الجبير: إيران جزء من المشكلة وروسيا تذكي الصراع الطائفي بالشرق الأوسط

مصدر تركي لـ {الشرق الأوسط}: أنقرة تتمسك بـ6 أشهر أمام مقترح روسي ببقاء الأسد 18 شهرًا

الطاقم الأرضي الروسي في مطار القاعدة الجوية حميميم بسوريا يشير إلى الطيارين بأن الطائرة الخاصة جاهزة للإقلاع في مهمة قتالية أمس (أ.ب)
الطاقم الأرضي الروسي في مطار القاعدة الجوية حميميم بسوريا يشير إلى الطيارين بأن الطائرة الخاصة جاهزة للإقلاع في مهمة قتالية أمس (أ.ب)
TT

الجبير: إيران جزء من المشكلة وروسيا تذكي الصراع الطائفي بالشرق الأوسط

الطاقم الأرضي الروسي في مطار القاعدة الجوية حميميم بسوريا يشير إلى الطيارين بأن الطائرة الخاصة جاهزة للإقلاع في مهمة قتالية أمس (أ.ب)
الطاقم الأرضي الروسي في مطار القاعدة الجوية حميميم بسوريا يشير إلى الطيارين بأن الطائرة الخاصة جاهزة للإقلاع في مهمة قتالية أمس (أ.ب)

قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، قبيل اجتماع مع نظرائه الأميركي والروسي والتركي، اليوم، في فيينا، إن الأعمال الروسية في سوريا تذكي الحرب هناك، وإن الصراع لن ينتهي إلا بخروج الرئيس بشار الأسد دون شروط. بينما أظهرت تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لقناة تلفزيونية، فتورا روسيا تجاه الاجتماع، بسبب استبعاد إيران منه.
وقد صدرت هذه التصريحات في الوقت الذي تحدثت فيه مصادر تركية، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن أنقرة كانت تلقت تأكيدات عن استعداد الروس للنظر في مصير الأسد، مشترطين عملية انتقالية من 18 شهرا يكون الأسد فيها جزءا من السلطة، على أن تجرى بعدها انتخابات رئاسية يحق للأسد الترشح فيها.
واستبق وزير الخارجية السعودي القمة الدبلوماسية التشاورية بشأن القضية السورية، والتي تعقد صباح اليوم في فيينا، بالتأكيد على الموقف السعودي المعلن بضرورة الرحيل العاجل غير المشروط للرئيس بشار الأسد، كحل لوقف الصراع الذي تشهده سوريا. الأمر الذي أكده وزير الخارجية الأميركي جون كيري من برلين بقوله إن «شيئا واحدا يقف في طريق الحل في سوريا.. الأسد».
ويلتقي بالعاصمة النمساوية فيينا اليوم كل من جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية، وسيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي، وعادل الجبير وزير الخارجية السعودي، وفريدون أوغلو وزير الخارجية التركي، للتشاور حول الكيفية التي يمكن أن تنقذ الشعب السوري من الحرب التي تطحنه لفترة ناهزت الخمس سنوات.
وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قد وصف التدخل الروسي في سوريا بالخطير والخطير جدا «لكونه يزيد من تفاقم الصراع الدائر»، مضيفا أن السعودية قد أوضحت ذلك للحكومة الروسية.
جاء ذلك في معرض ردود للجبير على أسئلة الصحافيين، قبل لقائه بنظيره سيباستيان كورتس، وزير الخارجية النمساوي، بمبنى الخارجية النمساوية.
إلى ذلك، أوضح الجبير أن السعودية تعتقد أن التدخل الروسي سينظر له على أنه اقتحام روسي لصراع طائفي بمنطقة الشرق الأوسط، محذرا مما قد يؤجج المشاعر في الشارع العربي، ومما قد يزيد من تدفق المقاتلين، مؤكدا أن التصرفات الروسية في سوريا تغذي الحرب التي لا يمكن أن تنتهي إلا مع خروج غير مشروط للرئيس الأسد من سوريا.
وردا على سؤال عما إذا كان الرئيس بشار الأسد يمكن أن يلعب دورا في أي حكومة سورية مؤقتة، قال الوزير السعودي إن «السيناريو الأحسن يتمثل في أن نستيقظ صباحا ولا يكون الأسد موجودا»، مشددا على أن دور الأسد يتمثل في مغادرة سوريا.
في سياق موازٍ، وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، ثمنت مصادر دبلوماسية غربية أهمية المشاركة السعودية في لقاء فيينا الذي وصف بأنه بالغ الأهمية، عله يساعد على وقف الدماء والحرب التي تطحن الشعب السوري بمختلف فصائله سواء حكومية أو معارضة أو رافضة للطرفين وبقية الأطراف التي ترفع السلاح. وفيما لم يعلن بعد مكان اللقاء، توقعت مصادر أن يتم بمقر السفارة الأميركية في فيينا.
وقالت مصادر تركية، لـ«الشرق الأوسط»، إن التجاوب التركي مع الدعوة الأميركية للقبول بالأسد كجزء من المرحلة الانتقالية مرده إلى إشارات تلقتها أنقرة عن استعداد الروس للنظر في مصير الأسد، مشترطين عملية انتقالية من 18 شهرا يكون الأسد فيها جزءا من السلطة، على أن تجرى بعدها انتخابات رئاسية يحق للأسد الترشح فيها، وهو ما أكدت المصادر التركية أنه مرفوض من أصدقاء الشعب السوري كافة. وأشارت المصادر إلى أن الرد التركي جاء من خلال إعلان مقابل عن القبول بوجود الأسد «رمزيا» ولمدة ستة أشهر.
وأكدت مصادر في المعارضة السورية وجود هذا التوجه، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن دخول الروس في لعبة المفاوضات حول المهل الزمنية لرحيل الأسد قد يكون مؤشرا إيجابيا، مشددة على أنه من غير المطروح القبول بالأسد شريكا في المرحلة الانتقالية، ولا دخوله في أي انتخابات مستقبلية، مهما كانت الضمانات المطروحة.
وفي إطار تطوير «هجومها» على صعيد الأزمة السورية، استبقت موسكو اللقاء الرباعي المرتقب اليوم في فيينا بتصريحات أدلى بها سيرغي لافروف إلى القناة الإخبارية الرسمية «روسيا 24»، قال فيها: «إننا واثقون من أنه لا آفاق للمحاولات الرامية إلى إنشاء مجموعة خارجية داعمة للتسوية السورية من دون مشاركة إيران. كما أننا واثقون من أنه من المهم مبدئيا أن تضم مثل هذه المجموعة في الظروف الراهنة مصر وقطر والإمارات العربية والأردن».
وأوضح لافروف أن روسيا عندما وافقت على صيغة المحادثات التي اقترحها شركاؤها بشأن اللقاء المزمع عقده في فيينا، أكدت على موقفها هذا، وعلى ضرورة إشراك الدول المذكورة في عملية التسوية السورية. وقال الوزير الروسي إن «موسكو ستنطلق من مواقف بناءة خلال اللقاء الروسي الأميركي السعودي التركي حول سوريا»، اليوم.
غير أن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قال إن إيران جزء من المشكلة وليست جزءا من الحل، وذلك في معرض رده على تصريح لافروف.
إلى ذلك، قالت منسقة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، أمس الخميس، إنه من الضروري إشراك الرئيس السوري بشار الأسد في عملية الانتقال السياسي في سوريا. وقالت للصحافيين أثناء زيارة لبرلين، أمس: «أرى أننا تعلمنا من دروس العراق أنه يجب أن نحرص على أن تكفل العمليات والتحولات السياسية سلامة كل مكونات المجتمع وإشراكها في العملية»، بحسب ما نقلته «رويترز». وأضافت بقولها: «هذا ما نعكف على دراسته، ومن ثم فإن الانتقال يجب يقينا أن يكون فيه الأسد، وسيكون جزءا من مرحلة البداية».
إلى ذلك، بحث الجبير مع نظيره النمساوي سيباستيان كورتس، أمس، القضايا بالمنطقة وعلى رأسها القضية السورية، وضمان مستقبل مستقل لسوريا، وحل لهذا النزاع الذي يؤدي إلى مرحلة انتقالية لا تشمل وجودا لبشار الأسد. كما بحث معه الجوانب التجارية وتعزيزها، مشيرا إلى أنه وجه الدعوة إلى وزير الخارجية النمساوي لزيارة السعودية في المستقبل.
وتشهد فيينا اليوم اجتماعا دبلوماسيا آخر يشارك فيه وزير الخارجية الأميركي ونظيراه التركي والنمساوي، بالإضافة للمسؤولة عن الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، وذلك لمناقشة آخر تطورات قضية المهاجرين وطالبي اللجوء ممن لا تزال فيضاناتهم تتدفق من سوريا والعراق نحو أوروبا بحثا عن ملاذ آمن.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».