البرلمان التونسي يناقش تعديلات «قانون الصلح» مع «متورطين في الفساد»

عدد الملاحقين يتعدى 450 رجل أعمال

من الجلسة البرلمانية المخصصة لمناقشة قانون الصلح مع المتورطين في ملفات فساد (موقع البرلمان التونسي)
من الجلسة البرلمانية المخصصة لمناقشة قانون الصلح مع المتورطين في ملفات فساد (موقع البرلمان التونسي)
TT

البرلمان التونسي يناقش تعديلات «قانون الصلح» مع «متورطين في الفساد»

من الجلسة البرلمانية المخصصة لمناقشة قانون الصلح مع المتورطين في ملفات فساد (موقع البرلمان التونسي)
من الجلسة البرلمانية المخصصة لمناقشة قانون الصلح مع المتورطين في ملفات فساد (موقع البرلمان التونسي)

بدأ البرلمان التونسي، اليوم (الثلاثاء)، مناقشة مشروع قانون الصلح الجزائي وتوظيف عائداته، وهو القانون الذي أقره الرئيس قيس سعيد في 20 مارس (آذار) 2022 بهدف المصالحة مع عدد من رجال الأعمال الموقوفين في قضايا فساد، مقابل دفع أموال للدولة، أو تنفيذ مشروعات تنمية شرطاً لمغادرة السجن، غير أن تنفيذه جوبه بكثير من العراقيل لتعاد صياغته من جديد.

ويتضمن مشروع قانون التعديل على مرسوم الصلح الجزائي، المعروض على البرلمان التونسي، 51 فصلاً، وتشمل التنقيحات الجديدة التي أدخلت على النص الأصلي 17 فصلاً، وقد جرى الإبقاء على «اللجنة الوطنية للصلح الجزائي» في صيغتها الأصلية، فيما شملت التغييرات مدة عمل اللجنة المحددة في النص الأصلي بستة أشهر مع التمديد في الفترة نفسها، لكن النص الجديد لم يحدد سقفاً زمنياً لعمل اللجنة، التي تحدد مدة أعمالها بأمر رئاسي وفق الفصل السابع.

يرى مراقبون أن البرلمان التونسي سيعمل على تنفيذ التعديلات التي أقرها الرئيس سعيد (إ.ب.أ)

وطرحت قضية «الصلح الجزائي» لأول مرة في تونس في سنة 2012، غير أن طريقها للتنفيذ كان شائكاً بسبب عوائق قانونية واجتماعية واقتصادية عدة. وقد صرح الرئيس سعيد بأنه «لم يتحقق أي شيء يذكر منذ صدور المرسوم المنظم للصلح الجزائي»، وهو ما جعله يعمل على تعديله، وتوجيه نسخة جديدة منه إلى البرلمان، مع استعجال النظر في هذا القانون.

ويرى مراقبون أن البرلمان المنبثق من انتخابات 2022 سيعمل على تنفيذ التعديلات التي أقرها الرئيس سعيد، بهدف تعديل بوصلة قانون الصلح الجزائي وجعله أكثر واقعية. وتوقعوا ألا يواجه باعتراض الكتل البرلمانية؛ اعتبارا لأن معظم أعضاء البرلمان المشكل من 154 نائباً، هم في الأساس من داعمي المسار السياسي الذي أقره الرئيس في 25 يوليو (تموز) الماضي، والذي أزاح عبره منظومة الحكم السابقة التي كانت تتزعمها «حركة النهضة» الإسلامية.

وكان بعض الأحزاب السياسية، ومن بينها «الحزب الجمهوري» الذي يتزعمه عصام الشابي، قد أكدت أنه يجب ألا يكون هناك عفو عن المتهمين بالفساد خارج إطار مسار العدالة الانتقالية، وطالبت بإزالة كل العقبات التي وضعت في طريقها بهدف تحقيق مصالحة حقيقية نابعة من اقتناع راسخ. كما طالبت «جمعية القضاة التونسيين»، و«النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين»، ومنظمة «محامون بلا حدود»، و«الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية»، بعدم تغييب مسار العدالة الانتقالية من البوصلة السياسية، وإدراجه ضمن أولويات رئاستي الجمهورية والحكومة مطلباً دستورياً، وأبدت ارتياحها لإطلاق «مبادرة الصلح الجزائية لأجل التنمية»، لكنها اقترحت «عدم اقتصار ملفات الصلح الجزائي على الملفات التي تكون فيها الدولة ضحية، وفرض تقديم اعتذار علني للتونسيين (لكلّ) طالبي الصلح، تثميناً لمبدأ المساءلة، والحقّ في معرفة الحقيقة، حتّى لا تتكررّ الانتهاكات، التي هي من ركائز مكافحة الإفلات من العقاب»، على حد تعبيرها.

السجن المدني في المرناقية حيث يقبع عدد من المتورطين في قضايا الفساد (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)

ويسعى هذا القانون إلى إبرام صلح جزائي مع المتورطين في قضايا فساد، والبالغ عددهم 460 رجل أعمال؛ وفق ما ورد في التقرير، الذي جرى إعداده سنة 2011، وقد حدد المبلغ المطلوب منهم آنذاك بما بين 10 مليارات دينار و13.5 مليار دينار تونسي (نحو 4.3 مليار دولار أميركي).

ويفرض هذا القانون على المتورطين في قضايا فساد إطلاق مشروعات استثمارية في المناطق الفقيرة والأقل حظاً في التنمية، من قبيل بناء مدارس ومستشفيات ومرافق خدمات، وخلق فرص عمل أمام العاطلين، لكن تطبيق هذا القانون تعثر لأسباب عدة؛ أبرزها تخوف كثير من رجال الأعمال من إمكانية التشهير بهم في حال تنفيذ تلك المشروعات بهوية مكشوفة.

وللتدليل على حجم العراقيل التي تواجه هذا القانون، كشف ياسر القوراري، رئيس لجنة التشريع العام بالبرلمان التونسي خلال المناقشات التي دارت الأسبوع الماضي، عن أن لجنة الصلح الجزائي لم تتمكن من جمع سوى 26.9 مليون دينار تونسي (8.7 مليون دولار). كما كشف عن قائمة تضم 14 رجل أعمال تونسياً، قال إنهم استجابوا لرغبة سعيد في المصالحة، وتوظيف «الأموال المنهوبة» في مشروعات تنمية، مؤكداً في السياق ذاته أن قائمة المتصالحين مع الدولة التونسية لم تشمل من سماهم «الحيتان الكبيرة»؛ على حد تعبيره.



الدبيبة: لن نسمح بأن تكون ليبيا ساحة لتصفية الحسابات

جانب من أشغال مؤتمر «قادة دول الاستخبارات العسكرية لدول الجوار» في طرابلس (الوحدة)
جانب من أشغال مؤتمر «قادة دول الاستخبارات العسكرية لدول الجوار» في طرابلس (الوحدة)
TT

الدبيبة: لن نسمح بأن تكون ليبيا ساحة لتصفية الحسابات

جانب من أشغال مؤتمر «قادة دول الاستخبارات العسكرية لدول الجوار» في طرابلس (الوحدة)
جانب من أشغال مؤتمر «قادة دول الاستخبارات العسكرية لدول الجوار» في طرابلس (الوحدة)

أكد رئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، في كلمة له على هامش انعقاد المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا، اليوم السبت، أن بلاده «تواجه تحديات أمنية كبيرة، وتسعى لاستعادة الأمن»، مشدداً على أنها «لن تكون ساحة لتصفية الحسابات والصراعات الإقليمية، ولن تستخدم ورقة ضغط في الصراعات الدولية والإقليمية».

وأشار الدبيبة، في كلمة خلال المؤتمر، الذي عقد في طرابلس بهدف تعزيز التعاون، بحضور مديري الاستخبارات في كل من الجزائر وتونس والسودان، وتشاد والنيجر، وسط غياب مصر، إلى رفض حكومته تحويل ليبيا إلى «ساحة لتصفية الحسابات أو ملاذاً للخارجين عن القانون»، لافتاً إلى أن بعض دول المنطقة تشهد متغيرات تفرض التكيف السريع.

الدبيبة أكد أن بلاده «تواجه تحديات أمنية كبيرة» (الوحدة)

وأضاف الدبيبة، في إشارة ضمنية، لمعلومات عن وصول قادة عسكريين سوريين سابقين إلى شرق ليبيا: «لن نسمح بتحول ليبيا إلى مأوى للعسكريين الهاربين من بلدانهم، أو استخدامها كورقة ضغط في أي مفاوضات أو صراعات»، مشدداً على «عدم التساهل مع أي جهة تسعى لزعزعة أمن المنطقة».

كما أكد رئيس حكومة الوحدة أن ليبيا «دولة ذات سيادة تعمل على حماية مصالحها الوطنية»، موضحاً أن المؤتمر «يمثل خطوة لتعزيز الشراكة والتنسيق الإقليمي لمواجهة التهديدات، ويعكس الوعي بالتحديات الأمنية المشتركة، مثل الإرهاب وشبكات التهريب».

من جهته، قال رئيس أركان القوات الموالية لحكومة الوحدة، محمد الحداد، إن «التحديات الأمنية التي تواجهنا مع دول الجوار، من إرهاب وغيرها، تهدد أمن منطقتنا»، ودعا إلى «التعاون الفعال بين الأجهزة الاستخباراتية، وبناء قنوات اتصال لمواجهة التحديات».

بدوره، رأى مدير إدارة الاستخبارات العسكرية التابعة لحكومة الوحدة، محمود حمزة، أن بلاده تواجه ما وصفه بـ«تحدٍّ رباعي، يتمثل في الإرهاب، وتهريب المخدرات، وتهريب الأسلحة، والهجرة غير المشروعة»، لافتاً إلى الحاجة لتنسيق الجهود مع دول الجوار، بعد أن بدأ الإرهاب يضرب كل أنحاء المنطقة.

وبحسب حكومة «الوحدة»، فإن المؤتمر، الذي يعقد على مدار يومين، يستهدف تعزيز التعاون الإقليمي، وتنسيق الجهود الأمنية لمواجهة التحديات المشتركة، وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

خوري قادت وفداً رفيع المستوى لزيارة مدينة الكفر للوقوف على أعمال الاستجابة الإنسانية للاجئين السودانيين (أ.ف.ب)

بموازاة ذلك، قالت بعثة الأمم المتحدة إن القائمة بأعمالها، ستيفاني خوري، قادت وفداً رفيع المستوى لزيارة مدينة الكفرة بالجنوب الليبي، للوقوف على أعمال الاستجابة الإنسانية للاجئين السودانيين.

وأوضحت خوري، مساء الجمعة، أن المناقشات كشفت عن الحاجة الماسة إلى عملية مصالحة وطنية، قائمة على الحقوق، تهدف إلى إعادة اللحمة إلى المجتمع المحلي، وضمان تنمية متكافئة في الكفرة، وكافة ربوع ليبيا.

في غضون ذلك، وصف القائم بأعمال السفارة الأميركية، جيريمي برنت، توقيعه، مساء الجمعة، مع مدير مصلحة أملاك الدولة، بشير قنيجيوة، عقد إيجار عقار، يتيح الاستمرار في تطوير السفارة الجديدة في طرابلس، بأنه خطوة مهمة نحو استئناف العمليات الدبلوماسية الأميركية في ليبيا بشكل كامل، وأكد التزام الولايات المتحدة بتعزيز شراكتها مع ليبيا.

اجتماع رئيس ديوان مجلس «النواب» مع بلقاسم نجل المشير حفتر (مجلس النواب الليبي)

في شأن آخر، أدرج مجلس النواب الليبي اجتماع رئيس ديوانه، عبد الله المصري، مع بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر ومسؤول صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، مساء الجمعة، بمقر المجلس ببنغازي، في إطار التنسيق لعقد جلسة للمجلس في مدينة درنة، الاثنين المقبل.

كما أصدر رئيس حكومة «الاستقرار»، أسامة حماد، تعليماته العاجلة لوزارتي الداخلية والصحة، بالتنسيق مع الأجهزة العسكرية والخدمية لتوجيه كافة الجهات المختصة بمدن أجدابيا وسهل بنغازي، والمرج ومنطقة الجبل الأخضر، وصولاً لمدينة درنة، باتخاذ الإجراءات اللازمة استعداداً للأحوال الجوية السيئة المرتقبة، بينما طالبت «الاستقرار» المواطنين بأخذ الحيطة والحذر في أثناء التنقل على الطرق العامة، والابتعاد عن مجاري الأودية وتجمعات المياه.