محلب يتعهد بتحقيق أهداف الثورة

عول على الأزهر في مواجهة الفكر التكفيري

محلب خلال كلمته التلفزيونية للمصريين أمس (رويترز)
محلب خلال كلمته التلفزيونية للمصريين أمس (رويترز)
TT

محلب يتعهد بتحقيق أهداف الثورة

محلب خلال كلمته التلفزيونية للمصريين أمس (رويترز)
محلب خلال كلمته التلفزيونية للمصريين أمس (رويترز)

تعهد المهندس إبراهيم محلب، رئيس الحكومة المصرية الجديدة، في كلمة إلى الشعب أمس، بتحقيق أهداف ثورة المصريين، ودعا لوقفة إقليمية ودولية ضد الإرهاب، وناشد العمال التوقف عن الاحتجاجات والتوجه للبناء لتحقيق العدالة الاجتماعية.
وشدد محلب على التزام الحكومة بمجموعة من التعهدات لتنفيذها في الفترة المقبلة، على رأسها فرض الأمن، ومواجهة الإرهاب، وفرض القانون، والحفاظ على حقوق الإنسان، وترسيخ الديمقراطية، والسعي لإيجاد حلول عاجلة لتحقيق الحد الأدنى من المعيشة الكريمة للمصريين، والاهتمام بالمشروعات القومية الكبرى، ومعالجة الاختلالات الهيكلية في بنية الاقتصاد، وتوفير المناخ الاستثماري، والعمل على الإصلاح الإداري، والحفاظ على حقوق العاملين، وضمان توفير مناخ سياسي ديمقراطي بحياد ونزاهة، والعمل على توازن علاقاتنا الخارجية، وإعطاء البعد العربي والإقليمي والأفريقي عناية خاصة.
وبينما قلل النائب البرلماني، سعد عبود، منسق «حركة حماية»، من قدرة الحكومة على تحقيق إنجازات تذكر؛ كونها «حكومة انتقالية»، حصلت «الشرق الأوسط» على تفاصيل تكليفات الرئيس المصري، المستشار عدلي منصور، للحكومة الجديدة التي شكلها محلب وحلفت اليمين أمام الرئيس يوم أول من أمس. وتركزت هذه التكليفات، خلال اجتماع منصور مع وزراء الحكومة، على أهمية الحفاظ على الأمن القومي وحدود البلاد ومكافحة الإرهاب وتحسين معيشة المواطنين، بداية من رغيف الخبز، حتى تنظيف المدن. وشدد على أن «هذه الحكومة مطالبة بأن تعمل ليلا ونهارا، والإعداد لاستحقاقات باقي خارطة المستقبل. والاستعداد للانتخابات المقبلة».
وشدد عبود، الذي تضم حملته عشرات النواب البرلمانيين السابقين، على أن مشكلات مصر «اقتصادية، ولن تتمكن أي حكومة من وضع حلول جذرية لها إلا بعد الانتهاء من المرحلة الانتقالية وإجراءات الانتخابات الرئاسية والبرلمانية».
ومن جانبه، قال محلب في كلمته للشعب أمس: «كلفني السيد المستشار الجليل رئيس الجمهورية بتحمل الأمانة في هذه اللحظة الفارقة من عمر الوطن.. وفي هذه المرحلة التي ينظر إليها البعض بمنظار الإحباط واليأس». وأضاف محلب أنه، على العكس من ذلك، تنظر حكومته للمرحلة التي تمر بها البلاد على أنها «مرحلة صناعة الأمل»، وقال: «نسعى لأن نجعلها مرحلة البدء في مستقبل أفضل»، و«لتحقيق أهداف ثورتي 25 يناير (كانون الأول) 2011 و30 يونيو (حزيران) 2013».
وتعهد محلب بالعمل من أجل التأسيس لـ«الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية». وتعود هذه الشعارات للثورتين اللتين أسقطتا نظامي حكم خلال نحو 30 شهرا فقط، سقط خلالها مئات القتلى وألوف الجرحى من المدنيين ورجال الشرطة والجيش، وتعرض المئات من القيادات السابقة للمحاكمات من بينهم الرئيس الأسبق حسني مبارك والرئيس السابق محمد مرسي. وأدت نحو ثلاث سنوات من قلة الاستقرار إلى خسائر اقتصادية بمليارات الدولارات، وفقد ملايين المصريين أعمالهم، وخاصة في قطاعي السياحة والصناعة، إضافة لتنامي ظاهرتي «العنف» و«الإرهاب».
ووجه محلب التحية لضحايا الاضطرابات، وقال: «لا يفوتنا في هذا المقام أن نحيي أرواح شهدائنا الأبرار من رجال القوات المسلحة والشرطة، كما نحيي أرواح شهداء الوطن، ونترحم عليهم، ونجدد التزامنا الواضح تجاه كل أسر الشهداء والمصابين، وليس أمامنا سبيل لرد جميل الشهداء إلا بعبور بلدنا من المنعطف الضيق الذي يمر به، إلى آفاق مستقبل زاهر». ودعا الشعب إلى الإسهام في بناء الوطن، وتعهد في المقابل بـ«فرض الأمن ومواجهة الإرهاب بكل الأدوات والسبل القانونية الحاسمة والسعي إلى استعادة الاستقرار وانضباط الشارع وفرض القانون حفاظا على الدم المصري النفيس وأرواح المصريين، مع الالتزام بالحفاظ على حقوق الإنسان وترسيخ الديمقراطية».
وشدد محلب على أن معركة مصر ضد الإرهاب ليست للدفاع عن بلاده فقط، ولكن عن المنطقة، وأوضح أن «المعركة التي تتصدى لها مصر ضد قوى الشر والإرهاب ليست فقط دفاعا عن مصالح وأمن مصر وحدها، وإنما أيضا هي معركة نخوضها بالنيابة عن المنطقة كلها»، قائلا إن «الخطر الذي نواجهه الآن ليس بعيدا عن غيرنا مما يقتضي وقفة جماعية إقليمية ودولية متشاركة ضد الإرهاب الذي يهدد مصر والإنسانية».
وتابع محلب قائلا، إن حكومته تعول على الأزهر والكنيسة والمثقفين في مواجهة الفكر التكفيري. وأوضح: «نعول على الدور الوطني للأزهر الشريف والكنيسة المصرية، ودور العلماء والمفكرين والمثقفين، في مواجهة الفكر التكفيري وكل ألوان التشدد والتطرف، ونعمل على دعم كل ما يسهم في نشر الوسطية والتسامح الديني، واللحمة التاريخية بين أشقاء الوطن».
وتطرق محلب في كلمته أمس إلى المشكلات الاقتصادية التي تواجهها بلاده، سواء على مستوى تحسين الأحوال المعيشية للمصريين، أو على صعيد جذب المستثمرين وتحسين المناخ الاستثماري. وتعهد بإيجاد حلول عاجلة لـ«كل المتطلبات الأساسية التي تحقق الحد الأدنى من المعيشة الكريمة لشعب مصر في إطار محدودية الإمكانيات». وأضاف أن حكومته ستولي الاهتمام في هذه المرحلة لـ«المشروعات القومية الكبرى، لكونها الجسر الذي نعبر به لمستقبل أفضل وعلى رأسها مشروع تنمية قناة السويس، والامتداد العمراني شمالا وشرقا وغربا، بمشروعات تنموية في كل المجالات، حتى نصل بالمساحة المعمورة من 5.5 في المائة إلى 30 في المائة (من إجمالي المساحة الجغرافية للبلاد)».
وتابع محلب قائلا، إن حكومته ستعمل على «معالجة الاختلالات الهيكلية في بنية الاقتصاد المصري واستعادة توازناته الداخلية والخارجية وتوفير المناخ الاستثماري الملائم لجذب الاستثمارات المحلية والدولية»، وإعطاء عناية خاصة لـ«الإصلاح المؤسسي والإداري والحفاظ على أصول الدولة والقطاع العام وتنميته والحفاظ على حقوق العاملين، وسنعمل بقوة للقضاء على أي بقايا للفساد والفاسدين، ولن نتستر على مفسد أو مرتشٍ أو مضيع لحقوق الوطن مهما كان موقعه».
وناشد محلب المصريين الذين ينظمون وقفات احتجاجية بسبب تدني الأجور، التوقف عن الاحتجاجات والتوجه للبناء لتحقيق العدالة الاجتماعية. وقال: «أوجه لكم كلمة من القلب والوجدان.. أناشد من خلالها فيكم الوطنية والضمير الحي وحب الوطن. حان وقت العمل والإنتاج. لا صوت يعلو الآن فوق صوت البناء والتنمية. لنوقف أي أنواع من الاعتصامات والاحتجاجات والإضرابات ودعونا نبنِ وطننا».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».