تساؤلات حول احتمال مواجهة صندوق النقد الدولي تحديًا يفوق طاقته

حالة الاقتصاد العالمي «تحت المجهر» في ليما

كريستين لاغارد رئيسة صندوق النقد الدولي في إحدى أسواق الصناعات التقليدية بالعاصمة البيروفية ليما (نيويورك تايمز)
كريستين لاغارد رئيسة صندوق النقد الدولي في إحدى أسواق الصناعات التقليدية بالعاصمة البيروفية ليما (نيويورك تايمز)
TT

تساؤلات حول احتمال مواجهة صندوق النقد الدولي تحديًا يفوق طاقته

كريستين لاغارد رئيسة صندوق النقد الدولي في إحدى أسواق الصناعات التقليدية بالعاصمة البيروفية ليما (نيويورك تايمز)
كريستين لاغارد رئيسة صندوق النقد الدولي في إحدى أسواق الصناعات التقليدية بالعاصمة البيروفية ليما (نيويورك تايمز)

يتجمع قادة القطاع المالي هذا الأسبوع في العاصمة البيروفية ليما من أجل تقييم سلامة الاقتصاد العالمي، وتعتبر جهوزية الأسواق لحدوث أزمة في أحد الاقتصادات النامية الكبرى مثل الصين أو تركيا أو البرازيل، واحدة من نقاط النقاش الرئيسية في الاجتماع.
كما يتصدر هذا النقاش تساؤل حول ما إذا كان صندوق النقد الدولي ما زال يمتلك القدرة على اتخاذ إجراءات فاعلة في حال بدأت أسواق ناشئة في الانهيار تحت وطأة الديون الثقيلة أم لا.
لقد كان الصندوق، الذي يرعى الاجتماعات التي تستمر لمدة أسبوع وتضم عددًا من الماليين والمسؤولين الحكوميين ورؤساء البنوك المركزية، غارقًا على مدار معظم فترات السنوات الخمس الماضية في مستنقع لا يخوض فيه عادة لتنفيذ مهام الإنقاذ، وهو أوروبا المتقدمة، وبالأخص اليونان.
والآن ومع تصاعد المخاوف من أن يؤدي خفض قيمة العملة المحلية في الصين إلى هروب مستدام لرؤوس الأموال من الأسواق الناشئة، يتعين على الصندوق أن يتأكد أنه في وضع يخوله إنجاز وظيفته الجوهرية: رصد المخاطر في الاقتصادات الناشئة وتقديم حزم الإنقاذ المالي لها عندما تعاني نقصًا في السيولة.
وتؤجج هذه المخاوف العالمية خشية البعض من أن الديون الدولارية في الاقتصادات الناشئة الكبرى ارتفعت إلى مستويات غير مستدامة.
وانضم صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي إلى المؤسسات العالمية التي تحذر من مخاطر فقاعة ائتمانية في الأسواق الناشئة، وسلط الضوء في تقرير نشره قبل اجتماعات هذا الأسبوع على أن مستويات ديون الشركات ارتفعت إلى 18 تريليون دولار مقابل 4 تريليونات فقط قبل 10 سنوات مضت. ومستشهدًا بهذه الديون الضخمة، عاود الصندوق إلى تخفيض توقعاته لنمو الأسواق الناشئة في 2015 إلى 4 في المائة؛ أي نحو نصف المعدل الذي كانت تحققه الدول النامية في وقت مبكر من هذا العقد.
كانت شركات البناء في تركيا، والمطورون العقاريون في الصين، وسلاسل متاجر التجزئة في البرازيل، وشركات الحديد الصلب في ماليزيا، إلى جانب الكثير من الشركات الأخرى سريعة النمو في الأسواق الناشئة، أتخمت بفضل الديون الدولارية الرخيصة في الأعوام الأخيرة.
ويُخشى من أن يقدم ممولو هذه القروض الضخمة، سواء من البنوك العالمية أو صناديق الثروة السيادية أو مستثمري السندات في الولايات المتحدة، سحب أموالهم على نحو جماعي، مما يتسبب في انهيار العملات وإفلاس الشركات ويجبر صندوق النقد الدولي على التدخل. ويقول المحللون إن الصندوق يمتلك الموارد اللازمة لإنقاذ عدد قليل من البلدان في حال دعت الضرورة. لكن، إذا كان الخروج من الأسواق الناشئة شديد الحدة، بما يدفع عددًا أكبر من البلدان إلى الفشل، فإن الصندوق سيجد صعوبة بالغة في إنقاذها جميعًا.
هذا ليس بالتأكيد التوقع الرئيسي، كما أنه من المرجح أن يزيح إحجام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي عن رفع الفائدة، بعض الضغوط من على كاهل الأسواق الناشئة. لكن، في ظل استمرار الكونغرس الأميركي في رفض الخطط الرامية لزيادة موارد صندوق النقد الدولي، يسود شعور بين خبراء كثيرين أن الصندوق يواجه تحديات تفوق طاقته.
ويقول ستيفن جين، وهو خبير اقتصادي سابق بصندوق النقد الدولي ويدير الآن صندوق تحوط في لندن، إن «كل ما يستطيع صندوق النقد الدولي أن يفعله الآن هو تسليط الضوء على المخاطر ويحذر من إعصار قادم.. ليس بوسعه أن يفعل الكثير في هذه المرحلة، لأننا نتحدث عن تغيير في اتجاه سير التدفقات الرأسمالية».
من جهته، قال معهد المالية الدولية في تقرير نشر هذا الأسبوع، إن «الأسواق الناشئة سوف تشهد هذا العام أول صاف للتدفق النقدي الخارجي (نحو 548 مليار دولار) منذ عام 1988».
ويرى السيد جين أن «الانهيار المقبل في ديون الأسواق الناشئة هو الأخير بين 3 فقاعات ائتمانية غذاها المستثمرون المتطلعون إلى تحقيق أرباح مبالغ فيها في ظل أسعار فائدة متدنية. في البداية، كانت هناك أزمة الرهون العقارية في الولايات المتحدة، ثم أزمة الديون السيادية في أوروبا والآن في الأسواق الناشئة.
وفي كل واحدة من هذه الأزمات، حسبما يوضح السيد جين، كان تخلص المستثمرين العالميين من أصولهم مرتفعة الخطورة - سواء كانت أوراقًا مالية مدعومة برهونات عقارية في الولايات المتحدة، أو السندات الحكومية اليونانية، أو أوراق الدين المستحق على عملاق النفط البرازيلي بتروبراس، هو الذي أطلق الاضطرابات.
ودأب صندوق النقط الدولي على تسليط الأضواء على هذه المخاطر في الشهور الأخيرة. على سبيل المثال، نشر الصندوق دراسة موسعة تناولت بالتقييم قدرة الاقتصادات الكبيرة على مواجهة موقف يهرع فيه المستثمرون الأجانب إلى الخروج من أسواقها عبر بيع سنداتهم أو الامتناع عن تجديد الخطوط الائتمانية.
وأوصت الدراسة بأنه ينبغي على كل من تركيا وجنوب أفريقيا وماليزيا أن تتخذ إجراءات لزيادة السيولة في احتياطياتها من النقد الأجنبي، تحسبًا لحدوث أي أزمة، لا سيما أن تلك البلدان تعتمد بشدة على التدفقات الرأسمالية قصيرة الأجل.
بينما نوه تقرير الصندوق حول ديون الشركات في الأسواق الناشئة، بتركيا والصين كأكبر دولتين شهدتا زيادة في هذه الديون خلال السنوات الأخيرة. ولكن، يخشى البعض من أن الجهد الذي بذله الصندوق في منطقة اليورو على مدار 5 سنوات، ربما أعاق قدرته على إصدار تحذيرات علانية إزاء المشكلات في الأسواق الناشئة. كان الصندوق قد أسهم بـ64 مليار دولار من أصل 90 مليار دولار في محفظة قروض المنطقة بحلول عام 2013.
ويقول غاري إن كليمان، محلل مستقل للأسواق الناشئة يعمل من واشنطن، إن «التركيز كان على أوروبا، بينما كان الصندوق راضيًا عن رؤيته لنقاط الضعف الهيكلية في الأسواق الناشئة». لكن محللين آخرين - مثل السيد جين مدير صندوق التحوط - يقولون إنه «ليس من العدل إلقاء اللائمة على صندوق النقد الدولي، لأنه لم يتنبأ بتباطؤ الاقتصاد الصيني أو انهيار العملات في الأسواق الناشئة».
لقد كانت ديون الأسواق الناشئة تتراكم على مدار أكثر من 10 سنوات، نتيجة سنوات كثيرة من السياسات النقدية المفرطة في التساهل من قبل البنوك المركزية العالمية؛ مما أحدث تخمة دولارية في مختلف أنحاء العالم.
وفي ظل قوة الدولار المتنامية خلال العام الماضي، مما يؤذن بتوقف تدفقات الأموال السهلة إلى الأسواق الناشئة، بدأ الصندوق وخبراء اقتصاديون آخرون - بدرجات متفاوتة من الحدة - يحذرون من عواقب ذلك على الاقتصاد العالمي.

*خدمة «نيويورك تايمز»



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».