حينما أدرك الطبيب السويسري رؤوف السلطي أنه لا يمكنه التوجه إلى قطاع غزة لمساعدة الأطفال المصابين، قرر بذل كل ما بوسعه لنقلهم إلى جنيف لتلقي الرعاية الطبية، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.
وبعد التغلب على مجموعة كبيرة من الإجراءات الروتينية، حصل السلطي على تصريح بإحضار 4 أطفال من بينهم صبي (16 عاماً) فقد كليته، وبُترت ساقه، وعبروا إلى مصر قادمين من غزة، ثم سافروا جواً إلى سويسرا، الاثنين.
وتوجه السلطي إلى مصر لاصطحابهم، ولدى عودته استقبله فريقه في مطار جنيف، ولوح لهم بينما كان يحمل بين ذراعيه الطفلة زينة (17 شهراً) واسعة العينين التي جرى إنقاذها من تحت الأنقاض في غزة.
وقال السلطي: «عندما رأيت أن الوضع يزداد سوءاً، قررت أن تكون مهمتي هذه المرة هي التوجه إلى هناك وإحضارهم».
وشارك السلطي في كثير من الرحلات الإنسانية الدولية إلى غزة بالإضافة إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا على مدى السنوات الأربع عشرة الماضية.
وكان من المقرر أن يسافر السلطي، وهو جراح مسالك بولية يعود لأبوين فلسطينيين، إلى غزة في 19 أكتوبر (تشرين الأول) لإجراء عمليات جراحية بينها جراحة في الكلى كانت مقررة سلفاً لطفل صغير.
لكن مهمته الإنسانية وهي جزء من عمله بوصفه مؤسساً لمنظمة غير حكومية تسمى حق الأطفال في الرعاية الصحية ألغيت بسبب الهجوم الذي شنته إسرائيل رداً على هجمات مسلحين من حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر.
والأطفال الأربعة الذين وصلوا إلى جنيف، الاثنين، هم المجموعة الثانية التي تمكن السلطي من استقدامها إلى سويسرا ليبلغ عددهم الإجمالي 8، ومُنح الأطفال تأشيرات مدة 90 يوماً لتلقي الرعاية الطبية.
وقال السلطي بعد وصوله إلى مكتبه مع الأطفال وأمهاتهم «المهم هو توفير حياة طبيعية لهم، مع الناس وفي هدوء وسلام ومحبة. حياة مناسبة للأطفال».
واختير الأطفال الأربعة بمساعدة معارف السلطي في غزة بناءً على أنهم في حالة جيدة بما يكفي للسفر، وأنه يمكن مساعدتهم في سويسرا.
وأصيب يوسف (16 عاماً) بالهزال، وتراجع وزنه إلى أقل من 30 كيلوغراماً بعدما فقد ساقه اليسرى وسحقت كليته في هجوم إسرائيلي. وبتر أطباء في غزة ما تبقى من ساقه التي مُزقت، لكنه لا يزال بحاجة إلى اكتساب القوة، وبالتالي الحصول على طرف صناعي.
تلقت زينة (17 شهراً) العلاج في بادئ الأمر بـ«مستشفى الشفاء»، وهي المنشأة الصحية الكبرى في قطاع غزة والتي داهمتها القوات الإسرائيلية في نوفمبر (تشرين الثاني).
أصيبت ذراعها اليسرى الصغيرة التي تضعها في حمالة بعدة كسور، وحاول الأطباء جبرها باستخدام وسيلة تثبيت خارجية، لكن كان لا بد من إزالتها بسبب العدوى.
وقال السلطي: «لم يعد بإمكانك الحديث عن (الأجهزة) المعقمة هناك، فهي غير موجودة».