النظام السوري يفشل في استيعاب هجوم «داعش» بريف حلب

التنظيم يسعى لإرباك القوات الحكومية لتخفيف الضغط عن مقاتليه في كويرس

صورة  أرشيفية لأحد عناصر {الحر} في درعا (رويترز)
صورة أرشيفية لأحد عناصر {الحر} في درعا (رويترز)
TT

النظام السوري يفشل في استيعاب هجوم «داعش» بريف حلب

صورة  أرشيفية لأحد عناصر {الحر} في درعا (رويترز)
صورة أرشيفية لأحد عناصر {الحر} في درعا (رويترز)

قال ناشطون سوريون إن تنظيم «داعش»، حقق تقدمًا أمس في المعركة الجديدة في ريف حلب الجنوبي الشرقي التي أطلقها أول من أمس، مستهدفًا خط الإمداد الوحيد للقوات الحكومية السورية إلى المدينة وشرقها، حيث تشن قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد وحلفاؤها هجمات لفك الحصار عن جنودها المحاصرين في مطار كويرس.
ووسع التنظيم هجومه على النقاط الواقعة بين اثريا وخناصر انطلاقًا من ريف محافظة الرقة باتجاه النقاط العسكرية النظامية في المنطقة الواقعة في ريف حماه الشرقي المتصل بريفي حلب والرقة، مستهدفًا خط الإمداد العسكري التقليدي للقوات النظامية، حيث أحرز تقدمًا، وسيطر على عدد من الحواجز، وهي نقاط عسكرية منتشرة على الطريق الذي يبعد عن اثريا إلى الشرق، مسافة 12 كيلومترًا تقريبًا.
ويعد هذا الهجوم في شمال سوريا الأوسع من قبل تنظيم «داعش» ضد القوات النظامية، منذ السيطرة على مطار الطبقة العسكري في الرقة العام الماضي، وخروج مقاتلين محاصرين منه عبر الطريق الواصل إلى اثريا بريف حماه.
وتعد هذه المنطقة الصحراوية خط الإمداد الوحيد للقوات النظامية، وتبدأ من مدينة حماه إلى شرقها، قبل أن تدخل إلى السفيرة بريف حلب الجنوبي الشرقي. وقال ناشطون إن الهجوم المضاد الذي نفذته قوات النظام، جاء في محاولة لاستعادة السيطرة على الطريق الوحيد الذي يربط مناطق سيطرة النظام في مدينة حلب مع مناطق سيطرته بوسط وجنوب وغرب سوريا.
وقالت مصادر معارضة في حلب إن التنظيم «شن هجومه بهدف إرباك القوات النظامية وتخفيف حدة الهجوم المتواصل على مطار كويرس العسكري»، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التنظيم، بهجومه، «أقفل طريق إمداد النظام إلى حلب، وسيهدد معقله في منطقة السفيرة التي تتضمن معامل الدفاع».
وحاول النظام استيعاب الهجوم أمس، بحسب ما قال ناشطون، لكنه «فشل في استعادة السيطرة على النقاط العسكرية التي خسرها». وقال ناشطون مؤيدون للنظام، إن قواته دفعت بتعزيزات كبيرة إلى منطقة العمليات، استقدمتها عبر طريق حماه، فيما ذكر آخرون أن القوات النظامية «استعادت السيطرة على بعض النقاط،
وبدأت عملية تفكيك العبوات عن الطريق السريع الذي يربط بين اثريا وخناصر، تمهيدًا لاستكمال المعركة وإعلانه منطقة آمنة». وقالت وسائل إعلام مقربة من النظام، إن «مدفعية وطيران الجيش السوري قصف تجمعات إرهابية في تلة مراغة والتلال المحيطة في منطقة خناصر، وقضت على عشرات الإرهابيين». وفيما ذكرت المصادر أن الهجوم كان مباغتًا، ونتج عنه مقتل عدد من القوات النظامية وحلفائها، أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بدوره، أن الاشتباكات بين قوات النظام وقوات الدفاع الوطني من جهة، وعناصر تنظيم «داعش» من جهة أخرى، تواصلت في منطقة الشيخ هلال بريف مدينة سلمية في ريف حماه الشرقي، مشيرًا إلى معلومات عن «تمكّن قوات النظام من استعادة المناطق التي تقدم إليها التنظيم». كما أشار إلى أن المعارك تواصلت على طريق اثريا – خناصر، وسط قصف جوي مكثف وقصف عنيف من قبل قوات النظام على مناطق الاشتباك.
من جهة ثانية، أعلن مقربون من تنظيم «داعش» سيطرتهم على مناطق واسعة في الطريق الذي يربط اثريا بخناصر، وبثوا صورًا تثبت قصف حاجز البريج في المنطقة، إضافة إلى صور أخرى تظهر قتلى من القوات النظامية وحلفائها، وأسرى جرى إعدامهم. وانطلق الهجوم، بحسب ما ذكر مناصرون لـ«داعش» في «تويتر»، بمفخخة قادها العنصر أبو أيهم الطرطوسي، وبلغت حمولتها 4 أطنان من المواد المتفجرة، واستهدفت حاجز سريان، قبل أن يتقدم مقاتلون آخرون سيطروا على محطة ضخ اثريا بهدف «قطع شريان النظام بين حلب وحماه وحمص». وتزامنت تلك المعارك مع اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وعناصر التنظيم من جهة أخرى في محيط مطار كويرس العسكري المحاصر من قبل تنظيم «داعش» في ريف حلب الشرقي.
هذا، وتواصلت الاشتباكات في محيط بلدة خان طومان ومناطق أخرى في ريف حلب الجنوبي، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من الجنسية السورية وغير السورية من طرف، والفصائل الإسلامية والمقاتلة وتجمعات ثانية من طرف آخر، وسط قصف متبادل بين الطرفين، مما أدى لخسائر بشرية بين الطرفين.
وفي حمص، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل 5 أشخاص على الأقل بينهم طفل، وإصابة عشرات آخرين بجراح، جراء سقوط صاروخ أطلقته قوات النظام على منطقة في بلدة الغنطو بريف حمص الشمالي. وأوضح «مكتب أخبار سوريا» بدوره، أن القوات النظامية المتمركزة في الكلية الحربية استهدفت البلدة بصواريخ ذات قدرة تدميرية كبيرة، مما تسبب بمقتل مدنيين، بينهم طفل، وإصابة العشرات، إضافة لدمار واسع بالمنازل.
وكانت بلدة الغنطو تعرضت لقصف مكثف من قبل القوات النظامية وسلاح الجو الروسي خلال الأيام الماضية، مما تسبب بمقتل أكثر من 20 مدنيا وإصابة أكثر من 50 آخرين، إضافة لدمار نحو نصف منازل البلدة، بحسب ما أكده ناشطون معارضون.
وفي ريف دمشق، سقطت عشرات القذائف التي أطلقتها قوات النظام، على مناطق في مدينة دوما بالغوطة الشرقية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».