أوكرانيا تحتفل بـ«الميلاد» مع الغرب وتكرس ابتعادها عن روسيا

كييف تعلن إسقاط 28 مسيّرة من أصل 31 خلال هجمات ليلية جديدة

أوكرانيون يرددون أنشودة خلال احتفالهم بعيد الميلاد في قرية بيروغوف قرب كييف الاثنين (أ.ف.ب)
أوكرانيون يرددون أنشودة خلال احتفالهم بعيد الميلاد في قرية بيروغوف قرب كييف الاثنين (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تحتفل بـ«الميلاد» مع الغرب وتكرس ابتعادها عن روسيا

أوكرانيون يرددون أنشودة خلال احتفالهم بعيد الميلاد في قرية بيروغوف قرب كييف الاثنين (أ.ف.ب)
أوكرانيون يرددون أنشودة خلال احتفالهم بعيد الميلاد في قرية بيروغوف قرب كييف الاثنين (أ.ف.ب)

احتفل الأوكرانيون بمناسبة عيد الميلاد، الاثنين، الموافق 25 ديسمبر (كانون الأول) للمرة الأولى، مثل دول الغرب، عوضاً عن 7 يناير (كانون الثاني)، في خطوة تعكس تكريس الابتعاد عن روسيا.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في رسالة عيد الميلاد، مساء الأحد: «نحتفل جميعاً بعيد الميلاد في التاريخ نفسه، بصفتنا عائلة كبيرة واحدة وأمة واحدة ودولة واحدة موحدة». وكان زيلينسكي قد صادق رسمياً على نقل موعد الاحتفالات بعيد الميلاد إلى 25 ديسمبر.

وجاء في مذكرة مرفقة لنص القانون الذي أقره النواب: «أخضع الشعب الأوكراني فترة طويلة للآيديولوجيا الروسية في كل مجالات الحياة تقريباً بما يشمل التقويم اليولياني والاحتفال بعيد الميلاد في 7 يناير». وأشارت المذكرة إلى «رغبة كل مواطن أوكراني بعيش حياة خاصة به وتقاليد وأعياد خاصة به».

وقالت أولينا التي حضرت قداس منتصف الليل في كاتدرائية المهد في مدينة أوديسا الجنوبية الواقعة على البحر الأسود: «نعتقد أنه ينبغي حقاً أن نحتفل بعيد الميلاد مع العالم أجمع، بعيداً عن روسيا». وأضافت المرأة التي يخدم ابنها بوصفه مسعفاً على الجبهة: «بالنسبة لي، هذه هي الرسالة الجديدة الآن».

ويندرج نقل موعد عيد الميلاد في إطار سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها أوكرانيا في السنوات الأخيرة لتنأى بنفسها عن موسكو.

وأعرب الأوكرانيون في جميع أنحاء البلاد عن دعمهم تغيير تاريخ عيد الميلاد. وكانت الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية لقرون تحت إشراف روسيا الديني، لكنّها أعلنت استقلالها عن بطريركية موسكو في 2019.

ومساء الأحد، ملأ أوكرانيون، مقر الكنيسة المستقلة الجديدة في كييف لحضور قداس عيد الميلاد الذي أحياه رئيس الكنيسة الأرثوذكسية في أوكرانيا المتروبوليت إبيفانيوس. وقالت أوكسانا كريكونوفا التي كانت تحضر القداس: «كان من الطبيعي التحول إلى يوم 25» بعد الغزو. وأضافت: «قمت للتو بزيارة والدتي البالغة 81 عاماً وأبي البالغ 86 عاماً، وقد تقبلا ذلك تماماً بشكل عادي». وفي مدينة لفيف الغربية التي لم تتضرر كثيراً من الحرب قال تاراس كوبزا وهو طبيب عسكري: «علينا أن ننضم إلى العالم المتحضر».

ورغم أجواء الاحتفالات هذه، أعلنت القوات الجوية الأوكرانية، الاثنين، أنها أسقطت 28 مسيّرة من أصل 31 أُطْلقت خلال هجوم روسي ليلي جديد. وقالت القوات الأوكرانية على تطبيق «تلغرام» إن هذا الهجوم الذي شنته روسيا بواسطة مسيّرات إيرانية الصنع من طراز «شاهد»، استهدف المناطق الجنوبية في أوديسا وخيرسون وميكولاييف والمنطقة الشرقية في دونيتسك والمنطقة الغربية في خميلنيتسكي. وأضافت: «خلال الهجوم الجوي، أطلق العدو كذلك صاروخاً جوياً موجهاً من طراز (Kh - 59) باتجاه زابوريجيا (جنوب)، وآخر مضاداً للرادار من طراز (Kh - 31P) من مياه البحر الأسود، وجرى (إسقاطهما)».

وفي أوديسا التي تضمّ ميناءً كبيراً على البحر الأسود، تسبب سقوط حطام مسيّرة بإلحاق أضرار في مباني الميناء وأحد أحياء المدينة ومبنى إداري خارج الخدمة ومخزن، ما أدى إلى نشوب حريق «أُخْمِد بسرعة»، وفق القيادة الجنوبية للجيش الأوكراني. وأشارت إلى أنه لم يُبْلغ عن وقوع ضحايا.

وتشن روسيا هجمات بمسيّرات وصواريخ كل ليلة تقريباً ضد أوكرانيا التي عادة ما تسقط معظمها بواسطة دفاعاتها الجوية. كما تقصف أوكرانيا، من جانبها، بانتظام المناطق الحدودية الروسية أو المدن في أراضيها الخاضعة للاحتلال الروسي مثل دونيتسك. واستهدفت مسيّرات عدة موسكو خلال العام الماضي.

ومن جهة أخرى، قال وزير روسي بارز، الاثنين، إن روسيا متفوقة على الغرب في إنتاج الأسلحة، وتعتزم إبقاء معدل النمو مرتفعاً بعد أن كثف الغرب وروسيا إنتاج الأسلحة من أجل حرب أوكرانيا. وقال دنيس مانتوروف نائب رئيس الوزراء الذي يشرف على إنتاج الأسلحة، لوكالة الإعلام الروسية: «لا أريد التباهي، لكن يمكنني القول إننا بدأنا في تحقيق مكاسب، ورفعنا وتيرة الإنتاج في وقت مبكر مقارنة بالدول الغربية». وأضاف: «السؤال الآخر هو: إلى متى سيستمر هذا السباق؟»، وأشار إلى أنه من المقرر الموافقة العام المقبل على خطة تسلح للفترة من عام 2025 إلى 2034. وقال الرئيس فلاديمير بوتين ووزير الدفاع سيرغي شويغو إن إنتاج المدفعية والطائرات المسيّرة والدبابات والمركبات المدرعة آخذ في الزيادة.


مقالات ذات صلة

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

العالم نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

عبر جعل التهديد النووي عادياً، وإعلانه اعتزامه تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، نجح بوتين في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية حول العالم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)

لمن سينصت ترمب... روبيو أم ماسك؟

قال موقع «بولتيكو» إن كبار المسؤولين الأوروبيين المجتمعين في هاليفاكس للأمن الدولي قلقون بشأن الأشخاص في الدائرة المقربة من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا خبراء أوكرانيون يتفقدون الأضرار في موقع الهجوم الصاروخي الذي ضرب وسط خاركيف شمال شرقي أوكرانيا في 25 نوفمبر 2024 وسط الغزو الروسي للبلاد (إ.ب.أ) play-circle 01:26

روسيا تعلن إسقاط 8 «صواريخ باليستية» أطلقتها أوكرانيا

قالت موسكو إن دفاعاتها الجوية أسقطت 8 صواريخ باليستية أطلقتها أوكرانيا وسط تصاعد التوتر مع استخدام كييف صواريخ بعيدة المدى زودها بها الغرب ضد روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا مدنيون أوكرانيون يرتدون زياً عسكرياً خلال تدريبات عسكرية نظمها الجيش الأوكراني في كييف (أ.ف.ب)

القوات الروسية تعتقل رجلاً بريطانياً يقاتل مع أوكرانيا في كورسك

قال مصدر أمني لوكالة الإعلام الروسية إن القوات الروسية ألقت القبض على بريطاني يقاتل مع الجيش الأوكراني في منطقة كورسك.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا المرشح لمنصب الرئيس كالين جورجيسكو يتحدّث لوسائل الإعلام في بوخارست (أ.ب)

مرشح مُوالٍ لروسيا يتصدّر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا

أثار مرشح مؤيّد لروسيا مفاجأة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية برومانيا، بحصوله على نتيجة متقاربة مع تلك التي حقّقها رئيس الوزراء المؤيّد لأوروبا.

«الشرق الأوسط» (بوخارست)

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)
أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)
TT

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)
أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)

اختار الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا رسمياً، الاثنين، المستشار أولاف شولتس مرشحاً له للانتخابات المبكرة المقررة في فبراير (شباط) على رغم تراجع شعبيته إلى مستويات غير مسبوقة بعد انهيار ائتلافه الحكومي.

وقال مصدر مقرب من الحزب اليساري الوسطي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن قيادته عبّرت «بالإجماع» عن تأييدها شولتس. وسيصادق أعضاء الحزب على الترشيح خلال مؤتمر في 11 يناير (كانون الثاني).

وكان شولتس (66 عاماً) قد أعلن رغبته في الترشح عن حزبه بعد انهيار ائتلافه الحكومي مع حزب الخضر والليبراليين في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني)، وواجه ضغوطاً داخل حزبه لترك منصبه لوزير الدفاع بوريس بيستوريوس الذي يتمتع بشعبية.

وزير الدفاع بوريس بيستوريوس الذي يتمتع بشعبية داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي (أ.ف.ب)

وقرر الاشتراكيون الديمقراطيون دعم أولاف شولتس رغم عدم تحسن حظوظ الحزب، الذي تظهر استطلاعات الرأي حصوله على نحو 15 في المائة فقط من نوايا التصويت.

وحصل ائتلاف الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي المعارض المحافظ على أكثر من ضعف هذه النسبة (33 في المائة)، كما يتقدم «حزب البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف على حزب شولتس حاصداً 18 في المائة من نوايا التصويت.

وكتبت مجلة «دير شبيغل» الألمانية أن أولاف شولتس هو «على الأرجح المرشح الأكثر ضعفاً وأقل شخصية مناسبة لتولي منصب المستشار رشحها الحزب الاشتراكي الديمقراطي على الإطلاق».

انهار الائتلاف الحكومي الألماني بزعامة شولتس، الذي تولى السلطة منذ نهاية عام 2021، بعد إقالة المستشار وزير المال الليبرالي كريستيان ليندنر إثر خلافات عميقة حول الميزانية والسياسة الاقتصادية التي يجب اتباعها، في خضم معاناة أكبر اقتصاد في أوروبا من أزمة صناعية.

«مستشار السلام»

ويكرر شولتس الهادئ الطباع قناعته بقيادة حزبه إلى النصر مرة أخرى، مذكراً بفوزه في انتخابات عام 2021 بخلاف كل التوقعات؛ إذ استفاد إلى حد كبير من انقسامات في المعسكر المحافظ.

المستشار أولاف شولتس ووزير الدفاع بوريس بيستوريوس بعد إعلان فوز الأول بترشيح الحزب ببرلين الاثنين (رويترز)

وتتمثل استراتيجيته هذه المرة، في تقديم نفسه على أنه رجل ضبط النفس في الدعم العسكري لأوكرانيا على أمل الاستفادة من النزعة إلى السلام المتجذرة لدى الألمان منذ الفظائع النازية، ومن أصوات المؤيدين لروسيا.

وأشار استطلاع حديث أجراه التلفزيون العام «آي آر دي» ARD، إلى أن 61 في المائة ممن شملهم يؤيدون قرار شولتس بعدم تزويد أوكرانيا بصواريخ «توروس» القادرة على ضرب عمق الأراضي الروسية.

ويتناقض هذا الموقف مع موقف حلفاء ألمانيا الرئيسين، الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

وفي السياق نفسه، أثار الاتصال الهاتفي الذي أجراه شولتس مؤخراً مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الاستياء خصوصاً في كييف.

كما اتهمته المعارضة في ألمانيا، بالمساهمة في الـ«دعاية» الروسية وبالقيام بمناورة انتخابية تقدمه على أنه «مستشار السلام» قبل انتخابات خطيرة.

«خبرة كبيرة»

ولا يخفي المحافظون ارتياحهم لترشيح المستشار. وقال النائب ماتياس ميدلبرغ إن القرار «جيد بالنسبة لنا»، مضيفاً أن «بيستوريوس كان سيسبب إزعاجاً أكبر لائتلاف الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي» المعارض المحافظ.

لكن أظهر شولتس مرات عدة قدرته على تحدي التوقعات، وهو سياسي مخضرم شغل منصب رئيس بلدية مدينة هامبورغ (شمال)، ونائب المستشارة أنجيلا ميركل (2005 - 2021) في حكومتها الأخيرة متولياً حقيبة المال.

وفي 2021، فاز من خلال تقديم نفسه على أنه الوريث الحقيقي للمستشارة المحافظة.

وينوي هذه المرة أيضاً أن يطمئن الناخبين من خلال تجربته، في خضم سياق جيوسياسي عالمي متوتر وغارق في المجهول بعد انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وشددت رئيسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي ساسكيا إسكين في تصريحات للإذاعة البافارية، الاثنين، على أن شولتس يتمتع بـ«خبرة كبيرة جداً، وبقدرة على المناورة، لا سيما على المستوى الدولي».