«ديب مايند».. يحلّ مسائل هندسية معقّدة

بنظام ذكاء اصطناعي جديد من «غوغل»

«ديب مايند».. يحلّ مسائل هندسية معقّدة
TT

«ديب مايند».. يحلّ مسائل هندسية معقّدة

«ديب مايند».. يحلّ مسائل هندسية معقّدة

طوّرت شركة «ديب مايند» التابعة لـ«غوغل» نظام ذكاء اصطناعي جديد قادرٍ على حلّ مسائل هندسية معقّدة. يصف الخبراء هذا النظام بالخطوة البارزة باتجاه ابتكار آلات تتمتّع بمهارات التفكير البشري.

ويقدّم النظام الجديد أداءً موازياً لأداء أذكى طلّاب الرياضيات في المرحلة الثانوية ويتمتّع بقوّة أكبر بكثير من النظام المتطوّر الذي سبقه.

منطق الرياضيات

تشكّل الهندسة، والرياضيات بشكلٍ عام، تحدياً لباحثي الذكاء الاصطناعي. وفي دراسة نُشرت أخيراً في دورية «نيتشر» حول هذا الشأن، يُعيد ثانغ وانغ، الباحث المشارك فيها، هذا الأمر إلى قلّة البيانات التدريبية في مجال الرياضيات، وكثرة استخدام الرموز فيها، ودقّة مجالاتها.

يحتاج حلّ المسائل الرياضية إلى التفكير المنطقي، وهي المهارة الضعيفة لدى معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي. ويرى وانغ أنّ هذه الحاجة إلى التفكير المنطقي هي التي تجعل من الرياضيات معياراً لقياس تقدّم الذكاء الاصطناعي.

يجمع «ألفا جيومتري» AlphaGeometry، نظام «ديب مايند» الجديد، نموذجاً لغوياً مع نوعٍ من الذكاء الاصطناعي يُسمّى المحرّك الرمزي، يستخدم الرموز والقواعد المنطقية لإجراء الاستنتاجات. وبينما تتفوّق النماذج اللغوية في التعرّف على الأنماط وتوقّع الخطوات المتسلسلة في أي عملية، فإن تفكيرها المنطقي يفتقر إلى الدقّة المطلوبة في حلّ المسائل الرياضية. في المقابل، يعتمد المحرّك الرمزي حصراً على القواعد المنطقية الصارمة التي تتيح له إرشاد النموذج اللغوي لاتخاذ قرارات منطقية.

تعمل هاتان المقاربتان المسؤولتان عن التفكير الإبداعي والتفكير المنطقي، معاً على حلّ المسائل الحسابية المعقّدة. تقترب هذه العملية كثيراً من طريقة تعامل البشر مع المسائل الهندسية، لأنّها تجمع بين فهمهم القائم والتجربة الاستكشافية.

تقول «ديب مايند» إنّها اختبرت «ألفا جيومتري» في 30 مسألة هندسية بنفس مستوى الصعوبة المعتمد في أولمبياد الرياضيات العالمي، مسابقة يشارك فيها أذكى طلّاب الرياضيات في المدارس الثانوية. ونجح النظام الجديد في حلّ 25 مسألة في الوقت المتاح، مقارنةً بعشر عمليات فقط أتمّها نظام الرياضيات السابق الذي طوّره الطالب الصيني وين - تسون وو في عام 1978.

تصف فلوريس فان دوم، أستاذة الرياضيات في جامعة بون، التي لم تشارك في الدراسة، هذه النتائج بالمبهرة، لافتةً إلى أنّها لم تكن تتوقّع هكذا نتائج قبل بضع سنوات.

استكشاف المعارف الرياضية

تقول شركة «ديب مايند» إنّ هذا النظام يستعرض قدرة الذكاء الاصطناعي على التفكير المنطقي واستكشاف المعارف الرياضية الجديدة.

وشرح كووك في. لي، أحد علماء «ديب مايند» المشاركين في الدراسة، في حديث لمجلة «تكنولوجي ريفيو»، أنّ «هذا النظام هو نموذج إضافي يُثْبت كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعدنا على تحقيق التقدّم العلمي وتحسين فهمنا للعمليات الكامنة خلف طريقة عمل عالمنا».

عندما يوضع النظام الجديد أمام مسألة هندسية، يستهلّ محاولاته في حلّها بتوليد برهان مستخدماً محرّكه الرمزي المدفوع بالمنطق. وفي حال فشل في حلّها باستخدام المحرّك الرمزي وحده، يبادر النموذج اللغوي إلى إضافة نقطة أو خطّ جديدين على الرسم. تفتح هذه الخطوة المجال أمام احتمالات جديدة ليتابع المحرّك الرمزي بحثه عن برهان. تستمرّ هذه الدورة، ويتابع النموذج اللغوي إضافة العناصر، ويستمرّ المحرّك الرمزي بدوره في اختبار استراتيجيات برهانية جديدة حتّى التوصل إلى حلّ.

ابتكر باحثو «ديب مايند» بياناتهم التدريبية الخاصة لتعويض شحّ البيانات الهندسية المتوفرة وتدريب «ألفا جيومتري». ولّد هؤلاء ما يقارب نصف مليون رسمٍ هندسي عشوائي، ووضعوا الصياغات لنظرياتهم، ونظّموا هذه الصياغات في 100 مليون برهان اصطناعي لتدريب النموذج اللغوي.


مقالات ذات صلة

«أوبن إيه آي» تطلق واجهة جديدة باسم «كانفاس» لمنصة «شات جي بي تي»

تكنولوجيا شعار شركة الذكاء الاصطناعي الأميركية «أوبن إيه آي» (رويترز)

«أوبن إيه آي» تطلق واجهة جديدة باسم «كانفاس» لمنصة «شات جي بي تي»

أطلقت شركة الذكاء الاصطناعي الأميركية «أوبن إيه آي» طريقة جديدة للتفاعل مع منصة محادثة الذكاء الاصطناعي «شات جي بي تي» بواجهة مستخدم تسمى «كانفاس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
تكنولوجيا شعار شركة «ميتا» (أ.ف.ب)

«ميتا» تكشف عن أداة ذكاء اصطناعي تنتج مقاطع صوت وصورة

أعلنت شركة «ميتا» المالكة لـ«فيسبوك»، الجمعة، أنها أنشأت نموذج ذكاء اصطناعي جديداً أطلقت عليه اسم «موفي جين» يمكنه إنشاء مقاطع مصورة مصحوبة بالصوت لتبدو واقعية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا تطرح «أوبن أيه آي» برنامج «كانفاس» كمساعد رقمي يفهم سياق مشروعك بالكامل (شاترستوك)

تعرف على «كانفاس»... الواجهة التعاونية الجديدة لـ«تشات جي بي تي»

يوفر «كانفاس» أدوات لصقل القواعد النحوية، وتعزيز الوضوح، وضمان الاتساق.

نسيم رمضان (لندن)
علوم نظّم يومك لتحقيق كفاءة الدماغ

نظّم يومك لتحقيق كفاءة الدماغ

مدى نجاح اليوم ليس بعدد الساعات؛ بل بجودة الإنتاج العقلي من حلول وأفكار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا يتشارك المستخدمون محادثات عميقة وتأملية مع نسخة من أنفسهم تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي في سن الستين (MIT)

نظام ذكاء اصطناعي يجعلك تتكلم مع «ذاتك المستقبلية»!

يجري ذلك عبر محادثات عميقة وتأملية مع نفسك وأنت في عمر الستين.

نسيم رمضان (لندن)

إعلان الجوائز الأسبوع المقبل... 4 اكتشافات «مذهلة» كانت تستحق «نوبل» ولم تفز بها

سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)
سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)
TT

إعلان الجوائز الأسبوع المقبل... 4 اكتشافات «مذهلة» كانت تستحق «نوبل» ولم تفز بها

سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)
سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)

سيتم تسليط الضوء على أفضل العقول في مجال العلوم الأسبوع المقبل عندما يتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب.

وتحتفي الجوائز، التي أسس لها رجل الصناعة السويدي ألفريد نوبل منذ أكثر من قرن من الزمان، بالأعمال الرائدة التي قد يستغرق إكمالها عقوداً.

ومن الصعب للغاية التنبؤ بمن سيفوز بأعلى مراتب الشرف في العلوم. وتظل القائمة المختصرة والمرشحين سراً، ويتم إخفاء الوثائق التي تكشف عن تفاصيل عملية الاختيار عن الرأي العام لمدة 50 عاماً.

ومع ذلك، هناك بعض الاكتشافات «المذهلة» التي كانت تستحق جائزة «نوبل» ولم تحصل عليها، وفق ما ذكرته شبكة «سي إن إن» الأميركية.

أول جينوم بشري

أحد أبرز الاكتشافات التي كانت مرشحة للحصول على جائزة «نوبل» هو رسم خريطة الجينوم البشري، وهو مشروع جريء بدأ في عام 1990 واكتمل في عام 2003.

أول خريطة كاملة للجينوم البشري (أ.ب)

وشارك في فك الشفرة الوراثية للحياة البشرية اتحاد دولي يضم آلاف الباحثين في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان والصين.

وكان لهذا المسعى تأثير بعيد المدى على علم الأحياء والطب والعديد من المجالات الأخرى. لكن أحد أسباب عدم حصول المشروع على جائزة «نوبل» هو العدد الهائل من الأشخاص المشاركين في هذا العمل الفذ.

ووفقاً للقواعد التي وضعها نوبل في وصيته عام 1895، لا يمكن للجوائز أن تكرم إلا ما يصل إلى ثلاثة أشخاص لكل جائزة، وهو تحدٍ متزايد نظراً للطبيعة التعاونية لكثير من الأبحاث العلمية الحديثة.

الذكاء الاصطناعي

يعمل الذكاء الاصطناعي على تغيير حياة الناس بوتيرة غير مسبوقة. وهو «مجال مزدحم»، لكن يبرز فيه اسمان، وفقاً لـ«ديفيد بندلبيري»، رئيس تحليل الأبحاث في معهد «كلاريفيت» للمعلومات العلمية.

ويحدد بندلبيري الأفراد «الجديرين بالحصول على جائزة نوبل» من خلال تحليل عدد المرات التي يستشهد فيها زملاؤهم العلماء بأوراقهم العلمية على مر السنين.

والشخصيتان البارزتان هنا هما ديميس هاسابيس وجون جامبر، مؤسسا شركة «ديب مايند» التابعة لـ«غوغل» اللذان أنشآ «AlphaFold» وهو نموذج ذكاء اصطناعي للتنبؤ بهياكل البروتين من تسلسل الأحماض الأمينية بدقة عالية، والذي استخدمه ما لا يقل عن مليوني باحث حول العالم، وفق «سي إن إن».

ديميس هاسابيس (يسار) وجون جامبر يتسلمان أحد الجوائز في لوس أنجليس (سي إن إن)

ويساعد «AlphaFold» في تسريع التقدم في علم الأحياء الأساسي والمجالات الأخرى ذات الصلة. ومنذ نشر العالمان بحثهما الرئيسي حول هذه القضية في عام 2021، تم الاستشهاد به أكثر من 13 ألف مرة، وهو ما يصفه بندلبيري بـ«الرقم الاستثنائي»، لأنه من بين إجمالي 61 مليون ورقة علمية، تم الاستشهاد بنحو 500 ورقة فقط أكثر من 10 آلاف مرة.

فهم ميكروبيوم الأمعاء

تعيش تريليونات من الميكروبات (البكتيريا والفيروسات والفطريات) في جسم الإنسان، وتُعرف مجتمعة باسم «الميكروبيوم البشري». ومع التقدم في التسلسل الجيني خلال العقدين الماضيين، أصبح العلماء أكثر قدرة على فهم ما تفعله هذه الميكروبات، وكيف تتفاعل مع بعضها أو مع الخلايا البشرية، وخاصة في القناة الهضمية.

ويقول بندلبيري إن هذا «مجال طال انتظار» أن يحصل عالم فيه على جائزة «نوبل». ويعد عالم الأحياء الأميركي، الدكتور جيفري آي. غوردون، رائداً في هذا المجال.

عالم الأحياء الأميركي الدكتور جيفري آي. غوردون (أرشيفية)

وسعى غوردون إلى فهم الميكروبيوم المعوي البشري وكيفية تشكيله لصحة الإنسان، بدءا من الأبحاث المعملية على الفئران. وقاد بحثاً توصّل إلى أن ميكروبيوم الأمعاء يلعب دوراً في التأثيرات الصحية لنقص التغذية، الذي يؤثر على ما يقرب من 200 مليون طفل على مستوى العالم. ويعمل غوردون على تطوير "تدخلات غذائية" تستهدف تحسين صحة الأمعاء.

الجينات المسببة للسرطان

في السبعينيات، كان من المفهوم أن السرطان ينتقل في بعض الأحيان بين العائلات، لكن التفكير السائد حول سرطان الثدي لم يأخذ في الاعتبار أي قابلية وراثية للإصابة بهذا المرض. ومع خلفيتها في البحث عن الاختلافات الجينية بين البشر والشمبانزي، اتبّعت ماري كلير كينغ، عالمة الوراثة الأميركية وأستاذة الطب وعلوم الجينوم، نهجاً جديداً.

ماري كلير كينغ تظهر مع الرئيس الأميركي حينذاك باراك أوباما بعد حصولها على الميدالية الوطنية للعلوم في حفل بالبيت الأبيض في مايو 2016 (سي إن إن)

وعملت كينغ قبل فترة طويلة من حصول العلماء على رسم خريطة الجينوم البشري، وأمضت 17 عاماً في اكتشاف وتحديد الدور الذي تلعبه طفرة «جين BRCA1» في سرطاني الثدي والمبيض.

وقد أتاح اكتشافها إجراء اختبارات جينية يمكنها تحديد النساء المعرضات بشكل متزايد لخطر الإصابة بسرطان الثدي، بالإضافة إلى الخطوات التي يجب اتخاذها لتقليل المخاطر، مثل الفحص الإضافي والعمليات الجراحية الوقائية.