شتائم وتدافع في البرلمان اللبناني بعد انفجار الخلافات المتراكمة بين عون و«المستقبل»

الإشكال اندلع على خلفية تبادل اتهامات بالهدر والفساد في قطاع الكهرباء

صورة من أحد مواقع التواصل الاجتماعي ويبدو فيها نواب لبنانيون يتعاركون بالأيدي داخل البرلمان أمس
صورة من أحد مواقع التواصل الاجتماعي ويبدو فيها نواب لبنانيون يتعاركون بالأيدي داخل البرلمان أمس
TT

شتائم وتدافع في البرلمان اللبناني بعد انفجار الخلافات المتراكمة بين عون و«المستقبل»

صورة من أحد مواقع التواصل الاجتماعي ويبدو فيها نواب لبنانيون يتعاركون بالأيدي داخل البرلمان أمس
صورة من أحد مواقع التواصل الاجتماعي ويبدو فيها نواب لبنانيون يتعاركون بالأيدي داخل البرلمان أمس

انفجرت يوم أمس الاثنين الخلافات المتراكمة بين تيار «المستقبل» الذي يتزعمه رئيس الحكومة الأسبق ورئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري وتكتل «التغيير والإصلاح» الذي يرأسه النائب ميشال عون، بعد أكثر من عام على التهدئة على الجبهة بينهما نتيجة الحوار بين القيادتين، الذي لم يُثمر في النهاية أي حلول على صعيد رئاسة الجمهورية أو عمل المؤسسات وعلى رأسها الحكومة ومجلس النواب.
وعلت أصوات نواب الفريقين خلال جلسة للجنة الأشغال النيابية كان من المقرر أن تستكمل بحث أزمة الكهرباء في ظل تقاذف المسؤوليات والاتهامات حول فساد وهدر وعرقلة تعيق إصلاح القطاع.
وتقصد نواب عون فتح النقاش لدى دخول الكاميرات لالتقاط صور للاجتماع الذي تبقى عادة مداولاته سرية، وأدّى تبادل الاتهامات والمسؤوليات إلى ارتفاع أصوات النواب الأعضاء في اللجنة، قبل أن يتحول النقاش إلى إطلاق الشتائم والكلام النابي وصولا إلى تدافع بين النائبين جمال الجراح وزياد أسود، ما دفع رئيس اللجنة النائب محمد قباني المنتمي إلى تيار «المستقبل» لرفع الجلسة وتوجه الفريقين إلى القاعة المخصصة للصحافة لتبادل الاتهامات من جديد حول الجهة المسؤولة عن خروج الأمور عن مسارها الطبيعي والحضاري.
وأشار النائب قباني إلى أن النائب في تيار عون، حكمت ديب، «هو من بدأ بالهجوم والشتائم لدى دخول الكاميرات، مكررا ما قام به رئيس تياره الوزير جبران باسيل حين تهجم على رئيس الحكومة تمام سلام بوجود الكاميرات»، لافتا إلى أن «النقاش تطور فخرج عن أصول الأدب وتصاعد لإمكانية الاشتباك بالأيدي».
واعتبر قباني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك أكثر من سبب وراء افتعال نواب عون هذا الإشكال، أولا، محاولة منع الوصول إلى الحقائق بالمعلومات والأرقام الموجودة لدى رئيس ديوان المحاسبة الذي كان مشاركا بالاجتماع». ورد السبب الثاني إلى «سعيهم لإيجاد جو معين سلبي لفرط الحوار الوطني المقرر عقد جلسته الرابعة اليوم، أما السبب الثالث فمحاولة حشد جماهيرهم قبيل المظاهرة التي دعوا إليها في 11 من الشهر الحالي على طريق القصر الجمهوري».
واتهم قباني تيار عون بـ«إدارة قطاع الكهرباء الذي يسيطرون عليه من خلال 45 مستشارا تابعين مباشرة للوزير باسيل، بفساد مطلق وبالكذب والدجل»، معتبرا أن «المستوى المنحدر من الأداء السياسي الذي نعيشه اليوم لم يعرفه لبنان منذ الاستقلال»، وقد يكون من الدقيق وصفه بـ«العهر السياسي».
في المقابل، شنّ النائب في تكتل عون، فادي الأعور هجوما عنيفا على قباني وتيار «المستقبل»، معتبرا أن رئيس لجنة الأشغال، بالإشارة إلى قباني، «يمثل الصورة الحقيقية للتيار الذي يرأسه الحريري والذي يقوم على تزوير الحقائق والضحك على المواطنين». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «منذ أن تسلمت الحريرية السياسية الحكم راكموا 70 مليار دولار ديونا على الدولة، ودمروا شركة كهرباء لبنان لشرائها وضمّها لأملاكهم الخاصة، كما اعتدوا على الملكيات الفردية في سوليدير».
وأشار الأعور إلى أن «ما يسعى إليه نواب تكتل (التغيير والإصلاح) هو جعل جلسات لجنة الأشغال علنية، كي يعرف اللبنانيون الحقائق ومن الذي يكذب ويتحدث شيئا في الداخل وشيئا مناقضا تماما له في الخارج وأمام الكاميرات»، لافتا إلى أن النائب قباني «هو أبرز المدانين اليوم باعتباره لا يسدد فواتير الكهرباء المستحقة عليه ويتهم الآخرين بما يرتكبه هو»، علما بأن قباني كان قد نفى أن يكون لديه أي مستحقات غير مدفوعة إن كان لشركة الكهرباء أو المياه.
وعقد نواب «المستقبل» مثل نواب عون أعضاء لجنة الأشغال، بعد الإشكال، مؤتمرا صحافيا من مجلس النواب. واعتبر النائب عن «المستقبل» محمد الحجار أن «ما حصل هو أن نواب التيار أتوا حاملين ملفات لكن لا يملكون أجوبة في المضمون. فالكهرباء غير موجودة رغم الأموال التي دفعت والسبب عدم تنفيذ القوانين»، مشيرا إلى أن «مشكلة التيار ليست فقط مع تيار المستقبل، بل مع اللبنانيين كافة».
بدوره، قال النائب عن تيار عون حكمت ديب: «طلبت في الجلسة أن ترفع السرية عن مداولات لجنة الأشغال، لهذا حصل الإشكال أمام الإعلام، وسنطالب رئيس المجلس نبيه بري بإجراء تعديلات على لجنة الأشغال والطاقة لأن هناك ترويجا للشائعات وتزوير حقائق داخل هذه اللجنة». ومن المقرر أن تنعقد اليوم الثلاثاء الجلسة الرابعة من الحوار الوطني الذي يرعاه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، علما بأن تلويح النائب عون بإمكانية عدم المشاركة في الاجتماع على خلفية الإشكالات السياسية، وأبرزها ملف الترقيات العسكرية، يهدد مصير الحوار ككل.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».