استعانت الدراما المصرية خلال السنوات الأخيرة بعدد من مؤثري السوشيال ميديا، لكن هذه المشاركات تسببت في إثارة الجدل لأسباب إجرائية تتعلق بالمعايير التي تحددها نقابة الممثلين المصرية للمشاركة في الأعمال الفنية، وأخرى فنية مرتبطة بالموهبة وإجادة التمثيل.
وكانت مشاركة «التيك توكر» المصري «كروان مشاكل» أحدث حلقة في مسلسل «أزمات المؤثرين بالأعمال الفنية»، إذ أثار جدلاً كبيراً عقب ظهوره في أولى حلقات مسلسل «بطن الحوت» عبر مشهد لم يتجاوز دقيقتين.
وشهدت الدراما المصرية مشاركة مؤثرين آخرين خلال السنوات الماضية، على غرار الطفل عبد الرحمن طه، واليوتيوبر محمد المولي، اللذين شاركا في مسلسل «الكبير أوي»، وأحمد رمزي في مسلسل «في بيتنا روبوت»، ومحمود السيسي في مسلسل «مكتوب عليا»، ودينا مراجيح في مسلسل «ليه لأ»، ويوسف حشيش في مسلسل «ريفو».
وبينما شهدت مشاركة «مشاكل» تأييد المخرج المصري يسري نصر الله، الذي كتب عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «كمخرج أبحث عن وجه لا يمثل، لكنه حقيقي»، شهدت المشاركة ذاتها رفض السيناريست المصري محمد أمين راضي، الذي كتب عبر صفحته بـ«فيسبوك» أيضاً: «كل من يقف أمام الكاميرا لا بد أن يكون ممثلاً».
ويؤيد الناقد الفني المصري طارق الشناوي الاستعانة بأي شخص بشرط توظيفه بشكل صحيح بالعمل، وقال الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «لا بد من الفصل بين رفض النقابة وأحقيتها في تحصيل الغرامة، وبين استعانة المخرج بشخص من خارج منسوبي النقابة، هذا حق خالص للمخرج، لأنه لا يروج لما يقدمه (مشاكل) أو غيره، إنما وظّف الشخصية في المسلسل بشكلٍ يلائم أحداث العمل».
رؤية المخرج
ولفت الشناوي إلى أن «هناك مخرجين استعانوا من قبل بلاعبي كرة قدم، على الرغم من عدم وجود موهبة أو انتماء للنقابة، فرؤية المخرج هي التي تحتم ذلك، والفيصل توظيفه السليم في العمل وليس شهرته اللحظية في مواقع التواصل، بالنهاية الانتصار للموهبة والكفاءة».
وبعيداً عن الشروط الإجرائية والإدارية، يعتبر الناقد الفني الدكتور نادر رفاعي أن المعيار الأساسي في المشاركة هو كفاءة الممثل في أداء الدور، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «وارد تمتع الشخص بشعبية جارفة وخفة دم ملحوظة على السوشيال ميديا، لكنه في التمثيل لم يثبت جدارة تؤهله لأداء الدور، وبالتالي يتم تصنيفه ممثلاً ضعيفاً، وهذا غير مقبول بالعمل الفني».
واتخذت نقابة المهن التمثيلية قرارات الجمعة، بهدف تنظيم المشاركات وفرض عقوبات على المخالفين، تمثلت في تغريم شركة «ماشا»، المنتجة للعمل مبلغ مليون جنيه (الدولار الأميركي يعادل نحو 31 جنيهاً مصرياً)، بالإضافة إلى منع أعضاء نقابة المهن التمثيلية من التعامل مع المخرج أحمد فوزي صالح مخرج مسلسل «بطن الحوت» والتهديد بشطب أي عضو يخالف هذه التعليمات.
محتوى غير جاد
من جانبها، قالت منتجة مسلسل «بطن الحوت» ليليان سالم إن «شركتها تنشغل حالياً بإنتاج أكثر من عمل فني، وكل عمل له فريقه المنوط بتفاصيله»، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «كروان قدم المشهد من دون عقد رسمي مع الشركة، ومسألة الاستعانة به من عدمه هي مسؤولية المخرج أو الكاستنج».
وأكدت أن ظهور «مشاكل» يستحق الانتقاد، موضحة أنها «لا تعرفه لكنها اطلعت على ما يقدمه بالسوشيال ميديا ووجدت أنه محتوى غير جاد»، بحسب وصفها، «لدينا مواهب كثيرة تستحق الوجود، وقرارات النقابة تحترم، لكننا كشركة إنتاج لم يصل إلينا حتى الآن أي إخطار رسمي بالقرارات»، مشيرة إلى أن الأمور لم تتضح بعد، ولم تعرف وجهة نظر المخرج في الاستعانة به حتى الآن.
مراجعة النقابة
وقال المخرج المصري رؤوف عبد العزيز إن «ضوابط النقابة هي الأساس في أي عمل فني، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «في حال وجود دور يليق بالمؤثرين في الدراما وظهورهم بشكل حقيقي، كما هو بالواقع، فلا مانع من ذلك».
وكشف عبد العزيز أن «الاستعانة بهم من أجل دور تمثيلي لا بد أن يكون بعد ممارسة التمثيل ودراسته والالتحاق بورش أكاديمية الفنون، لكن الخلاف هنا يكمن في لجوء بعض الصناع لهم للاستفادة من مشاهداتهم عبر السوشيال ميديا، وهذا الهدف من وجهة نظري غير مشروع» .
وأوضح عبد العزيز أنه «كمخرج لا يستعين بأي ممثل إلا بعد مراجعة النقابة... نحن في المجمل نستعين بالمواهب في كافة المجالات لكن بعد استشارة النقابة في اسم الشخص ونوعية الدور، والتنسيق معها بشكل رسمي، والالتزام بقوانينها».
وأخطرت نقابة الممثلين المصرية أخيراً كافة شركات الإنتاج بمنع التعامل مع 20 ممثلاً، لحين تصحيح أوضاعهم النقابية.