«نور»... فلسفة الحياة في أشعار جلال الدين الرومي

40 لوحة تتوق ليجد متأمّلوها ضالتهم في تفاصيلها

ألوان قوية موحية (إدارة الغاليري)
ألوان قوية موحية (إدارة الغاليري)
TT

«نور»... فلسفة الحياة في أشعار جلال الدين الرومي

ألوان قوية موحية (إدارة الغاليري)
ألوان قوية موحية (إدارة الغاليري)

«النور الذي في العين ليس إلا أثراً من نور القلب، وأما النور الذي في القلب فهو من نور الله»... من وحي أشعار جلال الدين الرومي، تُقدّم الفنانة التشكيلية المصرية مونل جنحو 40 لوحة ضمن معرضها بعنوان «نور»، في قاعة «ديمي» بالزمالك، وسط القاهرة.

ترى جنحو أنّ «النور يأتي من داخل الإنسان، تأثّراً بإيمانه وشفافيته. نورٌ يساعده على أن يعرف نفسه، ويرى الآخرين، وكل ما يدور حوله بشكل صحيح»، مضيفةً لـ«الشرق الأوسط»: «النور يضيء طريق الإنسان إلى الحق والجمال والحقيقة أيضاً».

تبرّر اختيار اسم المعرض المستمر حتى 10 فبراير (شباط) المقبل، بالقول: «لعلّه يشعل نوراً لمَن يحتاج إليه»، وتتابع: «كثيرون يبحثون عن هذا النور الذي يقودهم إلى طريقهم، في ظلّ مشقّة الحياة العصرية، فلربما يجد المتأملون للوحات ضالتهم في تفاصيلها».

يحتفي المعرض في القاهرة بالعلاقات الإنسانية (إدارة الغاليري)

تمثّل العلاقات الإنسانية محور لوحات المعرض، وترصد لحظات حياتية متنوّعة، قد تجسّد العزلة والوحدة أحياناً، أو الفرحة والتلاقي الاجتماعي الدافئ أحياناً أخرى، لا سيما أنها تجمع بين المرأة والرجل في رومانسية تغلّفها السكينة والسلام النفسي، بينما تصقل الجماليات الفنية الحداثية غير التقليدية رؤيتها للعلاقة بينهما.

الفنانة مونل جنحو (إدارة الغاليري)

وفي بعض لوحاتها، يتجلّى حشدٌ للشخوص، كأنها من خلالهم تستعيد الإحساس بالدفء الأسري في لقاءات حقيقية تجمعهم، وليس فقط عبر الرسائل الإلكترونية والواقع الافتراضي. تقول جنحو: «الحداثة والتطبيقات الإلكترونية أثرت في التفاعل والتواصل بين الأسر؛ فيعيش البعض حالة من الغربة وسط أسرته، بسبب سيطرة التكنولوجيا التي عدَّها كثيرون بديلاً للتلاقي».

يغلب الحضور الأنثوي على اللوحات، ما تفسّره الفنانة، قائلة: «أنحاز إلى المرأة القوية والواثقة بنفسها، وأرى أنها تستحق تصدُّر المشهد بتأثيرها الكبير في الأسرة والمجتمع».

المعرض مستلهم من كلمات الشاعر جلال الدين الرومي (إدارة الغاليري)

تتمتّع لوحات جنحو بتنوّع بصري يعتمد التضاد عموماً، فتجمع ما بين التركيب والتفكيك، والألوان الساخنة والباردة، والضوء والعتمة. فهي، كما تعكس الجانب الروحاني أو الصوفي لدى البشر، تعكس كذلك الجانب الحسّي، بحثاً عن فلسفة الحياة ومنابعها عبر أعمالها.

يبدو الضوء في لوحات الفنانة المصرية كأنه ينبثق من ألوانها، التي تعكس جماليات التناغم بين كثافة الضوء وعمق اللون، مع الاحتفاظ بشفافيته، معتمدةً في بناء معظمها محيط الإنسان فرداً، وعائلة، ومجتمعاً.

المرأة حاضرة بقوّة في المعرض (إدارة الغاليري)

تنتمي الفنانة للمدرستين التجريدية والتكعيبية، وأحياناً تختار إحداهما في لوحاتها، وأخرى تمزج بينهما. وعبر ذلك التداخل، يرى المتلقّى شخوصاً تشكّلوا من خلال مجموعة خطوط وتكوينات من دون تفاصيل أو ملامح محدّدة. ويبرز شكل الدائرة في الأعمال، في إشارة لاستمرار الحياة رغم أي أزمات أو إخفاقات، فهي تبعث برسالة خفية للتمسُّك بالأمل والتفاؤل، وربما أيضاً ترمز الدائرة إلى الدوران حول النفس والتأمُّل.

اللوحات تتناول العلاقات الإنسانية (إدارة الغاليري)

درست مونل جنحو الإرشاد السياحي، وأحبّت الفنّ منذ الصغر، فصقلت موهبتها عبر الالتحاق بورشات متعدّدة وقسم الدراسات الحرّة بكلية الفنون الجميلة، ومن ثَم أكملت دراستها في أكاديمية الفنون في فلورنسا. وأقامت معارض فردية عدّة، بالإضافة إلى مشاركات في معارض جماعية، وفي «بيروت آرت فير»، ومعرض «دوكومنتا» في ألمانيا.


مقالات ذات صلة

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

شمال افريقيا وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت» في القاهرة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)

حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

في إطار استعادة تراث كبار الموسيقيين، وضمن سلسلة «وهّابيات» التي أطلقتها دار الأوبرا المصرية، يقام حفل لاستعادة تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب.

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا صورة جماعية لقادة قمة «الدول الثماني النامية» داخل القصر بـ«العاصمة الإدارية» (الرئاسة المصرية)

مصر: «العاصمة الإدارية» تنفي بناء قصر الرئاسة الجديد على نفقة الدولة

أكد رئيس مجلس إدارة شركة «العاصمة الإدارية الجديدة» أن «خزانة الدولة لم تتحمل أي أعباء مالية عند بناء القصر الجديد».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس السيسي في لقاء سابق مع الرئيس الأميركي جو بايدن وأنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

صفقة سلاح أميركية جديدة لمصر تعزز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين

أعلنت الحكومة الأميركية أنها وافقت على بيع معدات عسكرية لمصر تفوق قيمتها خمسة مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
TT

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية والنصائح التي يوجهنها للجمهور بناء على تجاربهن، وهو أمر برز خلال لقاءات إعلامية عدة في الأسابيع الماضية.

أحدث هذه التصريحات كانت من نصيب الفنانة المصرية رانيا يوسف، في برنامج «ع الرايق»، بعدما تطرقت لتعرضها للضرب من زوجيها الأول والثاني، مع نصيحتها للفتيات بألا تقل فترة الخطوبة قبل الزواج عن 3 أو 4 سنوات، فضلاً عن نصيحتها لبناتها بعدم الزواج قبل سن الـ30 عاماً.

وقالت رانيا إن «طبيعة العلاقات في الوقت الحالي أصبحت تتطلب مزيداً من العمق والتفاهم بين الطرفين، بعيداً عن السطحية والانجذاب المؤقت»، محذرة من تعامل النساء بمشاعرهن عند البحث عن الشراكات العاطفية التي تحقق لهن السعادة والاستقرار.

وجاءت تصريحات رانيا بعد وقت قصير من تصريحات للفنانة زينة عن حياتها الشخصية وإنجابها طفليها التوأم بمفردها في الولايات المتحدة وصعوبة الأيام الأولى لهما مع مرضهما، بالإضافة إلى الفترة التي قضتها بمفردها في الغربة. وكذلك تطرقت إلى تفاصيل كثيرة عن حياتها، خصوصاً في ظل تحملها مسؤولية دور الأم والأب ووجودها مع نجليها بمفردها.

الفنانة المصرية زينة (فيسبوك)

وكانت الفنانة لبلبة قد أثارت جدلاً مشابهاً عندما تحدثت عن طفولتها الصعبة التي عاشتها واضطرارها للعمل من أجل الإنفاق على عائلتها بجانب انشغالها بمسؤوليات الأسرة وأشقائها، الأمر الذي جعلها تحاول أن تعوض ما لم تعشه في طفولتها.

من جهتها، تؤكد الناقدة المصرية ماجدة موريس أن «بعض الفنانين لا يكون قصدهم دائماً إثارة الجدل بالحديث عن حياتهم الشخصية أو مواقف سابقة مروا بها»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التصريحات تخرج بشكل عفوي، لكن التفاعل يحدث معها نتيجة اهتمام الجمهور بمتابعتهم».

وأضافت أن «رانيا يوسف على سبيل المثال مرّت بتجارب مختلفة، وبالتالي عندما تتحدث عن صعوبة ثقتها في الرجال، بالإضافة إلى نصيحتها بتأجيل خطوة الزواج للفتيات؛ فهي تحاول إبداء رأي تعتقد أنه صواب»، لافتة إلى أهمية التعامل مع الفنانين باعتبارهم بشراً من حقهم الإدلاء بآرائهم، لكن ليس بالضرورة أن تكون جميع آرائهم صحيحة أو غير قابلة للتغير مع مرور الوقت.

الفنانة المصرية لبلبة (فيسبوك)

وهنا يشير مدرس علم الاجتماع بجامعة بني سويف، محمد ناصف، إلى «ضرورة التفرقة بين المواقف الشخصية والخبرات التي يتحدث بها الأشخاص العاديون، وبين المشاهير الذين تكون لديهم قاعدة جماهيرية ومصداقية ربما أكثر من غيرهم وإمكانية وصول لأعداد أكبر من الجمهور عبر البرامج والمنصات»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «جزءاً من الجدل يكون مجتمعياً في الأساس، لكن بدايته تكون من تصريحات المشاهير».

وأضاف أن «هناك تبايناً في الآراء قد يصل لدرجة التناقض بين الأفراد داخل المجتمع، وهو أمر يتوجب فهمه في إطار الخلفيات الاجتماعية والعادات والخبرات التي يمر بها كل فرد، وبالتالي ستجد من يقتنع بكل رأي يقال حتى لو لم يكن صحيحاً من الناحية العلمية»، لافتاً إلى ضرورة فتح نقاشات أعمق حول بعض الآراء عبر وسائل الإعلام.

وهو الرأي الذي تدعمه الناقدة المصرية، موضحة أن «آراء الفنانين تسلط الضوء على موضوعات قد تكون محل جدل مجتمعي، لكن تبرز لوسائل الإعلام مع إعلانها من المشاهير»، لافتة إلى أن «بعض الآراء قد تعرض أصحابها لانتقادات من شرائح أكبر عبر مواقع التواصل، لكن على الأرجح يكون لدى الفنان القدرة على تحمل تبعات موقفه وشرح وجهة نظره التي ليس بالضرورة أن تتسق مع رأي الغالبية».