قد تجعل الناس يساعدوك أو يتجاهلوك... كلمة واحدة تجعلك أكثر إقناعاً

الحجج والطلبات لا تكون مقنعة بشكل أو بآخر عندما تكون مبنية على أفكار قوية بل تعتمد على الكلمات الفردية التي تستخدمها (رويترز)
الحجج والطلبات لا تكون مقنعة بشكل أو بآخر عندما تكون مبنية على أفكار قوية بل تعتمد على الكلمات الفردية التي تستخدمها (رويترز)
TT

قد تجعل الناس يساعدوك أو يتجاهلوك... كلمة واحدة تجعلك أكثر إقناعاً

الحجج والطلبات لا تكون مقنعة بشكل أو بآخر عندما تكون مبنية على أفكار قوية بل تعتمد على الكلمات الفردية التي تستخدمها (رويترز)
الحجج والطلبات لا تكون مقنعة بشكل أو بآخر عندما تكون مبنية على أفكار قوية بل تعتمد على الكلمات الفردية التي تستخدمها (رويترز)

يتطلب الأمر كلمة واحدة (مثل «لأن») لتغيير رأي شخص ما، وفقاً لجونا بيرغر، أستاذ التسويق الذي قام بتجميع قائمة من «الكلمات السحرية» التي يمكن أن تغير طريقة تواصلك.

ويقول بيرغر لشبكة «سي إن بي سي» إن استخدام كلمة «لأن» أثناء محاولة إقناع شخص ما بفعل شيء، له نتيجة مقنعة، حيث إن المزيد من الناس سوف يستمعون إليك، ويفعلون ما تريد.

يشير بيرغر إلى دراسة عمرها 50 عاماً تقريباً من جامعة هارفارد، حيث جلس باحثون في مكتبة الجامعة، وانتظروا شخصاً ما لاستخدام آلة النسخ، ثم قاموا وطلبوا استخدام الآلة من المشارك غير المعروف.

وقد صاغوا طلبهم بثلاث طرق مختلفة:

- «هل يمكنني استخدام ماكينة (زيروكس)؟».

- «هل يمكنني استخدام آلة (زيروكس) لأنه يتوجب عليَّ عمل نسخ؟».

- «هل يمكنني استخدام (زيروكس) لأنني في عجلة من أمري؟».

وجد الباحثون أن كلا الطلبين اللذين يستخدمان كلمة «لأن» جعل الأشخاص الذين يقومون بالفعل بالنسخ أكثر عرضة للامتثال بنسبة تزيد على 50 في المائة. حتى العبارة الثانية، التي يمكن إعادة تفسيرها على أنها «هل يمكنني أن أقف أمامك لأفعل الشيء نفسه الذي تفعله بالضبط؟»، كانت فعالة، لأنها تشير إلى أن الشخص الغريب الذي يطلب خدمة كان على الأقل مراعياً لها، كما أشارت إليه الدراسة.

وأوضح بيرغر: «لم يكن الإقناع مدفوعاً بالسبب نفسه... لقد كان مدفوعاً بقوة الكلمة».

«كلمات سحرية» أخرى... وكيفية استخدامها

تستخدم الشركات «لأن» لجعل إعلاناتها أكثر إقناعاً، كما كتبت عالمة السلوك نوالا والش في موقع Inc.com العام الماضي: «استخدمت شركة مستحضرات التجميل (لوريال) شعار (لأنك تستحق ذلك) لمدة 5 عقود، كما تستخدم متاجر الأثاث شعار (لأنها لفترة محدودة) لتدفعك إلى التسوق الآن».

الكلمة هذه ليست الوحيدة التي تمتلك قوى تواصل خارقة. يقول بيرغر إن الحجج والطلبات والعروض التقديمية لا تكون مقنعة بشكل أو بآخر عندما تكون مبنية على أفكار قوية، بل تعتمد على الكلمات الفردية التي تستخدمها.

ويوضح: «قد تكون لديك أفكار ممتازة، لكن الأفكار الممتازة لن تجعل الناس يستمعون إليك بالضرورة... التحولات الدقيقة في لغتنا لها تأثير كبير حقاً».

أشار بيرغر إلى أن قول وكتابة كلمة «أُوصِي»، بدلاً من «أعجَبَني» يجعلان الأشخاص أكثر ميلاً إلى اتباع اقتراحاتك بنسبة الثلث تقريباً. وينطبق الشيء نفسه عند استبدال الأفعال بالأسماء، كما يقول: «من المرجَّح أن يلبي الناس طلباتك بنسبة تصل إلى 30 في المائة عندما تطلب (مساعدين) بدلاً من (المساعدة)، أو (الناخبين) بدلاً من (الأصوات)»، على سبيل المثال.

يمكنك، بل ويجب عليك، استخدام هذه الاستراتيجيات عندما تكون على الطرف المتلقي للمحادثة، كما يؤكد بيرغر: «استمع إلى الكلمات المحددة التي يستخدمها الآخرون، وقم بصياغة رد يتحدث بلغتهم. يمكن أن يساعد القيام بذلك في التوصل إلى اتفاقية أو حل».



مشاهير لبنانيون يُغلّبون العمل الميداني على المودّة الافتراضية

نحتاج جميعاً إلى أيادٍ مُسعِفة (رويترز)
نحتاج جميعاً إلى أيادٍ مُسعِفة (رويترز)
TT

مشاهير لبنانيون يُغلّبون العمل الميداني على المودّة الافتراضية

نحتاج جميعاً إلى أيادٍ مُسعِفة (رويترز)
نحتاج جميعاً إلى أيادٍ مُسعِفة (رويترز)

لا يعني عدم مغادرة المنازل نحو التشرُّد الكبير أنّ الباقين تحت سقوفها بمعظمهم ينعمون بالاتّساع. بوصف الممثلة اللبنانية ماغي بوغصن: «نشعر كأننا مقيمون في علبة سردين؛ لفرط إحساسنا بالضيق»، منذ تمادي الوجع الإنساني خطت أبعد من الاحتضان اللفظي، يُطالب كثيرون مشاهير بتوظيف الشعبية بما يُساند ويُخفّف، وآخرون لا يغفرون اكتفاء الأسماء تحت الضوء بالوطنية من مسافات، ويشترطون مشاركة الناس ألم الجراح المفتوحة من خارج الشاشات. الإعلامية رابعة الزيات تفضّل المؤازرة المباشرة مع المتضرّرين، وتُغلِّب، أسوةً بماغي بوغصن، أهمية العمل الميداني على المودّة الافتراضية.

تقسو على اللبنانيين أزمانهم والحروب تُنهك كل جيل (رويترز)

العطاء الفردي ممرُّ عطاءات جماعية

تُدرك بوغصن أنّ قدر المرء الهبوب المستمر، باللغة المحكيّة يقال: «ما حدا عراسه خيمة»، وليست مدعاة للتباهي مشاركتُها النازحين قسوة الحال. بقولها: «إنه أقل واجب»، تُخبر «الشرق الأوسط» عن تعدُّد احتمالات التفجُّع الإنساني، منها الفيضانات والزلازل، وبأنّ أحداً لا يُبصر خفايا المكتوب: «نحتاج جميعاً إلى أيادٍ مُسعِفة، أومن أنّ عطاء الله لي هو ببعضه ممرٌّ لعطاء الآخرين من خلالي، لا نُعطَى دائماً من أجلنا».

لها أحبّة يشاركونها النجاح، ويدعمون حملات تتبنّاها، ولمّا عُيِّنت سفيرةً لجمعية «حماية»، المعنيّة بإنقاذ الصغار من عنف الكبار، وجدت مَن يشجّع المبادرة ويقتدي بها. تُكمل المَهمّة مع «حماية»، وتزور مدارس اللجوء، وبالتوازي، تُطلق حملة لجَمْع التبرّعات تحصد التجاوُب الكبير.

وتتابع: «(الفانز) الذين يدعمون مسلسلاتنا، ويصفّقون لما نقدِّم، مُطالَب منّا لفت أنظارهم نحو عمل الخير، هم ليسوا لاحتفالات النجاح فقط، حبّهم لنا يُوظَّف في الأيام الصعبة أيضاً، جمعنا تبرّعات بآلاف الدولارات من مختلف دول العالم. عائلات في بيروت والشمال ومراكز نزوح أخرى، تأمَّن ما يلزمها من حليب أطفال وحفاضات، وما يستر الأبدان قُبيل الشتاء».

تقسو على اللبنانيين أزمانهم، والحروب تُنهك كل جيل، «أتعبَنا عمرٌ يمضي في الحرب، نُكمل بشقاء هذه الأيام المريرة، ونؤمن بأنّ السماء ستستجيب».

طفولة تتحايل على نكبتها (رويترز)

ولا تُحبّذ أن يُقال: انظروا إلى ماغي ماذا تفعل؛ ليقين أنه واجب، لكنّ تَشارُك اللفتة قد يُحرّض آخرين على سلوك درب مماثل، لا تصبّ غضبها على مكتفين بتدوينات التعاطف، وإنما تفضّل اقتران الأقوال بالأفعال: «نعمل في النهار والليل للتأكد من وصول التبرّعات إلى مُستحقّيها، الفنان مُكرَّم بحُبّ الناس، فتتكثّف الاستجابة لندائه متى أطلق هذا النداء».

لا هوان بالتفرُّج على أرض تحترق

وتواصل رابعة الزيات التنقّل بين المدارس، ولملمة القصص المبعثرة، لم تستطع المتابعة من المنزل، أو الاكتفاء بالاحتضان من خلف الشاشة، تحرّكت بدافع المواطَنة والأمومة قبل الصفة الإعلامية، ولم يَهُن التفرُّج على أرض تحترق. تشارك «الشرق الأوسط» تجربة انخراطها في العمل الميداني: «لا ينبغي عدّها استثنائية، بل شأن عادي، مؤثّرون وناس يفتقرون للأضواء صنعوا حالة تضامن واسعة، ليس الوقت الآن للحديث في أسباب الحرب، يمكن بحثها بعد وقف المعارك. الوقت للإنسان، كما حدث في زلزال تركيا وسوريا وأمام مذابح غزة، كثيرون اختلفوا حول مَن يتحمّل المسؤولية، لكلٍّ رأيه، وأمام الأهوال فلتتنحَّ الآراء، لبنان تحت النار، والكارثة الإنسانية إلى تفاقُم: مآسٍ ووجع وأمراض وبرد، وحدتنا نجاتنا».

رأت حسرات العيون، واستوقفتها «حكايات النضال»، المغادرون بيوتهم جرّوا ويلات لبنانية، منها الانهيار الاقتصادي، وقضْم المصارف جنى العمر، يُخبرون رابعة الزيات عن «ضربة تلو الأخرى»، وهي تُصغي لبعضٍ غادر بلا أمتعة: «تأمّنت حاجات أساسية، منها ملابس نوم وحجابات وسجادة صلاة، الطعام والشراب من السهل توافرهما، نسعى إلى سدّ النقص في لوازم إضافية، القصف يشتدّ والنزوح يتوسّع، عائلات تغادر نحو القرى النائية ومدارسها غير المُجهَّزة، نتحدّث هنا عن مياه باردة واستحمام لئيم، زرتُ مدرسة في منطقة حراجل، نازحوها يستحمّون في منزل مجاور يتحلّى صاحبه بقلب إنساني، فمنحهم مياهاً تُهدّئ تقلّبات الطقس، الطعام والشراب مهمّان، لكن التدفئة ضرورية أيضاً».

تشاء تجنُّب التوقّف عند «تجّار الأزمات»، ممن باعوا الفَرشة الواحدة بـ20 دولاراً، وأقنعوا المحتاجين إليها بالتعاطف مع آلامهم بتخفيض سعرها إلى 18 دولاراً، في حين أنّ ثمنها 3 دولارات، «الوقت الآن للإضاءة على ما يجمع»، فتُعدّد: «الكلمة الحلوة، العمل الميداني، الطبخ وإطعام الآخرين، تأمين الحاجات، المساعدة المالية، والدواء والطبابة والدعم النفسي. الكارثة تتمادى وسط غياب رسميّ فاضح، المجتمع المدني والناس هم الوطن وأبطاله».

الوقت الآن للإنسان فقط (رويترز)

تَشارُك الصوت المؤثّر لا يعني أنّ رابعة الزيات وماغي بوغصن تحتكران العمل الجماعي. تُشدّدان على أنّ الشهرة تجعل الضوء مسلّطاً على ما تقومان بها، وإلا، فستنضمّان إلى كثيرين يبذلون أقصى الجهد بصمت، تستوقف الزيات ضرورة الإبقاء على الهِمّة عالية: «ألا نتعب ولا نملّ»، وهي ليست من صنف يجلد مَن لا يتبع خطاه، أو يُطلق التّهم ويُخوِّن. تقول: «المكتفون بالتعاطف عبر مواقع التواصل فليكتفوا، لكنّ رمادية المواقف غير مُحبَّبة، في الغرب رفض فنانون تسلّم جوائز، وأدانوا الإبادة الإسرائيلية في غزة بصريح العبارة، عتبي على مَن لا يشيرون بالإصبع إلى أن إسرائيل تقتل مدنيين ومسعفين وأطفالاً بأسلحة مُحرَّمة، فليكتفوا بالموقف من خلف الشاشات، وإنما فليكن واضحاً ليُخبر العالم بأنّ إسرائيل تُبيد لبنان».

ولا تُبرّر لفنان إقامة حفل والنزف يتعمّق: «هذه فترة حِداد والنار تستعر، لا بأس بإرجاء الحفلات، الفنانون ليسوا كالممثلين؛ هؤلاء يستأنفون التصوير لتعطّل مداخيلهم بانطفاء الكاميرا، بعض المغنّين من طبقات اجتماعية ميسورة، يمكنهم الاستغناء عن حفل يُفرِح وليالينا طاحنة».