كوريا الشمالية تطلق «قمراً اصطناعياً للتجسس العسكري»

البيت الابيض يقول إن الخطوة «انتهاك صارخ» لعقوبات الأمم المتحدة

صورة قدمتها حكومة كوريا الشمالية لما تقول إنه إطلاق صاروخ «Chollima-1» المطور حديثاً الذي يحمل القمر الاصطناعي «Malligyong-1» في 31 مايو 2023 (أ.ب)
صورة قدمتها حكومة كوريا الشمالية لما تقول إنه إطلاق صاروخ «Chollima-1» المطور حديثاً الذي يحمل القمر الاصطناعي «Malligyong-1» في 31 مايو 2023 (أ.ب)
TT

كوريا الشمالية تطلق «قمراً اصطناعياً للتجسس العسكري»

صورة قدمتها حكومة كوريا الشمالية لما تقول إنه إطلاق صاروخ «Chollima-1» المطور حديثاً الذي يحمل القمر الاصطناعي «Malligyong-1» في 31 مايو 2023 (أ.ب)
صورة قدمتها حكومة كوريا الشمالية لما تقول إنه إطلاق صاروخ «Chollima-1» المطور حديثاً الذي يحمل القمر الاصطناعي «Malligyong-1» في 31 مايو 2023 (أ.ب)

قال الجيش الكوري الجنوبي، الثلاثاء، إن كوريا الشمالية أطلقت ما تقول إنه قمر للتجسس العسكري باتجاه الجنوب، بعد ساعات من تأكيد اليابان أن بيونغ يانغ حذرتها من عملية إطلاق وشيكة.

ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، قال هيئة الأركان المشتركة في كوريا الجنوبية: «أطلقت كوريا الشمالية ما تقول إنه قمر اصطناعي للتجسس العسكري باتجاه الجنوب».

وقد ندّد البيت الابيض بشدة الثلاثاء بإطلاق كوريا الشمالية القمر الاصطناعي للتجسس، معتبرا أنه «انتهاك صارخ» لعقوبات الأمم المتحدة. وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الابيض أدريان واتسون إن هذا الاطلاق «يؤجج التوترات وأخطار زعزعة استقرار الوضع الأمني في المنطقة وخارجها»، مضيفة أن «باب الدبلوماسية ليس مغلقا ولكن على بيونغ يانغ ان تكف فورا عن أفعالها الاستفزازية».

من جانبه، استنكر رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا «بأشد العبارات» إطلاق كوريا الشمالية صاروخا.

وقال كيشيدا لصحافيين من مكتبه: «قمنا باحتجاج قوي واستنكرنا (إطلاق الصاروخ) بأشد العبارات».

وكانت كوريا الشمالية أبلغت اليابان بنيّتها إطلاق قمر اصطناعي الأربعاء، وفق طوكيو، ما يشكّل تحدّياً لتحذيرات سيول وقرارات الأمم المتحدة التي تحظر على بيونغ يانغ استخدام تقنيات الصواريخ الباليستية.

وهذه المحاولة هي الثالثة التي تقوم بها كوريا الشمالية بعدما فشلت مرّتين في وضع قمر عسكري في مداره في مايو (أيار) وأغسطس (آب) الماضيين.

وبُعيد الإطلاق، أصدرت اليابان تحذيرا بالإخلاء لسكان منطقة أوكيناوا، لكنها سرعان ما رفعته قائلة إن الصاروخ الكوري الشمالي «عبر المحيط الهادي».

وقال مكتب رئيس الوزراء فوميو كيشيدا على «إكس»: «مر الصاروخ. يعتقد أن الصاروخ مر فوق المحيط الهادي قرابة الساعة 22:55 (13:55 ت غ). رفع التحذير بالإخلاء». وكان المكتب قال قُبيل ذلك على المنصة نفسها: «إطلاق صاروخي. إطلاق صاروخي. يبدو أن الصاروخ أُطلق من كوريا الشمالية. يرجى الاحتماء في الملاجئ أو تحت الأرض».

وكانت كوريا الشمالية حدّدت في أغسطس ثلاث مناطق بحرية من المحتمل أن تتأثر بعملية الإطلاق التي كان مخطّطاً لها في ذلك الوقت. منها اثنتان في البحر الأصفر غرب شبه الجزيرة الكورية والثالثة في المياه شرق الفلبين.

ونقلت وكالة «يونهاب» للأنباء عن مسؤول كوري جنوبي قوله إنّ «مناطق الخطر التي ذكرتها كوريا الشمالية هذه المرة تتوافق مع تلك التي أعلنت خلال مشروع إطلاق القمر الاصطناعي في أغسطس».

«إجراءات مضادة» محتملة من سيول

وكانت سيول حذّرت منذ أسابيع من أنّ بيونغ يانغ بلغت «المراحل الأخيرة» من الاستعداد لإطلاق جديد لقمر اصطناعي لأغراض التجسّس.

وحذر الجيش الكوري الجنوبي الاثنين كوريا الشمالية بأن توقف «على الفور» استعداداتها لإطلاق القمر، مهدّداً بيونغ يانغ من أنّه سيتخذ «الإجراءات الضرورية» إذا لزم الأمر.

وقال يانغ مو جين من جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول لوكالة الصحافة الفرنسية، إنّ الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول يمكنه بالتالي «تعليق اتفاق 19 سبتمبر (أيلول) العسكري».

ويهدف الاتفاق الذي أبرم في عام 2018 خلال قمة عُقدت في بيونغ يانغ، إلى خفض التوترات العسكرية على طول الحدود بين الكوريتين، من خلال إنشاء «مناطق عازلة» بحرية.

وأضاف يانغ أنّه «ليس من المستبعد» أن تُجري سيول اختبارات على صواريخ باليستية تعمل بالوقود الصلب متوسطة أو بعيدة المدى.

ويثير تقارب كوريا الشمالية الأخير مع روسيا قلق الولايات المتحدة وحلفائها في كوريا الجنوبية واليابان. ووفقاً لسيول، فإنّ بيونغ يانغ تزوّد موسكو بالأسلحة في مقابل حصولها على تكنولوجيات الفضاء الروسية التي تهدف إلى وضع قمر اصطناعي للتجسّس العسكري في المدار.

وندّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) بعد زيارته كوريا الجنوبية، بالعلاقات العسكرية «المتنامية والخطرة» بين بيونغ يانغ وموسكو.

حاملة طائرات أميركية

وتخشى الدول الغربية من أن كوريا الشمالية تستغل قدرات الإطلاق الفضائية لتطوير قدراتها في مجال الصواريخ الباليستية التي مُنعت بيونغ يانغ منها بموجب عقوبات الأمم المتحدة.

وأجرت كوريا الشمالية عدداً قياسياً من تجارب الأسلحة هذا العام، رغم العقوبات الدولية وتحذيرات الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وحلفائهما. كذلك أعلنت أنّ وضعها بوصفها قوة نووية «لا رجعة فيه».

والأسبوع الماضي، أعلنت أنّها أجرت بنجاح اختبارات أرضية لـ«نوع جديد» من المحرّكات التي تعمل على الوقود الصلب لصواريخها الباليستية المتوسطة المدى المحظورة، واصفة الأمر بأنه خطوة حاسمة في «السياق الأمني الخطر وغير المستقر».

وعزّزت سيول وواشنطن وطوكيو تعاونها الدفاعي في مواجهة ذلك.

ووصلت حاملة الطائرات الأميركية «كارل فينسن» التي تعمل بالطاقة النووية الثلاثاء، إلى قاعدة بوسان البحرية في كوريا الجنوبية.

وقالت البحرية الكورية الجنوبية في بيان إنّ هذه الزيارة تهدف إلى تعزيز «وضع الحلفاء رداً على التهديدات النووية والصاروخية من كوريا الشمالية» في إطار اتفاق أخير يهدف إلى تفعيل مشاركة المعلومات بالوقت الحقيقي بشأن عمليات إطلاق الصواريخ الكورية الشمالية.


مقالات ذات صلة

تحليل: المصالح الأميركية في مرمى أسلحة روسيا «المضادة للفضاء»

العالم قمر اصطناعي يدور حول الأرض (أرشيفية- رويترز)

تحليل: المصالح الأميركية في مرمى أسلحة روسيا «المضادة للفضاء»

منذ أوائل العام الحالي بدأ مسؤولون أميركيون يتحدثون عن رصد تحركات روسيا لنشر أسلحة في الفضاء تستهدف الأقمار الاصطناعية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم محطة الفضاء الدولية (رويترز)

قمر اصطناعي روسي يتحطم في الفضاء قرب المحطة الدولية

ذكرت وكالتا فضاء أميركيتان أن قمراً اصطناعياً روسياً تحطم في مداره إلى أكثر من 100 قطعة مما أجبر رواداً في محطة الفضاء الدولية على الاحتماء في مركبتهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
يوميات الشرق المعادلة الآن ستتغيَّر (أ.ف.ب)

قمر اصطناعي أميركي لتحسين توقُّع «مزاجية» الشمس

أُطلق من فلوريدا قمر اصطناعي أميركي جديد يُتوقَّع أن يُحسّن بدرجة كبيرة القدرة على توقُّع العواصف الشمسية التي قد تؤدي إلى تعطيل شبكات الكهرباء والاتصالات.

«الشرق الأوسط» (كاب كانافيرال (الولايات المتحدة))
علوم استكشاف الفضاء له أيضاً عواقب وخيمة

تحطم قمر اصطناعي واحد يمكن أن يقلب الحياة على الأرض رأساً على عقب

انفجار هائل من الشظايا السريعة عبر غلاف الأرض يدمر الأقمار الاصطناعية

مارينا كورين (واشنطن)
آسيا كوريا الشمالية تبلغ اليابان استعدادها لإطلاق قمر اصطناعي جديد للتجسس (أ.ب)

كوريا الشمالية تطلق «مقذوفاً» بعد إعلان نيتها إطلاق قمر اصطناعي

أعلن الجيش الكوري الجنوبي أن كوريا الشمالية أطلقت «مقذوفاً لم تعرف طبيعته» بعد ساعات على إبلاغ بيونغ يانغ اليابان بأنها تستعد لإطلاق قمر اصطناعي جديد للتجسس.

«الشرق الأوسط» (سيول)

محادثات «صريحة ومثمرة» بين وزيري خارجية أميركا والصين

وزيرا خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)
وزيرا خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)
TT

محادثات «صريحة ومثمرة» بين وزيري خارجية أميركا والصين

وزيرا خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)
وزيرا خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)

أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن مخاوف بلاده حيال «الخطوات الاستفزازية» التي تقوم بها بكين في محيط تايوان، خلال محادثات «صريحة ومثمرة» أجراها مع نظيره الصيني، وانغ يي، في لاوس، على ما أفاد به مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية.

وقال المسؤول إن بلينكن طرح «مخاوف الولايات المتحدة بشأن الخطوات الاستفزازية التي قامت بها الصين مؤخراً، بما في ذلك محاكاة حصار (لتايوان) عند تنصيب» لاي تشينغ - تي رئيساً جديداً للجزيرة في مايو (أيار) الماضي.

وتعد الصين تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، وضاعفت في السنوات الأخيرة تحركاتها الرامية إلى ترهيب الجزيرة ذات الحكم الديمقراطي.

وبعد تنصيب لاي تشينغ، أجرت الصين مناورات عسكرية قامت خلالها سفن وطائرات حربية بمحاصرة الجزيرة، وذلك رداً على خطاب تنصيب عدَّته «إقراراً بالاستقلال».

بلينكن ومساعدوه في طريقهم لحضور اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم «الخارجية الأميركية»، ماثيو ميلر، في بيان إن بلينكن أجرى مع وانغ «محادثات صريحة ومثمرة حول مسائل ثنائية وإقليمية وعالمية جوهرية» خلال اللقاء بينهما، السبت، في فينتيان، عاصمة لاوس، على هامش اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان).

والتقى الوزيران بعد الظهر على مدى ساعة و20 دقيقة، وهو سادس اجتماع لهما خلال 18 شهراً.

كما تطرق بلينكن إلى مسائل حقوق الإنسان في تايوان والتيبت وهونغ كونغ، وإلى دعم بكين لروسيا في حربها على أوكرانيا، على ما أوضح المسؤول مشيراً إلى أنه طرح أخيراً «مسألة المعتقلين بصورة غير عادلة في الصين، وضرورة إحراز تقدم بهذا الصدد».

«إجراءات تصعيدية وغير قانونية»

وبدأ بلينكن، السبت، جولة آسيوية يعتزم خلالها التأكيد على الزعامة الأميركية بوجه تصاعد النفوذ الصيني.

وهي الجولة الثامنة عشرة التي يقوم بها في آسيا منذ تولي مهامه قبل أكثر من 3 سنوات، ما يشير إلى اشتداد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في المنطقة.

بلينكن يصعد إلى طائرته لمغادرة عاصمة لاوس فينتيان متوجهاً إلى فيتنام السبت (أ.ب)

وجعل بلينكن من السعي لجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة» أولوية له، في مؤشر إلى سعي واشنطن للتصدي لطموحات الصين الاقتصادية والجغرافية والاستراتيجية في المنطقة.

وهو يقوم بزيارته في ظل اشتداد التوتر في الأشهر الماضية بين السفن الصينية والفلبينية في منطقة الشعاب المرجانية، مع زيادة بكين مساعيها لتثبيت حضورها في بحر الصين الجنوبي.

وقبل بدء لقائه مع وانغ يي، انتقد بلينكن «الإجراءات التصعيدية وغير القانونية» التي اتخذتها بكين في منطقة بحر الصين الجنوبي، خلال لقاء مع دول «آسيان» العشر.

مصافحة بين وزيري خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)

في المقابل، طلب وزير الخارجية الصيني من نظيره الأميركي «عدم صب الزيت على النار» في الخلاف بين بكين ومانيلا في بحر الصين الجنوبي.

وأورد بيان لبكين أن وانغ أبلغ بلينكن خلال اجتماعهما «على الولايات المتحدة ألا تصب الزيت على النار، وألا تؤجج الاضطرابات، وتقوض الاستقرار في بحر الصين الجنوبي.

وأبرمت بكين ومانيلا، الأسبوع الماضي، اتفاقاً مؤقتاً لإيصال إمدادات، والقيام بمهمات تبديل للقوات الفلبينية الموجودة في منطقة الشعاب المرجانية، وأعلنت مانيلا إجراء عملية أولى من هذا النوع بنجاح.

وعلق بلينكن بالقول: «يسرنا أن نلاحظ أن عملية الإمداد جرت بنجاح اليوم... ونأمل أن يتواصل ذلك في المستقبل».

وزير الخارجية الفلبيني إنريكي مانالو اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)

توتر إقليمي

وصرح وزير الخارجية الفلبيني، إنريكي مانالو، للصحافيين، مساء الجمعة: «نأمل أن تنفذ الصين الاتفاق»، مضيفاً: «أعتقد أنها ستكون خطوة مهمة نحو تهدئة التوتر، ونأمل أن يؤدي إلى مجالات أخرى للتعاون في بحر الصين الجنوبي».

وتطالب بكين بالسيادة شبه الكاملة على هذا الممر التجاري الهام، على الرغم من قرار صدر عام 2016 عن محكمة دولية أكد عدم وجود أي أساس قانوني لمطالبها.

وشدد وزراء «آسيان» في بيان مشترك صدر، السبت، على أهمية «الأمن والاستقرار والسلامة وحرية الملاحة والتحليق فوق بحر الصين الجنوبي».

وجاء في البيان أن بعض الوزراء أعربوا عن قلقهم حيال «حوادث خطيرة في المنطقة... قوضت الثقة، وصعّدت التوتر»، من دون أن يورد مزيداً من التفاصيل.

ووصل بلينكن إلى هانوي لتقديم التعازي للمسؤولين الفيتناميين بوفاة الزعيم الشيوعي، نغوين فو ترونغ، وذلك بعدما قام الرئيس جو بايدن بزيارة تاريخية إلى هذا البلد في الخريف الماضي.

وسيتوجه بعد ذلك إلى اليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

وقال دانيال كريتنبرينك، نائب وزير الخارجية لشؤون جنوب شرقي آسيا والمحيط الهادئ في مطلع الأسبوع معلقاً على الجولة: «لم أر من قبل طلباً بهذا المستوى على مزيد من الالتزام الأميركي في المنطقة».