المياه الجوفية تشدد الحصار على سكان زليتن في غرب ليبيا

انهيارات أرضية في وسط المدينة تدفع مسؤولاً حكومياً للاستقالة

جانب من البرك الناتجة عن ارتفاع منسوب المياه الجوفية في زليتن غرب ليبيا (صفحة بالمدينة)
جانب من البرك الناتجة عن ارتفاع منسوب المياه الجوفية في زليتن غرب ليبيا (صفحة بالمدينة)
TT

المياه الجوفية تشدد الحصار على سكان زليتن في غرب ليبيا

جانب من البرك الناتجة عن ارتفاع منسوب المياه الجوفية في زليتن غرب ليبيا (صفحة بالمدينة)
جانب من البرك الناتجة عن ارتفاع منسوب المياه الجوفية في زليتن غرب ليبيا (صفحة بالمدينة)

يسارع المسؤولون في ليبيا للبحث عن حل ينهي أزمة تفجّر الأرض في مدينة زليتن (غرب) بالمياه الجوفية، التي زادت من حصار المواطنين، وتدمير بعض الطرق، وحدوث هبوط أرضي.

وفيما تقول السلطات المحلية إنها تواصل جهودها لإزالة المياه المتجمعة في الشوارع والساحات وأسفل المنازل، عقد رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، فرحات بن قدارة، اجتماعاً اليوم (الخميس) ضمّ مسؤولين ببلدية زليتن، ومديري كبرى شركات قطاع النفط (الواحة، مليتة، البريقة، الوطنية للإنشاءات، مركز بحوث النفط). بالإضافة إلى عدد من الخبراء الجيولوجيين بالمركز وذلك لمتابعة أزمة ارتفاع منسوب المياه في زليتن.

برك ناتجة عن ارتفاع منسوب المياه الجوفية في زليتن غرب ليبيا (صفحة بالمدينة)

ومنذ نهاية العام الماضي، وحتى الآن، تتصاعد شكاوى سكان زليتن، البالغ عددهم 350 ألف نسمة، من انبعاث مياه جوفية بشكل كبير من أسفل منازلهم، وفي ساحات عديدة بالمدينة، الأمر الذي تسبب في تضرر مئات المنازل، وسط توجيه اتهامات لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، بـ«التقصير» في التصدي لـ«الكارثة».

وقالت المؤسسة الوطنية للنفط، عقب الاجتماع، إن رئيسها بن قدارة أصدر تعليماته لشركات القطاع للعمل على حل مشكلة المياه الجوفية في زليتن، مشدداً على «عدم التلكؤ في تقديم المساعدة لتدارك الأزمة»، ومؤكدا أن «المؤسسة وشركاتها تضع كل إمكانياتها في سبيل حل أزمة زليتن».

وتعمل السلطات المحلية بشكل متسارع على إزالة المياه، التي حوَّلت الكثير من شوارع زليتن إلى برك ومستنقعات؛ لكنها سرعان ما تتجمع سريعاً، وسط مناشدة المواطنين للحكومة «سرعة إنقاذ منازلهم، بعدما هبط بعضها عن سطح الأرض».

وسبق أن أصدر رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أسامة حمّاد، قرارات عاجلة بشأن زليتن، من بينها إعلان حالة الطوارئ، وتخصيص 10 ملايين دينار للبلدية كمبلغ يخصص للطوارئ. (الدولار يساوي 4.82 دينار في السوق الرسمية)، بالإضافة إلى عقد إنشاء شبكة رشح وتصريف في المحال المتضررة بقيمة 16 مليون دينار.

جانب من المستنقعات الناتجة عن ارتفاع منسوب المياه الجوفية في زليتن غرب ليبيا (صفحة بالمدينة)

وعلى إثر الأزمة المستعصية على الحل، تقدم عميد محلة روماية، عبد الحميد الجدايمي، باستقالته، ولجنة الأزمات والطوارئ زليتن، «بسبب عدم قدرته على مساعدة المتضارين في محلته».

وأعلنت محلة روماية الواقعة في زليتن منطقة منكوبة، بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية ووصولها إلى الديار. وفيما يستغيث العديد من المواطنين بالسلطات لنجدتهم، تقول الشركة العامة للمياه والصرف الصحي، إنها تتابع عمليات شفط المياه من خلال عشرات السيارات المخصصة.

وأعلن جهاز الإسعاف والطوارئ بغرب ليبيا أنه مستمر في رفع درجة الاستعداد القصوى للفروع الساحلية الممتدة من طرابلس إلى مصراتة وبني وليد، بدعم من فريق الطوارئ التابع لفرع الجهاز بزليتن، إلى جانب تشكيل غرفة عمليات طوارئ خاصة بالمدينة تعمل 24 الساعة طول فترة الأزمة القائمة بالمدينة.

وكان مصطفى البحباح، رئيس لجنة الأزمة وعضو مجلس زليتن البلدي، قد تحدث عن أبعاد «الكارثة»، وقال إن «عدد البيوت المتضررة من ارتفاع منسوب المياه الجوفية يتجاوز ألفي منزل، وقد تم إجلاء عشرات العائلات».

أسامة حماد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي (الحكومة)

وتترقب زليتن وصول مكتب استشاري دولي، غداً (الجمعة)، ليباشر عمله مع فريق الخبراء بالتعاون مع المجلس البلدي، وفق ما أعلن مدير جهاز تنفيذ مشروعات الإسكان والمرافق، التابع لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، محمود عجاج.

ولم يتوقف انبعاث المياه الجوفية من أسفل المنازل فقط، بل تسبب ارتفاع منسوبها إلى تعطل 11 مؤسسة تعليمية في زليتن.

وكان وزير التربية والتعليم، الدكتور موسى المقريف، قد التقى مساء (الأربعاء) بمراقب التربية والتعليم بزليتن، إسماعيل هويدي، ومدير مكتب المشروعات بمصلحة المرافق التّعليمية فرع زليتن، فتحي البوري، وأكد تشكيله فريقا برئاسة وكيل الوزارة لشؤون المراقبات، للوقوف على الأضرار التي لحقت بالمؤسسات التعليمية بزليتن.


مقالات ذات صلة

أمازيغ ليبيا يطالبون «الرئاسي» بسحب التشكيلات العسكرية من مدنهم

شمال افريقيا من اجتماع سابق للمجلس الرئاسي مع وفد من الأمازيغ (أرشيفية)

أمازيغ ليبيا يطالبون «الرئاسي» بسحب التشكيلات العسكرية من مدنهم

وسط صمت رسمي من حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، حذر المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا من أي «تحركات لميليشيات قبلية داخل المدن التابعة له».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة (حكومة الوحدة)

غموض وتساؤلات بعد تعهد الدبيبة بـ«خطوات حازمة» لإجراء الانتخابات الليبية

تعهد عبد الحميد الدبيبة خلال مشاركته في احتفالية أقيمت بمسقط رأسه بمدينة مصراتة باتخاذ «خطوات حازمة» للوصول إلى الانتخابات العامة.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا خوري في فعاليات سابقة بحضور ليبيات (البعثة الأممية)

أمازيغ ليبيا يتظاهرون رفضاً لـ«عسكرة» يفرن

طردت مدينة ليبية بغرب البلاد قوة عسكرية موالية للواء منفصل عن سلطات طرابلس، رفضاً لما أسمته محاولة «عسكرتها».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يتوسط تبون والمنفي خلال قمة تونس في أبريل الماضي (الرئاسة التونسية)

ليبيا: تحديات أمنية واقتصادية أمام القمة المغاربية «المصغرة»

فيما لم يحدد موعد عقدها في العاصمة الليبية، إلا أن أجندة أعمال القمة المغاربية «المصغرة» يتوقع أن تضم قضايا تتعلق بأمن الحدود والأوضاع الاقتصادية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من حملة تحصين الماشية ضد الحمى القلاعية بجنوب ليبيا (الحكومة بشرق ليبيا)

ليبيا: تحركات حكومية لمواجهة ازدياد «الحمى القلاعية»

يطالب مربو الماشية في مدينة مصراتة، غرب البلاد، السلطات بسرعة التحرك لتدارك «الكارثة» التي حلّت بهم وقضت على سبل عيشهم، بعد تزايد فيروس «الحمى القلاعية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر: تحقيق في ملابسات «تسمم» طالبات جامعة الأزهر بالأقصر

محافظ الأقصر والأطباء مع الطالبات في المستشفى (محافظة الأقصر)
محافظ الأقصر والأطباء مع الطالبات في المستشفى (محافظة الأقصر)
TT

مصر: تحقيق في ملابسات «تسمم» طالبات جامعة الأزهر بالأقصر

محافظ الأقصر والأطباء مع الطالبات في المستشفى (محافظة الأقصر)
محافظ الأقصر والأطباء مع الطالبات في المستشفى (محافظة الأقصر)

تباشر النيابة المصرية، وكذا جامعة الأزهر، التحقيق في ملابسات «تعرض عدد من طالبات المدينة الجامعية لجامعة الأزهر في مدينة الأقصر المصرية (جنوب البلاد) للتسمم، بعد تناولهن وجبة غذائية في مطعم المدينة»، الجمعة.

ونقلت 89 طالبة بالمدينة إلى مستشفى «الكرنك الدولي»، الجمعة، إثر شكواهن من أعراض غثيان وآلام بالطن، وتلقين العلاج وغادرن المستشفى. وجرى تداول الواقعة بشكل مكثف على «السوشيال ميديا»، خصوصاً مع عدم قدرة أهالي الطالبات على التواصل معهن بشكل سريع لكونهن مغتربات يقمن بعيداً عن عائلاتهن، مما استلزم تحركات سريعة من إدارة جامعة الأزهر، ومحافظة الأقصر لطمأنة عائلاتهن.

ووجّه شيخ الأزهر، أحمد الطيب، بمتابعة الحالة الصحية للطالبات بعد خروجهن من المستشفى، لمعرفة تداعيات الحادث، فيما زار رئيس جامعة الأزهر، سلامة داود، المدينة الجامعية بالأقصر، السبت، للاطمئنان على الطالبات وعلى سلامة الأغذية المعدة للتوزيع، والحالة الصحية للطالبات بعد خروجهن من المستشفى.

وشدد رئيس الجامعة على جميع العاملين بالمدن الجامعية في الأزهر «ضرورة الالتزام بجميع معايير النظافة والأمان داخل المدن الجامعية، بما يسهم في حفظ أرواح الطالبات»، مؤكداً أنه «لا مكان لمقصر داخل منظومة العمل الجامعية، وسيتم محاسبة المقصر».

وأكد المتحدث باسم جامعة الأزهر، أحمد زارع، لـ«الشرق الأوسط»، أن «التحقيقات جارية الآن بشكل تفصيلي، سواء من جانب إدارة الجامعة فيما يتعلق بتفاصيل وطرق تقديم الطعام للطالبات لمحاولة معرفة سبب المشكلة التي حدثت لهن، أو حتى من جانب الجهات الطبية التي تعمل على الانتهاء من نتائج التحاليل الطبية التي أجريت في المستشفى».

وبحسب بيان جامعة الأزهر، السبت، «جرى الاتفاق مع وزارة الصحة على إبقاء أطباء داخل المدينة الجامعية للطالبات لمتابعة أي حالات طارئة».

رئيس جامعة الأزهر خلال زيارته للمدينة الجامعية بالأقصر ولقاء الطالبات (جامعة الأزهر)

ووفق أحد أطباء مستشفى «الكرنك»، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم ذكر اسمه، فإن التقارير الطبية ستصدر خلال ساعات مع الانتهاء من نتائج العينات التي جرى أخذها من الطالبات، مشيراً إلى أن «الأعراض كانت متشابهة بين الطالبات، والعامل المشترك الوحيد بينهن كان تناول الطعام في المدينة الجامعية».

وبعد وقت قصير من الإعلان عن نقل الطالبات للمستشفى، مساء الجمعة، أكدت جامعة الأزهر، أن أكثر من 500 طالبة تناولن الطعام نفسه، ولم يتعرضن لأي مشكلة صحية.

وبحسب زارع، فإن تحقيقات داخلية ومتابعة تفصيلية للطعام وآلية تقديمه والحصول عليه وتخزينه، يجري مراجعتها في الوقت الحالي، مشيراً إلى أنهم يعتزمون الإعلان عن النتائج التي سيتم التوصل إليها.

واستغاث عدد من طالبات المدينة عبر حساباتهن على مواقع التواصل الاجتماعي من «حالات تسمم»، ووجهن انتقادات لتأخر وصول سيارات الإسعاف لهن والتعامل مع الأعراض التي شعرن بها، وهي الاستغاثات التي جرى تداولها على نطاق واسع في الغروبات المغلقة الخاصة بالطالبات وبعض غروبات المدن المحيطة.

واستبعد المتحدث باسم جامعة الأزهر اتخاذ أي إجراءات تأديبية بحق الطالبات اللاتي ظهرن في الفيديو، مؤكداً أنهم عملوا منذ الدقيقة الأولى لظهور المشكلة في احتوائها ومتابعة الحالة الصحية للطالبات.

وكان محافظ الأقصر، عبد المطلب عمارة، قد زار الطالبات في المستشفى، مساء الجمعة، لمتابعة حالاتهن، مؤكداً أن «سيارات الإسعاف نقلت الحالات التي ظهرت عليها أعراض مشابهة بشكل متلاحق خلال فترة زمنية قصيرة وعقب تناولهن وجبة الغذاء».

كما التقى رئيس جامعة الأزهر، السبت، مسؤولي المدينة الجامعية بالأقصر، وعدداً كبيراً من طالبات المدينة؛ للاطمئنان على صحتهن، والاستماع لهن، ومعرفة مدى الرضا عن الخدمة المقدمة لهن، وعن الوجبات التي يتناولنها ومدى جودتها ونوعيتها وكميتها، مؤكداً حرصه على تقديم أفضل مستوى فيما يتعلق بالإقامة والإعاشة وتجهيزات المطابخ والوجبات الغذائية.