إسرائيل تستهدف شباب الخليل وتقتل 4 فلسطينيين في غضون 24 ساعة

الإعدامات وحجز الجثامين يثيران غضب المدينة.. والجنود يتجولون فيها للقتل

فلسطيني يستخدم مطرقة لإحداث ثغرة في جدار الفصل في قرية أبو ديس شرق القدس (ا ف ب)
فلسطيني يستخدم مطرقة لإحداث ثغرة في جدار الفصل في قرية أبو ديس شرق القدس (ا ف ب)
TT

إسرائيل تستهدف شباب الخليل وتقتل 4 فلسطينيين في غضون 24 ساعة

فلسطيني يستخدم مطرقة لإحداث ثغرة في جدار الفصل في قرية أبو ديس شرق القدس (ا ف ب)
فلسطيني يستخدم مطرقة لإحداث ثغرة في جدار الفصل في قرية أبو ديس شرق القدس (ا ف ب)

قتل الجيش الإسرائيلي فلسطينيًا في مدينة الخليل، بدعوى أنه حاول تنفيذ عملية طعن بالقرب من مستوطنة «كريات أربع»، ليرتفع عدد الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل في المدينة إلى 4 في غضون أقل من 24 ساعة.
وتشهد الخليل مواجهات دامية، وتتصدر المشهد في الضفة الغربية، بمحاولات طعن جنود وإعدامات ينفذها الإسرائيليون بحق شبانها.
وقال ناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، إن الشاب الذي تم قتله أمس، استل سكينًا كانت بحوزته وحاول طعن أحد الجنود على نقطة «تل إرميدة» بالخليل، قبل أن ينجح أحد الجنود بإطلاق النار عليه وقتله على الفور. وشكك الفلسطينيون بالرواية الإسرائيلية، وقال نشطاء وشهود عيان، إن الشاب تم إعدامه بإطلاق 11 رصاصة على جسده، وإن الجنود تعمدوا إلقاء جسم، يعتقد أنه سكين، قرب الجثة للإيهام بأنه حاول تنفيذ عملية طعن. وأعلن لاحقا أن الشاب هو إسلام عبيدو (23 عاما) من سكان الخليل. ورفض الجيش الإسرائيلي تسليم جثمانه للارتباط الفلسطيني، كما جرت العادة أخيرًا.
وبعد ساعات، أطلق مستوطن النار على فلسطيني قبل أن يعتقله الجنود، في متجر «رامي ليفي» داخل تجمع غوش عتصيون الاستيطاني القريب من الخليل. وقالت الشرطة الإسرائيلية، إن الفلسطيني المصاب طعن إسرائيلية تبلغ من العمر 40 عامًا، ما أدى إلى إصابتها بجروح متوسطة.
وجاءت هذه التطورات بعد ساعات فقط من قتل جنود الاحتلال في ساعة متأخرة من يوم الثلاثاء 3 شبان فلسطينيين في الخليل أيضًا، بادعاء أنهم حاولوا تنفيذ عمليتي طعن، من بينهم اثنان قتلا معًا، هما عز الدين أبو شخدم (17 عامًا)، وشادي دويك (22 عامًا)، اتهما بأنهما طعنا جنديًا في موقف للحافلات تابع لتجمع غوش عتصيون الاستيطاني بين الخليل وبيت لحم، فيما قتل الثالث، وهو همام إسعيد (19 عامًا)، قرب تقاطع تل إرميدة بجوار مستوطنة «كريات أربع» بالخليل. ويرتفع بذلك عدد الفلسطينيين الذين قضوا منذ بداية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، إلى 65 فلسطينيًا.
وتواجه الخليل أعنف هجمة إسرائيلية منذ أسبوع، إذ قتلت إسرائيل منذ بداية الانتفاضة نحو 20 شابًا وفتاة من المدينة، وتحتجز جثامين الكثير منهم.
وطالبت جهات فلسطينية رسمية وغير رسمية، إسرائيل بتسليم جثامين الفلسطينيين، ومن بينهم الفتاتان بيان عسيلة ودانيا إرشيد، اللتان قتلتا على يد قوات الاحتلال في الخليل.
وتشهد الخليل مواجهات يومية واعتصامات للمطالبة بتسلم الجثامين، وتركزت في هذه المدينة بالذات، بسبب كثر النقاط العسكرية الإسرائيلية فيها، والمعدة لحماية 400 مستوطن يعيشون في قلب المدينة، وينفذون هجمات ضد الفلسطينيين وشاركوا في عمليات إعدام.
وبسبب الوضع المتوتر في المدينة، وفي إطار الجدل داخل إسرائيل نفسها، بشأن عمليات الإعدام المتعمدة التي يقوم بها جنود الاحتلال الإسرائيلي، كشف موقع «واللا» العبري في تقرير نشره المراسل العسكري للموقع أمير بوحبوط، أن الجنود الإسرائيليين يتجولون في مدينة الخليل وهم في أتم حالات الاستعداد لإطلاق النار، وأنهم يضعون «الطلقات النارية» داخل ما يعرف عسكريا بـ«بيت النار»، للدلالة على الاستعداد لإطلاق النار فورًا في أي حالة يريدون ذلك، من دون الانتظار «بسحب أجزاء السلاح» كإشارة للتأني قبل إطلاق النار.
واستخدم نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي التقرير على أنه «دليل حي» على أن الشبان الفلسطينيين يتعرضون لإعدامات ميدانية من دون أي محاسبة للجنود الإسرائيليين، الذين أصبحوا مهووسين بحماية أنفسهم تخوفًا من أي عمليات طعن تطالهم.
وفي المدن الأخرى في الضفة الغربية، تفجرت مواجهات محدودة عند بعض نقاط التماس، ما أدى إلى إصابة عشرات الشبان بالرصاص الحي والمطاطي والاختناق جراء الغاز. ووصفت إصابة أحد الفتية بالخطيرة، بعد أن أصابته رصاصة في مفصل الساق والحوض، حيث نقل إلى مستشفى الخليل الحكومي.
وفي إطار الاعتقالات اليومية، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، حملة اعتقالات ليلية كبيرة، طالت أكثر من 33 فلسطينيًا من محافظات الضفة الغربية كافة، حيث اعتقلت 26 مواطنًا من أحياء وبلدات مدينة الخليل وحدها، من بينهم الشيخ مصطفى شاور رئيس رابطة علماء فلسطين، والناشط البارز في تجمع شباب ضد الاستيطان محمد الزغير.
وفي الأثناء لم يتوقف المستوطنون عن اقتحام المسجد الأقصى لليوم الثاني، تحت حماية عدد من جنود جيش الاحتلال. كما واصلت القوات الإسرائيلية الخاصة لليوم الثاني على التوالي، اقتحام مستشفى المقاصد في القدس، بزعم البحث عن شبان مطلوبين أصيبوا في مواجهات في الساعات الأخيرة.
وفي قطاع غزة، أصيب فلسطينيان، مساء أمس، جراء اندلاع مواجهات بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة. وسبق ذلك غارات وهمية إسرائيلية في سماء القطاع، أحدثت أصوات انفجارات كبيرة، أثارت الهلع في صفوف الغزيين. تزامنا مع إطلاق نار استهدف المزارعين في الأراضي الحدودية لشمال قطاع غزة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».