5 مليارات دولار يفقدها قطاع العقار السعودي خلال الربع الماضي

في وقت تتحرك فيه وزارة الإسكان نحو إيجاد آليات جديدة للتمويل

على الرغم من الانخفاض الكبير الذي شهدته قيمة الصفقات في قطاع العقار السعودي خلال الربع المنصرم فإنها لم تؤثر كثيرًا على الأسعار النهائية بشكل ملحوظ
على الرغم من الانخفاض الكبير الذي شهدته قيمة الصفقات في قطاع العقار السعودي خلال الربع المنصرم فإنها لم تؤثر كثيرًا على الأسعار النهائية بشكل ملحوظ
TT

5 مليارات دولار يفقدها قطاع العقار السعودي خلال الربع الماضي

على الرغم من الانخفاض الكبير الذي شهدته قيمة الصفقات في قطاع العقار السعودي خلال الربع المنصرم فإنها لم تؤثر كثيرًا على الأسعار النهائية بشكل ملحوظ
على الرغم من الانخفاض الكبير الذي شهدته قيمة الصفقات في قطاع العقار السعودي خلال الربع المنصرم فإنها لم تؤثر كثيرًا على الأسعار النهائية بشكل ملحوظ

كشف المؤشر العقاري السعودي عن انخفاض قياسي في قيمة الصفقات العقارية بشقيها السكني والتجاري في الربع الثالث من العام الحالي قدر بنحو 19 مليار ريال (نحو 5 مليارات دولار)، وهو معدل كبير يتجاوز الـ30 في المائة على أقل تقدير، فيما كان القطاع السكني الأكثر تأثيرا بفقدانه ما يزيد على 14 مليار ريال (3.7 مليار دولار) مقارنةً بالربع الثالث من العام المنصرم، في حين فقد القطاع التجاري ما يلامس الـ5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، مما يعكس حالة الضمور التي تلف القطاع العقاري السعودي، والتي تأثرت مؤكدًا بانخفاض حجم الصفقات.
وعلى الرغم من الانخفاض الكبير الذي شهدته قيمة الصفقات في قطاع العقار السعودي خلال الربع المنصرم، فإنها لم تؤثر كثيرًا على الأسعار النهائية بشكل ملحوظ، حيث جاء الانخفاض بسبب تراجع حجم الصفقات أولاً، الذي عزاه مهتمون إلى عدة عوامل ساهمت في إحداث تردد في عدد الصفقات المبرمة وقيمتها، أهمها ارتفاع الأسعار، وتجفيف منابع التمويل العقاري، بالإضافة إلى تحركات وزارة الإسكان.
وكشف عبد الله العليان، الذي يرأس مجموعة نماء المجد العقارية، عن أن ما شفع للمؤشر العقاري أن ينخفض إلى ما يقارب الـ30 في المائة مع أنه مرشح لكسر هذا الرقم، هو الصفقات العقارية التجارية ولو كانت محدودة، والتي أتت كمحرك ولو كان محدودا لتنعش الحركة العامة للعقار، في الوقت الذي تسجل فيه حركة التملك انخفاضًا كبيرًا في الصفقات وانعكس ذلك على قيمتها، وهو ما أكده المؤشر العقاري الذي يعيش انخفاضًا متواصلاً في كل عام، إذا ما لوحظ أن المقياس الحقيقي للعقار هو حركة التملك والسكن وليس الصفقات والتدويل التي لا تعود على السوق سوى بالارتفاعات، لافتًا إلى أن حركة القطاع تسير عكس الواقع، فالحاجة والواقع يفرضان مزيدا في الطلب من فترة لأخرى نتيجة الزيادة السكانية، إلا أن ما يحدث يعد مؤشرًا سلبيًا.
وحول رؤيته لأسباب الانخفاض، أكد العليان أنه من الصعب حصر مشكلة أخذت في النمو أعواما دون احتواء أن يكون سببها محددا وواضحا وبسيط الحل، خصوصًا عندما تتحدث عن قطاع ضخم يتحرك بمليارات الريالات، ويعد حتى وقت قريب على رأس الاستثمارات الاقتصادية الأكثر ربحية، إلا أن ما يحدث حاليًا يشبه التوقف والتصادم بين المشتري الذي يجد أن الأسعار فوق قدرته ومتناوله، والبائع الذي يستصعب أن يبيع بأقل من التكلفة طبعًا بعد استخراج ربحيته المعتادة، مما يعني أن الطريق حتى الآن مسدود.. والحل هو خفض إجباري للأسعار يعيد السوق إلى وهجها، خصوصًا أن التجار علموا يقينًا أن بقاء الأسعار مرتفعة سيعود بالضرر عليهم في المقام الأول نتيجة تباطؤ العمليات التجارية.
واستمر الركود المسيطر على تعاملات السوق العقارية المحلية، وأنهى ربعه الثالث على التوالي منخفضًا، وتشير الأمور إلى أنه لا يؤمل بخروج السوق العقارية من حالة ركودها المتفاقمة حتى تاريخه إلا بتراجع حقيقي في مستويات الأسعار، وأن تأتي بنسب أكبر مما أظهره تراجع الأسعار حتى الآن، وذلك أنّ مستويات الأسعار الراهنة تظل مرتفعةً جدًا قياسًا على مستويات دخل الأفراد بمستوياتها الحالية، ومقارنةً حتى بالقدرة الائتمانية للأفراد سواء بالاقتراض من صندوق التنمية العقاري أو حتى بإضافة الائتمان الممكن من قبل مؤسسات التمويل.
وفي صلب الموضوع، أكد طارق القبلان، المستشار الائتماني لكثير من الشركات العقارية، أن الرهان على بقاء الأسعار مرتفعة مقابل تكثيف قنوات التمويل أمر غير صحي وذو مخاطرة عالية، إلا أنه لم ينف أن الحركة كانت أكثر نشاطًا في الفترة التي سبقت تطبيق القوانين الجديدة للتمويل العقاري التي قلمتها «ساما» وصعبت شروطها، خصوصًا بند اشتراط وجود دفعة أولى لا تقل عن 30 في المائة من قيمة العقار، وهي الصاعقة التي أخمدت الحركة العقارية فيها ونزلت بمستويات المؤشر إلى ما هو عليه، لافتًا إلى أن نزول الأسعار مع إعادة خيارات التمويل يعد أفضل سيناريو يعود على الجميع بالفائدة.
وأضاف القبلان: «يتبادل الجميع الاتهامات عما يحدث في السوق، وهو أمر غير صحي، خصوصًا أن العقار (السكن) مطلب أساسي من متطلبات الحياة، وليس أمرًا مكملاَ.. ناهيك عن كونه محركا اقتصاديا ضخما يشغل الأموال وذا مخاطر محدودة حتى السنوات الأخيرة». وأردف القبلان أن مواجهة المشكلة تبدأ بتشخيصها، وهو ارتفاع الأسعار الذي يجب أن تطبق الحكومة قرارات صارمة لخفضه جبريًا، لأنها تجاوزت في أقل من قرن ضعف قيمتها، وهو ما يعرف اقتصاديًا بالتضخم. مشيرًا إلى أن «الجميع يخاف من انفجار البالون، لذا ترى الجميع يترقب بحذر في تعاملاته العقارية في محاولة الخروج بأقل الأضرار، لأن الحديث عن الفائدة في هذه الظروف أمر غير منطقي».
ويلاحظ جليًا معالم الركود في الحركة العقارية محليًا، إذ انخفض إلى حد كبير إطلاق المشاريع السكنية الكبرى، بعد أن كانت الشركات العقارية القيادية تتسابق في الإعلان عن المشاريع الجديدة التي تستهدف المواطنين بشتى طبقاتهم المادية، إلا أن الترقب والنزول دفع بتلك الشركات إلى التريث وعدم الدخول في مشاريع جديدة، واعتبارها خطوة متهورة لحين استقرار السوق أو حدوث أي أمر مستجد، يبنون عليه خططهم التنموية التي يبدو أنها تأثرت كثيرًا.
وفي ذات السياق، شخص ريان الحجاب، الذي يدير كثيرا من الاستثمارات العقارية، المشكلة بأنها تراكمات لظروف عدة عبر سنوات متتالية لم تجد قرارًا صارمًا يوقفها، إذ إنه وفور الإعلان عن تطبيق رسوم الأراضي البيضاء انخفضت الأسعار إلى ما يقارب الـ10 في المائة، ثم لحقها نزول آخر أقل. متسائلاً عن مدى تأثيرها إذا ما طبقت، موضحًا أن فرض القرارات التي تعيد ترتيب القطاع العقاري أجدى من دخول الدولة بمبالغ طائلة لتوفير السكن، حيث بإمكان القطاع الخاص أن يتعاون مع القطاع الحكومي ممثلاً بذراعها المختصة (وزارة الإسكان) في توفير خيارات متعددة بأسعار معقولة تضمن تحقيق الجميع أهدافه، وذلك أجدى من دخولها منافسا مما قد ينعكس سلبًا على الأسعار في ظل الحاجة الكبيرة للسكن وتنامي الطلب بشكل مستمر.
وتطرق الحجاب إلى أداء المؤشرات العقارية، حيث أبان أنها مقياس هام لتحديد أداء السوق، وهي الخطوة الأولى لعلاج المشكلة وتفنيد الشائعات حول قوة أداء السوق، موضحًا أن نسبة انخفاض الصفقات السكنية تأثر إلى حد كبير خلال الربع الثالث من هذا العام، وأن الرقم مرشح للزيادة متى ما ظلت المشكلة دون حل، لافتًا إلى أن المواطن أقصى ما يمكن له فعله هو ركن خيار التملك جانبًا، أملاً في تحسن مرتقب للأسعار وهو ما لم يكن مؤثرًا في الضغط على الأسعار نحو النزول؛ لذا خيار القرارات العقارية يظل خيارًا مفضلاً يعيد للقطاع العقاري حجمه الطبيعي في ظل التضخم الكبير الذي جعله يتربع على مؤشر التضخم العام في السعودية.
وكانت قيمة العقار خلال الربع الثالث من العام الحالي قد انخفضت لتلامس 59 مليار ريال (15.7 مليار دولار)، بعد أن وصلت خلال الفترة نفسها من العام المنصرم لما يقارب 78 مليار ريال (20.8 مليار دولار)، تمثل ما نسبته 30 في المائة من حجم الانخفاض، وهو تباطؤ أتى بشقيه السكني والتجاري في آن واحد، إلا أن نسبة الانخفاض الأعلى كانت على حساب السكني، الذي يعد المحرك الرئيسي للمؤشر العقاري السعودي.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».