تواصل تركيا إرسال «إشارات إيجابية» لتطبيع العلاقات مع مصر، قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
وأكد مستشار الرئيس التركي لشؤون الدفاع والعلاقات الخارجية، مسعود كاسين، في حوار مع «وكالة أنباء العالم العربي»، أن «العلاقات بين تركيا ومصر آخذة في التحسُّن تحت قيادة الرئيسين إردوغان والسيسي».
جاءت تصريحات كاسين بعد تأكيد «بلومبيرغ» أن إردوغان سيزور مصر للمرة الأولى منذ أكثر من 10 سنوات، يوم 14 فبراير (شباط) الحالي، وهي الزيارة التي يعول عليها لاستكمال مسار «التطبيع الكامل للعلاقات»، في أعقاب استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وشهدت العلاقات المصرية - التركية خلال الأشهر الماضية اتجاهاً متصاعداً نحو التطبيع، بعد عقد كامل من الانقطاع والتوتر، بسبب دعم أنقرة تنظيم «الإخوان» المحظور في مصر، عقب ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، في حين تصافح السيسي مع إردوغان على هامش افتتاح «كأس العالم»، بالدوحة، نهاية 2022، والتقيا في نيودلهي على هامش اجتماعات «قمة العشرين» الأخيرة، في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي.
ويرى كاسين أن «التطبيع الكامل بين تركيا ومصر مهم للغاية، لأنه يجلب الاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط وشرق البحر المتوسط، كما أنه يجلب الاستقرار إلى العالم أجمع».
من جهتها، تؤكد وكيلة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري، سحر البزار، لـ«الشرق الأوسط»، أن «العلاقات السياسية بين مصر وتركيا تعود بشكل تدريجي وبحذر، وهي خطوة جيدة، في ظل حالة عدم الاستقرار الأمني بالمنطقة، الأمر الذي يتطلب اتخاذ مواقف قوية وواضحة من البلدين وبشكل مشترك»، وهو ما يتفق معه المحلل السياسي التركي، طه عودة أوغلو، الذي وصف لـ«الشرق الأوسط» زيارة الرئيس التركي المرتقبة للقاهرة بـ«التاريخية»، مشيراً إلى أنها «ستكون بداية لمرحلة جديدة من التحالف الاستراتيجي بين البلدين، من أجل التنسيق والعمل على مواجهة التحديات بشكل مشترك، الأمر الذي يجعلها تتجاوز حدود الزيارات البروتوكولية التي تكون متبادَلة عادة بين الرؤساء».
وعبَّر كاسين عن أمله في «أن تكون هذه الزيارة مفيدة لبناء علاقة جديدة بين تركيا ومصر، وأن يقوم الرئيس المصري بزيارة أنقرة».
ويرى الخبير بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور بشير عبد الفتاح، أن «التصريحات التركية تأتي في إطار رغبة أنقرة بتسريع وتيرة التقارب وتطبيع العلاقات بين البلدين، وعدم إهدار مزيد من الوقت، في ظل وجود العديد من التحولات السريعة التي تحدث في الشرق الأوسط».
وأضاف عبد الفتاح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «التطورات السياسية والأمنية الأخيرة بالمنطقة ستدفع الجانبين إلى بلورة رؤية مشتركة لمواجهة التحديات الراهنة في كل من ليبيا والصومال وسوريا والعراق».
وكان وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، قد أعلن الأحد موافقة بلاده على «تزويد مصر بطائرات تركية مسيرة، في إطار تطبيع العلاقات بين البلدين»، مؤكداً «ضرورة ارتباط بلاده بعلاقات جدية مع مصر من أجل الأمن في البحر الأبيض المتوسط».
ويراهن المحلل السياسي التركي على «رغبة البلدين في طي خلافات الماضي ووضع الأمور الخلافية على الهامش»، وهو الأمر الذي يدعمه بشير عبد الفتاح، بالتأكيد على دور «التفاهمات المشتركة بين البلدين في ملفات معقَّدة، على غرار التدخلات العسكرية التركية في سوريا والعراق، والتفاهمات القانونية المطلوبة من تركيا للتعامل مع ملف ترسيم الحدود بالبحر المتوسط بين أنقرة وجيرانها».
وأضاف عبد الفتاح أن «تركيا لديها خيارات عدة للتعامل مع ملف ترسيم الحدود البحرية بوصفه من الملفات ذات الأولوية في مجال التعاون المشترك، خصوصاً مع رغبة أنقرة في الانخراط بـ(منتدى غاز شرق المتوسط)، الذي يتطلب تقديم أنقرة لصيغة قانونية تعبّر عن رؤيتها للتعامل مع هذا الملف، سواء عبر التوقيع على (اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار)، أو تنفيذ ما جاء في الاتفاقية من دون التوقيع عليها، كما فعلت إسرائيل من قبل».