محافظ شبوة لـ«الشرق الأوسط»: الحوثيون و«القاعدة» يسعيان إلى إسقاط المحافظة

إحباط محاولة تسلل حوثيين إلى الحدود السعودية.. وتعزيزات عسكرية لدعم القوات المشتركة في مأرب

مقاتلون من المقاومة الشعبية اليمنية يلوحون من على متن دبابة بعلامة النصر بعد تمكنهم من استعادة محافظة مأرب من المسلحين الحوثيين (رويترز)
مقاتلون من المقاومة الشعبية اليمنية يلوحون من على متن دبابة بعلامة النصر بعد تمكنهم من استعادة محافظة مأرب من المسلحين الحوثيين (رويترز)
TT

محافظ شبوة لـ«الشرق الأوسط»: الحوثيون و«القاعدة» يسعيان إلى إسقاط المحافظة

مقاتلون من المقاومة الشعبية اليمنية يلوحون من على متن دبابة بعلامة النصر بعد تمكنهم من استعادة محافظة مأرب من المسلحين الحوثيين (رويترز)
مقاتلون من المقاومة الشعبية اليمنية يلوحون من على متن دبابة بعلامة النصر بعد تمكنهم من استعادة محافظة مأرب من المسلحين الحوثيين (رويترز)

حذر محافظ محافظة شبوة، العميد عبد الله النسي، من مخاطر محدقة بالمحافظة ومن سقوطها بيد الحوثيين أو تنظيم القاعدة. وقال النسي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحوثيين ما زالوا يوجدون في ثلاث مديريات من المحافظة، هي بيحان وعسيلان وأمعين، وإن بقاءهم يشكل خطورة على باقي المديريات المحررة». وأشار إلى أن لديهم في السلطة المحلية معلومات بتقدم مسلحين من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الذين يسيطرون على محافظة حضرموت المجاورة، نحو شبوة، وقال إن المعلومات المتوافرة أنهم نصبوا موقعًا في منطقة الحوطة، بمديرية عزان.
وتحدث المحافظ النسي لـ«الشرق الأوسط» عن وضع صعب تعيشه المحافظة، وأن السلطة المحلية لم تتلق أي دعم منذ تحرير معظم مديريات شبوة في أغسطس (آب) الماضي وحتى اللحظة، من قبل القيادة الشرعية. وأشار إلى معاناة المواطنين اقتصاديًا، جراء انقطاع الكهرباء وباقي الخدمات في المحافظة التي تنتج النفط والغاز.
وقال العميد النسي، إن التلاحم الشعبي والقبلي في محافظة شبوة ووجود المقاومة الشعبية، يحول دون سقوطها، وذكر أنه يجري سلسلة لقاءات مع السلطة المحلية والمشايخ والوجهاء في المحافظة بغرض الوقوف على كل التطورات، التي يعدها خطيرة، وذلك من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة.
وأكد المحافظ، أن «قيادة المحافظة بعثت برسائل تحذير إلى الجميع، مضمونها أن من يتعاون مع العناصر الانقلابية أو العناصر الإرهابية، سوف يكون عرضة للمساءلة ولتطبيق القانون بحقه». وأكدت مصادر محلية في شبوة لـ«الشرق الأوسط»، أن «السلطة المحلية تواجه وضعًا صعبًا، جراء انعدام إمكانياتها المادية والبشرية، وأن مساعيها لتشكيل قوة عسكرية نظامية من قوات أمن وشرطة، تصطدم بشحة الإمكانيات، في الوقت الذي تعد فيه شبوة من المحافظات اليمنية الغنية بالموارد الطبيعية كالغاز والنفط».
وكانت عناصر وقيادات بارزة في تنظيم القاعدة بجزيرة العرب، خلال السنوات الماضية، اتخذت من بعض مناطق محافظة شبوة، مكانًا آمنًا للاختباء والتخطيط والتنفيذ لسلسلة عمليات إرهابية، وقد قتل عدد من القيادات البارزة في التنظيم في غارات جوية للطائرات الأميركية من دون طيار على مواقع في شبوة، بينهم المتشدد الأميركي من أصل يمني، أنور العولقي، والقيادي البارز في «القاعدة» فهد القصع (أبو حذيفة) المتهم الأول في قضية تفجير المدمرة الأميركية «يو إس إس - كول» في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2000، في ميناء عدن، إضافة إلى عدد من القيادات المتطرفة في التنظيم، الذي يتخذ، حاليًا، من محافظة حضرموت (المناطق الساحلية)، مقرًا لها، بعد سيطرتها عليها مطلع أبريل (نيسان) الماضي.
وعلى الصعيد الميداني، قتل العشرات من ميليشيات الحوثي على يد القوات البرية السعودية من الذين حاولوا التسلل إلى الحدود السعودية بالقرب من منطقة الخوبة. ووفقًا لوكالة أنباء مأرب اليمنية دمرت طائرات التحالف العربي أهدافًا عسكرية وكهوفًا استخدمتها ميليشيات الحوثي كثكنات عسكرية ومخازن للأسلحة قرب الحدود السعودية اليمنية.
كما واصلت طائرات التحالف العربي قصف مواقع المتمردين في عدد من المحافظات اليمنية، منها صنعاء والحديدة وتعز وشبوة.
إلى ذلك، عقدت اللجنة الأمنية العليا في مأرب أول اجتماعاتها بعد تحرير المحافظة من الميليشيات الحوثية وقوات صالح، واتخذت إجراءات لتعزيز الأمن والاستقرار بالمحافظة النفطية، وناقشت اللجنة برئاسة المحافظ سلطان العرادة الوضع الأمني بعد الانتصار وتطهير معظم أجزاء المناطق التي وجدت فيها الميليشيات.
وقال العرادة، إن اللجنة اتخذت إجراءات عاجلة لتثبيت الأمن بعموم مراكز المحافظة، بهدف ضبط أمن مدينة مأرب وأمن الطرقات المؤدية للمديريات والخط الدولي، مشيرًا إلى الدور الكبير الذي تبذله القيادات العسكرية والأمنية والسلطة المحلية من أجل حفظ الأمن والاستقرار بالمحافظة، مؤكدًا استمرار القوات المشتركة التي تضم الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وقوات التحالف في استعادة ما تبقى من جيوب للميليشيات في صرواح ومجزر.
وفي السياق العسكري، وصلت أمس إلى مأرب قافلة عسكرية تضم أكثر من 20 قاطرة محملة بالأسلحة المختلفة قادمة من منفذ الوديعة السعودي، مع اليمن، وأرسلتها قوات التحالف لدعم القوات المشتركة في مأرب، تمهيدًا لمعارك استعادة المحافظات المتبقية في الشمال.
وبحسب مصدر محلي لـ«الشرق الأوسط» فإن القافلة تضم «3000 بندقية قناصة، وذخائر متنوعة للأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، وقد تسلمتها قيادة المنطقة العسكرية الثالثة التي تقود المعارك في مأرب».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».