طبيب سويسري يستقدم إلى جنيف أطفالاً فلسطينيين مصابين

يوسف البالغ من العمر 16 عاماً والذي جرى إجلاؤه من غزة إلى سويسرا من قبل الطبيب المقيم في جنيف رؤوف السلطي لتلقي العلاج الطبي يُرَحَّب به عند وصوله إلى مطار جنيف في جنيف بسويسرا في 12 فبراير 2024 (رويترز)
يوسف البالغ من العمر 16 عاماً والذي جرى إجلاؤه من غزة إلى سويسرا من قبل الطبيب المقيم في جنيف رؤوف السلطي لتلقي العلاج الطبي يُرَحَّب به عند وصوله إلى مطار جنيف في جنيف بسويسرا في 12 فبراير 2024 (رويترز)
TT

طبيب سويسري يستقدم إلى جنيف أطفالاً فلسطينيين مصابين

يوسف البالغ من العمر 16 عاماً والذي جرى إجلاؤه من غزة إلى سويسرا من قبل الطبيب المقيم في جنيف رؤوف السلطي لتلقي العلاج الطبي يُرَحَّب به عند وصوله إلى مطار جنيف في جنيف بسويسرا في 12 فبراير 2024 (رويترز)
يوسف البالغ من العمر 16 عاماً والذي جرى إجلاؤه من غزة إلى سويسرا من قبل الطبيب المقيم في جنيف رؤوف السلطي لتلقي العلاج الطبي يُرَحَّب به عند وصوله إلى مطار جنيف في جنيف بسويسرا في 12 فبراير 2024 (رويترز)

حينما أدرك الطبيب السويسري رؤوف السلطي أنه لا يمكنه التوجه إلى قطاع غزة لمساعدة الأطفال المصابين، قرر بذل كل ما بوسعه لنقلهم إلى جنيف لتلقي الرعاية الطبية، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وبعد التغلب على مجموعة كبيرة من الإجراءات الروتينية، حصل السلطي على تصريح بإحضار 4 أطفال من بينهم صبي (16 عاماً) فقد كليته، وبُترت ساقه، وعبروا إلى مصر قادمين من غزة، ثم سافروا جواً إلى سويسرا، الاثنين.

وتوجه السلطي إلى مصر لاصطحابهم، ولدى عودته استقبله فريقه في مطار جنيف، ولوح لهم بينما كان يحمل بين ذراعيه الطفلة زينة (17 شهراً) واسعة العينين التي جرى إنقاذها من تحت الأنقاض في غزة.

وقال السلطي: «عندما رأيت أن الوضع يزداد سوءاً، قررت أن تكون مهمتي هذه المرة هي التوجه إلى هناك وإحضارهم».

وشارك السلطي في كثير من الرحلات الإنسانية الدولية إلى غزة بالإضافة إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا على مدى السنوات الأربع عشرة الماضية.

وكان من المقرر أن يسافر السلطي، وهو جراح مسالك بولية يعود لأبوين فلسطينيين، إلى غزة في 19 أكتوبر (تشرين الأول) لإجراء عمليات جراحية بينها جراحة في الكلى كانت مقررة سلفاً لطفل صغير.

لكن مهمته الإنسانية وهي جزء من عمله بوصفه مؤسساً لمنظمة غير حكومية تسمى حق الأطفال في الرعاية الصحية ألغيت بسبب الهجوم الذي شنته إسرائيل رداً على هجمات مسلحين من حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر.

والأطفال الأربعة الذين وصلوا إلى جنيف، الاثنين، هم المجموعة الثانية التي تمكن السلطي من استقدامها إلى سويسرا ليبلغ عددهم الإجمالي 8، ومُنح الأطفال تأشيرات مدة 90 يوماً لتلقي الرعاية الطبية.

وقال السلطي بعد وصوله إلى مكتبه مع الأطفال وأمهاتهم «المهم هو توفير حياة طبيعية لهم، مع الناس وفي هدوء وسلام ومحبة. حياة مناسبة للأطفال».

واختير الأطفال الأربعة بمساعدة معارف السلطي في غزة بناءً على أنهم في حالة جيدة بما يكفي للسفر، وأنه يمكن مساعدتهم في سويسرا.

وأصيب يوسف (16 عاماً) بالهزال، وتراجع وزنه إلى أقل من 30 كيلوغراماً بعدما فقد ساقه اليسرى وسحقت كليته في هجوم إسرائيلي. وبتر أطباء في غزة ما تبقى من ساقه التي مُزقت، لكنه لا يزال بحاجة إلى اكتساب القوة، وبالتالي الحصول على طرف صناعي.

تلقت زينة (17 شهراً) العلاج في بادئ الأمر بـ«مستشفى الشفاء»، وهي المنشأة الصحية الكبرى في قطاع غزة والتي داهمتها القوات الإسرائيلية في نوفمبر (تشرين الثاني).

أصيبت ذراعها اليسرى الصغيرة التي تضعها في حمالة بعدة كسور، وحاول الأطباء جبرها باستخدام وسيلة تثبيت خارجية، لكن كان لا بد من إزالتها بسبب العدوى.

وقال السلطي: «لم يعد بإمكانك الحديث عن (الأجهزة) المعقمة هناك، فهي غير موجودة».


مقالات ذات صلة

هل تغيرت تعليمات احتجاز الأسرى الإسرائيليين في غزة؟

المشرق العربي أحد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية يحاول إخراج مشارك في مظاهرة خارج مكتب رئيس الوزراء في القدس طالبت بالعودة الفورية للرهائن في غزة (رويترز)

هل تغيرت تعليمات احتجاز الأسرى الإسرائيليين في غزة؟

سلّطت الاتهامات المتبادلة بين إسرائيل و«حماس» حول التسبب في قتل المختطفين الإسرائيليين الستة الضوء على ظروف احتجازهم وطبيعة التعليمات المعطاة للمكلفين بحراستهم.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها من بين الأنقاض (أ.ف.ب)

«مقتل رهائن» و«ضغوط الداخل» الإسرائيلي... هل يعجّلان «هدنة غزة»؟

فجَّر إعلان إسرائيل العثور على جثث رهائن بقطاع غزة موجة احتجاجات واسعة؛ رفضاً لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية جانب من جنازة ألموغ ساروسي في مدينة رعنانا الإسرائيلية اليوم (أ.ف.ب)

إسرائيل: الرهائن قتلوا من مسافة قريبة جداً بين الخميس وصباح الجمعة

أفادت وزارة الصحة الإسرائيلية بأن التشريح الذي أجري صباح اليوم (الأحد) لجثث الرهائن الـ6 أظهر أنهم قتلوا «من مسافة قريبة جداً بين الخميس وصباح الجمعة».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)

مصر تدين سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية

أدانت مصر «استمرار الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، التي أدت لاستشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين على مدار الأيام الماضية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية صورة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال احتجاجات عائلات الرهائن في تل أبيب (رويترز)

نتنياهو يعتذر لأسرة رهينة لقي حتفه... واتحاد العمال الإسرائيلي يعلن الإضراب العام

في خطوة نادرة، قدّم رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأحد، اعتذاراً لأسرة الرهينة الراحل ألكسندر لوبانوف، لعدم إنقاذه هو و5 رهائن آخرين كانوا محتجزين في غزة أحياءً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

مصر تشكو إثيوبيا مجدداً لمجلس الأمن: تهدد استقرار الإقليم

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر تشكو إثيوبيا مجدداً لمجلس الأمن: تهدد استقرار الإقليم

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

صعّدت مصر في نزاعها مع إثيوبيا بشأن «سد النهضة» على نهر النيل، مجددة شكواها إلى مجلس الأمن الدولي، ضد ما وصفته بـ«السياسات الأحادية» لأديس أبابا، والتي اعتبرتها «تهدد استقرار الإقليم».

ومصر وإثيوبيا على خلاف منذ سنوات بسبب السد، الذي تبنيه إثيوبيا منذ عام 2011 بداعي توليد الطاقة الكهرومائية على النيل الأزرق (الرافد الأساسي لنهر النيل) بالقرب من الحدود مع السودان.

ووجّه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بعد التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي حول المرحلة الخامسة من ملء «سد النهضة»، والتي بدأت في يوليو (تموز) الماضي.

وشدد الخطاب على «رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي»، والتي اعتبرها «تُشكل خرقاً صريحاً لاتفاق (إعلان المبادئ) الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015، والبيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر (أيلول) 2021».

وأضاف الخطاب أن «تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد حول حجز كمية من مياه النيل الأزرق هذا العام واستكمال بناء الهيكل الخرساني للسد الإثيوبي، تُعد غير مقبولة جملة وتفصيلاً للدولة المصرية، وتمثل استمراراً للنهج الإثيوبي المثير للقلاقل مع جيرانها والمهدد لاستقرار الإقليم الذي تطمح أغلب دوله لتعزيز التعاون والتكامل فيما بينها، بدلاً من زرع بذور الفتن والاختلافات بين شعوب تربطها وشائج الأخوة والمصير المشترك».

وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، الاثنين الماضي، أن «بناء (سد النهضة) سينتهي بشكل كامل بحلول شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل». وكشف في مقابلة مع التلفزيون الإثيوبي من موقع السد، أن إجمالي المياه المحتجزة في بحيرة السد بلغ «62.5 مليار متر مكعب»، متوقعاً أن يصل في ديسمبر المقبل إلى ما بين 70 و71 مليار متر مكعب من إجمالي السعة الكلية للسد؛ 74 مليار متر مكعب.

وتطالب مصر ومعها السودان بـ«اتفاق قانوني ملزم» ينظم عمليتَي الملء والتشغيل، بما لا يضر بحصتيهما المائية.

ولا تعد هذه هي المرة الأولى التي تخاطب مصر فيها مجلس الأمن بشأن نزاع «سد النهضة»؛ فقد سبق أن قدمت شكوى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عقب انتهاء إثيوبيا من الملء الرابع للسد. كما اعتمد مجلس الأمن في سبتمبر عام 2021، بياناً رئاسياً دعا فيه أطراف «سد النهضة» إلى استئناف المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي.

جانب من آخر جولة مفاوضات بين وزراء مياه مصر والسودان وإثيوبيا العام الماضي (وزارة الموارد المائية المصرية)

واعتبر أستاذ القانون الدولي المصري الدكتور محمد محمود مهران، لجوء مصر إلى مجلس الأمن «خطوة ضرورية»، مطالباً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» المجلس بـ«أن يتحرك لاتخاذ قرار حاسم بعد أن فشل البيان الرئاسي الصادر في سبتمبر 2021 في الوصول إلى تسوية ودية».

وأكد مهران ضرورة «أن يتدخل مجلس الأمن بقرارات جدية، تفرض عقوبات على إثيوبيا وفق القانون الدولي»، داعياً مصر إلى «المزيد من الضغط الدبلوماسي في المحافل الدولية، مع إمكانية اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وطرح تصويت على قرار يؤكد الانتهاكات الإثيوبية لحقوق مصر والسودان، كما يمكن طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن شرعية التصرفات الأحادية لإثيوبيا».

وفشلت آخر جولة تفاوض بين مصر والسودان وإثيوبيا في الوصول إلى حل في ديسمبر الماضي.

وتأتي هذه التطورات في أعقاب تصاعد التوترات السياسية بين مصر وإثيوبيا على خلفية إرسال مصر معدات ووفوداً عسكرية إلى الصومال للمشاركة في بعثة الدعم التابعة للاتحاد الأفريقي، التي من المقرر أن تحل محل بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية الحالية بحلول يناير (كانون الثاني) 2025.

وأعربت إثيوبيا عن «قلقها» إزاء انتقال بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال إلى بعثة جديدة لدعم السلام، وعدّ متحدث الخارجية الإثيوبية، نبيو تاديلي، أن هذه الخطوة «تشكل مخاطر على المنطقة»، وأكدت أديس أبابا أنها «لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي».

وفي خطابه لمجلس الأمن أكد وزير الخارجية المصري أن «السياسات الإثيوبية غير القانونية سيكون لها آثارها السلبية الخطيرة على دولتَي المَصبّ مصر والسودان»، موضحاً أنه «بالرغم من أن ارتفاع مستوى فيضان النيل في السنوات الأخيرة، وكذلك الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة المصرية، قد أسهما في التعامل مع الآثار السلبية للتصرفات الأحادية لـ(سد النهضة) في السنوات الماضية»، فإن «مصر تظل متابعة عن كثب للتطورات ومستعدة لاتخاذ كافة التدابير والخطوات المكفولة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها ومصالحه».

وتوقعت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتورة أماني الطويل، أن يتفاعل مجلس الأمن مع شكوى مصر بشكل أكثر جدية من مجرد بيان، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «تفاعل مجلس الأمن مع شكوى مصر يجب أن يتزامن مع ترتيبات إقليمية ودولية؛ إذ يوجد بالوقت الراهن متغيرات دولية وإقليمية غيرت معادلة وموازين القوى بالمنطقة، مثل توترات البحر الأحمر، وهو ما يوفر لمصر فرصة للتحرك لحشد التأييد لإلزام إثيوبيا بتوقيع اتفاق ملزم».

وأشارت الطويل إلى أنه «من بين المتغيرات الإقليمية التي تعزز موقف مصر، أن الرهان على الدور الإثيوبي كلاعب إقليمي ضعف كثيراً، هذا بجانب مشكلات أديس أبابا الداخلية، وما يمكن اعتباره فشل المشروع السياسي لآبي أحمد»، حسب وصفها.

وبشأن إمكانية استئناف مفاوضات «سد النهضة»، يرى أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي، أن «بعض التفاصيل الفنية لم تعد مطروحة للتفاوض بسبب اكتمال بناء السد، مثل التصميمات الهندسية للإنشاءات، ودراسات عوامل الأمان».

وقال شراقي لـ«الشرق الأوسط» إنه في حال تم الاتفاق على عودة المفاوضات، فإن أبرز ما يجب أن يُطرح هو «الاتفاق على قواعد محددة للتشغيل والملء المتكرر كل عام، ووضع آلية لفض المنازعات؛ بمعنى أنه إذا حدث خلاف بعد توقيع اتفاق ملزم يجب أن توضع قواعد للتعامل مع ذلك، كما يجب الاتفاق على قواعد تتعلق بأمان السد، مثلاً يجب أن تلتزم أديس أبابا بعدم تخزين كميات كبيرة قد تؤدي لانهيار السد».