زوجان يكتشفان أن القطعة الفنية في حديقتهما «قنبلة حقيقية»

أحيطت القنبلة بالخرسانة وطليت باللون الأحمر
أحيطت القنبلة بالخرسانة وطليت باللون الأحمر
TT

زوجان يكتشفان أن القطعة الفنية في حديقتهما «قنبلة حقيقية»

أحيطت القنبلة بالخرسانة وطليت باللون الأحمر
أحيطت القنبلة بالخرسانة وطليت باللون الأحمر

قال زوجان كانا يحتفظان بقنبلة قديمة كتحفة فنية للزينة بحديقة منزلهما إن إبطال مفعولها من قِبَل الفريق المتخصص في التخلص من الألغام «كان أشبه برحيل صديق قديم».

ويُعتقد أن القنبلة التي احتفظ بها الزوجان، سيان وجيفري إدواردز، في بلدة ميلفورد هافن ببيمبروكشاير، وهي مقاطعة تقع جنوب غربي ويلز، تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر، حسب ما ذكره موقع «بي بي سي».

وكان الزوجان يعتقدان أنها مجرد هيكل لقنبلة وهمية، دون تأثير حقيقي، ولكن بعد تفجيرها أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أنها تخلصت من «قذيفة بحرية» تزن 64 رطلاً (29 كغم).

والطريف أن الزوجة سيان إدواردز ذكرت أنها اعتادت تحريك القنبلة بالمجرفة لإزالة التراب من تحتها أثناء بستنة الحديقة.

ولكن مساء الأربعاء الماضي، طرق ضابط شرطة الباب ليخبر الزوجين بأنه اكتشف حقيقة التحفة التي يحتفظان بها في منزلهما، وأنها قنبلة حقيقية، ويتعين عليه إبلاغ وزارة الدفاع البريطانية، وبعد ساعة تقريباً علم الزوجان المصدومان أن فرقة إزالة القنابل ستصل في اليوم التالي. وقضى الزوجان هذه الليلة بلا نوم، بعد أن علما أن الشارع بأكمله قد يحتاج إلى الإخلاء.

ويقول إدواردز: «لم يغمض لنا جفن طوال هذه الليلة بسبب التفكير»، مضيفاً: «لقد أخبرت وحدة التخلص من القنابل بأننا لن نغادر المنزل، وسنبقى بداخله، فإذا طار في الهواء جراء الانفجار فإننا سنطير بداخله».

وقد أثبتت الاختبارات أن القنبلة كانت تعمل بالفعل، ولكن قوتها التفجيرية كانت محدودة، وتم نقلها إلى محجر مهجور في (قلعة والوين)، مغطى بخمسة أطنان من الرمال حيث جرى تفجيرها.

وشعر إدواردز بحزن شديد لفراق القطعة الفنية التي رآها لأول مرة عندما سكن في هذا الشارع وهو في الثالثة من عمره والآن بلغ 77 عاماً، بحسب قوله، حيث وصفها بأنها «كانت بمثابة صديق قديم»، مضيفاً: «أشعر بالأسف الشديد أن أرى ذلك الصديق القديم يجري تفجيره إلى أشلاء».

وأضاف إدواردز أنه تم إبلاغه بتاريخ القنبلة من قبل عائلة موريس، التي كان أحد أقربائها يمتلك المنزل الذي يقيم فيه؛ إذ أفادوا بأنهم عثروا على هذه التحفة الفنية (أو القنبلة) منذ أكثر من 100 عام.

وذكر إدواردز أن «السفن الحربية التابعة للبحرية الملكية كانت ترسو في خليج سانت برايدز وتوجه بنادقها نحو هافن وتفتح النار»، مضيفاً: «لقد اعتادوا استخدام الرمال للتمرين على إصابة الهدف، ولذا فقد كانوا يتأكدون من عدم وجود أحد على الرمال أثناء التفجير».

واستطرد إدواردز قائلاً: «كان بوب موريس، الذي كان يتجول لتوصيل عصير الليمون، يأتي إلى هافن بعربته التي يجرها حصان، وقد عثر على القذيفة ملقاة على الشاطئ، فحملها على ظهر عربته وسار بها مسافة 7 أميال ليضعها في وضع مستقيم بفناء المنزل الأمامي، وهو المكان الذي بقيت فيه».

ومع مرور الوقت، أُحيطت القنبلة بالخرسانة، وطُليت باللون الأحمر لتتماشى مع حواف النوافذ، قبل أن يشتري إدواردز وزوجته المنزل في عام 1982.



اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».