السنغال: الأزمة تتفاعل والبرلمان يناقش تأجيل الانتخابات

الاتحاد الأفريقي يحث على الحوار وتنظيم الاقتراع «في أقرب وقت»

أنصار للمعارضة يسيرون أمام حواجز تحترق في دكار خلال مظاهرات احتجاجية على قرار الرئاسة تأجيل الانتخابات (أ.ف.ب)
أنصار للمعارضة يسيرون أمام حواجز تحترق في دكار خلال مظاهرات احتجاجية على قرار الرئاسة تأجيل الانتخابات (أ.ف.ب)
TT

السنغال: الأزمة تتفاعل والبرلمان يناقش تأجيل الانتخابات

أنصار للمعارضة يسيرون أمام حواجز تحترق في دكار خلال مظاهرات احتجاجية على قرار الرئاسة تأجيل الانتخابات (أ.ف.ب)
أنصار للمعارضة يسيرون أمام حواجز تحترق في دكار خلال مظاهرات احتجاجية على قرار الرئاسة تأجيل الانتخابات (أ.ف.ب)

بدأ النواب السنغاليون، الاثنين، دراسة مشروع قانون مثير للجدل بشأن تأجيل الانتخابات الرئاسية، في حين فرّق رجال الدرك باستخدام الغاز المسيل للدموع تجمعاً أمام البرلمان، في العاصمة التي انقطعت فيها خدمة الإنترنت عن الهواتف المحمولة.

ومع تفاعل الأزمة السياسية في البلاد، باشر البرلمانيون دراسة تقرير أقرته في اليوم السابق اللجنة التحضيرية، واقترح تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 25 فبراير (شباط)، لمدة 6 أشهر أو سنة، حتى فبراير 2025.

ويهدف التأجيل -حسب التقرير- إلى «تفادي عدم الاستقرار المؤسسي والاضطرابات السياسية البالغة» وإنجاح «الاستئناف الكامل للعملية الانتخابية». وأوصى أعضاء اللجنة بتأجيل الانتخابات حتى فبراير 2025، مراعاةً «لواقع البلاد»، مثل الصعوبات التي قد تسببها الحملات الانتخابية وسط موسم الأمطار (من يوليو «تموز» إلى نوفمبر «تشرين الثاني») أو تزامنها مع الأعياد الدينية، وفقاً للتقرير. ويجب أن يحظى النص بموافقة ثلاثة أخماس النواب الـ165 للمصادقة عليه. وقبل انعقاد الجلسة، أطلق رجال الدرك قنبلتين مسيِّلتين للدموع، لتفريق مجموعة مكوَّنة من عشرات الأشخاص، رفضت الانصياع لأمرهم وتجمعت من جديد وهي تهتف: «ماكي سال ديكتاتور».

وبالتزامن، تحدثت مصادر إعلامية عن انقطاع الاتصال بالإنترنت عبر الهواتف المحمولة في دكار. وكانت الحكومة قد أوقفت خدمة الإنترنت عبر الهاتف المحمول في يونيو (حزيران) 2023، في سياق التوتر آنذاك.

وأعلن الرئيس سال، السبت، قبل ساعات من بدء الحملة رسمياً، إلغاء المرسوم الذي يحدد موعد الانتخابات الرئاسية في 25 فبراير. وهي المرة الأولى منذ عام 1963 يتم فيها تأجيل الانتخابات الرئاسية بالاقتراع العام المباشر في السنغال، وهي دولة لم تشهد قط انقلاباً، وهو أمر نادر في القارة الأفريقية.

دعوة أفريقية للحوار

وأثار إعلان سال ضجة كبيرة ومخاوف من تصاعد العنف في هذا البلد المعروف بأنه يشكل عامل استقرار في أفريقيا؛ لكنه شهد حلقات من الاضطرابات الدامية منذ عام 2021. وشهدت العاصمة دكار صدامات، الأحد، بين قوات الأمن ومتظاهرين تجمعوا تلبية لدعوة المعارضة للاحتجاج على قرار رئيس الدولة. وأوقفت الشرطة كثيراً من المتظاهرين -حسب المعارضة- وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.

وحث رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد، الاثنين، السنغاليين عبر موقع «إكس» على حل «خلافهم السياسي من خلال التشاور والتفاهم والحوار»، داعياً السلطات إلى «تنظيم الانتخابات في أقرب وقت ممكن، بشفافية وسلام ووئام وطني».

نزاع مؤسسات

وتم الإعلان عن تأجيل التصويت على خلفية النزاع الذي اندلع في يناير (كانون الثاني) بين المجلس الدستوري والجمعية الوطنية، بعد المصادقة النهائية من قبل المحكمة على 20 ترشيحاً، وإلغاء عشرات الترشيحات الأخرى.

وتم استبعاد اثنين من زعماء المعارضة: عثمان سونكو المسجون منذ يوليو، وكريم واد الوزير وابن الرئيس السابق عبد الله واد (2000- 2012).

وبمبادرة من كريم واد المرشح الذي شكك في نزاهة قاضيين دستوريين وطالب بتأجيل الانتخابات، وافقت الجمعية على تشكيل لجنة تحقيق في شروط المصادقة على الترشيحات.

وخلافاً للتوقعات، أيد نواب المعسكر الرئاسي الخطوة. واندلعت أزمة حول فصل السلطات؛ لكنها غذَّت أيضاً الشكوك حول خطة الحكومة لتأجيل الانتخابات الرئاسية وتجنب الهزيمة. ولا توافق حول مرشح المعسكر الرئاسي رئيس الوزراء أمادو با، داخل صفوفه، ويواجه منشقين.

وعلى العكس، فرض باسيرو ديوماي فاي، المناهض للنظام والذي صادق المجلس الدستوري على ترشيحه رغم كونه مسجوناً منذ 2023، نفسه في الأسابيع الأخيرة كمرشح قادر على الفوز، وهو سيناريو يخشاه المعسكر الرئاسي.

مناصرات لمرشح المعارضة خليفة سال يتجمعن أمام مقر حزبه في دكار الاثنين (أ.ف.ب)

موقف رافض من المعارضة

وبينما اجتمع النواب، الاثنين، أكد النائب المعارض أييب دافي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن برلمانيين من المعسكر الرئاسي اقترحوا خلال اجتماع تحضيري للجلسة، تمديد ولاية الرئيس المنتهية ولايته لمدة عام.

وأعلن كثير من مرشحي المعارضة رفضهم تأجيل الانتخابات الرئاسية، وتظاهروا الأحد في دكار ضد هذا الإجراء. وقال النائب المعارض غي ماريوس سانيا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن المعارضة ورئيسة الوزراء السابقة أميناتا توري، المعارضة بشدة للتأجيل، تم اعتقالها خلال إحدى المظاهرات.

ويتعين -حسب القانون الانتخابي- نشر مرسوم يحدد موعد الاقتراع الرئاسي الجديد في موعد لا يتجاوز 80 يوماً قبل الاستحقاق، وهو ما سيؤدي في أفضل الأحوال إلى نهاية أبريل (نيسان) وهو سيناريو شبه مستحيل. وبالتالي قد يبقى الرئيس سال في منصبه بعد انتهاء ولايته في الثاني من أبريل.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد الألماني ينكمش للعام الثاني على التوالي في 2024

الاقتصاد ميدان في توبنغن بألمانيا (رويترز)

الاقتصاد الألماني ينكمش للعام الثاني على التوالي في 2024

انكمش الاقتصاد الألماني، أكبر اقتصاد في أوروبا، للعام الثاني على التوالي في عام 2024، وفقاً للأرقام الأولية الرسمية الصادرة يوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم الملياردير الأميركي إيلون ماسك (د.ب.أ)

ماسك يصف المفوض الأوروبي السابق بروتون بأنه «طاغية أوروبا»

وصف إيلون ماسك، السبت، المفوض الأوروبي السابق للشؤون الرقمية بأنه «طاغية أوروبا»، في رسائل متوترة جديدة بين الرجلين بشأن دعم ماسك لليمين المتطرف في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أميركا اللاتينية الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يحيّي أنصاره لدى وصوله إلى الجمعية الوطنية لأداء اليمين الدستورية لولاية ثالثة في كاراكاس 10 يناير 2025 (رويترز)

أميركا تندد بتنصيب مادورو رئيساً... وتفرض عقوبات جديدة على فنزويلا

ندّدت الولايات المتحدة، اليوم الجمعة، بـ«مهزلة» تنصيب نيكولاس مادورو رئيساً لفنزويلا لولاية ثالثة، وفرضت عقوبات جديدة على كاراكاس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أميركا اللاتينية غلق جسر أتاناسيو غيرادوت الدولي بأوامر من رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو (أ.ف.ب)

فنزويلا تغلق حدودها مع كولومبيا قبل تنصيب مادورو

أغلقت فنزويلا حدودها مع كولومبيا متحدثة عن «مؤامرة دولية» قبل ساعات من تنصيب الرئيس نيكولاس مادورو لولاية ثالثة من 6 سنوات.

«الشرق الأوسط» (كراكاس)
أميركا اللاتينية الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يصل إلى مقر الجمعية الوطنية لحضور حفل تنصيبه (أ.ف.ب)

تنصيب نيكولاس مادورو لولاية رئاسية ثالثة في فنزويلا

أدى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو اليمين لولاية ثالثة تستمر 6 أعوام، الجمعة، ليبقى في السلطة على الرغم من نزاع استمر 6 أشهر بشأن نتائج انتخابات الرئاسة.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (كاراكاس)

«الصحة العالمية» تشتبه بتسبّب فيروس ماربورغ بثماني وفيات في تنزانيا

معدل الوفيات بـ«ماربورغ»  يصل إلى 88 في المائة من الإصابات (أرشيفية - رويترز)
معدل الوفيات بـ«ماربورغ» يصل إلى 88 في المائة من الإصابات (أرشيفية - رويترز)
TT

«الصحة العالمية» تشتبه بتسبّب فيروس ماربورغ بثماني وفيات في تنزانيا

معدل الوفيات بـ«ماربورغ»  يصل إلى 88 في المائة من الإصابات (أرشيفية - رويترز)
معدل الوفيات بـ«ماربورغ» يصل إلى 88 في المائة من الإصابات (أرشيفية - رويترز)

أعلنت منظمة الصحة العالمية الثلاثاء أنّ فاشية محتملة لمرض فيروس ماربورغ في تنزانيا تسبّبت بثماني وفيات.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في مؤتمر صحافي «نحن على علم بتسع حالات حتى الآن، بينها ثماني وفيات. نتوقّع المزيد من الحالات في الأيام المقبلة عندما ستتحسّن مراقبة المرض». وأضاف أنّ «منظمة الصحة العالمية عرضت مساعدتها الكاملة لحكومة تنزانيا والمجتمعات المتضرّرة».

ويأتي هذا التحذير بعد أقلّ من شهر من إعلان منظمة الصحة العالمية عن تفشّي فيروس ماربورغ لمدة ثلاثة أشهر في رواندا المجاورة، ممّا أسفر عن وفاة 15 شخصا. ويسبّب فيروس ماربورغ حمّى نزفية شديدة العدوى. وينتقل الفيروس إلى البشر من خفافيش الفاكهة وهو ينتمي إلى نفس عائلة فيروسات إيبولا. ويمكن أن يصل معدّل وفيات المصابين بالمرض إلى ما يقرب من 90 في المئة، وغالبا ما تكون حمّى ماربورغ مصحوبة بنزيف وفشل في الأعضاء.

وبحسب منظمة الصحة العالمية فإنّ منطقة كاغيرا شهدت أول تفشّ لفيروس ماربورغ في مارس (آذار) 2023، وقد استمرّت الفاشية يومها لمدة شهرين تقريبا أصيب خلالها بالفيروس تسعة أشخاص توفي ستّة منهم. وأشارت المنظمة في بيان إلى أنّ «الخزّانات الحيوانية المنشأ، مثل خفافيش الفاكهة، لا تزال متوطّنة في المنطقة».

وتقول منظمة الصحة العالمية إنّ مرض فيروس ماربورغ يتسبب بـ«حمّى نزفية فيروسية وخيمة لدى البشر من أعراضها الحمى والصداع وآلام الظهر وآلام العضلات وآلام البطن والقيء والارتباك والإسهال، وكذلك النزيف في المراحل المتأخرة جدا». وتحذّر من أنّه «على الرغم من ندرة مرض فيروس ماربورغ، لكنّه لا يزال يشكل تهديدا خطرا على الصحة العامّة بسبب ارتفاع معدل الوفيات وعدم وجود علاج أو لقاح فعّال مضادّ للفيروسات».

وفي بيانها، أوضحت المنظمة التابعة للأمم المتحدة أنّ سبب تقييمها خطر تفشّي الفيروس في تنزانيا على المستوى الوطني بالـ«مرتفع» مردّه إلى العديد من العوامل المقلقة. ومن أبرز هذه العوامل أنّ معدّل الوفيات المعروفة مرتفع ويبلغ 89% و«مصدر تفشّي المرض غير معروف حاليا» والحالات المبلغ عنها موزّعة على منطقتين ما يشير إلى «انتشار جغرافي» للمرض. ولفتت المنظمة إلى أنّ «التأخّر في اكتشاف الحالات وعزلها، إلى جانب تتبّع المخالطين المستمر» يشير إلى عدم وجود «معلومات كاملة» عن تفشّي المرض.أما عن تقييمها خطر تفشّي الفيروس في المنطقة بالمرتفع أيضا فأوضحت المنظمة أن السبب هو «الموقع الاستراتيجي لكاغيرا كمركز عبور مع حركة حدودية كبيرة للسكان إلى رواندا وأوغندا وبوروندي وجمهورية الكونغو الديموقراطية».

ولفتت إلى أنّ بعض الحالات المشتبه بها سُجّلت في مناطق قريبة من الحدود الدولية، «ما يسلّط الضوء على إمكانية انتشار المرض إلى البلدان المجاورة». وفي منشوره على إكس، قال تيدروس «نوصي الدول المجاورة بأن تكون في حالة تأهب واستعداد لإدارة الحالات المحتملة. في الوقت الراهن لا نوصي بفرض قيود على السفر أو التجارة مع تنزانيا».

وفي بيانها طمأنت المنظمة إلى أنّ فيروس ماربورغ لا ينتشر بسهولة وانتقاله يتطلّب عادة ملامسة سوائل الجسم لمريض يعاني من أعراض واضحة. أما عن إمكانية تفشّي الفيروس عالميا فقالت المنظّمة إنّ هذا الخطر «منخفض»، إذ ليس هناك من تأكيد على انتشاره عالميا في هذه المرحلة، لكنّها شدّدت على الحاجة إلى تعزيز المراقبة.