إطلاق الخطة العربية للتربية والتثقيف في مجال حقوق الإنسان بطنجة

وزير العدل المغربي عدها «مبادرة مبتكرة لتطوير العمل المشترك»

جانب من المشاركين في الجلسة الافتتاحية للقاء الإقليمي العالي المستوى لإطلاق الخطة العربية للتربية والتثقيف في مجال حقوق الإنسان (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في الجلسة الافتتاحية للقاء الإقليمي العالي المستوى لإطلاق الخطة العربية للتربية والتثقيف في مجال حقوق الإنسان (الشرق الأوسط)
TT

إطلاق الخطة العربية للتربية والتثقيف في مجال حقوق الإنسان بطنجة

جانب من المشاركين في الجلسة الافتتاحية للقاء الإقليمي العالي المستوى لإطلاق الخطة العربية للتربية والتثقيف في مجال حقوق الإنسان (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في الجلسة الافتتاحية للقاء الإقليمي العالي المستوى لإطلاق الخطة العربية للتربية والتثقيف في مجال حقوق الإنسان (الشرق الأوسط)

قال وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، الثلاثاء بطنجة (شمال المغرب)، إن الإطلاق الرسمي للخطة العربية للتربية والتثقيف في مجال حقوق الإنسان «مبادرة مبتكرة لتطوير العمل العربي المشترك في مجال حقوق الإنسان، ولبنة جديدة في الرصيد العربي لحقوق الإنسان».

وأشار وهبي في كلمة له، خلال الجلسة الافتتاحية للقاء الإقليمي العالي المستوى لإطلاق الخطة، إلى أن المملكة المغربية تعتبر أن الإطلاق الرسمي للخطة العربية للتربية والتثقيف في مجال حقوق الإنسان «لحظة مهمة تعكس التفكير المشترك، والعمل الموحد لمختلف الفاعلين بمنطقتنا، من أجل بلورة الرؤى والمقاربات الجماعية، وتحقيق التطلعات المشتركة، لا سيما أن الأمل يحدونا لأن تشكل هذه الخطة وثيقة موحدة لمبادرات منظمتنا ومحفزة لمجهودات بلداننا، واسترشادية لخططنا وبرامجنا القطرية».

وأبرز وزير العدل المغربي أن هذه اللحظة المتميزة تؤكد أن العمل الجماعي المشترك على صعيد جامعة الدول العربية «يمكن أن يعزز روح الانتماء إلى بوتقة حضارية، تميزت بتعدد وغنى مشتركها القيمي ورصيدها التاريخي، بما يسهم في تقوية نمائها وتعزيز تعاونها، وتطوير منظومتها الإقليمية، والرفع من أداء نماذجها الوطنية، عبر تعميم وتقاسم تجاربها وممارساتها الفضلى في مجال النهوض بثقافة حقوق الإنسان، باعتبارها ركيزة أساسية في مسارات البناء والتحديث والعصرنة، التي تشكل طموحاً ومبتغى لبلدان المنطقة وقادتها وشعوبها».

وزير العدل المغربي يلقي كلمته خلال فعاليات الجلسة الافتتاحية للقاء الإقليمي (الشرق الأوسط)

كما أبرز وهبي أن «احتضان المملكة المغربية لهذا الحدث الإقليمي المهم تفعيلاً لتوصية منبثقة عن الدورة العادية (51) للجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان، التي استضافتها المملكة سنة 2023، يعكس التزام المغرب بدعم مبادرات المنظومة الإقليمية لحقوق الإنسان، وإسهامها في الدفع إلى الأمام بالعمل العربي المشترك في هذا المجال». مبرزاً أن المملكة المغربية كانت سباقة إلى اعتماد خطة عمل وطنية تحت مسمى «الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان» سنة 2007، كما انخرطت في مسار إعمال البرنامج العالمي للتثقيف في مجال حقوق الإنسان، الذي وضعت بشأنه خطة عمل خاصة بإعمال المرحلة الرابعة له في أفق 2024، كما كانت داعمة لمسار إعداد واعتماد إعلان الأمم المتحدة بشأن التثقيف والتدريب في مجال حقوق الإنسان لسنة 2011.

كما شدد وهبي على أن الخطة العربية «تمثل التزاماً واضحاً لدول المنطقة بتعزيز الوفاء بتعهداتها الدولية في هذا المجال، ولا سيما ما يستلزمه الانخراط في إعمال البرنامج العالمي للتربية والتثقيف في مجال حقوق الإنسان، وكذا التفاعل الإيجابي مع التوصيات الصادرة عن الآليات الأممية والإقليمية لحقوق الإنسان». مبرزاً أن من مكتسبات الخطة «تجسير العلاقة بين النهوض بدور ومسؤولية الدول في احترام وتفعيل مبادئ وقيم حقوق الإنسان في جميع مجالات الحياة، وتنمية الوعي الجماعي بأهمية احترام حقوق الإنسان لدى مختلف الفاعلين، بما تعنيه هذه الحقوق والحريات من مبادئ وقيم وسلوكيات وممارسات، ينبغي توطينها لدى المؤسسات والأفراد والجماعات، والعمل على حمايتها من كل أشكال الخروقات والانتهاكات».

وافتتحت، الثلاثاء، بمدينة طنجة فعالية الإعلان عن الإطلاق الرسمي للخطة العربية للتربية والتثقيف في مجال حقوق الإنسان، المنظمة تحت شعار «الخطة العربية للتربية والتثقيف في مجال حقوق الإنسان بين النص والتطبيق». وتعرف التظاهرة مشاركة مسؤولين كبار من مختلف الدول العربية وجامعة الدول العربية، مع ممثلي البرلمان العربي والمنظمات الدولية والإقليمية الشريكة، والجهات المعنية في منظومة العمل العربي المشترك، إلى جانب عدد من منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال حقوق الإنسان.

وتأتي استضافة طنجة لأشغال اللقاء، الممتد على مدى يومين، تفعيلاً للتوصيات المنبثقة عن الدورة العادية (52) للجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان، وتزامناً مع مبادرة حقوق الإنسان 75، الرامية إلى تعزيز المعارف، لا سيما في صفوف الشباب بشأن عالمية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة.

ويهدف إطلاق الخطة العربية إلى تعزيز مساهمة الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية في الجهود المبذولة في مجال التربية على حقوق الإنسان، بشكل يسمح بترسيخ وتنسيق الرؤى ذات الصلة بالنهوض بثقافة حقوق الإنسان، قصد ترجمة تصور يحقق الانسجام والتكامل والاستدامة، ويوفر الشروط الكفيلة لتنفيذ محاور الخطة العربية للتربية والتثقيف في مجال حقوق الإنسان، وتقريب وجهات النظر لإنجاح هذه الدينامية العربية على نحو يعكس الانخراط الجاد في مختلف المبادرات، خاصة البرنامج العالمي للتربية والتثقيف في مجال حقوق الإنسان، وفق مقاربة شمولية.



تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين

مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
TT

تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين

مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

بعيداً عن تعثر مسار التسوية في اليمن بسبب هجمات الحوثيين البحرية، أشاع الإعلان الأممي اتفاقاً بين الحكومة والحوثيين حول المصارف والطيران أجواءً من الأمل لدى قطاع عريض من اليمنيين، مثلما زرع حالة من الإحباط لدى مناهضي الجماعة المدعومة من إيران.

ومع إعلان غروندبرغ اتفاق خفض التصعيد بين الحكومة والحوثيين بشأن التعامل مع البنوك التجارية وشركة «الخطوط الجوية اليمنية»، فإن المبعوث لم يحدد موعداً لبدء هذه المحادثات ولا مكان انعقادها، واكتفى بالقول إن الطرفين اتفقا على البدء في عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خريطة الطريق.

غروندبرغ يسعى إلى تحقيق أي اختراق في مسار السلام اليمني بعد إعاقة الحوثيين خريطة الطريق (الأمم المتحدة)

بدت آراء يمنيين في الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي متباينة في كل مضامين اتفاق التهدئة، باستثناء تمنياتهم بنجاح محادثات الملف الاقتصادي لأن من شأنها أن تعالج وفق تقديرهم جذور الأزمة الاقتصادية والانقسام المالي وانقطاع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين منذ ثمانية أعوام.

في المقابل، ناقضت تقارير يمنية نفسها، مثل ما ورد في تقرير لمركز صنعاء للدراسات كتبه نيد والي، ففي حين حاول توجيه السبب الأساسي للاتفاق نحو ضغوطات من دول في التحالف على الحكومة لصالح الحوثيين، عاد واقتبس من المبعوث الأممي قوله في رسالة لمجلس القيادة: «الانقسام الاقتصادي والمالي الذي تشهده البلاد ستترتب عليه تبعات خطيرة وربما مدمرة، وعزل البنوك وشركات الصرافة عن النظام المالي العالمي سيؤثر سلباً على الأعمال التجارية وعلى تدفق التحويلات المالية».

وكتب الباحث في التقرير نفسه: «عانى الاقتصاد اليمني من الشلل نتيجة عقد من الصراع، وأي ضغوط إضافية لن تجلب سوى أوضاع إنسانية وخيمة، ليس أقلها تعطيل القدرة على تقديم المساعدات. يتم تداول عملتين في الأسواق المالية اليمنية بسعري صرف متباينين، ورغم أن الانقسام الدائم في النظام المصرفي ومؤسسات الدولة قد يصبح أمراً لا مفر منه في نهاية المطاف، لا ينبغي التشكيك بأن تداعيات ذلك على الاقتصاد ستكون وخيمة وأليمة بصورة استثنائية».

وقالت مصادر غربية لـ«الشرق الأوسط»: «إن السعودية دعمت خريطة الطريق ومشروع إنهاء الأزمة اليمنية، والخلافات والعراقيل ليست طريقة للوصول إلى السلام في كل الأحوال».

ومن خلال تعليقات حصلت عليها «الشرق الأوسط» عبر استمزاج يمنيين في قطاعات تجارية وتربوية، تتجنب المعلمة نجاة التي اكتفت بذكر اسمها الأول الخوض في الجدال المتواصل بين المؤيدين والمعارضين لاتفاق التهدئة وتعتقد أن الذهاب للمحادثات الاقتصادية بنيات صادقة ونجاحها هو البشرى الحقيقية لمئات الآلاف من الموظفين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون الذين حرموا من رواتبهم منذ نهاية العام 2016، ولكل سكان البلاد الذين يدفعون ثمن الانقسام المالي والمواجهة الاقتصادية.

وتتمنى المعلمة على ممثلي الجانبين الحكومي والحوثيين استشعار المعاناة الكبيرة للملايين من اليمنيين الذين يقاسون نتيجة الظروف الاقتصادية وتوقف المرتبات ووجود عملتين محليتين، والحرص على التوافق والخروج باتفاق على استئناف تصدير النفط والغاز ووضع آلية مرضية لصرف المرتبات، وإنهاء الانقسام المالي لأن ذلك في تقديرها سيكون المنفذ الحقيقي للسلام.

الرواتب وتوحيد العملة

يقول الموظف الحكومي رضوان عبد الله إن الأهم لديه، ومعه كثيرون، هو صرف الرواتب وإنهاء انقسام العملة، لأنهم فقدوا مصدر دخلهم الوحيد ويعيشون على المساعدات والتي توقفت منذ ستة أشهر وأصبحوا يواجهون المجاعة وغير قادرين على إلحاق بناتهم وأبنائهم في المدارس لأنهم لا يمتلكون الرسوم التي فرضها الحوثيون ولا قيمة الكتب الدراسية ومستلزمات المدارس ولا المصروف اليومي.

تعنّت الحوثيين أفشل جولات متعددة من أجل السلام في اليمن (إعلام محلي)

ويؤيده في ذلك الموظف المتقاعد عبد الحميد أحمد، إذ يقول إن الناس تريد السلام ولم يعد أحد يريد الحرب وإن السكان في مناطق سيطرة الحوثيين يواجهون مجاعة فعلية. ويزيد بالقول إن صرف المرتبات وتوحيد العملة أهم من أي اتفاق سياسي ويطلب من الحكومة والحوثيين ترحيل خلافاتهم السياسية إلى ما بعد الاتفاق الاقتصادي.

ولا يختلف الأمر لدى السكان في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية والذين يعبر أغلبيتهم عن سخطهم من الموافقة على إلغاء الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي في حق البنوك التجارية في مناطق سيطرة الحوثيين، إذ يرى عادل محمد أن إنهاء انقسام العملة واستئناف تصدير النفط سيؤدي إلى وقف تراجع سعر الريال مقابل الدولار الأميركي وسيوقف الارتفاع الكبير في أسعار السلع لأن ذلك أضر بالكثير من السكان لأن المرتبات بسبب التضخم لم تعد تكفي لشيء.

ويتفق مع هذه الرؤية الموظف في القطاع التجاري سامي محمود ويقول إن توحيد العملة واستئناف تصدير النفط سيكون له مردود إيجابي على الناس وموازنة الدولة، لأنه سيحد من انهيار الريال اليمني (حالياً الدولار بنحو 1990 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة) كما أن الموظفين والعمال الذين تعيش أسرهم في مناطق سيطرة الحوثيين سيكونون قادرين على إرسال مساعدات شهرية، لكن في ظل الانقسام وفرض الحوثيين سعراً مختلفاً فإن ما يرسلونه يساوي نصف رواتبهم.

مصلحة مشتركة

يرى الصحافي رشيد الحداد المقيم في مناطق سيطرة الحوثيين أن التوصل إلى اتفاق في هذا الملف فيه مصلحة مشتركة وإعادة تصدير النفط والغاز سيسهم في عودة أحد مصادر الدخل الوطني من العملات الصعبة، كما أن استئناف صرف مرتبات الموظفين سوف يسهم في الحد من معاناة مئات الآلاف من الموظفين.

ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين تتهددهم المجاعة (الأمم المتحدة)

ويشدد الحداد على ضرورة أن يتوجه ممثلو الجانبين إلى هذه المحادثات بصدق ومسؤولية لمفاوضات تحسم هذا الملف، ورأى أن أي اختراق يحدث في هذا الجانب سيعزز بناء الثقة وسيقود نحو تفاهمات أخرى، و سيكون له انعكاسات إيجابية على حياة كل اليمنيين.

لكن الجانب الحكومي لا يظهر الكثير من التفاؤل ويعتقد اثنان من المسؤولين سألتهم «الشرق الأوسط» أن الحوثيين غير جادين ويريدون تحقيق مكاسب اقتصادية فقط من خلال هذه الجولة، لأنهم يريدون الحصول على رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم لامتصاص النقمة الشعبية الواسعة، ويرغبون في الحصول على حصة من عائدات تصدير النفط، دون أن يكون هناك مقابل أو تقديم تنازلات فعليه تخدم مسار السلام، فيما يتعلق بتوحيد العملة والبنك المركزي.

ووفق ما أكده المسؤولان فإن الجانب الحكومي الذي قدم الكثير من التنازلات من أجل السكان في مناطق سيطرة الحوثيين بحكم مسؤوليته عن الجميع، سيشارك بإيجابية في المحادثات الاقتصادية وسيكون حريصاً على إنجاحها والتوصل إلى اتفاقات بشأنها استناداً إلى مضامين خريطة طريق السلام التي كانت حصيلة جهود وساطة قادتها السعودية وعُمان طوال العام الماضي وحتى الآن.