مباحثات روسيا والمعارضة تشمل «هيئة التنسيق» و«أنصار الإسلام» في دمشق وموسكو

بوغدانوف يؤكّد التواصل مع ممثلي الائتلاف والأخير ينفي

مباحثات روسيا والمعارضة تشمل «هيئة التنسيق» و«أنصار الإسلام» في دمشق وموسكو
TT

مباحثات روسيا والمعارضة تشمل «هيئة التنسيق» و«أنصار الإسلام» في دمشق وموسكو

مباحثات روسيا والمعارضة تشمل «هيئة التنسيق» و«أنصار الإسلام» في دمشق وموسكو

عادت روسيا وأعلنت على لسان نائب وزير خارجيتها، ميخائيل بوغدانوف، أنّها تجري اتصالات يومية مع ممثلي المعارضة السورية بما في ذلك «الجيش السوري الحر» في موسكو وباريس وإسطنبول، في وقت لا يزال كل من الائتلاف الوطني و«الجيش الحر» يؤكدان أنّ أحدًا منهما لم يلتقِ مسؤولين روس بصفة رسمية، بينما أعلن أمس ممثل «تجمّع أنصار الإسلام» بدمشق، قيامه بزيارة موسكو بمبادرة شخصية، بينما لم تنف «هيئة التنسيق» حصول بعض اللقاءات بين أعضائها وممثلين روس في دمشق.
وبينما حدّد بوغدانوف أن من بين منظمات المعارضة السياسية التي تجري موسكو المشاورات معها، هيئة التنسيق الوطنية والائتلاف الوطني ومختلف المنظمات الديمقراطية المتعددة المكونات والفصائل الكردية، من دون أن يحدّد هوية الأشخاص، لا يزال كل من الائتلاف و«الجيش الحر» ينفيان هذا الأمر، بينما أكد مصدر في «هيئة التنسيق الوطنية» لـ«الشرق الأوسط» حصول لقاءات بين عدد من أعضاء المكتب التنفيذي في الهيئة ومسؤولين روس في دمشق، موضحًا أنّ المباحثات لم تقدّم شيئًا واضحًا أو جديًا من موسكو، ولا سيما لجهة التخلي عن الرئيس السوري بشار الأسد، محاولين «شرعنة» وجوده، بينما لا نزال نتمسّك بضرورة تنفيذ «بيان جنيف 1».
وبينما رأى المصدر أنّ التدخل العسكري الروسي، الذي استهدف مدنيين وفصائل في الجيش الحر، يهدف إلى تقوية النظام وليس إسقاطه، اعتبر أنّ الروس يقومون بجزء من المهمة الأميركية في المنطقة وفي سوريا، وبالتالي يبدو التوجّه العام هو نحو «سياسة اللاحل» في ظل عدم سعي أي طرف للوصول إلى حلّ جذري، مؤكدًا: «في النهاية، لا يمكن القبول ببقاء الأسد على رأس السلطة، وهو الذي يشكّل عامل جذب لكل عوامل الإرهاب».
وبعدما كانت معلومات قد أشارت إلى أن رئيس هيئة الأركان السابق هيثم عفيسي، المقرب من رئيس الائتلاف السابق أحمد الجربا، وشخصية عسكرية قيادية في فصيل مقرّب لـ«الحر»، التقيا مسؤولين روس، الأول في القاهرة والثاني في موسكو، أوضح يوم أمس ممثل «تجمّع أنصار الإسلام» في دمشق، عبادة الآغا، على حسابه على «فيسبوك»، أنّ زيارته إلى موسكو السبت الماضي تمت بصفة شخصية. وبينما امتنع الآغا إعطاء المزيد من التفاصيل حول زيارته، اكتفى بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتواصل مع فصائل في الجيش الحر بشأن نتائج هذه الزيارة، لكن لم يتم الأمر نفسه لغاية الآن مع الائتلاف الوطني».
وأوضح الآغا، تفاصيل ما أثير حول زيارته، وفق قوله على صفحته على «فيسبوك»، قائلاً: «توجهت يوم السبت الماضي لزيارة موسكو ومقابلة المسؤول عن الملف السوري في الخارجية الروسية، بوغدانوف، بناء على دعوة رسمية من القيادة الروسية. وعقدت عدة اجتماعات خلال الزيارة ناقشت خلالها إجراءات بناء الثقة بين الشعب السوري الذي يدافع عن نفسه بمواجهة العدوان الذي يشنه عليه النظام الحاكم، وبين روسيا التي تورطت إلى جانب النظام من خلال دعمها الصريح لنظام بشار الأسد، وقد شرح الروس وجهة نظرهم وشددوا أنهم لا يدعمون شخص بشار الأسد بل يدعمون وحدة سوريا أرضًا وشعبًا».
ولفت الآغا، إلى أنّه عرض خلال اللقاء لوجهة نظر الشعب السوري وكيف أنه لن يقبل بوجود شخص كبشار على رأس السلطة، وأن كل محاولات تثبيته ستبوء بالفشل، كما عرض الجانب الروسي سبل دعم الجيش الحر وبدء التنسيق لكي يتم تجنب سقوط ضحايا من المدنيين ومن قوات المعارضة. وأضاف: «أريد التأكيد على أنني في هذه الزيارة لم أكن أمثل الجيش الحر ولا أدعي تمثيله، بل بصفتي جزءًا من الشعب السوري المنخرط بمقاومة النظام المعتدي».
يذكر أن رئيس الائتلاف السابق، أحمد الجربا، كان قد التقى بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بوغدانوف في القاهرة؛ حيث اطلع على أهداف العملية الروسية الجوية في سوريا، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الروسية حينها، لافتة إلى أنّه «تم خلال اللقاء مناقشة الوضع في سوريا وحولها بشكل مستفيض مع التركيز على ضرورة تفعيل الجهود الهادفة إلى دفع التسوية السياسية للأزمة السورية على أساس بيان جنيف».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».