل «رقصة من حكايتها» بالأسطورة فقط، بل هي زمانية الفنّانة في حوارها مع المشاهد هنا والآن.

 

تفكيك الأسطورة

تعبّرُ القصة القديمة، التي نَظَمها وفَرَضَها رجال، عن الرّغبة في السيطرة على المرأة وإخضاعها. تذكّرنا رحلة «أوروپا» إلى جزيرة «كريت»، بداهةً، بغنائم الحرب التي أخذها الكريتيون من الفينيقيين. على مرّ القرون، خصوصاً في الرَّسم الغربي، تتطوّر تصويرات الأسطورة من فعل الاختطاف إلى حالةٍ من الموافقة والرّضى. ولكن لطالما كانت وجهة النّظر الذكوريّة هي الحاضرة والمعروضة. أمّا هنا، فتختار الفنانة إنشاء علاقة مساواة بين الجنسين وإعادة قراءة للأسطورة من خلال استبصار ووجهة نظر امرأةٍ حرّةٍ مستقلةٍ اليوم. تسعى الصُّلح إلى زعزعة توازن القوى بين الإله المسيطر والأميرة الخاضعة. هنا، تتعاون الأميرة «أوروپا» مع «زوس» وتتلاعب به. إنها هي التي تحمله وتمشي به على الماء، وهي التي تجعله يدور في الهواء بقدميها كالبالون. في بحثها، تسعى الفنانة إلى تفكيك الصور النمطية إلى أقصى الحدود، وذلك من خلال عكس الأدوار والأجناس، من بينها تحويل كلب «هرقل» إلى كلبةٍ أنثى.

لوحة جزء من التجهيز (الفنانة وغاليري صفير-زملر بيروت/هامبورغ، © LVAA)

خلال المؤتمر الصحافي، رأى ممثل وزير الثقافة اللبناني، الإعلامي روني ألفا، أن «عمل الصلح المتعدد الأبعاد يحاكي الأسطورة والواقع، التاريخ والحداثة»، واصفاً إياه بأنه «رحلة نضال تحرري يتحدى المجتمع الذكوري بغوايته وسط سينوغرافيا تحمل الزائر إلى الشاطئ اللازوردي في صور».

وشرحت المفوضة العامّة والقيّمة الفنية على الجناح اللبناني، ندى غندور، أن «المعرض هذه السنة يلقي الضوء على القضايا والتحديات التي تواجهها المرأة، سنة 2024». أما الجناح فيبدو صرحاً «يمجّد الانعتاق والحرية والتضامن والمساواة بين الجنسين».

وضع تصميم السينوغرافيا المهندس المعماري كريم بكداش دون أي تأهيلٍ أو تقسيم لمساحته، ممّا يسمح بالانغماس الكامل للجمهور داخل المعرض. يسهم في ذلك أيضاً التدرّج نحو أفق لا نهائي مطلي باللون الأزرق المُرَمَّد، وهو لون بحر مدينة صور وسمائها. هذا بالإضافة إلى عوّامةٍ خشبيّةٍ طويلةٍ ومتعرّجة تعبرُ الجناح من الطَّرَفِ إلى الطَّرف الآخر، وتربط اليابسة بالبحر. يتمُّ اللقاء بين الزائرين والأعمال الفنية طوال رحلتهم داخل الجناح.

تتولى «الجمعية اللبنانية للفنون البصرية»، برعاية وزارة الثقافة اللبنانية، تنظيم المشاركة اللبنانية في «بينالي البندقية»، حيث يمتد العرض من 20 أبريل (نيسان) إلى 24 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبلين.

قطعة من تجهيز منيرة الصلح (الفنانة وغاليري صفير-زملر بيروت/هامبورغ، © LVAA)

ومنيرة الصلح (مواليد بيروت في عام 1978) فنانة مفاهيمية، لها أسلوب يتسم بالدعابة والمرح، وتتمحور أعمالها حول قضايا الجندر والسياسة، ودور الفن في المجتمع العربي. وتستخدم في أعمالها الفنية الفيديو، والرسم، والتطريز، والفوتوغراف، والأداء، ونشر المجلات.

وتهتم الصلح في أعمالها بالقضايا النسوية، والهجرة القسرية الناشئة عن الحروب وعواقبها، بأسلوب يقوم على السخرية والتأمل الذاتي. كما تبحث في طرق رواية القصص بطريقة مفعمة بالحدس ومخاطبة الجسد الأنثوي.

درست المسرح والرسم والموسيقى في الجامعة اللبنانية في بيروت (1997 - 2001)، والفنون الجميلة في أكاديمية جيريت ريتفيلد في أمستردام (2003 - 2006). كانت أيضاً باحثة مقيمة في كلية الفنون الجميلة الحكومية، بأمستردام (2007 - 2008).

قدمت الصلح معارض فردية في معهد شيكاغو للفنون (2018)، ومتحف بالدوحة (2018)، والفن جميل بدبي (2017)، ومتحف بابلو بيكاسو الوطني - الحرب والسلام في فالوريس بفرنسا، ومتحف فان أبي في آيندهوفن، وعرضت في عديد من عواصم العالم، وحصلت على عديد من الجوائز الدولية.


مقالات ذات صلة

«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

يوميات الشرق «خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)

«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

مرت السنوات وظل (خيال المآتة) كامناً في جزء ما من ذاكرة غزالة، إلى أن أيقظته زيارة قام بها إلى الريف ليفاجأ بوجود الكائن القديم الذي داعب خياله.

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق التشكيلية الكردية تناولت آلام النساء في زمن الحرب (الشرق الأوسط)

التشكيلية الكردية يارا حسكو تحتفي بالمرأة وتُجسِّد مآسي الحرب

يضمّ معرضها مجموعة أعمال دخلت من خلالها إلى روح النساء، رابطةً ظروف حياتهنّ الخاصة برسومها، لتعيد سرد قصة كل لوحة بحركات وتعابير تحاكي الحرب السورية وتقلّباتها.

كمال شيخو (القامشلي)
يوميات الشرق أعمال 20 فناناً محلياً وعالمياً تشارك المعرض الذي يقدّمه معهد مسك للفنون (الشرق الأوسط)

20 فناناً دولياً يستكشفون تأثيرات ظهور الإنترنت في الرياض

في ظل التقدم التقني غير المسبوق الذي يشهده العصر الحالي، ألقى معرض «عصر الأثر الخافت» الضوء على التأثيرات والتحولات التي أحدثتها الأقمار الاصطناعية.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق مشهد من معرض «من قتل أسمهان» (الشرق الأوسط)

«كايرو كوميكس»... أحلام الشباب تُجسِّدها القصص المصوَّرة

يقدّم المهرجان - الذي اختار أيقونة مجلة «ماجد» الإماراتية «كسلان جداً»، للفنان المصري مصطفى رحمة، شخصية هذا العام - أعمال فنانين من الأردن وسويسرا والأرجنتين.

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق السطو مسَّ بملكات الفنان آندي وارهول (أ.ب)

لصوص سرقوا «ملكات» آندي وارهول من معرض هولندي

سُرقت لوحتان للفنان الأميركي آندي وارهول خلال اقتحام ليليّ لمعرض في هولندا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر جوائز مهرجان «أثر» للإبداع

«SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)
«SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)
TT

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر جوائز مهرجان «أثر» للإبداع

«SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)
«SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

تصدّرت وكالة الخدمات الإبداعية والإعلانية (SRMG Labs)، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، مهرجان «أثر» للإبداع، الأكبر من نوعه في مجال التسويق الإبداعي بالمملكة، وحصدت 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها.

ونالت الوكالة 5 جوائز ذهبية في 5 فئات مختلفة، وجائزة سادسة تقديراً لدورها الريادي في المنطقة.

وحازت «صوت العلم» النصيب الأكبر من الجوائز خلال المنافسة، وهي مبادرة أُطلقت قبل عامين تزامناً مع احتفالات اليوم الوطني السعودي، بالتعاون مع «مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة»؛ بهدف تمكين ذوي الإعاقة السمعية من الإحساس بنغمات النشيد الوطني، عبر تقنية لمس مدمجة بنسيج العلم.

وتمثَّلت الجوائز التي نالتها مبادرة «صوت العلم» في أفضل حملات «في اليوم الوطني»، و«مبتكرة»، و«غير ربحية»، و«تمكين» و«من أجل مستقبل السعودية».

ونالت الوكالة تكريماً خاصاً عن حملة «الملاعب المطبوعة» التي أطلقتها لصالح صحيفة «الرياضية» بالتزامن مع يوم الصحة العالمي.