عاد التوتر ليهيمن مجدداً على علاقة اتحاد الشغل التونسي (نقابة العمال) بالحكومة، إثر إعلان النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية في تونس العاصمة عن اعتقال الصنكي أسودي، رئيس الاتحاد الجهوي للشغل بولاية (محافظة) القصرين (وسط غرب)، وبدء الأبحاث ضده بشأن شبهات فساد إداري بمصنع الحلفاء في القصرين.
ونددت القيادات النقابية بعملية الاعتقال، التي وصفتها بـ«الاختطاف»، ونقل أسودي إلى جهة غير معلومة، عادّة أنها «حلقة جديدة من حلقات الاعتقالات التي طالت قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل في صفاقس وباجة»، ومؤكدة أن الغاية من ذلك «استهداف العمال وإرباك العمل النقابي»، على حد تعبيرها.
من ناحيته، هدّد الاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين في اجتماع عقده، اليوم (الأربعاء)، بالدعوة إلى إضراب جهوي عن العمل؛ دعماً للقيادي النقابي أسودي، الذي اعتُقل لمدة 48 ساعة قابلة للتمديد مرة واحدة.
وتأتي هذه التطورات بعد دعوة الاتحاد العام التونسي للشغل، الاثنين الماضي، لمنتسبي الوظيفة العمومية والقطاع العام إلى تجمّع عمالي ضخم في الأسبوع الثاني من مارس (آذار) المقبل؛ احتجاجاً على ما عدّه «تعطّلاً للحوار الاجتماعي، وتراجعاً من الحكومة عن تطبيق اتفاقيات موقعة في وقت سابق، وضرباً للحق النقابي»؛ وهو ما سيرفع حدة التوتر على مصراعيه بين الحكومة ونقابة العمال.
وبرر اتحاد الشغل دعوته إلى هذا التحرك الاحتجاجي باستمرار تعطل الحوار الاجتماعي، وتراجع الحكومة عن تطبيق اتفاقيتين تعودان إلى سنتي 2021 و2022، كما انتقد عزم الحكومة عرض النظامين العامين الأساسيين لأعوان الوظيفة العمومية والمنشآت العمومية والدواوين الحكومية على البرلمان، قبل استكمال التفاوض بين الطرفين الاجتماعيين، منتقداً التدهور السريع والمفزع للقدرة الشرائية للأجراء والمتقاعدين، وتأخر تعديل الأجر الأدنى المضمون في تونس.
وفي هذا الشأن، قال سامي الطاهري، المتحدث باسم اتحاد الشغل: إن التجمع العمالي المقرر بداية الشهر المقبل، «يندرج في إطار الضغط من أجل فتح باب التفاوض، وعودة الحوار الاجتماعي، وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين، والدفاع عن الحق النقابي ومكافحة التهم السياسية الكيدية ضد القيادات النقابية»، مبرزاً أن «النقابيين ليسوا خائفين من المتابعات القضائية «بل يعملون فقط على الحد من أسباب التوتر»، على حد قوله.
وتعرّض «اتحاد الشغل» لضغوط كثيرة ومشاكل داخلية متنوعة خلال الأسابيع الماضية، أهمها تنظيم ما سمي بـ«اتحاد المعارضة النقابية»، الذي يتزعمه النقابي الحبيب جرجير، وقفة احتجاجية في 27 من يناير (كانون الثاني) الماضي، ومطالبته برحيل المكتب التنفيذي الحالي لاتحاد الشغل، الذي يتزعمه نورد الدين الطبوبي، واتهام القيادات النقابية بالفساد والمحسوبية، والتمديد لخمسة أعضاء من النقابة الحالية دون سند قانوني على حد تعبيره.
ودعا جرجير إلى تشكيل لجنة نقابية مستقلة، هدفها الإعداد لمؤتمر نقابي، يفرز قيادة نقابية جديدة، نافياً في الوقت ذاته وجود أي تنسيق مع القيادة السياسية الحالية، وذلك إثر اتهامه بمحاولة الانقلاب على القيادة النقابية الحالية، وتنصيب قيادة جديدة كما حدث قبل نحو سنتين في الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري.
يذكر، أن الرئيس قيس سعيّد زار قبل أسبوع الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق بمدينة القصرين، وتطرق إلى الكثير من ملفات الفساد، بعد أن عاين الكثير من الإخلالات التي ما كانت أن تقع، حسبه، لولا السياسة التي تم اتباعها وأدت إلى التفريط فيها، ودعا إلى ضرورة محاسبة كل من عمل على ضرب هذه المنشأة الوطنية، مؤكداً أنه لا مجال للتفريط فيها وفي سائر المؤسسات الحكومية الأخرى.