كيري: لن نسمح ببقاء الأسد في السلطة.. والجهود الدبلوماسية للخروج من «جهنم» سوريا

واشنطن تقول إن المناقشات ستتناول تشكيل هيئة انتقالية ودور المعارضة السورية فيها

فتاة تسير إلى مدرستها في معرة النعمان بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا (رويترز)
فتاة تسير إلى مدرستها في معرة النعمان بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا (رويترز)
TT

كيري: لن نسمح ببقاء الأسد في السلطة.. والجهود الدبلوماسية للخروج من «جهنم» سوريا

فتاة تسير إلى مدرستها في معرة النعمان بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا (رويترز)
فتاة تسير إلى مدرستها في معرة النعمان بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا (رويترز)

قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إنه سيشارك في الاجتماع المرتقب في فيينا مع وزراء خارجية عدة دول، من أبرزها روسيا وإيران والسعودية، لرسم خريطة طريق للخروج من «جهنم» سوريا، وتعزيز الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع وتكثيف الحملة العسكرية ضد «داعش»، مؤكدا أن السبيل لهزيمة التنظيم هو إنهاء الحرب في سوريا. وقال «هذا هو هدف الولايات المتحدة».
وشدد كيري على ضرورة رحيل الأسد، وقال: «رسالتي إلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وإلى كل الدول قبل اجتماع فيينا، هي أنه لا يمكن أن يقف رجل واحد أمام حل الأزمة في سوريا، وعلينا مسؤولية إنهاء الأزمة وفق ما تم الاتفاق عليه في بيان (جنيف 1)، وهذا هو هدف الاجتماع».
وقال وزير الخارجية الأميركي، في ندوة أمام معهد كارنيغي حول سياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، إنه اجتمع مع وزراء خارجية روسيا وتركيا والسعودية الأسبوع الماضي، وإن اجتماعات فيينا هي الخطوة الثانية في الجهد الدبلوماسي لحل الأزمة السورية، مشيرا إلى أن إيران ستشارك لأول مرة في اجتماع فيينا، مما سيسمح بمعرفة نواياها.
وأشار وزير الخارجية الأميركية إلى خطورة الحملة العسكرية الروسية التي تستهدف المعارضة السورية، مؤكدا أنها ستؤدي إلى مزيد من التطرف، وإلى إحساس الأسد بأنه قادر على البقاء للأبد في السلطة، مؤكدا أن الدول لن تسمح بذلك.
وأكد كيري على وجود أرضية مشتركة تجمع بين الدول المشاركة في اجتماع فيينا، وقال: «روسيا والولايات المتحدة ودول أخرى لديها أرضية مشتركة، وتتفق على أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر، وعلى ضرورة القيام بعملية انتقالية، وضرورة إنقاذ سوريا ومؤسساتها، وبناء سوريا موحدة وحل مشكلة اللاجئين». وأضاف: «نتفق على حق السوريين في اختيار قادتهم من خلال عملية انتخابات حرة».
وقال كيري خلال الندوة التي ازدحمت بعشرات من الخبراء والباحثين، مساء الأربعاء، إن «من يتشككون في إمكانية تحقيق الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط، فإنني أرد عليهم بكلمة واحدة، هي تونس»، مشيرا إلى أن قادة الأطياف السياسية في تونس يضعون مصلحة بلادهم فوق المصالح الشخصية.
وقال مسؤول بالخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»، إنه رغم تباين مواقف الدول المشاركة في اجتماعات فيينا، فإن واشنطن تسعى لنقاشات مثمرة حول الفترة الانتقالية وشكل العملية الانتقالية في سوريا وتشكيل هيئة انتقالية تتولى الحكم في سوريا»، ونفى المسؤول التراجع عن اتفاق «جنيف - 1»، وشدد على أن اللقاء سيركز على معرفة مواقف الدول المعنية بالأزمة السورية وأفكارها فيما يتعلق بالبدء في عملية انتقال سياسي تضمن حلا دبلوماسيا للأزمة السورية ووقف الحرب الأهلية الدموية.
وخفضت واشنطن من سقف التوقعات عما ستسفر عنه المحادثات في فيينا، خاصة فيما يتعلق بمصير الأسد. وأبدت الخارجية الأميركية بعض الشكوك في إمكانية أن تكون جولة محادثات فيينا هي الفصل الأخير للتوصل إلى حل للأزمة السورية، وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي: «سنحاول البناء على الزخم الذي بدا الأسبوع الماضي، ومناقشة الأفكار حول شكل عملية الانتقال السياسي ومحاولة التوصل إلى تفاهم مع الأطراف المشاركة حوله».
وأضاف: «لا أستطيع أن أقول ما الذي سيسفر عنه الاجتماع يوم الجمعة وعما إذا سيكون الفصل الأخير. أنا أشك في ذلك وأعتقد أنه سيكون هناك المزيد من المناقشات على مستويات متنوعة مع الدول». وأشار كيربي إلى أن اجتماع فيينا سيكون الأكبر من حيث عدد المشاركين، لكنه لن يكون الاجتماع الأخير، مؤكدًا أن مصير الأسد سيأخذ جانبا هاما من المناقشات.
واعترف المتحدث باسم الخارجية الأميركية خلال المؤتمر الصحافي الأربعاء، بوجود خلافات في مواقف الدول المشاركة حول مصير الأسد. وقال: «لا تتفق الدول على نفس الرؤى حول مصير الأسد، وستجري المناقشات لمعرفة رؤية الدول الأخرى لمدة العملية الانتقالية، وكيفية تشكيل هيئة انتقالية ودور المعارضة السورية والدور الذي يجب أن تلعبه في المرحلة الانتقالية، ونتوقع أن تأخذ الأطراف المشاركة الأمر بجدية وتوقعاتنا أن يأتي الجميع بأفكار جادة لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا بأسرع وقت».
وأشار كيربي إلى معرفة بلاده بالدور المزعزع للاستقرار الذي تقوم به إيران في سوريا، لكنه، استدرك: «بكل السبل نحن لا نوافق على الأنشطة المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها إيران في سوريا، لكننا ندرك أن النقاشات حول العملية السياسية يجب أن تشارك فيها إيران».
ومن المقرر أن يجتمع وزراء خارجية الولايات المتحدة والسعودية وروسيا وتركيا مساء الخميس قبل الاجتماعات الموسعة الجمعة ويعقد وزير الخارجية الأميركي جون كيري اجتماعات ثنائية مع عدد من الدول العربية، فيما تجري اتصالات مكثفة بين وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف.
وتعد مشاركة وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف تحولا حاسما في الجهود الدبلوماسية الدولية بعد استبعاد طهران من محادثات سابقة حول الأزمة السورية بسبب معارضة كل من واشنطن والرياض. ويشير بعض المحللين إلى أن الحضور الإيراني يمكن أن يغير من قواعد اللعبة في الدعم الإيراني لحكومة الأسد منذ بداية الصراع.
ويرى المحللون في واشنطن، أن إيران ستعرقل أي مناقشات حول مرحلة ما بعد الأسد، فيما تسعى روسيا للمحافظة على مصالحها في سوريا وقواعدها العسكرية ونفاذها إلى البحر المتوسط.
ويأتي اجتماع فيينا بعد أسبوع من الاجتماع الرباعي بين الولايات المتحدة وروسيا والسعودية وتركيا والذي لم يحقق انفراجة واضحة في الأزمة.
وستكون محادثات فيينا اختبارا لقبول الولايات المتحدة والمملكة السعودية باتفاق يقضي ببقاء الأسد في السلطة، إما في شكل صوري أو كرئيس انتقالي، أو حتى كمرشح في الانتخابات إذا تم بحث عقد انتخابات.
من جانبه قال الجنرال جون ألان مبعوث الرئيس أوباما إلى التحالف ضد «داعش» الذي يترك منصبه الأسبوع المقبل - إن اجتماع فيينا يمكن أن يكون فرصة للتوصل إلى حل سياسي في سوريا، وتطوير موقف دولي موحد لهزيمة «داعش» وتقليل العنف في منطقة الشرق الأوسط والبدء في عملية انتقالي سياسي.
وأوضح الجنرال ألان في شهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ صباح الأربعاء أن الاستراتيجية الأميركية هي إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش، وأن الهدف هو إزاحة الأسد من السلطة، مبديًا اعتقاده أن «الأسد ليس في موقف جيد، وأن المساندة العسكرية الروسية جاءت بعد ضعف موقف الأسد ورغبة الروس في مساندة العلويين وتحقيق استقرار لنظام الأسد». وتوقع ألان أن يجد الروس أنفسهم في موقف سيء «وسيعجزون عن تبرير مواقفهم في سوريا عندما يصبحون جزءًا من المشكلة».
واعترفت مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشرق الأدنى آن باترسون، بأن بلادها بالغت في التفاؤل بما يمكن أن يسفر عنه الربيع العربي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من تحقيق للديمقراطية. وأكدت على وجود تقدم في التعاون بين الولايات المتحدة والدول الخليجية في مواجهة الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار في المنطقة، وإلى إدراك خطورة أن تقوم إيران بتوجيه بعض من الأموال التي ستحصل عليها بعد رفع العقوبات الدولية - إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في كل من اليمن والبحرين.
وأشارت باترسون إلى تعقد الأزمة في سوريا وإلى وجود تعقيدات قانونية مهمة تمنع الولايات المتحدة من القيام بعمل عسكري ضد نظام بشار الأسد. جاء ذلك في سياق ردها على أسئلة أعضاء لجنة الشؤون الخارجية، عما إذا كانت إدارة أوباما لديها السلطة القانونية لفتح جبهة ضد حكومة الأسد وتجنيد المعارضة السورية المعتدلة لمحاربة الأسد.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.