توثق النسخة الإنجليزية من الموسوعة الشاملة للفنان التشكيلي المصري الراحل عبد الهادي الجزار (1925 - 1966) عوالمه الشعبية والأسطورية في أكثر من 620 عملاً فنياً، تجسد الملامح والسمات المميزة لأحد رواد الحركة السريالية المصرية.
طُبعت الموسوعة في جزأين بمدينة ميلانو الإيطالية، وتضمنت 120 لوحة زيتية و500 أخرى ورقية، وصدرت عن «دار نورما» الفرنسية بتكلفة وصلت إلى 130 ألف دولار، وحررتها الناقدة الفرنسية فاليري ديدييه والباحث في الفن المصري الحديث الدكتور حسام رشوان.
من اللوحات الشهيرة التي تضمها الموسوعة «ودن من طين وودن من عجين»، و«العائلة»، و«دنيا المحبة»، و«المولد»، و«تحضير الأرواح» و«فرح زليخة»، و«المجنون الأخضر»، و«شَوَّاف الطالع»، و«السيرك»، و«الطعام»، و«الميثاق»، و«السد العالي»، و«من وحي منارات البحر الأحمر»، و«حفر قناة السويس»، وقد استلهمها جميعاً من وحي الحياة الشعبية المصرية ومزجها بالرموز الأسطورية.
وذكر رشوان أن اللوحات التي تضمنتها الموسوعة موزعة بين متحف الفن المصري الحديث، ومتحف الفنون الجميلة، وكلية الفنون الجميلة، ومجموعات خاصة لدى المهندس نجيب ساويرس، وياسر زكى المحامي، فضلاً عن أسرة الجزار، والدكتور محمد أبو الغار.
وأثناء تحرير الكتاب كانت هناك الكثير من المفاجآت التي اكتشفها المحرران ديدييه ورشوان، حيث قال الأخير لـ«الشرق الأوسط» إنهما «استطاعا حسم مصير لوحة (الطعام) التي رسمها الجزار مرتين عام 1948، وعرضها بعدها بعام، وقام بتأريخها في عام 1951، فحين طلب منه متحف الفن الحديث شراءها، قام برسمها مرة أخرى لما لها من منزلة ووضع خاص عنده، وأصبحت النسخة الثانية ضمن مقتنيات المهندس نجيب ساويرس»، وأشار رشوان إلى أن «اللوحتين تم عرضهما في معرض السريالية في قصر الفنون بالأوبرا، وقد شكك البعض في الأمر، وتساءلوا عن سر وجود نسختين من اللوحة، وقد كان الفاصل في نسبتهما للجزار هو ما أثبته في أوراقه الخاصة».
وأضاف أن «الموسوعة أنهت الجدل حول أعمال كثيرة منسوبة للجزار، موجودة في مجموعات مصرية وفي الخليج وأماكن أخرى، وكانت من الرداءة بحيث تأكدنا من عدم نسبتها له»، موضحاً أن «الأوراق الخاصة بالجزار حسمت مثل هذه الأمور لأنه كتب كل شيء فيما يخص أعماله، بما في ذلك اللوحات التي قام برسمها مرتين أو أعاد رسمها، كما في لوحة (الطعام)».
ويقف وراء إصدار الموسوعة عدد من الأشخاص والجهات المصرية والعربية والأجنبية، من بينهم ربيع بيسيسو وقرينته الفنانة جومانا مراد، ورجال أعمال بينهم المصري نجيب ساويرس والإماراتي سلطان سعود القاسمي، ومؤسسة «دلول» البيروتية، والفنان أحمد فريد، وصالة «كريستي» اللندنية، حسب تصريحات رشوان.
وجاء الجزء الأول متضمناً مقالات لم تنشر من قبل، منها دراسة مطولة أعدها الدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق، بعنوان «روح القوقعة وروح الكرنفال»، تتجاوز المائة صفحة، وقد تم نشرها مختصرة في خمسين صفحة.
وكذلك دراسة الدكتورة أمل نصر «مسيرات سحرية في أماكن بائسة» التي سعت فيها لاكتشاف المنابع التراثية في الكثير من لوحات الجزار مثل «آكل الحيات»، و«عاشق من الجن»، واللوحات التي رسمها بأسلوب المنمنمات الفارسية.
ويضم الجزء الأول أيضاً مقالاً مطولاً للناقد الفني سمير غريب حول علاقة عبد الهادي الجزار بجماعتي «الفن والحرية» و«الفن المعاصر». أما الجزء الثاني فتضمن الكثير من المقالات التي نشرت من قبل.
وأشار رشوان إلى أن «الموسوعة تركز أيضاً على الفترة التي سافر فيها الجزار لإيطاليا وتأثره بالفنان لوسيو فونتانا، وبداية رسم الجزار أعماله الخاصة بعالم الفضاء». وتطرقت الموسوعة لدراسة الناقد التشكيلي باتريك كين حول أعمال الجزار السياسية، مثل «السد العالي» و«حفر قناة السويس» وغيرها من اللوحات.
وشارك عبد الهادي الجزار في فعاليات تشكيلية عديدة، منها معارض نظمها متحف الفن الحديث بالقاهرة بداية من عام 1951، وجماعة الفن المعاصر بقاعة الليسيه الفرنسى بباب اللوق 1946، وقاعة الفن الحديث بمناسبة زيارة جان بول سارتر وسيمون دي بوفوار لمصر 1967، ومعارض جماعة الفن المعاصر التي أقيمت في باريس أعوام 1946، 1948، 1949، 1954، كما شارك في بينالي الإسكندرية من 1955 - 1966، والبندقية من 1958 - 1960، وصالون الفنانين العرب بروما 1957، وسان باولو بالبرازيل 1957 - 1961، وباليرومو الدولي بإيطاليا 1958، ومدينة بارى الإيطالية 1958، و«الفن في خمسين عاماً» في بروكسل 1958.