فوز ترمب بـ«التمهيدية» يخفي مؤشرات تهدد عودته إلى البيت الأبيض

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في نيويورك يوم 25 يناير 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في نيويورك يوم 25 يناير 2024 (أ.ف.ب)
TT

فوز ترمب بـ«التمهيدية» يخفي مؤشرات تهدد عودته إلى البيت الأبيض

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في نيويورك يوم 25 يناير 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في نيويورك يوم 25 يناير 2024 (أ.ف.ب)

يشق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب طريقه للفوز ببطاقة ترشيح الحزب الجمهوري للاقتراع الرئاسي بسرعة غير مسبوقة، لكن الانتخابات التمهيدية سلّطت الضوء على نقاط ضعف يواجهها في مسعاه للعودة إلى البيت الأبيض، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

تخفي انتصاراته بأرقام عشرية على آخر منافسة بقيت أمامه، نيكي هايلي في أيوا ونيوهامبشير، مؤشرات تحذيرية من وضعه في أوساط الجمهوريين المستقلين والمعتدلين الذين سيتعيّن عليه استمالتهم في مواجهة الرئيس جو بايدن في نوفمبر (تشرين الثاني).

وتم تسجيل نحو نصف الناخبين في نيوهامبشير بوصفهم مستقلين، وهي فئة تعكس عن قرب المشاعر السائدة في الولايات المتأرجحة التي تحسم عادة النتائج لدى تقاربها. وانقسم هؤلاء بمعدل 2 مقابل 1 لصالح هايلي الأكثر اعتدالاً

وفي مؤشر خطير آخر، أظهر استطلاع أن ثلث الناخبين في الاقتراع التمهيدي الجمهوري في نيوهامبشير، أكدوا أنهم لن يدعموا ترمب إطلاقاً في نوفمبر.

ظهرت إحصاءات مشابهة في انتخابات أيوا التمهيدية الأسبوع الماضي. وبينما حقق ترمب فوزاً سهلاً، فإن استطلاعاً لصحيفة «دي موين ريجستر» أظهر أن نصف أنصار هايلي تقريباً سيدعمون بايدن في أي مواجهة مع ترمب.

وقال أستاذ العلوم السياسية لدى جامعة نيفادا في لاس فيغاس، كينيث ميلر، إن «كثيرين صوّروا أداء ترمب في أيوا على أنه طاغ، لكنني لا أتفق مع ذلك».

وأضاف: «بدا في موقع قيادي واضح ونظّم حملته على مدى عامين من دون تفوّه خصميه بأي كلمة قاسية بحقه. هذه ظروف الانتخابات التمهيدية الأكثر مواتاة التي يمكن تخيلها، ومع ذلك بالكاد تمكن من إقناع 50 في المائة من الناخبين في أيوا».

سلسلة هزائم

واجه ترمب في أيوا مرشحين. لكن في نيوهامبشير كانت هايلي منافسته الوحيدة بعدما انسحب حاكم فلوريدا رون ديسانتيس. إلا أن أداءه في هذه الولاية كان أفضل إلى حد لا يذكر، مقارنة بأيوا، إذ نال 55 في المائة من الأصوات.

ولم يخف ضعف أداء ترمب خارج قاعدته الجمهورية اليمينية المتشددة على خصومه.

ورغم أن ديسانتيس دعم ترمب لدى انسحابه الأحد، فإنه شدد على أن الجمهوريين التقليديين لن يدعموه في مواجهة بايدن.

وقال ديسانتيس في مقابلة إذاعية بعد انسحابه «عندما يأتي إليّ أشخاص صوّتوا لريغان عام 1976 وكانوا محافظين طوال حياتهم ويقولون إنهم لا يرغبون بالتصويت لترمب مرة أخرى، فهذه مشكلة».

أدى فشل ترمب في جذب المزيد من الجمهوريين المعتدلين بالفعل إلى سلسلة هزائم انتخابية خلال السنوات الأخيرة.

لم يخسر أمام بايدن في مسعاه للفوز بولاية ثانية عام 2020 فحسب، بل خسر حزبه مجلسي الكونغرس خلال فترة حكمه، كما مُني بانتكاسات كبيرة في انتخابات منتصف الولاية التشريعية الأخيرة التي أُجريت في 2022.

تهم جنائية

ولا تظهر أي مؤشرات على إمكانية تغيير ترمب استراتيجيته فيما يحمّس أنصاره بخطاباته عن تزوير الانتخابات والانهيار الاقتصادي والهجرة غير الشرعية التي تدمّر البلاد.

غصّ خطابه بمناسبة فوزه في نيوهامبشير بعبارات مهينة ونظريات مؤامرة، بما فيها إصراره على أنه لم يخسر انتخابات 2020.

يخوض ترمب أيضا الانتخابات بينما يواجه 91 تهمة جنائية، فيما يتوقع أن تبدأ واحدة من محاكماته الأربع على الأقل قبل يوم الاقتراع.

ولا يستبعد تماماً أن يخوض ترمب الانتخابات بعد إدانته في جريمة جنائية أو حتى صدور حكم بسجنه.

وطُرح في الاستطلاعات خلال الانتخابات التمهيدية في أول ولايتين سؤال على الناخبين عما إذا كانوا يعدون ترمب مؤهلاً للرئاسة إذا أدين بأي جريمة. أجاب أكثر بقليل من ثلث المستطلعين في أيوا ونحو نصف المستطلعين في نيوهامبشير بـ«لا».

يعني ذلك أنه حتى وإن كان لدى ترمب العديد من المؤيدين ممن هم على استعداد ليغفروا أي أمر يبدر عنه، فإن هذه ليست الحال بالنسبة للجميع. ويُتوقع أن يضره ذلك.

وقال خبير السياسة، نيكولاس كريل، من Georgia College and State University «حتى وإن حصل على 80 إلى 90 في المائة، فإن انتخاباتنا الرئاسية متقاربة جداً في نتائجها مؤخراً، إلى حد أن حتى هذه الخسارة الصغيرة في دعمك ضمن حزبك يمكن أن تقتل فرصك للفوز في الانتخابات».


مقالات ذات صلة

«العليا» الأميركية تمنح ترمب «حصانة جزئية»

أوروبا ترمب وسط أنصاره خلال حشد لإعلان عدم رضاه عن مصادقة الكونغرس على نتائج الانتخابات الرئاسية في 6 يناير 2021 (رويترز)

«العليا» الأميركية تمنح ترمب «حصانة جزئية»

حقق الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، انتصاراً سياسياً، أمس، بقرار المحكمة العليا بأنه يتمتع بـ«بعض الحصانة» فيما يتعلق بالأعمال الرسمية، لكن ليست لديه…

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال كلمته عن قرار المحكمة العليا (أ.ب)

بايدن: قرار المحكمة العليا منح ترمب حصانة «سابقة خطرة»

حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن، يوم الاثنين، من أنّ قرار المحكمة العليا منح سلفه دونالد ترمب حصانة جنائية عن أفعال قام بها بصفته رئيساً يشكّل «سابقة خطرة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في محادثة حول السياسة الخارجية في مؤسسة بروكينغز الاثنين 1 يوليو 2024 في واشنطن (أ.ب)

بلينكن يحذر من اندلاع حرب بين إسرائيل و«حزب الله»

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن بلاده ترى «زخماً» نحو الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني رغم الجهود المبذولة لتجنب مثل هذا الصراع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ جوردان بارتيلا رئيس قائمة حزب مارين لوبان لانتخابات البرلمان الأوروبية بعد مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس» في نانترري​ خارج باريس الأربعاء 20 فبراير 2019 (أ.ب)

الولايات المتحدة تتوقع مواصلة تعاونها الوثيق مع فرنسا بعد الانتخابات

توقعت الولايات المتحدة، الاثنين، الحفاظ على تحالفها القوي مع فرنسا بعد فوز اليمين المتطرف في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ عضو الكونغرس الأميركي مارجوري تايلور - غرين مع كبير الاستراتيجيين السابق في البيت الأبيض ستيف بانون أمام وسائل الإعلام في كونيتيكت (إ.ب.أ)

مستشار ترمب السابق يتوجّه إلى السجن تنفيذاً لحكم قضائي

توجّه ستيف بانون، المستشار السابق لدونالد ترمب الذي يعد شخصية يمينية بارزة، إلى السجن، الاثنين، ليبدأ تنفيذ حكم بسجنه 4 شهور لإهانته الكونغرس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بايدن: قرار المحكمة العليا منح ترمب حصانة «سابقة خطرة»

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال كلمته عن قرار المحكمة العليا (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال كلمته عن قرار المحكمة العليا (أ.ب)
TT

بايدن: قرار المحكمة العليا منح ترمب حصانة «سابقة خطرة»

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال كلمته عن قرار المحكمة العليا (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال كلمته عن قرار المحكمة العليا (أ.ب)

حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن، يوم الاثنين، من أنّ قرار المحكمة العليا منح سلفه دونالد ترمب حصانة جنائية عن أفعال قام بها بصفته رئيساً يشكّل «سابقة خطرة».

وقال الرئيس الديمقراطي في خطاب إلى الأمة عبر التلفزيون إنّ هذا القرار «يخلق جوهرياً مبدأ جديداً وسابقة خطرة لأنّ سلطات (الرئيس) لن تكون مقيّدة بالقانون بعد الآن»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف بايدن «هذه الأمة تأسست على مبدأ أنه لا يوجد ملوك في أميركا»، مؤكداً أنه لا أحد فوق القانون، وقال إنه مع قرار المحكمة العليا «تغير ذلك بشكل جذري».

أساس إيديولوجي

وقضت المحكمة الأميركية العليا، الاثنين، بأنّ دونالد ترمب يحظى بنوع من الحصانة الجنائية على اعتباره رئيساً سابقاً، في حكم يرجّح أن يؤدي إلى تأجيل محاكمته بتهمة السعي لتغيير نتائج انتخابات العام 2020.

المحكمة الأميركية العليا قضت بأنّ دونالد ترمب يحظى بنوع من الحصانة الجنائية باعتباره رئيساً سابقاً (رويترز)

ويأتي القرار المنقسم على أساس إيديولوجي بين القضاة (ستة محافظين مقابل ثلاثة ليبراليين) قبل أربعة شهور من الانتخابات التي ينافس فيها المرشح الجمهوري ترمب الرئيس الديمقراطي بايدن.

كانت القضية التاريخية الأخيرة التي تنظر فيها المحكمة في دورتها الحالية ويمكن أن تخلف تداعيات واسعة بالنسبة للسلطة التنفيذية والسباق إلى البيت الأبيض.

وقال رئيس المحكمة المحافظ جون روبرتس في رأيه المستند إلى رأي الأغلبية إن أي رئيس «ليس فوق القانون» ولكنه يحظى بـ«حصانة مطلقة» من الملاحقة الجنائية لأعمال رسمية قام بها وهو في السلطة.

وأوضح أنه «بالتالي، لا يمكن ملاحقة الرئيس لممارسة سلطاته الدستورية الأساسية ويحق له، على الأقل، امتلاك حصانة مفترضة من الملاحقة عن كل أعماله الرسمية». وأضاف «وأما بالنسبة للأفعال غير الرسمية، فلا توجد حصانة»، محيلاً القضية إلى محكمة أدنى درجة لتحديد أي التهم التي تواجه الرئيس السابق ترتبط بسلوك رسمي أو غير رسمي.

وسبق لمحكمة منطقة أميركية وهيئة في محكمة استئناف تضم ثلاثة قضاة أن رفضتا مزاعم ترمب بشأن تمتعه بالحصانة.

قرار تاريخي

وستعقد محكمة منطقة أميركية الآن ما يتوقع بأن تكون سلسلة جلسات مطوّلة قبل المحاكمة، ما يجعل إجراءها قبل انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) الرئاسية أمراً مستبعداً إلى حد كبير.

ويواجه ترمب تهمة بالتآمر للاحتيال على الولايات المتحدة والتآمر لعرقلة إجراء رسمي هو جلسة الكونغرس في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021 التي عُقدت للمصادقة على فوز بايدن في الانتخابات. كما أنه متّهم بالتآمر لحرمان الأميركيين من حق التصويت وبأن يتم فرز أصواتهم.

وعارض باقي القضاة الثلاثة الليبراليين الحُكم.

بالمقابل، رحّب ترمب بالقرار، قائلاً على شبكته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشال»: «إنه انتصار كبير لديمقراطيتنا ودستورنا».

واعتبر ترمب أنّ «القرار التاريخي الذي أصدرته المحكمة العليا يجب أن يضع حداً لكل حملات الاضطهاد» التي يقول إنّ بايدن يقودها ضدّه.