تقرير: إيران زودت الجيش السوداني بمسيرات

التقاط صور لطائرات «مهاجر 6» في قاعدة وادي سيدنا

الحرب السودانية طالت مناطق عدة من البلاد (رويترز)
الحرب السودانية طالت مناطق عدة من البلاد (رويترز)
TT

تقرير: إيران زودت الجيش السوداني بمسيرات

الحرب السودانية طالت مناطق عدة من البلاد (رويترز)
الحرب السودانية طالت مناطق عدة من البلاد (رويترز)

أفاد مسؤولون غربيون، بأن إيران «زودت الجيش السوداني بطائرات مقاتلة من دون طيار (مسيرات)» بحسب ما نقلت وكالة «بلومبرغ». وأكدت الوكالة، الأربعاء، أن «أقماراً اصطناعية التقطت صوراً لطائرة من نوع (مهاجر6) الإيرانية، الشهر الحالي، في قاعدة خاضعة لسيطرة الجيش شمالي الخرطوم».

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» ويقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي) في أبريل (نيسان) من العام الماضي، وبات كل طرف يسيطر بالقوة على بعض الولايات في أنحاء متفرقة، غير أن الشهور الأخيرة شهدت تفوقاً ملحوظاً لـ«الدعم السريع» على حساب الجيش الذي فقد العديد من معاقله، خصوصاً في إقليم دارفور (غرب) وولاية الجزيرة (وسط).

وقال ثلاثة مسؤولين غربيين، طلبوا عدم الإفصاح عن هوياتهم لكشفهم عن معلومات حساسة، إن «السودان تلقى شحنات من طائرة (مهاجر6)، وهي مسيرة ذات محرك واحد تم تصنيعها في إيران، وتحمل ذخائر موجهة بدقة». وأكد محللون فحصوا صوراً للأقمار الاصطناعية وجود الطائرة من دون طيار في البلاد.

وأكد ويم زويننبرغ، رئيس «مشروع نزع السلاح» في «منظمة باكس» الهولندية، أن «من بين الأدلة التي تُثبت وجود (مهاجر6) في السودان، صور الأقمار الاصطناعية التي التقطت في 9 يناير (كانون الثاني) للطائرة من دون طيار في قاعدة وادي سيدنا الجوية (الخاضعة لسيطرة الجيش) شمال العاصمة الخرطوم».

كما حدد زويننبرغ «هوائياً لا سلكياً فوق مركز تحكم داخل شاحنة في مهبط الطائرات بقاعدة وادي سيدنا» باعتباره دليلاً إضافياً على تشغيل الطائرة من دون طيار. ووفقا لمسؤولين أميركيين، فإن «مهاجر6» قادرة على شن هجمات جو - أرض، والحرب الإلكترونية، والاستهداف في ساحة المعركة.

ويقدر محللون أن تسليح الجيش السوداني بالمسيرات الإيرانية «يعزز النفوذ العسكري لطهران في الشرق الأوسط»، إذ تدعم مجموعات مسلحة في غزة، و«حزب الله» اللبناني و«الحوثيين» في اليمن، فضلاً عن مجموعات في سوريا والعراق.

والتقى وزير الخارجية السوداني (المكلف) علي الصادق، السبت الماضي، في أوغندا، بالنائب الأول للرئيس الإيراني، محمد مخبر، على هامش مشاركتهما في «قمة دول عدم الانحياز» التي استضافتها كامبالا. وأفاد بيان سوداني عن اللقاء بأن المسؤولين «ناقشا استعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، وتسريع خطوات إعادة فتح السفارات بينهما».

وقطعت الخرطوم علاقتها مع طهران عام 2016، غير أن الخارجية السودانية أعلنت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، استئناف العلاقات الدبلوماسية، لكن لم يتم اتخاذ خطوات إضافية منذ ذلك الحين.

ويمتلك السودان إطلالة ساحلية استراتيجية على البحر الأحمر تقدر بنحو 800 كيلومتر، وتعد موانئه ساحة تنافس دولي من قوى عدة أبرزها: أميركا، والصين، وروسيا وكذلك تركيا، ومن شأن تنامي النفوذ الإيراني في السودان أن يثير قلقاً دولياً.

وقال آلان بوسويل، مدير مشروع القرن الأفريقي في «مجموعة الأزمات الدولية»، إن «استعادة حليف في السودان، خاصة على طول البحر الأحمر، سيكون بمثابة فوز كبير لإيران ولكنه سيثير قلق القوى الإقليمية والغربية الأخرى».

واتهمت الولايات المتحدة إيران بتزويد روسيا بطائرات من دون طيار من طراز «مهاجر6» في حربها ضد أوكرانيا. ووسعت واشنطن العام الماضي عقوباتها المتعلقة بإيران، مشيرة إلى أن «نشر طهران المستمر والمتعمد للطائرات من دون طيار (يهدف) لتمكين روسيا ووكلائها في الشرق الأوسط والجهات الفاعلة الأخرى المزعزعة للاستقرار».


مقالات ذات صلة

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

العالم العربي شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

مصدر مصري مسؤول قال لـ«الشرق الأوسط» إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة ضمن آلية رباعية لتنسيق مساعٍ لحلحلة الأزمة السودانية»

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق حضور لافت شهدته حديقة السويدي خلال فعاليات «أيام السودان» (الشرق الأوسط)

ثراء ثقافي يجذب زوار «أيام السودان» في الرياض

واصلت حديقة السويدي في الرياض استضافة فعاليات «أيام السودان» ضمن مبادرة «تعزيز التواصل مع المقيمين» التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية بالشراكة مع هيئة الترفيه

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا السودان التزم بتقديم جميع التسهيلات المعنية «بانسياب تدفق المساعدات الإنسانية» (وسائل إعلام سودانية)

«السيادة السوداني» يقترح آلية تضم تشاد والأمم المتحدة لاستمرار العمل بمعبر أدري

قال مجلس السيادة السوداني، الاثنين، إن الخرطوم تقدّمت إلى الأمم المتحدة باقتراح من أجل استمرار العمل بمعبر أدري الحدودي مع تشاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون ينزحون من ولاية الجزيرة بسبب هجمات «قوات الدعم السريع» (رويترز)

صحيفة سودانية: مقتل 1237 في ولاية الجزيرة على يد «الدعم السريع» خلال 21 يوماً

قالت صحيفة «السوداني»، اليوم (الاثنين)، إن 1237 شخصاً قُتلوا على يد «قوات الدعم السريع» في ولاية الجزيرة على مدى 21 يوماً.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا الرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي بجانبه السفيرة الأميركية لدي الأمم المتحدة آنذاك سامنثا باور، في نجامينا 20 أبريل 2016 (أ. ب)

تشاد تلمح لضلوع السودان في مقتل رئيسها السابق

اتهمت الحكومة التشادية، السودان، بالضلوع في مقتل رئيسها السابق، إدريس ديبي، واتهمته بتمويل وتسليح الجماعات الإرهابية العاملة في المنطقة بغرض زعزعة استقرار تشاد.


مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان
TT

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

انخرط أعضاء مجلس الأمن في مناقشات موسعة حول مشروع قرار أعدته بريطانيا لمطالبة القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» بوقف القتال والسماح بتسليم المساعدات بشكل آمن وسريع ودون عوائق عبر الجبهات والحدود، أملاً في لجم التدهور السريع للأوضاع الإنسانية ووضع حد لأكبر أزمة نزوح في العالم.

وكشف دبلوماسيون في الأمم المتحدة عن أن بريطانيا تريد عرض مشروع القرار للتصويت «في أسرع وقت ممكن» بضمان تبنيه من تسعة أصوات أو أكثر من الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن، وعدم استخدام حق النقض «الفيتو» من أي من الدول الخمس الدائمة العضوية: الولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا أو روسيا أو الصين.

ويطالب النص المقترح «قوات الدعم السريع» بـ«وقف هجماتها على الفور» في كل أنحاء السودان. كما يدعو الأطراف المتحاربة إلى «وقف الأعمال العدائية على الفور (...) والسماح وتسهيل الوصول الإنساني الكامل والآمن والسريع وغير المقيد عبر الخطوط والحدود إلى السودان وفي كل أنحائه».

المقترح يشدد أيضاً على «إبقاء معبر أدري الحدودي مع تشاد مفتوحاً لتسليم المساعدات، والحاجة إلى دعم الوصول الإنساني عبر كل المعابر الحدودية، في حين تستمر الحاجات الإنسانية، ومن دون عوائق».

ومن المقرر أن تنتهي صلاحية الموافقة التي مدتها ثلاثة أشهر والتي قدمتها السلطات السودانية للأمم المتحدة وجماعات الإغاثة لاستخدام معبر أدري الحدودي للوصول إلى دارفور في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع في دارفور بأدري في تشاد (رويترز)

وأصدر مجلس الأمن قرارين في شأن السودان، الأول في مارس (آذار) الماضي، ويدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية خلال رمضان المبارك، ثم في يونيو (حزيران) الماضي للمطالبة بوقف حصار مدينة الفاشر التي يبلغ عدد سكانها 1.8 مليون شخص. كما دعا القراران - اللذان تم تبنيهما بأغلبية 14 صوتاً وامتناع روسيا عن التصويت - إلى الوصول الإنساني الكامل والسريع والآمن وغير المقيد.

«أعمال مروعة»

وفي مستهل جلسة هي الثانية لمجلس الأمن خلال أسبوعين حول التطورات في السودان، وصفت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للشؤون السياسية وعمليات السلام، روزماري ديكارلو، السودان بأنه «محاصر في كابوس»، مشيرة إلى الموجة الأخيرة من الهجمات التي شنتها «قوات الدعم السريع» في ولاية الجزيرة الشرقية، والتي وصفتها المنظمات غير الحكومية بأنها «من أشد أعمال العنف تطرفاً في الأشهر الثمانية عشر الأخيرة».

وأضافت: «قُتل عدد كبير من المدنيين. وفقد الكثير منازلهم وأجبروا على الفرار. ونحن نتلقى تقارير عن انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك العنف الجنسي المرتكب في الغالب ضد النساء والفتيات».

وكذلك أشارت ديكارلو إلى استمرار القتال في الفاشر والخرطوم ومناطق أخرى «حيث يتعرض المدنيون لمعاناة مروعة»، مشددة على أن الشعب السوداني «يحتاج إلى وقف فوري لإطلاق النار».

وعدّت أن «الوقت حان منذ فترة طويلة لكي يأتي الأطراف المتحاربة إلى طاولة المفاوضات» لأن «الطريق الوحيد للخروج من هذا الصراع هو الحل السياسي التفاوضي».

ولفتت ديكارلو إلى أن القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب «حميدتي» «كل منهما مقتنعة بقدرتها على الانتصار في ساحة المعركة».

وقالت إنه «مع اقتراب نهاية موسم الأمطار، تواصل الأطراف تصعيد عملياتها العسكرية وتجنيد مقاتلين جدد وتكثيف هجماتها»، عادّة أن «هذا ممكن بفضل الدعم الخارجي الكبير، بما في ذلك التدفق المستمر للأسلحة إلى البلاد».

واتهمت ديكارلو «بعض الحلفاء المزعومين للأطراف» بأنهم «يمكّنون المذابح في السودان». ورحبت بجهود الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد» من أجل استعادة الحوار السياسي السوداني الشامل.

كما أشادت بالتحالف من أجل تعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان لتعزيز تنفيذ «إعلان جدة» والقضايا الرئيسية الأخرى.

تنفيذ إعلان جدة

وركزت المسؤولة الأممية على دور المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان رمطان لعمامرة، الذي أعد التقرير الأخير للأمين العام في شأن حماية المدنيين في السودان، موضحة أنه «يحتوي على توصيات قوية. ولدينا مسؤولية جماعية لتكثيف جهودنا لتفعيلها».

وقالت: «إننا في حاجة ماسة إلى إحراز تقدم عاجل في تنفيذ إعلان جدة. ويتعين على الأطراف في النهاية أن تتحرك وفقاً لالتزاماتها بحماية المدنيين»، مضيفة أن إنشاء آلية الامتثال التي اتفق عليها الأطراف المتحاربة، بدعم من الشركاء الرئيسيين، يعد «خطوة حاسمة لمحاسبة الأطراف على التزاماتها. وفي الوقت نفسه، وفي غياب وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، فإننا في حاجة ماسة إلى إحراز تقدم في مجال وقف إطلاق النار المحلي الذي قد يمنح المدنيين بعض الراحة، ويخلق سبل الحوار، وربما يمهد الطريق لاتفاق أكثر شمولاً».

وزير الخارجية السعودي إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في جدة (رويترز)

وأكدت أن «الدعم المستمر من مجلس الأمن للمبعوث الشخصي لعمامرة أمر بالغ الأهمية».

وكذلك استمع أعضاء المجلس لإحاطة من مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية راميش راجاسينغهام، نيابة عن وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية منسقة المعونة الطارئة جويس مسويا حول مستجدات الوضع الإنساني المتردي في أنحاء السودان.

دارفور

وفي سياق قريب، أنهى فريق من خبراء مجلس الأمن المعني بتنفيذ القرار (1591) الخاص بحظر الأسلحة في إقليم دارفور، الثلاثاء، زيارة استمرت لثلاث أيام، إلى مدينة بورتسودان التي تعد عاصمة مؤقتة للبلاد، لمتابعة تنفيذ القرار.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي مدد مجلس الأمن قرار حظر تسليح الكيانات المتحاربة في دارفور لمدة عام.

والتقى الفريق في أول زيارة له للسودان منذ اندلاع الحرب، عدداً من المسؤولين السودانيين المدنيين والعسكريين.

وقالت المفوض العام لـ«مفوضية العون الإنساني» (مؤسسة حقوقية سودانية) سلوى آدم بنية، التي التقت فريق خبراء مجلس الأمن، إنها أطلعتهم على «الأوضاع في دارفور ومدن البلاد الأخرى، وتقديم وثائق مصورة» قالت إنها «تُثبت الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبتها (ميليشيا الدعم السريع)».

جنود من «قوات الدعم السريع» خلال دورية بمنطقة شرق النيل (أرشيفية - أ.ب)

واتهمت بنية، عناصر «الدعم السريع» بـ«التعدي على فرق المساعدات الإنسانية». وأكدت «استعداد الحكومة السودانية على استمرار العمل بإدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر الحدودي غرب البلاد، بعد الاتفاق على آلية مشتركة تضم الأمم المتحدة والجارة تشاد لتسهيل مراقبة المنقولات الواردة للسودان».

وكذلك ناقش وزير الداخلية خليل باشا سايرين، مع الفريق «الجهود التي تقوم بها الحكومة السودانية لحماية المدنيين»، مؤكداً «التزامها بتسهيل إجراءات منح التأشيرات لدخول موظفي الأمم المتحدة، بجانب تسهيل إجراءات التخليص الجمركي بالمواني والمطارات».

وتتهم الحكومة السودانية دولاً بتقديم أسلحة وعتاد لـ«الدعم السريع».

وتطالب تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» وتمثل أكبر تحالف سياسي مدني مناهض للحرب، بتوسيع حظر الأسلحة في دارفور ليشمل كل السودان، وترى أن وقف تدفق الأسلحة أمر حاسم لتخفيف حدة العنف وإنهاء النزاع.