شراكات سعودية ـ بريطانية في الاقتصاد الرقمي والصناعات الحديثة المبتكرة

مبعوث رئيس الوزراء البريطاني يفتتح منتدى مشتركًا في لندن اليوم بحضور سفير خادم الحرمين

شراكات سعودية ـ بريطانية في الاقتصاد الرقمي والصناعات الحديثة المبتكرة
TT

شراكات سعودية ـ بريطانية في الاقتصاد الرقمي والصناعات الحديثة المبتكرة

شراكات سعودية ـ بريطانية في الاقتصاد الرقمي والصناعات الحديثة المبتكرة

تنطلق اليوم الثلاثاء في لندن، فعاليات منتدى الأعمال السعودي - البريطاني، حيث يتوقع دخول أكثر من 50 شركة من البلدين في شراكات في مجالات الاقتصاد الرقمي والصناعات الحديثة المبتكرة.
وأعدّ المنتدى الذي يفتتحه اليوم اللورد كنج عضو مجلس اللوردات وزير الدفاع سابقا المبعوث الخاص لرئيس الوزراء البريطاني، بجانب البارونة سايمنز عضو مجلس اللوردات حزمة برامج ومبادرات لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة في البلدين، بحضور الأمير محمد بن نواف، سفير خادم الحرمين في بريطانيا.
ويبحث المنتدى التحديات التي تواجه نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة في البلدين وتبادل الخبرات في الشراكات الناجحة، في ظل إجماع عالمي على أهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة لاقتصاد الدول، مبينا أن هذه المنشآت تسهم بما لا يقل عن 50 في المائة، من الناتج المحلي الإجمالي للدول المتقدمة، وتوفر ما بين 60 و70 في المائة من الوظائف.
وفي هذا السياق، قال المهندس ناصر المطوع رئيس مجلس الأعمال السعودي - البريطاني، لـ«الشرق الأوسط»: «نسبة مساهمة هذه المنشآت لا تتعدى نسبة 33 في المائة فقط، ولا تزيد مساهمتها على 25 في المائة من إجمالي الوظائف»، مشيرا إلى أن الإفلاس أكثر المعوقات التي تواجهها، مع صعوبة الحصول على التمويل. وتعاني المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالسعودية وفق المطوع، من غياب الثقافة التجارية عند الشباب، وعدم وجود خطط واضحة لدى الجهات الحكومية تجاه المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتعدد الجهات المنشأة بقصد دعم هذه المنشآت وعدم وجود تواصل جيد بين هذه الجهات، وعدم وجود أنظمة وتشريعات تحمي الممولين، ولا يوجد دعم لدراسات الجدوى والتسويق وخلافه.
وأوضح رئيس مجلس الأعمال المشترك أن المنتدى يستهدف - أيضا - استكشاف الفرص الجديدة في هذا القطاع وتقديم أفكار جديدة خلاقة لتطوير الشراكات بين البلدين في مختلف المجالات ذات الصلة، مشيرا إلى أن المجلس يضم أكثر من 120 شركة سعودية وبريطانية يمكنها الاستفادة من ذلك.
من جهته، أكد عبد الله المليحي عضو مجلس الغرف السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، أهمية تعزيز الشراكات السعودية - البريطانية وتكامل قطاع الأعمال بالبلدين في مجال الشركات الصغيرة والمتوسطة، من خلال تبادل الخبرات والاهتمام بالتدريب. ودعا المليحي إلى تكامل المقومات التي تتمتع بها السعودية، حيث تتميز بنسبة عالية من الشباب المنفتح على أدوات التواصل الاجتماعي المختلفة، بما في ذلك «تويتر» و«فيسبوك» و«واتسآب» وغيرها في مختلف أنحاء العالم، مقابل زيادة رواد الأعمال من النساء البريطانيات، التي من شأنها خلق شراكات نوعية تعزز نمو اقتصادي البلدين.
وفي الإطار نفسه، أكد الدكتور الصادق إدريس الباحث الاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط»، أن التعاون القائم بين الرياض ولندن عزز نمو التجارة والاستثمار والشراكة بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البلدين، مبينا أنه سبب أصيل في تسهيل نقل التكنولوجيا البريطانية إلى السعودية، مشيرا إلى أن عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي احتضنت الابتكارات نمت بنسبة 25 في المائة منذ العام 2008 وحتى العام الماضي. ونوه إلى أن هناك توجها سعوديا متناميا، نحو التركيز على تطوير ونمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل - حاليا - أكثر من 90 في المائة من حجم قطاع الأعمال، مبينا أن برنامج «كفالة» وفّر 80 في المائة من القروض المقدمة من البنوك التجارية المحلية إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة الوطنية والأجنبية.
من ناحيته، أوضح الباحث الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية، لـ«الشرق الأوسط»، أن المجال واسع أمام خلق شراكات اقتصادية استراتيجية بين البلدين، مشيرا إلى أهمية الاستفادة من التجارب البريطانية في إطلاق عدد من الحاضنات والابتكارات التكنولوجية الحديثة التي أرسيت ودعمت من قبل كبريات الجامعات البريطانية.
ولفت باعشن إلى أن الأبحاث البريطانية متقدمة جدا، مبينا أنها توصلت إلى أن شركات الابتكارات الحديثة الصغيرة والقطاعات الرقمية هي التي تقود قطاع الأعمال في العالم وتزيد من الإنتاج والإنتاجية وخلق فرص العمل ونمو الاقتصاد.
يشار إلى أن مجلس الغرف السعودية ومجلس الأعمال المشترك، ينظمان منتدى الشراكة السعودية - البريطانية في الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وذلك في لندن في الفترة من 27 إلى 28 أكتوبر (تشرين الأول) 2015.
ويأتي هذا المنتدى في إطار جهود مجلس الأعمال المشترك، لدعم وتشجيع المنشآت الصغيرة والمتوسطة والمبادرات المتعلقة بها، كما يهدف إلى التعارف واكتساب وتبادل الخبرات بين المنشآت الصغيرة والمتوسطة في البلدين.
ويستهدف المنتدى التعريف بالفرص المتاحة أمامهم للتعاون والشراكة، فضلا عن مناقشة بعض القضايا والتحديات المتعلقة بهذا القطاع كالتمويل والامتياز التجاري والتدريب وإرشاد هذه المنشآت، حيث يتطلع إلى مشاركة المسؤولين عن برامج ومبادرات دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة في البلدين والمختصين بهذا المجال.
ويتضمن برنامج المنتدى جلسات حوارية، ولقاءات ثنائية بين المشاركين من أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وزيارات ميدانية لبعض أبرز المرافق ذات العلاقة في بريطانيا.
وسيعنى المنتدى بالمجالات المتعلقة بالاقتصاد الرقمي والأعمال ذات الصبغة الابتكارية، كالتسويق الإلكتروني لتجارة التجزئة وتطبيقات الجوال وتصاميم المنتجات والديكور والموضة، حيث وقع الاختيار على هذه المجالات لكونها قطاعات عصرية تتطور في السعودية بشكل مذهل وملحوظ، وتحظى بإقبال كبير ومتزايد في السوق السعودية. وتعتبر المنشآت الصغيرة والمتوسطة البريطانية متقدمة جدا في هذه المجالات ويمكن الاستفادة من خبراتها وتجاربها، كما يمكن لأصحاب الأعمال والمستثمرين في الجانبين الدخول في شراكات وبرامج للتعاون من خلال هذا المنتدى.
وتحتضن بريطانيا أكثر من 4.5 مليون شركة صغيرة ومتوسطة، تعمل في السوق البريطانية، تمثل نحو 60 في المائة من فرص العمل، أي ما يعني 99 في المائة من جميع الشركات، حيث وفرت وظائف لـ14 مليون عاطل.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»