النظام وسع الجبهات في شمال سوريا بـ5 معارك متزامنة

المرصد: مقاتلو المعارضة أصابوا 11 مركبة عسكرية بصواريخ مضادة للدبابات قرب حلب

مقاتل من المعارضة المسلحة يجهز قذيفة لإطلاقها على قوات النظام في بلدة الحاضر بريف حلب (غيتي)
مقاتل من المعارضة المسلحة يجهز قذيفة لإطلاقها على قوات النظام في بلدة الحاضر بريف حلب (غيتي)
TT

النظام وسع الجبهات في شمال سوريا بـ5 معارك متزامنة

مقاتل من المعارضة المسلحة يجهز قذيفة لإطلاقها على قوات النظام في بلدة الحاضر بريف حلب (غيتي)
مقاتل من المعارضة المسلحة يجهز قذيفة لإطلاقها على قوات النظام في بلدة الحاضر بريف حلب (غيتي)

أعلنت مصادر في المعارضة السورية، أن قوات الأسد، حققت تقدمًا على جبهتي ريف حلب الجنوبي وريف حلب الشرقي، حيث باتت على بعد 5 كيلومترات من مطار كويرس العسكري الذي يحاصر فيه تنظيم داعش نحو 800 مقاتل من الجيش السوري النظامي منذ أشهر، في وقت كشف مقاتلو المعارضة الذين يقاتلون قوات نظام الأسد وحلفاءها جنوب حلب، عن حصولهم على إمدادات جديدة من الصواريخ أميركية الصنع المضادة للدبابات، الجمعة الماضي.
وقال مقاتلون من 3 جماعات تابعة للجيش السوري الحر في تصريحات لوكالة «رويترز» إن إمدادات جديدة وصلت منذ بدء هجوم الجيش المدعوم من مقاتلين إيرانيين ومن جماعة حزب الله اللبنانية على مواقع المعارضة في ريف حلب الجنوبي الجمعة الماضي، لكن مسؤولين من إحدى الجماعات قالوا إنه «رغم وصول كميات جديدة فإن الإمدادات ليست كافية مع وضع حجم الهجوم في الاعتبار». وقال أحد المسؤولين: «العدد قليل لا يكفي. يحتاج المقاتلون لعشرات الأسلحة».
ويجري تزويد عدد من جماعات المعارضة التي تدربها دول معارضة للأسد، بالأسلحة، عبر تركيا، في إطار برنامج تدعمه الولايات المتحدة والذي تضمن في بعض الحالات تدريبا عسكريا قدمته وكالة المخابرات المركزية الأميركية، بحسب ما ذكرت وكالة «رويترز».
وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن «مقاتلي المعارضة أصابوا 11 مركبة عسكرية على الأقل بصواريخ موجهة مضادة للدبابات، قرب حلب منذ يوم الجمعة».
وتواصلت المعارك أمس في ريف حلب الجنوبي، حيث نفوذ قوات تابعة للجيش السوري الحر، بعد أن تمكنت قوات النظام من تحقيق تقدم على خط أوتوستراد دمشق – حلب الدولي. وقال مصدر معارض بارز، إن تلك القوات حققت بالفعل تقدمها، لكنها لم تستقر فيها، نظرًا لأن الاشتباكات لم تتوقف، مشيرًا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن المعارك متواصلة تحت غطاء جوي روسي، كثف ضرباته، ومهّد لتقدم قوات النظام.
بدوره، قال القيادي المعارض أبو جاد الحلبي، إن تكثيف الطيران الروسي لضرباته الجوية أسهم في تقدم قوات النظام، مشيرًا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الأخيرة استغلت تشرذم فصائل المعارضة الصغيرة، وعدم تنسيقها وقتالها جنبًا إلى جنب على القتال في جبهات واحدة، وهو ما أدى إلى تحقيق تقدم في مناطق الريف الجنوبي. وقال الحلبي، إن الفصائل الكبيرة لم تتخلّ عن حلب، لكنه لفت إلى أن عدم انخراطها في المعركة، يعود إلى وضع ثقلها في معركة ريف حماه.
وتعتمد قوات النظام وحلفاؤها، استراتيجية «توسيع الجبهات»، حيث فتحت أكثر من 5 جبهات متزامنة ضد القوات المعارضة في شمال سوريا، مما يمنع هذه الفصائل من الدفع بتعزيزات لمؤازرة بعضها البعض في أرياف حلب وإدلب وحماه وحمص، وذلك «تحت وابل من الصواريخ الجوية الروسية التي تركز على ضرب مقرات القيادة والسيطرة، بما يتخطى ضرب الأرتال أو المقاتلين على الأرض، بهدف فصل المقاتل عن قيادته»، كما يقول مصدر لبناني مواكب للمعارك في شمال سوريا. ويقول المصدر إن هذه الاستراتيجية معقدة، وتعتمد على فتح جبهات متشعبة، ومن شأنها أن تستنزف القوات النظامية وحلفاءها، نظرًا إلى طول المدة الزمنية التي ستستغرقها الحرب.
وقال أبو جاد الحلبي إن خسائر قوات النظام في ريف حلب الجنوبي «فادحة»، مشيرًا إلى أن الضربات بصواريخ «تاو» المضادة للدروع، «قوضت حركته إلى حد كبير وأخّرت تقدمه، وألزمته خسائر بشرية كبيرة»، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن النظام فتح جبهة أخرى في ريف حلب الشمالي، متبعا استراتيجية «دبدبة النمل» العسكرية، التي لا تتقدم إلى الهدف بشكل مباشر، بل تعتمد على توسعة رقعة سيطرتها الالتفاف على الهدف من عدة جوانب، مشيرًا إلى أن دعم الحلفاء له بالمقاتلين، ميدانيًا، يسهل له تنفيذ هذه الاستراتيجية.
وإذ حذر الحلبي من أنه إذا لم تتكاتف الفصائل، فإن قوات النظام قد تحاصر حلب، وخصوصًا من الجبهة الشمالية، وكشف عن خطة عسكرية وضعتها المعارضة لفتح ثغرات في ريف حلب الغربي، للضغط على قوات النظام، وتشتيت قواها في شمال المدينة وريفها الجنوبي.
وأفاد ناشطون أمس، بأن الطائرات الحربية الروسية، نفذت عدة غارات على مناطق في قرية بنان الحصن، ومناطق أخرى في محيط جبل عزان بريف حلب الجنوبي، بينما قتل 5 مقاتلين من الفصائل الإسلامية والمقاتلة بينهم القائد العسكري في حركة نور الدين زنكي، خلال الاشتباكات المستمرة مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سوريا وعربية في ريف حلب الجنوبي.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، استشهاد 12 شخصًا بينهم خمسة أطفال ومواطنتان جراء قصف من طائرات حربية يعتقد أنها روسية على قرية كفر كرمين بريف حلب الغربي يوم الجمعة الفائت.
بالموازاة، قالت مصادر عسكرية معارضة، إن قوات النظام باتت على بعد 5 كيلومترات من مطار كويرس العسكري، مشيرة إلى أن الهجوم الذي بدأته الخميس الماضي لفك حصار «داعش» للمطار بالريف الشرقي للمدينة، أحرز تقدمًا في خمس قرى خلال اليومين الماضيين، في حين تواصل الطائرات الروسية ضرب تمركزات «داعش» حول المطار وحول المحطة الحرارية، بالتزامن مع الهجوم.
وأفاد «المرصد» بتواصل المعارك العنيفة بين تنظيم داعش من طرف، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من المقاتلين الإيرانيين وحزب الله اللبناني من طرف آخر، في محيط منطقة الدكواني بريف حلب الشرقي، والقريبة من المحطة الحرارية، وسط تقدم لقوات النظام.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.