معارك يبرود تحتدم.. وأنباء عن دعم «فيلق بدر» العراقي لقوات النظام في القتال

مقتل 13 في غارات جوية قرب الحدود التركية.. وخرق هدنة اليرموك

صورة وزعت أمس لجانب من الانفجارات التي أعقبت غارات جوية على بلدة كفر تخاريم في إدلب (أ.ب)
صورة وزعت أمس لجانب من الانفجارات التي أعقبت غارات جوية على بلدة كفر تخاريم في إدلب (أ.ب)
TT

معارك يبرود تحتدم.. وأنباء عن دعم «فيلق بدر» العراقي لقوات النظام في القتال

صورة وزعت أمس لجانب من الانفجارات التي أعقبت غارات جوية على بلدة كفر تخاريم في إدلب (أ.ب)
صورة وزعت أمس لجانب من الانفجارات التي أعقبت غارات جوية على بلدة كفر تخاريم في إدلب (أ.ب)

قال معارضون سوريون، أمس، إن الهجوم الذي تشنه القوات النظامية على مشارف مدينة يبرود في القلمون بريف دمشق الشمالي «تراجع غداة اشتباكات عنيفة وقعت على محوري سحل ومزارع ريما»، بينما «كثفت القوات النظامية من وتيرة قصفها للمنطقة، مستهدفة أحياء يبرود بصواريخي أرض - أرض، وقذائف مدفعية». وتزامنت هذه الاشتباكات مع معارك اندلعت في مدينة حلب وريفها ودير الزور، في حين تجددت الاشتباكات بين وحدات حماية الشعب الكردي ومقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) في تل أبيض، شمال شرقي سوريا.
كما قتل 13 شخصا في غارات جوية شنتها طائرات النظام السوري على بلدة كفر تخاريم في إدلب قرب الحدود التركية.
وأفاد ناشطون أمس بسقوط صاروخي أرض - أرض في مدينة يبرود، أحدهما استهدف وسط المدينة في أطراف حي القاعة، والثاني سقط في منطقة العقبة، في حين تواصل القصف بالبراميل المتفجرة على المدينة الصناعية.
وقال عضو المجلس العسكري في ريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط» إن القصف «تصاعد بوتيرة غير مسبوقة، فيما بدا أنه قصف تمهيدي لمحاولة اقتحام المدينة، والمناطق المتاخمة لها، حيث تتمركز قوات المعارضة، وأهمها في سحل ومزارع ريما». وقال الداراني إن القصف «استخدمت فيه راجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة، وسط غياب لسلاح الطيران».
وأعاد ناشطون تحييد سلاح الطيران الحربي من المعركة أمس، بعد تسجيل 70 غارة خلال 48 ساعة، إلى الظروف المناخية وإلى تقارب المسافات بين المعارضين والقوات النظامية، وتحديدا في سحل وريما. وأشار الداراني إلى أن هذا القصف «جاء بديلا عن محاولات الهجوم المتكررة التي فشلت القوات النظامية، مدعومة من مقاتلي حزب الله اللبناني، بتحقيقه في المنطقة».
وأفاد ناشطون سوريون بارتفاع عدد خسائر القوات النظامية في معركة يبرود، خلال 24 ساعة، إلى طائرتين وخمس دبابات وجرافة، كان آخرها دبابة أصيبت بصاروخ «كونكريس» على محور سحل. وقال الناشط عامر القلموني لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيا فيلق البدر (العراقي) انضمت أخيرا إلى القوات النظامية التي تكبدت خسائر كبيرة، بينما تستمر الاشتباكات على محاور القتال لمنع القوات النظامية من التقدم والسيطرة على المنطقة».
وسربت مواقع تابعة للمعارضة، أسماء لمقاتلين تابعين لحزب الله و«فيلق بدر» قالوا إنهم قتلوا خلال الاشتباكات في عقبة يبرود «القسطل». وأكدت مصادر في المعارضة مقتل القيادي في حزب الله زهير أبو رافع.
وكان محورا سحل وريما، الواقعان شمال شرقي يبرود، ويفصلهما عن المدينة أوتوستراد دمشق - حمص الدولي، شهدا اشتباكات عنيفة، أسفرت عن تقدم القوات النظامية في بعض المواقع الجبلية. ونفى الداراني أن يكون التقدم تحقق في بلدة سحل «التي نزح السكان منها، وتحولت إلى جبهة مفتوحة بين الطرفين». واتسعت رقعة القصف أمس لتطال مدينتي رنكوس والزبداني، فيما تواصل النزوح من بلدات القلمون.
في المقابل، ردت قوات المعارضة على القصف، بإطلاق صواريخ محلية الصنع على مطاري الناصرية والضمير العسكريين في ريف دمشق، بالتزامن مع إطلاق صواريخ باتجاه منطقة القطيفة العسكرية.
وقال الداراني إن القطيفة «تُستهدف لأول مرة منذ بدء المعارك في ريف دمشق»، مشيرا إلى أنها «نقطة تجمع عسكرية لأكبر الفرق العسكرية في المنطقة الوسط بين دمشق وحمص، وتتضمن سكن كبار الضباط والعسكريين».
وفي دمشق، سجل، أمس، سقوط عدة قذائف هاون في محيط منطقة العباسيين بدمشق، كما أفاد به اتحاد تنسيقيات الثورة بأن الجيش الحر نسف بناء كامل تتحصن به قوات النظام في حي جوبر بدمشق.
وتعرضت مناطق في مدينة حرستا بريف دمشق لقصف بقذائف الهاون من القوات النظامية. وأفاد المرصد السوري بوقوع اشتباكات بين مقاتلي الكتائب المقاتلة والقوات النظامية، على المتحلق الجنوبي بالقرب من مدينة زملكا، كما دارت اشتباكات بين الطرفين على جبهة دروشا بالغوطة الغربية، وبالقرب من مخيم خان الشيح.
وفي إدلب، شن طيران النظام السوري غارات جوية على بلدة كفر تخاريم قرب الحدود التركية، مما أدى إلى مقتل 13 شخصا. كما أسفرت الغارات عن تدمير مبانٍ سكنية. وأظهر مقطع فيديو نشر على شبكة الإنترنت يُزعم أنه لأحداث ما بعد القصف، رجالا يحملون طفلا وجهه محترق من أحد المباني التي اشتعلت بها النيران جراء القصف الجوي.
وفي غضون ذلك، تصاعدت حدة الاشتباكات في حلب، شمال البلاد، بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة في أكثر من منطقة، كان أعنفها في منطقة الشيخ نجار التي قال ناشطون إن القوات النظامية حاولت استعادتها، حيث اشتبكت مع مقاتلين تابعين للجبهة الإسلامية المعارضة، واتسعت الاشتباكات إلى بلدة النقارين. وأفاد ناشطون بوقوع اشتباكات في أحياء داخلية في مدينة حلب، بينها المرجة ودوار الجندول والكلاسة. كما وقعت اشتباكات في مناطق متفرقة بالريف الجنوبي لحلب، بينها خناصر التي نسف فيها المعارضون حاجزا لقوات النظام، وذلك في هجوم مفاجئ.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتجدد الاشتباكات بين مقاتلي الكتائب المقاتلة والقوات النظامية على أطراف حي بني زيد، كذلك سقطت عدة قذائف على مناطق في حي المشارقة الخاضع لسيطرة القوات النظامية. وتعرضت أطراف سجن حلب المركزي لقصف من القوات النظامية بالتزامن مع اشتباكات بين مقاتلي جبهة النصرة وحركة أحرار الشام الإسلامية من طرف والقوات النظامية من طرف آخر، بحسب ناشطين من المنطقة.
في موازاة ذلك، واصل سلاح الجو التابع للنظام استهداف أحياء حلب ومناطق في ريفها بالبراميل المتفجرة، أبرزها في مدينة الشيخ نجار الصناعية وحي مساكن هنانو، غداة استهداف طريق الباب وأحياء الحيدرية والجزماتي وجبل بدرو بأكثر من ثمانية صواريخ، أتبعها بغارات أخرى.
وفي سياق التوتر بين كتائب المعارضة وتنظيم داعش، قال ناشطون إن الأخير حصن منطقة نفوذه في مدينة الباب (30 كلم شرق حلب)، بنصب حواجز إسمنتية، كما رفع سواتر ترابية أخرى على الطرق المؤدية إليها «لأسباب غير معروفة».
وتواجه «داعش» تحديا آخر في محافظة الحسكة، حيث أفاد المرصد السوري باندلاع اشتباكات مع مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي في الريف الغربي لمدينة تل أبيض، وسط قصف متبادل بين الطرفين.
وفي دير الزور، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتجدد الاشتباكات بين مقاتلي الكتائب المقاتلة والقوات النظامية في منطقة المركزية الرابعة، التي تتمركز بها الكتائب المقاتلة في حويجة المريعية، وسط تقدم للكتائب المقاتلة، وقصف من القوات النظامية على منطقة الاشتباك، بينما انفجرت عبوة ناسفة في بلدة البصيرة.
وفي تطور لاحق أمس، تجددت المعارك وعمليات القصف في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان، فيما تبادلت جبهة النصرة المتطرفة و»الجبهة الشعبية-القيادة العامة» الاتهامات بخرق الهدنة التي اعلنت منذ منتصف فبراير (شباط) في هذا المخيم.
وتحدث المرصد عن «اشتباكات عنيفة تدور بين جبهة النصرة (التابعة للقاعدة) والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة»، الموالية للنظام السوري، فيما اكد مديره رامي عبد الرحمن انه «جرى خرق الهدنة».



الحوثيون يجهّزون لمحاكمة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة

محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يجهّزون لمحاكمة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة

محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)

فيما تواصل الجماعة الحوثية تجاهل الدعوات الدولية المطالِبة بوقف ملاحقة موظفي المنظمات الدولية والإغاثية، كشفت مصادر قضائية عن استعداد الجماعة لإحالة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة والعاملين لدى منظمات إغاثية دولية ومحلية، إضافة إلى أفراد من بعثات دبلوماسية، إلى المحاكمة أمام محكمة متخصصة بقضايا «الإرهاب».

يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان محامٍ يمني بارز، تولّى منذ سنوات الدفاع عن عشرات المعتقلين لدى الحوثيين، دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجاً على استمرار اعتقاله ووضعه في زنزانة انفرادية منذ 3 أشهر، وفق ما أفاد به أفراد من أسرته.

وقالت المصادر القضائية لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة بدأت فعلياً بمحاكمة 3 دفعات من المعتقلين، أُصدرت بحقهم حتى الآن أحكام إعدام بحق 17 شخصاً، في قضايا تتعلق باتهامات «التجسس» والتعاون مع أطراف خارجية. وأوضحت أن التحضيرات جارية لإحالة دفعة رابعة، تضم موظفين أمميين وعاملين في المجال الإنساني، إلى المحاكمة خلال الفترة المقبلة.

العشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية مهددون بأوامر الإعدام الحوثية (إعلام محلي)

وبحسب المصادر نفسها، فإن الحوثيين نقلوا العشرات من المعلمين والنشطاء في محافظة إب إلى العاصمة صنعاء، في خطوة وُصفت بأنها تمهيد لمحاكمتهم، بعد أشهر من اعتقالهم. وأكدت أن جهاز مخابرات الشرطة، الذي يقوده علي الحوثي نجل مؤسس الجماعة، بدأ بنقل أكثر من 100 معتقل من إب إلى صنعاء، عقب فترات تحقيق مطوّلة داخل سجن المخابرات في المحافظة.

وأشارت إلى أن المعتقلين حُرموا من توكيل محامين للدفاع عنهم، كما مُنعت أسرهم من زيارتهم أو التواصل معهم، رغم مرور أكثر من 6 أشهر على اعتقال بعضهم، في مخالفة صريحة لأبسط ضمانات العدالة والإجراءات القانونية.

دور أمني إيراني

وفق ما أفادت به المصادر في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، فإن خبراء أمن إيرانيين تولّوا الإشراف على حملات الاعتقال الواسعة، التي انطلقت بذريعة منع الاحتفال بالذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر (أيلول) 1962، التي أطاحت بحكم أسلاف الحوثيين في شمال اليمن. وانتهت تلك الحملات باعتقال العشرات بتهم «التجسس» لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل.

وأضافت أن إحكام القبضة الإيرانية على ملف المخابرات لدى الحوثيين، جاء في إطار احتواء الصراعات بين الأجهزة الأمنية المتعددة التابعة للجماعة، إلى جانب الإشراف على خطط تأمين قياداتها السياسية والعسكرية.

غير أن هذا الترتيب، بحسب المصادر، أدى إلى إغلاق معظم قنوات الوساطة القبلية التي كانت تُستخدم سابقاً للإفراج عن بعض المعتقلين، مقابل دفع فِدى مالية كبيرة وتقديم ضمانات اجتماعية بحسن السيرة.

إضراب محامي المعتقلين

في سياق هذه التطورات القمعية الحوثية، أعلن المحامي اليمني المعروف عبد المجيد صبرة، الذي تولّى الدفاع عن عشرات المعتقلين لدى الحوثيين، إضراباً عاماً عن الطعام، احتجاجاً على استمرار احتجازه منذ نهاية سبتمبر الماضي. ونقل شقيقه وليد صبرة، في نداء استغاثة، أنه تلقى اتصالاً مقتضباً من شقيقه أبلغه فيه ببدء الإضراب، وبأن إدارة سجن المخابرات أعادته إلى الزنزانة الانفرادية.

دفاع صبرة عن المعتقلين أغضب الحوثيين فاعتقلوه (إعلام محلي)

وأوضح وليد صبرة أن سبب اعتقال شقيقه يعود إلى منشور على مواقع التواصل الاجتماعي احتفى فيه بالذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر، مؤكداً أن الأسرة لا تعلم شيئاً عن وضعه الصحي، وأن طلباتهم المتكررة لزيارته قوبلت بالرفض. وتساءل عن مصير الفريق القانوني الذي كلفته نقابة المحامين بمتابعة القضية، وما إذا كان قد تمكّن من معرفة مكان احتجازه أو الجهة المسؤولة عنه.

وأثار إعلان الإضراب موجة تضامن واسعة، حيث عبّر عشرات الكتّاب والنشطاء عن دعمهم للمحامي صبرة، مطالبين بالإفراج الفوري عنه، وضمان حقه في الزيارة والرعاية الطبية.

كما ناشدوا نقابة المحامين، واتحاد المحامين اليمنيين والعرب، ومنظمات حقوق الإنسان، التدخل العاجل لحماية حياته، باعتباره أحد أبرز المدافعين عن الحريات والحقوق، وعن الصحافة والصحافيين، وعن المعتقلين والمختفين قسرياً، والمحكوم عليهم بالإعدام في مناطق سيطرة الحوثيين.


العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
TT

العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)

شدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي على أن الاستقرار السياسي يُعد شرطاً أساسياً لنجاح أي إصلاحات اقتصادية، في ظل تداعيات قرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، مشيداً في الوقت ذاته بجهود تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات لخفض التصعيد، وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظات شرق البلاد.

جاءت تصريحات العليمي، الأحد، خلال اتصال أجراه بمحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب، للاطلاع على المستجدات الاقتصادية والنقدية، والتداعيات المحتملة لقرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، على خلفية الإجراءات الأحادية التي شهدتها المحافظات الشرقية في الأيام الماضية.

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن مصدر رئاسي أن العليمي استمع إلى إحاطة من محافظ البنك المركزي حول مستوى تنفيذ قرارات مجلس القيادة، وتوصياته الهادفة لمعالجة الاختلالات القائمة في عملية تحصيل الإيرادات العامة إلى حساب الحكومة في البنك المركزي، إضافة إلى عرض للمؤشرات المالية والنقدية، والجهود المطلوبة لاحتواء تداعيات القرار الدولي على استقرار سعر الصرف، وتدفق الوقود والسلع، وتحسين مستوى الخدمات الأساسية.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأضاف المصدر أن الاتصال تطرق إلى تقييم شامل للأوضاع الاقتصادية الراهنة، وما يفرضه تعليق أنشطة صندوق النقد من تحديات تتطلب تنسيقاً حكومياً عاجلاً للحفاظ على الاستقرار سواء المالي أو النقدي، وضمان استمرار التزامات الدولة تجاه المواطنين.

وكانت مصادر يمنية رسمية ذكرت أن صندوق النقد الدولي قد أعلن تعليق أنشطته في اليمن، عقب التوتر الأمني في حضرموت والمهرة خلال الأيام الماضية، الأمر الذي أثار مخاوف من انعكاسات اقتصادية محتملة، في وقت تعتمد فيه الحكومة اليمنية على الدعم الخارجي والمؤسسات الدولية في تنفيذ برامج الاستقرار المالي والإصلاحات الاقتصادية.

إشادة بمساعي التهدئة

أفاد المصدر الرئاسي اليمني - حسب ما نقلته وكالة «سبأ» بأن العليمي أشاد بالمساعي التي يبذلها تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات، لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة، مثمناً دعم الرياض للموازنة العامة، وتعزيز صمود مؤسسات الدولة، واستمرار الوفاء بالالتزامات الحتمية تجاه المواطنين.

جنود تابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن يحرسون مدخل القصر الرئاسي (رويترز)

وأشار المصدر إلى أن العليمي عدّ إعلان صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن بمثابة «جرس إنذار»، يؤكد ارتباط الاستقرار الاقتصادي بالاستقرار السياسي، ويبرز أهمية توحيد الجهود لتفادي انعكاسات سلبية على الوضعين المالي والمعيشي.

كما جدّد رئيس مجلس القيادة التأكيد على أن الانسحاب الفوري للقوات الوافدة كافة من خارج محافظتي حضرموت والمهرة يُمثل الخيار الوحيد لإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، واستعادة مسار النمو والتعافي، وتعزيز الثقة مع مجتمع المانحين والمؤسسات الدولية.

توحيد الجهود

يأتي اتصال العليمي بمحافظ البنك المركزي عقب لقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزُّبيدي (رئيس مجلس الانتقالي الجنوبي) في العاصمة المؤقتة عدن بقيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية، برئاسة اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي.

وكان اللقاء ناقش - حسب الإعلام الرسمي اليمني - سُبل توحيد الجهود في مواجهة المخاطر التي تهدد أمن المنطقة والإقليم، وتمس المصالح الدولية، وتهدد حرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز جهود مكافحة الإرهاب، وتجفيف منابع تمويله، والتنسيق مع الشركاء الدوليين لوقف تهريب الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية.

اجتماع وفد عسكري سعودي إماراتي في عدن مع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي (سبأ)

وأكد الزُّبيدي خلال اللقاء عمق ومتانة العلاقات الأخوية مع دول التحالف، مثمناً الدور الذي تقوم به في دعم القوات المسلحة، ومواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب. وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وعقب هذا اللقاء كانت القيادة التنفيذية العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي عقدت اجتماعها الدوري برئاسة الزبيدي، واستعرضت نتائج اللقاء مع قيادة القوات المشتركة للتحالف، وما خرج به من تفاهمات لتعزيز الأمن والاستقرار، ومكافحة الإرهاب، وتأمين خطوط الملاحة وحماية الأمن البحري، إضافة إلى الأوضاع في وادي حضرموت والمهرة، والجهود المبذولة لتطبيع الأوضاع، وحفظ السكينة العامة.


«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

أغلقت الجماعة الحوثية خلال الشهر الماضي 98 منشأة ومتجراً متنوعاً في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في سياق تصعيدها لحملات الدهم والإغلاق وفرض الإتاوات التي تستهدف كبار التجار وأصحاب المتاجر الصغيرة على حد سواء، لإرغامهم على دفع جبايات مالية وعينية تحت مسميات متعددة، تُفاقم من هشاشة الاقتصاد المحلي، وتزيد من معاناة السكان.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تنفيذ نحو 40 لجنة ميدانية تتبع ما يُسمى مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء، عدة نزولات خلال 4 أسابيع، استهدفت بالدهم والإغلاق وفرض الإتاوات ما يقارب 683 منشأة تجارية في أحياء متفرقة من صنعاء، شملت أسواقاً مركزية، ومحال بيع بالتجزئة، ومطاعم ومخازن.

وأقرّ تقرير أولي صادر عن مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين بأن القائمين على الحملة أغلقوا خلال 30 يوماً نحو 98 منشأة ومتجراً، وأصدروا 227 تعميماً، ونحو 110 إشعارات حضور، وأحالوا 55 مخالفة إلى النيابة التابعة للجماعة، فضلاً عن اتخاذ سلسلة إجراءات إدارية وغرامات مالية بحق 190 منشأة بزعم ارتكاب مخالفات.

عناصر حوثيون خلال دهم أحد المتاجر في صنعاء (فيسبوك)

ويزعم الحوثيون أن حملاتهم تهدف إلى ضبط الأسعار، ومكافحة الغش التجاري والاحتكار، والتصدي لمواد مخالفة للمواصفات أو منتهية الصلاحية، ونقص الأوزان، ورفض التفتيش، وغيرها من المبررات التي يرى التجار أنها تُستخدم غطاءً لابتزازهم وجباية الأموال بالقوة.

مضايقات متكررة

واشتكى تجار في صنعاء، تحدّثوا إلى «الشرق الأوسط»، من تكرار المضايقات الحوثية بحقهم، مؤكدين أن الجماعة تواصل شن حملات واسعة لجمع إتاوات نقدية وعينية تحت تسميات عدة، أبرزها تمويل ما تُسمى الوقفات المسلحة، وحملات التعبئة والتجنيد الإجباري، ودورات «طوفان الأقصى» العسكرية، تحت مزاعم الاستعداد لما تصفه بمعارك مرتقبة مع إسرائيل وأميركا.

وأكد تجار أن فرض مزيد من الجبايات يتزامن مع تراجع حاد في النشاط التجاري وكساد البضائع وارتفاع النفقات التشغيلية، ما يجعل كثيراً من المنشآت الصغيرة والمتوسطة مهددة بالإفلاس أو الإغلاق القسري، في ظل غياب أي حماية قانونية أو بيئة أعمال مستقرة.

جرافة حوثية تعتدي على باعة أرصفة بالقرب من متاجر في صنعاء (إعلام حوثي)

ويقول «خالد» (اسم مستعار)، وهو تاجر مواد غذائية في حي السنينة بمديرية معين، إن عناصر حوثية مسنودة بعربات أمنية اقتحمت متجره، وأرغمته على دفع 10 آلاف ريال يمني (الدولار نحو 535 ريالاً) بحجة الإسهام في تمويل أنشطة الجماعة الحالية لاستقطاب وتجنيد مقاتلين جدد. ويوضح أن المبالغ المفروضة تُحدد تقديرياً بناءً على حجم البضائع، دون أي معايير قانونية واضحة.

من جهته، يؤكد صاحب متجر صغير في حي شميلة بمديرية السبعين، لـ«الشرق الأوسط»، تكثيف مسلحي الجماعة خلال الأسابيع الأخيرة من استهداف التجار وصغار الباعة في سوق شميلة المركزية، لإجبارهم على دفع إتاوات غير قانونية.

ويشير إلى أن متجره تعرّض للدهم منتصف الشهر الماضي، وأُجبر بالقوة على دفع مبلغ مالي بزعم وجود مخالفات سابقة، قبل أن يصادر المسلحون أصنافاً غذائية من متجره نتيجة عجزه عن السداد، بذريعة دعم المقاتلين في الجبهات.

تدهور اقتصادي

تأتي هذه التطورات في وقت كشف فيه تقرير دولي حديث عن استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في ظل تصاعد حملات الجباية التي تستهدف الأنشطة التجارية، ما يُعمِّق أزمة انعدام الأمن الغذائي ويقلّص قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية.

حوثيون يغلقون متجراً في صنعاء لعدم استجابة مالكه لدفع جبايات (إكس)

ووفقاً لتقرير صادر عن «شبكة الإنذار المبكر للاستجابة للمجاعة»، فإن الاقتصاد في مناطق سيطرة الجماعة يواصل التراجع بوتيرة عالية، بفعل الحملات المتكررة التي تطول المطاعم والمتاجر والفنادق وبقية القطاعات، ولا تقتصر على فرض رسوم إضافية فحسب، بل تشمل تشديد القيود التنظيمية، الأمر الذي أدى إلى إغلاق عدد من المنشآت الصغيرة.

وحذّر التقرير من أن استمرار هذا النهج سيُضعف قدرة الأسر على الحصول على الغذاء حتى بالتقسيط، الذي شكّل خلال السنوات الماضية ملاذاً أخيراً لمواجهة الضائقة المعيشية، متوقعاً زيادة حدة انعدام الأمن الغذائي في ظل استمرار الجبايات وتراجع المساعدات الإنسانية أو توقفها.